في الصين.. خط سكة حديد يطالب النساء بعدم وضع المكياج في القطارات وهكذا كانت ردود الفعل
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أدّى مقطع فيديو ترويجي لشركة سكك حديدية مملوكة للدولة في الصين، كان قد طلب من النساء الامتناع عن وضع الماكياج على متن رحلات القطار، إلى إثارة ردود فعل حادّة، ونقاشًا حول التمييز الجنسي.
وكان المقطع المنشور من شركة "China Railway" السبت أكثر موضوع تم البحث عنه، وقراءته، ومناقشته عبر منصة "ويبو" للتواصل الاجتماعي الشبيهة بـ"تويتر" في الصين، وذلك بعد شهرين من تاريخ نشره الأصلي.
وتأتي ردود الفعل الغاضبة تجاه المنشور وسط حركة نسوية أوسع تدعو إلى قدرٍ أكبر من المساواة بين الجنسين في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، حيث لا يزال الرجال يهيمنون على مجالس الإدارة، والهيئات الحكومية العليا في الكثير من الأحيان، وحيث كانت الحركة النسوية في الماضي تخضع للرقابة.
ويبدو أنّ هذا المنشور كان مخصصًا ليكون جزءًا من حملة تقوم بها شركة السكك الحديدية للحد من بعض السلوكيات التي يقوم بها الركاب، إذ أنّها تبعت سلسلة من المنشورات الأخرى التي طلبت من الأشخاص عدم رمي النفايات، أو الجلوس في مقاعد الآخرين، أو الحديث بصوت عالٍ جدًا.
ويُظهر الفيديو المنشور في يوليو/تموز امرأة ترتدي ملابس أنيقة وهي تصوّر نفسها أثناء الاستعداد لوضع كريم الأساس أثناء جلوسها في مقصورة قطار فائق السرعة بين المدن على ما يبدو.
ومن ثمّ يقاطعها رجل على المقعد المجاور ويربّت على كتفها، ثم يُظهر المقطع وجه الرجل وهو مغطّى بكريم الأساس.
وفي الفيديو، يقول الرجل: "لست بحاجة إلى وضع منتجات التجميل"، وذلك قبل أن تباشر المرأة في الاعتذار ومساعدته في تنظيف نفسه.
وأثار المقطع الذي تبلغ مدّته دقيقة تقريبًا جدلاً يبدو أنّه لا يتراجع.
وبحلول السبت، حصدت الوسمة المتعلقة بالفيديو 340 مليون مشاهدة، و20 ألف تعليق.
وانتقد العديد من المواطنين الفيديو، ووصفوه بأنّه مسيء.
وتساءل أحد مستخدمي منصة "ويبو": ما السبب وراء اختيار مثال يركز على نوع الجنس، كوضع المكياج، كطريقة لعرض السلوك غير المتحضر؟".
المصدر: CNN Arabic
إقرأ أيضاً:
كوب قهوة يُغيِّر كل شيء؟!
ريم الحامدية
reem@alroya.info
ليست العطايا الثمينة وحدها ما يصنع الفارق في أيامنا، وليس من الضروري أن تكون الحياة مُعقَّدة حتى نشعر بالسعادة، تمُر بنا الأيام سريعةً نركُض بين التزاماتنا وازدحام مسؤولياتنا، نلتقي بأهلنا وأحبتنا وزملائنا وننسى- أو بالأحرى نتناسى- أن اللفتات الصغيرة تترك أثرًا لا يُنسى، وفي زحام الأيام لا نحتاج إلّا للحظة دافئة وصادقة وهادئة تنتشلنا من تِيه الركض إلى حضن السكون.
نعيش في مجتمعات لا تزال ترى التعبير عن الود والمحبة نوعًا من الكماليات! رغم أنه من أبسط وأروع الصور الإنسانية، في حين أن البعض يراها تصرفات لا داعي لها. بينما في حقيقة الأمر، هذه التصرفات وحدها هي التي تُعمِّق العلاقات وتُخفِّف الضغوط وتُشعِر الآخر بأنه مُقدَّر ومحبوب. ليس كوب القهوة بحد ذاته الذي يصنع الفارق؛ بل ما يُرافق هذا الفعل من كلمة صادقة ويد مُدَّت للمصافحة أو حتى صمت مُطمئِن، لا يطلب تبريرًا. وهذا الفعل قد لا يُغيِّر حياةً بأكملها، لكنه قادر على أن يُغيِّر يومًا في حياة أحدهم، وقد لا يصلح العالم، لكنه قد يُرمِّم قلبًا مُرهفًا أو يُضيء عتمة مرَّت على إنسانٍ دون أن يشعر.
لا نعلم كم من البشر ينهضون من نومهم مُثقلين ويعملون بصمت، يتحدثون وهم يُخفون خلف الكلمات شيئًا من الانكسار، وقد يبتسمون وهم مُنهكون. تخيَّل أن يُطرق بابك شخص، بينما أنت مُنهك في عملك، ويحمل كوب قهوتك المُفضَّلة ويتحدث معك بابتسامةِ ودٍّ ويقول "مريت على بالي".. ألا يكفي ذلك لتغيير نظرته تجاه يومه ونبض قلبه ونظرته لما تبقى من ساعات يومه؟
أتساءل متى تأخذ هذه الثقافة مكانتها في مجتمعنا؟ وأجيبُ في الوقت ذاته، أنَّ ذلك سيحدث عندما نُدرك أن اللُطف لا يؤجَّل، وأن النيّة الطيبة كافية لتجعلنا أُناسًا أجمل وأورع. والبداية ستحِل عندما لا ننتظر الوقت المناسب، ونتعامل مع اللحظات وكأنَّها الفرصة الأخيرة.
إنَّنا لا نفتقر إلى القدرة على العطاء؛ بل نفتقر إلى ثقافة العطاء البسيط، ونربط الحب بالهدايا الكبيرة، والامتنان بالكلمات الرسمية، والمودَّة بالمواقف العظيمة، بينما في الحقيقة الإنسان يحتاج إلى لفتة.. لمسة.. كوب قهوة.. وردة.. رسالة مكتوبة بخط اليد، وربما نظرة اهتمام. هذه التفاصيل التي نمُر عليها مرور الكرام قد تكون طوقَ النجاة لشخصٍ ما.
نحتاج لأن نُراجع أنفسنا، ونسأل: كم مرة في الأسبوع فكَّرنا في شخص نُحبه دون أن يكون هناك سبب مباشر؟ كم مرة أسعدنا أحدهم فقط لأننا نُريده أن يكون سعيدًا؟ في زحام الروتين اليومي تُصبح العلاقات باهتةً إن لم تُسق بماء الاهتمام، وهذه المبادرات لا تتطلب وقتًا طويلًا؛ بل فقط تحتاج إلى قلبٍ حيٍّ وإلى حسٍ إنسانيٍ بسيط.
ما الذي نخسره لو أسعدنا الآخرين؟
يجب علينا أن نُدرك أن ثقافة إسعاد الآخرين لا تحتاج ثراءً، ولا حتى مناسبة، أننا لا نُكلِّف أنفسنا الكثير بهذا الفعل؛ بل على العكس نحصدُ سلامًا داخليًا لا يُشترى، ولو تبنَّينا هذه الثقافة دون انتظار مناسبة ودون مقابل، كيف سيكون شكل علاقتنا؟ بيوتنا؟ بيئة العمل؟ حتى الشوارع التي نسير فيها؟ كم من الخلافات ستختفي؟ وكم من القلوب ستَلِين وتودع القسوة؟ وكم من الأرواح ستُشفى من التعب؟
الفرحة لا تُشترى، لكنها تُمنَح، والقلوب لا تُفتح بالعِظات؛ بل بالإحساس، فما أجمل أن نُعيد بناء ثقافة البساطة في إسعاد الآخر، أن نحمل معنا كوب قهوة لا لنتناوله نحن؛ بل لنُقدِّمه لمن يستحق لحظةَ فرحٍ في خِضَمِّ يومه المُزدحم.
وأخيرًا.. أود أن أهمس في قلوبكم، بأن القلوب مُرهفة والحياة قصيرة، وكُلُنا نحتاج إلى من يلتفت إلينا في لحظة غير متوقعة، لا تنتظر مناسبةً لتكون لطيفًا ولا تُؤجِّل فعل الخير لحين فراغك، ولا تنتظر أن ينهار أحدهم كي تُواسِيه.. قدِّم شيئًا بسيطًا وأنت لا تعرف كم ستحمل معه من نور، ربما يتذكَّر أحدهم هذا الكوب بعد أعوام، وربما لا ينساه أبدًا.
كوب قهوة يُغيِّر كل شيء.. فلنكن نحن هذا الشيء الجميل في يوم أحدهم.
رابط مختصر