نبض المجتمع : الترويج المضلل
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
أسْهمَت التكنولوجيا بشكلٍ متسارع في تطوير مجال السَّفر والسِّياحة، وأتاحت الفرصة للجميع للاطِّلاع على مختلف المعلومات والجوانب المهمَّة للتخطيط لأيِّ رحلة، فأصبحت كُلُّ تلك المُعوِّقات التي كان يواجهها السَّائح قَبل سفره وأثناءه من الماضي. فالآن وفي غضون دقائق معدودة بإمكانك التعرُّف على تفاصيل وجهتك السياحيَّة كاملة، سواء تعلَّق الأمْرُ بحالة الطقس أو إجراءات الدخول والأماكن التي ينصح بزيارتها وغيرها من المعلومات، وذلك من خلال كمٍّ هائل من الفيديوهات والصور والمعلومات، بل يصل بك الأمْرُ أحيانًا كثيرة للحيرة في عمليَّة مَن تتابع ومَن تترك وأيُّ المعلومات تقَدِّمها وأيُّها تؤخِّر.
وفي سياق الترويج المضلل الذي يُمارس من قِبل البعض والمتمثل في المبالغة بالأسعار دُونَ وجْه حقٍّ، فأتذكَّر بأنَّ أحد مشرفي مجموعة سياحيَّة في برنامج الواتساب قَدْ عرض إعلان لشركته لرحلة لإحدى المُدُن بسعر كبير لا يتناسب مع المدَّة الزمنيَّة ولا مع مستوى المدينة. وبحُكم أنَّ لديَّ خبرة في زيارة تلك المدينة وأستطيع تحديد الميزانيَّة الحقيقيَّة لزيارتها فقَدْ وجدت المبلغ كبيرًا ولا يتناسب مع تلك المعطيات، فعملت تعليقًا على الإعلان يصفه بالمبالغ في السِّعر، فما كان مِنْه إلَّا أن تواصلَ معي على الخاص وطلبَ مِنِّي حذف التعليق، وعِنْدما رفضت بحجَّة أنَّ هذا الأمْرَ وجهة نظر يجِبُ احترامها فما كان مِنْه بحُكم أنَّه مشرف للمجموعة إلَّا بإخراجي مِنْها.
نخلص في نهاية الأمْرِ إلى أنَّ هذا المجال شأنه شأن المجالات الأخرى يعاني من ترويج إعلامي مضلِّل يُمارسه البعض من أجْل الكسب المادِّي السريع على حساب السَّائح الذي قَدْ لا يفقه كثيرًا في تكاليف السَّفر والسِّياحة، ولا يهتمُّ بمعرفة تفاصيل رحلته منطلقًا ممَّا وفَّرته له التكنولوجيا من إمكانات هائلة لا يُمكِن التخطيط لأيِّ رحلة إلَّا بالرجوع لها، وهذا هو الإجراء الواقعي الذي يجِبُ أن يدركَه أيُّ سائح قَبل التفكير في زيارة أيِّ بلد أو اختيار أيِّ شركة سياحيَّة. فالأمْرُ يَعُودُ في مقام آخر في عمليَّة الاستمتاع أيضًا بالمبالغ التي أخذتها تلك الشركات بدُونِ وجْه حقٍّ تحت خانة الجشع المالي الذي في النهاية لا يُمكِن أن يضْمنَ ديمومة سياحيَّة.
د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الأب ودوره العظيم
كنا في السابق نقول «عيد الأسرة»، حيث يشمل كل أقطابها من الأب والأم والأبناء، أما اليوم فأصبح فقط عيد الأم، وكثيرا ما نسمع في جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمقابلات مع الشباب والفتيات بأن يأتي الاهتمام والذكر بتسليط الضوء على دور الأم الكبير وتفانيها لأسرتها.
في المقابل الجميع يعلم أن الطائر لا يطير بجناح واحد بل بجناحين (الأب والأم) والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الأم لثلاث مرات في حديثه الشريف أي لها ثلاثة أرباع البر، ثم قال أبوك أي له الربع، لكن الملاحظ أنه لا ذكر لفضائله في وسائل الإعلام إلا نادرا. نريد تعزيز دور الآباء في نفوس الأبناء من خلال الاعلام والمناهج التربوية، وأبناء اليوم سيصبحون آباء في المستقبل ويحتاجون التفاف وتقدير ابنائهم ايضا. الأب هو البداية في تأسيس الأسرة حين وفر لهم المسكن ليستظلوا به وهو من يدفع فواتير الماء والكهرباء ويوفر كل مستلزمات المنزل كي يأتي بعد ذلك دور الأم لتقوم بواجبها تجاه أسرتها، ناهيك عن دور الأب في توجيه ابنائه وتعليمهم الأصول والمبادئ ومعنى الرجولة في المواقف الصعبة وحسن التصرف في الظروف الصعبة. الأب هو الخط الأساسي في رسم بوصلة التقويم لسير سلوك ابنائه من ذكور وإناث، فهو السند والحماية لهم فيرتقي بهم وليفخر بهم في نهاية المطاف.
الأب بطبيعته لا يقارن بالأم، لأن الرجل قليل الكلام والحركة والانفعال، لذا تجد تعبير الأم في مواقف الفرح والحزن يختلف تماما عن تعبير الأب.. لكنها نفس المشاعر. الأب يوجه ولا يدلل لحد الإفراط والهدف إصلاح الأبناء لا قسوة عليهم. التعليم ليس فقط بين جدران الفصل الدراسي، بل يجب أن يكثر الأبناء الجلوس مع والدهم كي لا يدفن التاريخ معه حين رحيله، فيصيب الأبناء الندم، فحين يتسلم الأبناء تجارب معاركهم الحياتية واحداث وطن، فيربط الابناء الماضي بالحاضر وهذا المزيج ما بين ثقافة عامة وتحصيل علمي دراسي هو من يكون شخصية الأبناء، فهم ورثة تاريخ وتراث والدهم، فالتوريث ليس بالمال فقط.نرجو من الأبناء وجميع شاشات الميديا المرئية والسمعية الا تتجاهل دور الأب العظيم في اسرته، وكم من أب يتألم دون أن يفصح عن هجر أبنائه له بينما هو يرى التودد والتواصل مع الأم. الأب يتحمل المشقة دون أن يتكلم، يتعب دون أن يشتكي ولا يطلب المساعدة من أبنائه حفاظا على هيبته امامهم فهو ملجأهم الوحيد في العواصف العاتية. أي رجل يغار من نجاح رجل آخر إلا الأب يتمنى أن يكون أبناؤه رجالا وأفضل منه حالا في كل امور الحياة، فهم فلذة كبده، كان فرحا بقدومهم للحياة ليحملوا اسمه وفرحا بدخولهم المدرسة وفخورا وقت تخرجهم وزواجهم.
لن يجدوا من يقدم النصح بإخلاص دون حسد أو مجاملة وبرأي سديد حكيم إلا من الأب، لأنه يحمل بين ضلوعه حب ابنائه بصمت ويراقبهم بعينه خوفا عليهم في الصغر والكبر ايضا. لو لم يكن والدك، لما كنت في الحياة وتقرأ هذه السطور الآن، مناقب الأب كثيرة وجميلة لا حصر لها، أظهروا لآبائكم كل معاني الوقار والحب والتقدير احتراما لدورهم الكبير في الأسرة.ودمتم.
نفيعة الزويد – الأنباء الكويتية