تعرف على تفسير دعاء رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
الدعاء هو العبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اهل العلم عن تفسيبر دعاء القران رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا .
هذه الدعوة المباركة ضمن دعوات وخصال لعباد اللَّه تعالى وصفهم، وأثنى عليهم في أكمل الصفات، ونعتهم بأجمل النعوت، وأضافهم إلى نفسه الكريمة إضافة تشريف وتعظيم، إجلالاً لقدرهم، فصدَّر صفاتهم بقوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾، وذلك أن العبودية للَّه تعالى نوعان:
1- عبودية الربوبية، فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم، برّهم وفاجرهم، فكلهم عبيد للَّه مربوبون مُدَبّرون:﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾.
2- وعبودية لألوهيته وعبادته ورحمته، وهذه عبودية خاصة، وهي: عبودية أنبيائه وأوليائه، وهي المراد هنا؛ ولهذا أضافها إلى اسمه الرحمن.
فيا له من شرف عظيم، ومكرمة كريمة لمن كان مثلهم.
ثم ذكر من الخصال الجميلة أدعية دعوها، فقالوا :﴿رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ﴾: أي نجّنا يا ربنا من عذابها، ومن أسبابه في الدنيا؛ بتيسير الأعمال الصالحة، واجتناب السيئات المقتضية لها, وفيه إشارة لما ينبغي عليه المؤمن من الخوف من العذاب، مع الرجاء، فيجمع بين الترغيب والترهيب كالجناحين للطائر، وأن العبد ينبغي له أن لا يغترّ بعمله مهما كان صالحاً، فهم مع كل هذه الصفات الجليلة يخافون من عذابه، ويبتهلون إليه تعالى لكي يصرفه عنهم، غير مغترّين بأعمالهم، وهذا من حسن العبادة، وكمالها.
كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ وقد بينا بذلك ما جاء في معناها وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها.
وقوله: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾: ثم ذكروا علّة هذا السؤال: أن عذابها كان شرّاً دائماً، وهلاكاً غير مفارق لمن عُذِّب به، فغراماً ملازماً دائماً بمنزلة الغريم لغريمه: كملازمة الدائن للمديون من حيث لا يفارقه بإلحاحه ومطالبته؛ و((لهذا قال الحسن: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام: الملازم ما دامت السموات والأرض)).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾: أي بئس المنزل منظراً، وبئس المقيم مقاماً، هذا منهم على وجه التضرّع والخوف، يستفرغون نهاية الوسع في سؤالهم من النجاة منها، وكأنهم على كمال صفاتهم غارقون في المعاصي والآثام .
ولا يخفى في أهمية الاستعاذة من النار، حيث صدَّروا استعاذتهم بها؛ لأنها أشدّ شرّاً توعد اللَّه به، وفي هذه الدعوات بيان أن الداعي يحسن له أن يذكر سبب ما يدعوه ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ا و م ق ام ا ه تعالى
إقرأ أيضاً:
فضل الحج والعمرة وشروط وجوبهما.. أحكامهما وماذا يقصد بالاستطاعة؟
فضل الحج والعمرة وشروط وجوبهما، قالت دار الإفتاء إن من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء أن كَتَب علينا عِبادَته والاستقامةَ على سبيله، تشريفًا في صورة التكليف، وإِنْعَامًا في هيئة الإلزام، وتربيةً وترقِيَة وعطاءً، فله الحمد وله الشكر، ومن ذلك أن كتب قَصْدَ بيته الحرام لمن استطاع إليه سبيلًا، فقال جلَّ شأنه: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]. وألحق بالحج العمرةَ وأمر بإتمامهما، فقال تعالى ذكره: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].
فضل الحج والعمرة وشروط وجوبهما
وتابعت الإفتاء إنه إزاء هذه المكانة السامية للحج والعمرة، فقد ضمّنهما ربّنا سبحانه أطرافًا من سائر العبادات وحباهما بمعانٍ وأسرار، وعِبَر وآيات جديرة بالتوقف عندها، والتأمل فيها والتعرُّض لنفحاتها عسى الله تعالى أن يكتب لنا الفوز بها علمًا وعملًا.
ففي الحج -وأيضًا العمرة- صلاة وإنفاق وصوم وذبح وسفر كالهجرة قلبًا وقالبًا، وسعي وطواف وذكر ودعاء وجهاد، وتذكر شريف لموكب العابدين من لدن أبي الأنبياء إلى خاتمهم عليه الصلاة والسلام... فهو عِبَادَةٌ جامعة، ومنهاج سلوك إلى الله تعالى، ومنهاج حياةٍ لمن استوعب معانيه ومغازيه... وهو مقام تجديد عهد وتوبة، ومآب إلى الله تعالى ومتاب يغتسل فيه المسلم من كل أدرانه، وينسلخ فيه عن سيئات أعماله وأحواله؛ ليعود منه طاهرًا مُطَهَّرًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حَجَّ البَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِه كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» [أخرجه البخاري (ج2/ 553 رقم 1448) وفي (ج3/ 1026 رقم 2632) ط ابن كثير اليمامة، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج9/ 21 رقم 17583) ط دار الباز].
والحج تشريع لتحقيق التوحيد والعبودية الحقة لله رب العالمين، وهو تدريب على الالتزام والاستقامة على الأمر، ومن ثم اشتملت رحلته على شعائر وحرمات: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]، ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
وهو تربية على معنى التعظيم والاستعظام لأوامر الله تعالى ونواهيه، وتربية على الدقة والضبط والجدية والإتقان، وتربية على الوحدة والاجتماع والتعاون وعيش حقيقة الأمة الواحدة، والإنسانية المتساوية، وتربية على تعظيم ما عظَّم الله تعالى، وحسن الانقياد لرسوله -صلى الله عليه وسلم- بلا إذلال ولا إرهاق ولا حرج، إنه فاعلية بلا تضييق ولا حرج، وعنوان أحكامه ومَعلمه الأعلى: «افعل ولا حرج» [أخرجه البخاري (ج1/ 58 رقم 124) ط ابن كثير - اليمامة. وأخرجه مسلم (ج2/ 949 رقم 1306) ط إحياء التراث العربي].
وتابعت: المسلمون -ولله الحمد - لا يزالون على الحج والاعتمار مقبلين حريصين، يُبدون أمام الله تعالى وأمام سائر الخلق أشواقهم الحارّة إلى زيارة البيت العتيق والقبر الشريف وما بينهما من معالم الإيمان والتوحيد، فهم بذلك أمة إجابة، وهم دعاة لسائر الأمم للاستجابة لله ورسوله، وهم في حجّهم نموذج لبقاء الأمة الواحدة الجامعة التي تؤمن برب واحد وتصدر عن كتاب واحد ونبي واحد هو خاتمة عقد أنبياء الله المصطفين.
وشددت أن الاستطاعة المشروطة للحج والعمرة تتحقق بقوَّةِ البدنِ وتحمُّلِ مشقة السفر وأداء المناسك، وبأمن الطريق، وبأن يملك نفقة زاده من طعامٍ وشرابٍ ومبيتٍ ونفقةِ المواصلات التي توصله إلى البلاد المقدسة ذهابًا وتحمله إلى بلاده إيابًا دون تقتيرٍ أو إسرافٍ، وأن تكون هذه النفقة زائدة عن احتياجاته الأصلية واحتياجات مَن يعول مدة غيابه من مسكنٍ، وثيابٍ، وأثاثٍ، ونفقةِ عياله، وكسوتهم، وقضاء ديونه.