شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء جنوب سوريا مظاهرة حاشدة جديدة الجمعة، في إطار الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهر للمطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد. يأتي ذلك بينما قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا إن البلاد لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين السوريين ودعت النظام السوري إلى الاستجابة لتطلعات وحقوق السوريين المشروعة.

وبثت وسائل إعلام محلية وناشطون صورا وفيديوهات لساحة الكرامة في السويداء وقد امتلأت بحشود المحتجين المطالبين بالتغيير السياسي والحرية والعدالة. وردد المتظاهرون هتافات تطالب برحيل الأسد ورفعوا شعارات تطالب بذلك وبتنفيذ القرار الدولي رقم 2254 الخاص بسوريا.

#شاهد: ساحة الكرامة تهتز بالهتافات المطالبة برحيل بشار الأسد، اليوم الجمعة.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/iSz88V3TuF

— السويداء 24 (@suwayda24) September 22, 2023

ومنذ صباح الجمعة توافدت الجموع من مختلف أنحاء محافظة السويداء وريفها للمشاركة في مظاهرات الجمعة، وشهدت الليلة التي سبقتها مظاهرات ليلية وإضاءة للشموع على أروح من قتلهم النظام السوري منذ انطلاق مظاهرات تطالب برحيل الأسد في مارس/آذار 2011 والتي قمعها النظام بدموية، مما أدى إلى نزاع مسلح منذ ذلك الوقت.

وفي مدخل بلدة قنوات في ريف السويداء بث ناشطون ووسائل إعلام محلية فيديوهات وصورا لإزالة محتجين مساء الخميس صورة كبيرة عمرها عشرات السنين للرئيس الراحل حافظ الأسد (والد بشار الأسد) من مدخل البلدة قنوات.

وقد علق محتجون صورة لطائر حمام يرمز إلى السلام مكان صورة الأسد الأب، وصورة ثانية لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش.

بالصور: ساحة الكرامة امتلأت عن بكرة أبيها بحشود المتظاهرين المطالبين بالحرية والعدالة والتغيير السياسي، وفق صور رصدتها كاميرا السويداء 24، اليوم الجمعة.#مظاهرات_السويداء pic.twitter.com/drTlGYPyqH

— السويداء 24 (@suwayda24) September 22, 2023

يشار إلى أن الاحتجاجات الأخيرة بدأت عقب قرار النظام السوري في منتصف أغسطس/آب الماضي رفع الدعم عن الوقود، في خضم أزمة اقتصادية تخنق السوريين بعد أكثر من 12 عاما من نزاع مدمر.

وقد انطلقت الاحتجاجات في محافظتي درعا والسويداء الجنوبيتين، لكن زخمها تواصل في السويداء ذات الغالبية الدرزية، التي تشهد منذ سنوات تحركات متقطعة احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية.

حث بينيرو النظام السوري على الاهتمام والاستجابة بشكل إيجابي لتطلعات وحقوق السوريين (رويترز) عودة غير آمنة

في غضون ذلك قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، الجمعة، إن ما وصفته بالجمود الحالي في سوريا لا يطاق حيث لا تزال البلاد غير آمنة لعودة اللاجئين داعية الأطراف إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية. جاء ذلك في تقرير قدمه رئيس اللجنة باولو بينيرو لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ورفضته دمشق ووصفته بأنه نهج متحيز ومضيعة للوقت.

وأضاف بينيرو "لا يوجد فائزون نهائيون، ولا تزال البلاد غير آمنة لعودة اللاجئين". وتابع " قبل أن تغرق سوريا بشكل أعمق في تصاعد العنف والتدهور الاقتصادي، ندعو الجهات الفاعلة الرئيسية إلى وقف الهجمات على المدنيين والاستجابة لاحتياجاتهم الماسة".

كما حث بينيرو النظام السوري على الاهتمام والاستجابة بشكل إيجابي لتطلعات وحقوق السوريين المشروعة.

وأشار إلى أن الشباب السوري يفرون بأعداد كبيرة تاركين وراءهم "دولة مجزأة واقتصادا مشلولا ومنازل مدمرة لأنهم لم يعودوا يعتقدون أن لديهم مستقبلا في وطنهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النظام السوری غیر آمنة

إقرأ أيضاً:

الإصلاح الضريبي في سوريا يبدأ بعد عقود من المحاباة والفساد

دمشق – عانى السوريون لسنوات طويلة من النظام الضريبي الذي كان سائدا في عهد نظام بشار الأسد المخلوع، حيث صُمّم -وفقًا لرؤية العديد من الخبراء- لحماية مصالح كبار التجار ورأسمالية المحاسيب التي كانت تهيمن على البلاد؛ فأعفى النظام بذلك أصحاب الثروات المرتبطين بالسلطة من المساءلة، في حين أرهق كاهل صغار التجار والصناعيين بضرائب تُفرض دون معايير واضحة، الأمر الذي أدى إلى هجرة آلاف الصناعيين والتجار من البلاد.

وفي إطار التعامل مع هذه التركة الثقيلة، عقدت لجنة الإصلاح الضريبي، برئاسة وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الأسبوع الماضي، أول اجتماع لها منذ الإعلان عن تشكيلها مطلع الشهر الجاري.

وأكد الوزير لوسائل الإعلام، عقب الاجتماع، أن النظام الضريبي الحالي "غير قابل للاستمرار، لأنه لا يخدم الرؤية الاقتصادية للبلاد، ولا مصالح القطاع الخاص، ولا مفهوم العدالة، فضلًا عن عدم قدرته على دعم عجلة الصناعة في البلاد".

وأوضح أن اللجنة اتفقت على المحاور الأساسية للإصلاح الضريبي، والتي تشمل تخفيض الشرائح الضريبية، وتبسيط الإجراءات، وتوحيد الضرائب.

شراكة مع القطاع الخاص

وأشار برنية إلى أن الدولة حريصة على أن "تكون شريكا فاعلا للقطاع الخاص، وليست مجرد جهة جباية"، مؤكدا أن الإصلاحات الضريبية الجارية ستأخذ وقتها الكافي لتتبلور بصورة سليمة ومتوازنة، تضمن ملاءمتها لجميع الأطراف على المدى الطويل، وليس لفترة محدودة تمتد لعامين أو ثلاثة فقط.

وشدد الوزير على ضرورة تجنّب الاستعجال أو القفز على المراحل، داعيًا إلى اعتماد نهج تدريجي في بناء نظام ضريبي عصري يخدم مصلحة سوريا ويدعم عجلة الصناعة، مع السعي إلى توفير نظام واضح وشفاف يمنح المستثمر الثقة الكاملة بأنه سيخدم مصالحه.

كما أشار إلى أنه تم بالفعل إلغاء عدد من الرسوم، وهناك توجه لإلغاء المزيد من الضرائب، مع العمل على توحيد النظام الضريبي والانتقال إلى ضرائب أقل عددًا وأكثر توحيدًا.

إعلان

وفي ختام تصريحاته، شدد برنية على أن سوريا ماضية نحو أن تصبح "من أكثر الدول تنافسية من حيث نظام الضرائب الحديث".

تنشيط صناعات

وفيما يتعلق بالإصلاحات الضريبية الجارية، يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أنها تستند إلى دراسات تهدف إلى إعادة تنشيط صناعات محلية تمتلك سوريا خبرة طويلة فيها، مثل صناعة النسيج، إلى جانب تحفيز صناعات جديدة وواعدة مثل التكنولوجيا، والتي لا تزال البلاد تفتقر إلى بنى تحتية كافية لها.

ويربط قضيماتي نجاح تعديل النظام الضريبي برؤية الحكومة وخططها الإستراتيجية، سواء على المدى المتوسط (5 سنوات) أو الطويل (10 سنوات). ويؤكد أن تخفيض الضرائب أو الرسوم يجب أن يتم وفق 3 معايير رئيسية:

حجم الإنتاج المحلي، الفترات الزمنية (المواسم). الحالة العامة للاقتصاد، بما في ذلك حجم الاستثمارات المتوقعة واحتياجات السوق المحلي من المنتجات القابلة للتصنيع الداخلي.

ويشير الخبير إلى أنه كلما اقتربت البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتج معين، يمكن حينها رفع الضرائب عليه تدريجيًا، والعكس صحيح.

ويوضح أن سوريا، في الوقت الراهن، بحاجة للاستيراد، مما يتطلب ضرائب ورسومًا منخفضة، مؤكدًا ضرورة تعديل قيم تلك الضرائب بشكل دوري استنادًا إلى مراجعات منتظمة للواقع الاقتصادي.

ويضرب مثالًا بالضرائب الزراعية، التي يجب أن تتغير تبعًا للمواسم والمحاصيل، مشددًا على أن النظام الضريبي يعد ملفا شائكا يرتبط بالظروف المتغيرة بشكل مباشر.

السوق المغطى القديم بحلب يعود إلى نشاطه (رويترز) تعزيز الشراكة

وفيما يتعلق بالأثر المتوقع لهذه الإصلاحات على البيئة الاستثمارية والقطاع الخاص في سوريا، يشير قضيماتي إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نظرًا لما قد تحققه من فوائد عديدة، من أبرزها تقليص الهدر في القطاع العام، وتقديم نموذج إداري فعال من خلال القطاع الخاص.

ويشدد على ضرورة الحفاظ على دور الدولة الرقابي، لا سيما فيما يخص الأسعار وتوفير المنتجات الأساسية في السوق، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمكّن الدولة من الخروج من دور "الجباية" التقليدي، وتقي القطاع العام من الخسارة كما كان على عهد النظام المخلوع.

ويرى قضيماتي أن تطبيق هذه الشراكة مستقبلًا قد يتم من خلال تأسيس شركات قابضة يديرها القطاع الخاص بمساهمة رمزية من الدولة، مقابل منح تسهيلات ونسب من الأرباح.

وعن الحاجة لزيادة الإيرادات الحكومية وتخفيف العبء الضريبي عن المواطن في آن واحد، يرى الخبير أن تحقيق هذه المعادلة يتطلب توفر عدة معايير، في مقدمتها "انتهاء ثقافة الرشوة والمحسوبيات".

ويؤكد أنه إذا تم "ضبط الاقتصاد"، فلن تواجه الدولة عجزًا في الموازنة، خاصة أن سوريا بلد غني بالثروات الباطنية التي من شأنها أن تخفف العبء المالي، إلى جانب الشراكات مع الدول الأخرى لتمرير خطوط الغاز والنفط والاستفادة من عائداتها.

ويخلص قضيماتي إلى أن الحكومة مطالبة بزيادة إيراداتها بشكل مدروس خارج إطار ما يُعرف بالإيرادات الضريبية أو الرسوم التقليدية.

مقالات مشابهة

  • سوريا.. القبض على لواء سابق في النظام المخلوع باللاذقية
  • سوريا.. قوات الأمن تعتقل المسؤول عن "حاجز الموت"
  • وزير التربية السوري ومعاون وزير الداخلية والمحافظ البكور يتفقدون سير العملية الامتحانية بالسويداء
  • القومي للنظام السوري الجديد: لمراجعة فكر الدولة وتطهيرها من عناصر التكفير
  • مواطنو السويداء: زيادة الرواتب استجابة فعّالة للتحديات الاقتصادية
  • سموتريتش: فككنا حماس وحزب الله.. وسقوط الأسد فتح الباب لإسقاط النظام الإيراني
  • الإصلاح الضريبي في سوريا يبدأ بعد عقود من المحاباة والفساد
  • وزيرة الشؤون الاجتماعية في سوريا: العمل الجبان الذي استهدف مصلّين داخل بيت من بيوت الله هو اعتداء على جميع السوريين
  • مدينا التفجير في سوريا.. الرئيس عون: وحدة الشعب السوري تبقى الأساس لمنع الفتنة ووأدها في مهدها
  • هل يفتح القبض على وسيم الأسد بوابة العدالة الانتقالية لضحايا النظام السابق؟