كائن طوله سنتيمتر ليس له دماغ.. وقادر على التعلّم
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
تتمتع قناديل بحر لا يتجاوز طولها سنتيمتراً واحداً وليس لديها دماغ بالقدرة، بواسطة عنصرين هما الرؤية والمحفزات، على تعلم تجنّب العوائق. وبالتالي، يُعدّ الأداء المعرفي أمراً لم يسبق له مثيل لدى هذه الحيوانات التي تعود سلالتها إلى بدايات عالم الحيوان.
ويتسم قنديل البحر الكاريبي أو قنديل البحر الصندوقي، واسمه العلمي Tripedalia Cystophora («تريبدالا سيستوفورا») بقدرة مذهلة على إيجاد طريقه في المياه العكرة أو داخل متاهة من جذور المنغروف المغمورة، وسواها من العوائق التي يُفترض به تجنبها لئلا تتلف الغشاء الجيلاتيني الهش الذي يغلف جسمه الشبيه بشكل جرس.
تتمكن هذه القناديل من تفادي العقبات ببراعة بفضل منظومة تتألف من أربعة أعضاء خاصة بالحواس، موزعة على جسمها. يُسمى كل منها «روباليا»، ويحوي عينين على شكل عدسة ومركزاً لمعالجة الصور.
يقتصر عدد الخلايا العصبية لكل «روباليا» على نحو ألف، في حين أن لدى ذبابة «دروسوفيلا» الصغيرة مثلاً، المرغوبة من المختبرات، 200 ألف خلية عصبية في دماغها الصغير.
والأهمّ أن سلالة اللاسعات، التي ينتمي إليها قنديل البحر، على عكس كل الأنواع تقريباً في عالم الحيوان، لا تمتلك دماغاً بالمعنى الدقيق للكلمة، بل لديها نظام عصبي مشتت. وتبدو هذه الميزة مثيرة للفضول نظراً إلى القدرة الإدراكية لهذه القناديل.
وأثبتت الدراسة، التي أعدّها يان بيليكي من جامعة كيل الألمانية وأندرس غارم من جامعة كوبنهاغن، أن هذا الحيوان يستجيب مع ذلك لـ «التكييف الفعال». وهذا يعني أن التدريب يمكّنه من استباق نتيجة محتملة، وهي في هذه الحالة اصطدامه بأحد الجذور.
وأوضح أندرس غارم أن هذه القدرة «تتجاوز قليلاً التكيّف الكلاسيكي» كذلك الذي أظهره «كلب بافلوف»، بحيث لا يمكن إلا أن يسيل لعاب الحيوان عندما يرى وعاء طعامه.
من خلال تدريبه، يتعلم قنديل البحر «التنبؤ بالمشكلة المستقبلية ومحاولة تجنبها». وأشارت الدراسة، التي نشرت في مجلة «كارنت بايولوجي» الجمعة، إلى أن هذه القدرة لم يسبق أن رُصدت لدى حيوان له جهاز عصبي بدائي مماثل.
- المحفزات والتعلّم
تحقق الباحثون من أن قنديل البحر الصندوقي يتعلم تقييم المسافة التي تفصله عن أي عائق من خلال ربط المحفزات البصرية للجذر والميكانيكية للاصطدام به.
لهذا الغرض، وضعوا قنديل البحر في قفص صغير مستدير مملوء بالماء، جدرانه مطلية بأشرطة يزيد بالتدرج لونها الداكن تمثّل الجذور. ولاحظ الباحثون أن القنديل تعلّم بسرعة التحرك على أوسع نطاق ممكن في قفص، عندما كان من الصعب رؤية الأشرطة وبعد اصطدامات قليلة بالجدران.
وتبيّن أن قنديل البحر لم يكن يصطدم بالجدران إطلاقاً عندما تكون الشرائط ظاهرة جداً، بل كان يبقى بحذر في وسط القفص، وهو ما كان يحول دون تنقله في داخله وحصوله على الغذاء. أما عندما كانت الشرائط غير ظاهرة، فكانت القناديل تصطدم باستمرار بالجدران.
باختصار، «إذا لم يكن أحد المحفزين متوافراً لقنديل البحر، لا يستطيع التعلّم»، بحسب أندرس غارم. ولكن إذا توافر المحفزان، لا يتطلب الأمر سوى ثلاث إلى ست محاولات لتعلم التنقل بسلاسة. وقال العالم «الأمر نفسه تقريباً ينطبق على الحيوانات التي تُعدّ أكثر تقدماً، كذبابة الفاكهة وسرطان البحر وحتى الفأر».
وتحقق الباحثون من صحة فرضيتهم من خلال تكرار التجربة خارج الجسم الحي، من خلال تحفيز عين واحدة من الروباليا. وأشار بيليكي إلى أن هذه التجربة أكدت «النظرية القائلة بإن عدداً صغيراً جداً من الخلايا العصبية يتيح التعلم».
واعتبر أندرس غارم أن توافر قدرة كهذه لدى مثل هذا الكائن البسيط «يُظهر أنها يمكن أن تكون خاصية أساسية للجهاز العصبي».
وأضاف أن اللاسعات، وهي المجموعة التي ينتمي إليها قنديل البحر الصندوقي في عالم الحيوان، تُعتبر «مجموعة شقيقة لكل الحيوانات الأخرى».
وافترض أن السلف المشترك لهاتين المجموعتين، قبل أكثر من 500 مليون سنة، طور نظاماً عصبياً كان يمتلك منذ ذلك الحين هذه القدرة على التعلم عن طريق الربط بين المحفزات. المصدر: آ ف ب
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: قنديل البحر تعلم الدماغ قندیل البحر من خلال
إقرأ أيضاً:
الطيور المهاجرة في البحر الأحمر.. رحلة الحياة بين القارات| شاهد بالصور
تعتبر سواحل البحر الأحمر من أهم المحطات البيئية عالميًا لهجرة الطيور، حيث تعبرها ملايين الطيور خلال موسمي الربيع والخريف في طريقها بين أوروبا وأفريقيا، وتعد هذه الظاهرة الطبيعية مشهدًا مدهشًا يبرز غنى التنوع البيولوجي في مصر، وأهمية المنطقة كموطن وممر رئيسي لهذه الكائنات.
محطة راحة واستقرار على شواطئ البحر الأحمرتمر أعداد هائلة من الطيور المهاجرة فوق شواطئ البحر الأحمر، وتتوقف بها مؤقتًا للاستراحة أو التعشيش، ويُعزى ذلك إلى وفرة الغذاء البحري، مثل الأسماك الصغيرة والهائمات البحرية، وتنوع البيئة ما بين بحرية، وساحلية، وجبلية، حي تتوفر هذه العوامل للطيور ما تحتاجه للبقاء والتكاثر.
في المناطق الجبلية القريبة من الساحل، يرصد سكان حلايب وشلاتين والمهتمون بالبيئة طيورًا جارحة ضخمة، أبرزها النسور، وتقترب بعض هذه الطيور من المناطق السكنية، مما يجعل رصدها أمرًا شائعًا خلال مواسم الهجرة.
الجزر البحرية: ملاذ آمن للطيور المهددةتشكل الجزر البحرية في البحر الأحمر، مثل جزر الغردقة، والجزر الشمالية، وجزر وادي الجمال – حماطة، ومنطقة جبل علبة، بيئة آمنة ومثالية للطيور المهاجرة، حيث تعتبر تلك الجزر مناطق محمية طبيعية تخلو من الأنشطة البشرية المكثفة، ما يسمح للطيور بالتكاثر وبناء أعشاشها، خاصة الأنواع المهددة بالانقراض.
تشمل الطيور التي تم رصدها أنواعًا نادرة مثل "النورس العجمة"، الذي سُجل منه حوالي 6,500 طائر خلال موسم الهجرة، إلى جانب 7,627 طائرًا من نوع "الخطار"، ونحو 11,000 طائر من نفس الفصيلة، كما تم رصد صقر الغروب، المعروف بمهاراته في اصطياد الطيور الأصغر منه.
مسار الهجرة: الأخدود الأفريقي العظيمأوضح أحمد عبد الله، الخبير البيئي وأحد المهتمين بالرصد البيئي للطيور، في تصريحات صحفية، أن مصر تحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث كثافة عبور الطيور المهاجرة، تحديدًا عند شمال البحر الأحمر، الذي يُعرف بمسار “الأخدود الأفريقي العظيم”.
وتمر الطيور عبر هذا المسار نحو شبه جزيرة سيناء، باعتبارها أقرب نقطة تربط بين قارتي آسيا وأفريقيا.
وتعتبر منطقة جبل الزيت إحدى النقاط الحرجة في هذا المسار، حيث تُعرف باسم "عنق الزجاجة" لضيق الممر وتركّز أعداد هائلة من الطيور بها.
وقال الخبير البيئي إنه في ظل الأهمية البيئية الكبيرة لهذا الممر، يتم التعاون بين وزارة البيئة ووزارة الكهرباء من خلال فرق متخصصة وخبراء في رصد حركة الطيور، ويهدف هذا التعاون إلى تأمين عبور آمن لها، خاصة أن المنطقة تحتضن محطة رياح جبل الزيت، وهي الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط.
الطيور المهاجرة.. سفراء التنوع البيولوجيالهجرة الموسمية للطيور عبر البحر الأحمر لا تُعد مجرد حدث طبيعي، بل تمثل ظاهرة بيئية ذات أهمية علمية وسياحية، فهي تسلط الضوء على الغنى البيولوجي في مصر، وتؤكد ضرورة الحفاظ على هذه البيئات الطبيعية لضمان استمرار التوازن البيئي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.