اعتقاد خاطئ عند سماع قوله تعالى «إنما يخشى الله من عباده العلماء»
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
كثيرون لديهم اعتقاد خاطئ عند قراءتهم لسورة فاطر وبالتحديد عند وصولهم للأية رقم 28 عندما يقول المولى عز وجل في محكم كتابه العزيز: «وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ»، سورة فاطر: آية 28.
فالكثير يفسر هذه الآية بطريقة خاطئة وحصروا لفظ العلماء في تفسير هذه الآية في علماء الدين، ولكن العالم هو الذى يخشي الله ورأى قدرته عز وجل في خلقه فأمن بالله واستقام لأنه علم من هو الله .
شرح الآية إنما يخشى الله من عباده العلماءهو أن العلماء يخشون الله عز وجل لكثرة العلم الذي سكن في قلوبهم وليس العكس كما يردد البعض، والمقصود من لفظ العلماء في هذه الآية أي أن كل عالم عرف الله وأمن به ووقعت الخشية والخوف منه فى قلبه، وبعض العلماء قالوا ان كل رجل يخشي الله بفعله وتصرفاته فهو عالم.
وذكر المفسرون العديد من الأقوال في تفسير معنى قوله تعالى: « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» ومنها: إن معنى الآية أي أنه لا يخشى الله تعالى حق الخشية إلا العلماء الذين عرفوه حق معرفته.
وأورد الإمام ابن كثير في تفسيره: أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القديم أتم، والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في معنى الآية: أي الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير، وقال سعيد بن جبير: الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل .
وقال الحسن البصري في معنى الآية: أي أن العالم هو من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه،
وورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية .
وقال سفيان الثوري عن أبي حيان التيمي عن رجل قال: كان يقال العلماء ثلاثة: عالم بالله عالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله .
فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض، والعالم بأمر الله ليس العالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله عز وجل .
وقال القرطبي: يعني بالعلماء الذين يخافون قدرته، فمن علم أنه عز وجل قدير أيقن بمعاقبته على معصيته، كما قال أنس: من لم يخش الله فليس بعالم، وقال مجاهد: إنما العالم من خشي الله عز وجل، وقال ابن مسعود: كفى بخشية الله تعالى علما، وبالاغترار جهلاً.
وقال الزمخشري في كتابه الكشاف: والآية سيقت للحث والتحريض على النظر في عجائب صنع الله تعالى، وآثار قدرته ليؤدي ذلك إلى العلم بعظمة الله وجلاله، ويؤدي العلم إلى خشية الله تعالى، ولذلك ختمها بقوله تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» فالتدبر هو سر القرآن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الله عز وجل الله تعالى الله لیس
إقرأ أيضاً:
هل تقبل توبة من اقترف الفاحشة عدة مرات؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: هل تقبل توبة من اقترف الفاحشة في حياته أكثر من مرة، والآن مرض مرضًا شديدًا، ويرتعب من لقاء الله تعالى؟ علمًا بأن مرضه الذي يعاني منه يمنعه من معاشرة زوجته.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن الله تعالى واسع المغفرة، وقد قضى سبحانه وتعالى أن تسع رحمته جميع الأشياء، وأن يشمل لطفُه خلقه وعبادَه؛ فإذا تاب العبد توبة خالصة قَبِلَ الله توبته حتى لو ارتكب أشنع المعاصي؛ لأن باب التوبة مفتوح لن يُغلق أبدًا إلا إذا وصلت الروح الحلقوم، وليس ذلك فحسب بل إن حسُنت التوبة من الإنسان؛ فإن الله عز وجل يُبَدِّل سيئاته حسنات.
وأوضحت الإفتاء أن الله تبارك وتعالى رحيم بعباده لطيف بهم؛ قال تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]؛ فالله تعالى واسع المغفرة، فإذا تاب العبد إلى ربه ورجع قبل الله تبارك وتعالى توبته حتى لو ارتكب أشنع الخبائث؛ لأن رحمته وسعت كل شيء في الأرض وفي السماء؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].
ونوهت ان الكافر إذا تاب إلى ربه وأسلم قبل الله تعالى توبته؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: 38]؛ فمن باب أولى إذا ارتكب المسلم معصية كبيرةً أو صغيرة ثم تاب إلى ربه قبله الحق تباركت أسماؤه، وباب التوبة مفتوح لن يُغلق أبدًا إلا بعد أن تصل الروح إلى الحلقوم. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: 17 - 18].
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ يَقْبلُ تَوبةَ الْعَبدِ مَا لم يُغَرْغِر» رواه أبو داود وابن ماجه.
وليس ذلك فحسب بل إن حسنت توبة الإنسان؛ فإن الله عز وجل في علاه يبدلها له حسنات؛ لقوله في سورة الفرقان في صدد الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 68: 70]؛ فالتوبة إن حسنت فهي مقبولة بإذن الله تعالى ورحمته.