الجزيرة:
2025-08-02@23:00:03 GMT

سد النهضة وحصة مصر المائية الاستعمارية.. ما المشكلة؟

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

سد النهضة وحصة مصر المائية الاستعمارية.. ما المشكلة؟

يتواصل الفشل لـ "المفاوضات الثلاثية" الجارية على مدار السنوات الثماني الماضية بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، والدائرة بين مصر والسودان (دولتي المصب)، وبين إثيوبيا (دولة منبع). وشهدت الساعات الأخيرة تبادلا للاتهامات بين مصر وإثيوبيا، على خلفية فشل الجولة الجديدة من هذه المفاوضات الثلاثية المُنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (يومي 23، 24 سبتمبر/ أيلول الجاري).

واستهجن بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية عقب المباحثات مطالبة مصر بحصة "استعمارية" من المياه، وتمسكها بما وصفه البيان بـ "معاهدة إقصائية تعود للحقبة الاستعمارية"، في إشارة إلى اتفاقيتي 1902 و1929، اللتين عقدتهما بريطانيا (دولة الاحتلال لمصر والسودان) وإثيوبيا بتحديد حصة مصر المائية، وإلزام إثيوبيا بعدم إقامة أي مشروعات على النيل، من شأنها إعاقة تدفق النهر، إلا بموافقة مصر.

البيان الإثيوبي انتقد نهج الوفد المصري الذي يقوض "اتفاق إعلان المبادئ عام 2015″، الموقع في العاصمة السودانية (الخرطوم)، بين الدول الثلاث.

في المقابل، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن رفض مصر لسعي إثيوبيا لفرض الأمر الواقع على 100 مليون مصري، لافتا إلى معاناة مصر من نُدرة مائية، وعجز في احتياجاتها المائية يصل إلى 50%.

من جانبها، أكدت وزارة الموارد المائية المصرية رفض الجانب الإثيوبي لـ "الترتيبات الفنية المتفق عليها دولياً، التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية، دون الافتئات على حقوق دولتي المصب"، وذلك تراجعا عن توافقات سابقة. عليه، يمكن الجزم بأن الفشل هو المصير الحتمي للجولة القادمة من المباحثات بين الدول الثلاث المقرر انعقادها الشهر المقبل في العاصمة المصرية (القاهرة).

مصر لم تكن موفقة منذ البداية حين استبعدت خيار استخدام القوة العسكرية لضرب السد والحيلولة دون اكتماله، إذ إن "التلويح بالقوة" كان يمكنه ردع إثيوبيا، حتى دون استعمالها

توارث المعاهدات واتفاقيات الأنهار

تاريخيا، يرتبط المصريون بنهر النيل، فحياتهم لا تستقيم بدونه، قامت عليه حضاراتهم منذ القدم، فهو المصدر للعمران والخصوبة والري لـ "الأراضي الزراعية"، التي تشغل حيزا اقتصاديا كبيرا، كما للنيل استغلال سياحي يُدِر عوائد دولارية على البلاد، بما مفاده أن هذا النهر يقترن بالرزق الوفير والخير لـ "المصريين"، الذين يتمركز غالبيتهم على ضفافه أو بالقرب منها.

يبلغ طول نهر النيل 6670 كيلومترا، تنحدر مياهُه من "بحيرة فيكتوريا" للمياه العذبة، والممتدة بين أوغندا وتنزانيا وكينيا وإثيوبيا، وتبلغ مساحتها 69 ألف كيلومتر مربع.

تقطع المياه مسافة تزيد على 3 آلاف كيلومتر، انطلاقا من النيل الأزرق بمرتفعات إثيوبيا (بنسبة 85%)، حتى تصل إلى الحدود المصرية مرورا بدولة جنوب السودان، ثم السودان.

لماذا تتهم إثيوبيا الوفد المصري المفاوض بتقويض اتفاق المبادئ (الخرطوم- مارس/ آذار عام 2015)؟ تكمن المشكلة في إصرار إثيوبيا على اعتبار النيل، نهرا إثيوبيا خالصا، وشأنا خاصا بها، وهو ما ترفضه مصر، استنادا لـ "القانون الدولي"، الذي يُعده نهرا دوليا، ويعترف لها باتفاقيتي 1902 و1929، اللتين تحميان حقوق مصر المائية، عملا بمبدأ "توارث المعاهدات"، الذي يسري على اتفاقيات الأنهار.

سنوات الشُح المائي والجفاف الممتد

البادي من سياق البيانات والتلاسن الإعلامي بين مصر وإثيوبيا وجود خلافات مستمرة حول سبل مواجهة فترات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات التي تكون فيها المياه شحيحة، نتيجة تشدد الجانب الإثيوبي وافتقاده للمرونة، رغم أن بوادر الجفاف بدأت تظهر في السودان.

كما أن هناك تناقضا في تفسير بنود اتفاق المبادئ، فإثيوبيا تراه منفصلا عن الاتفاقيات السابقة التي تعتبرها استعمارية (1902 و1929). أما مصر، فتراه مكملا وإطارا حاكما للتفاوض، حول قواعد الملء والتشغيل للسد. الإثيوبيون يريدون التنصل نهائيا من هاتين الاتفاقيتين والخلاص منهما، كونهما -بحسب إثيوبيا- من نتاج الحقبة الاستعمارية، وانعقدتا دون إرادة منها، وهو ما لا تُقره القوانين الدولية كما سلف القول. بينما المصريون لا يملكون التنازل عنهما، كونهما السند لحقوقهم المائية في نهر النيل. لذا، فإن إثيوبيا منذ البداية اتخذت نهجا يعتمد على المناورات وشراء الوقت، وهو ما نجحت فيه، مقابل تراخي وليونة المفاوض المصري، أملا في تليين الموقف الإثيوبي، دون جدوى.

عندما كان التلويح بالخيار العسكري مطلوبا

لكن ما الخيارات المُتاحة أمام مصر للتعامل مع إثيوبيا، وإجبارها على المضي قُدما إلى اتفاق متوازن يحفظ الحقوق المائية المصرية؟

تقديري أن مصر لم تكن موفقة منذ البداية حين استبعدت خيار استخدام القوة العسكرية لضرب السد والحيلولة دون اكتماله. فالتلويح بالقوة كان يمكنه ردع إثيوبيا، حتى دون استعمالها، بل ربما يُغني عن استخدامها، إذا ما أدرك الخصم توفر الإرادة لاستخدامها.

استبعاد فكرة الخيار العسكري جاء صريحا وواضحا في بواكير الأزمة، وبدلا مما كانت تستهدفه مصر من مرونة وإبداء لحسن النية، وبناء الثقة والتعاون مع إثيوبيا، فإن الأخيرة قرأت الرسالة على نحو مُغاير، ووظفتها لصالحها على حساب الأمن المائي المصري.

الآن، تكتنف الخيار العسكري صعوبات جمة، فالهجوم عسكريا على السد لتدميره يُشكل خطرا شديدا على السودان، بما يشبه يوم القيامة، لمدينتي الخرطوم وأم درمان، وربما يمحوهما، بخلاف مخاطر أقل على مصر نتيجة الطوفان الذي سيتولد عن اندفاع المياه المخزنة خلفه والمفترض بلوغها 74 مليار متر مكعب.

لذا ينبغي التوقف فورا عن هذه المفاوضات العبثية التي لا طائل من ورائها، وثبت يقينيا عدم جدواها طوال السنوات الثماني الماضية. وقد يكون مناسبا إعلان مصر سحب توقيعها على اتفاق المبادئ، استنادا إلى عدم التزام إثيوبيا بمضمونه، مع البحث عن سيناريوهات وخطط أخرى أكثر نجاعة للتعامل مع إثيوبيا.

إن نهر النيل هو قضية وجود لمصر، وليس بوسعها التفريط في حصتها المائية تحت أي ظروف أو ضغوطات، وعليها أن تُعيد حساباتها وتختار آليات مختلفة وفعالة للتعاطي مع قضية سد النهضة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

المنتخب الأولمبي يلاقي النهضة في نهائي بطولة الخريف.. غدا

صلالة - عادل البراكة

يلتقي مساء الغد على أرضية مجمع السعادة الرياضي في تمام الساعة السابعة والنصف المنتخب الوطني الأولمبي والفريق الكروي الأول بنادي النهضة في نهائي بطولة الخريف، برعاية صاحب السمو السيد نادر بن الجلندى بن ماجد آل سعيد، أمين عام بديوان البلاط السلطاني، والتي يُتوقع أن تشهد حضورًا مجيدًا من قبل الفريقين اللذين تمكّنا من الوصول للنهائي عن جدارة واستحقاق، بعدما قدّما مستويات إيجابية خلال مشوار التصفيات التمهيدية للبطولة التي أُقيمت خلال الفترة من ٢٧ يوليو الماضي حتى غدا الأحد، بمشاركة ٦ فرق متمثلة في السيب والنصر وظفار والنهضة والشباب، بالإضافة إلى منتخبنا الوطني الأولمبي.

منتخبنا الوطني الأولمبي، بقيادة المدرب الوطني بدر الميمني، دخل منافسات البطولة بجاهزية كبيرة بعد المعسكرات الداخلية والخارجية، كانت آخرها الدورة الرباعية التي أُقيمت في قرغيزستان وحقق من خلالها نتائج جيدة، من خلال الفوز على منتخب البحرين بهدف، والتعادل مع منتخب قرغيزستان بهدف لهدف، وخسر مواجهة المنتخب السوري بهدفين لهدف، مما كان حضوره إيجابيًا خلال مشوار بطولة الخريف، بعدما تمكّن من كسب النصر بهدفين أحرزهما كل من مسعود البحري ويسار البلوشي، وتغلّب على السيب بهدف ماجد المشايخي، ومن هنا فإن منتخبنا الأولمبي سيدخل المباراة النهائية بحضور بدني وفني كبير، إلا أن المنافس فريق النهضة لن يكون بالمنافس السهل كونه يملك لاعبين مجيدين وقدم حضورًا إيجابيًا، وعمل المدرب الوطني بدر الميمني على تصحيح الأخطاء التي وقعت في مباراة السيب، ووضع التكتيك الذي يتناسب مع المنافس لتحقيق لقب البطولة.

من جانب الفريق الكروي الأول بنادي النهضة، فإنه سوف يدخل المواجهة النهائية بعدما تمكّن من جمع ست نقاط عن جدارة واستحقاق خلال التصفيات التمهيدية للبطولة، عندما تمكّن من الفوز على منافسه ظفار بهدفين لهدف، أحرز أهداف النهضة كل من محمد الغافري وأحمد الكعبي، وتغلّب على الشباب بهدف محمد الغافري، لكن على المدرب التونسي ناصيف البياوي، المدرب الجديد للنهضة، أن يدخل المباراة النهائية بتكتيك يتناسب مع المنافس للخروج بالنتيجة الإيجابية، خاصة وأن المنافس يملك لاعبين شبابًا لديهم الإمكانيات والرغبة الكبيرة لإحراز لقب البطولة، وبلا شك فإن لاعبي النهضة يعون أن المواجهة لن تكون سهلة، لذلك سيُقدّمون المستوى الأفضل من خلال مواصلة الانتصارات والظفر بلقب البطولة، لتكون حافزًا للفريق الذي أمامه استحقاقات محلية وخارجية، المحلية سيكون أولها منافسات دوري عمانتل الذي سوف يفتتحه بمواجهة سمائل يوم ١٦ أغسطس، والاستحقاق الخارجي متمثل في دوري أبطال الخليج للأندية التي تنطلق في منتصف شهر سبتمبر، وستُقام قرعة الدوري يوم ١١ أغسطس الجاري، من هنا فإن تحقيق لقب بطولة الخريف يُعد مهمًا وحافزًا للفريق لدخول الاستحقاقات القادمة بحضور بدني وذهني وفني مجيد.

مقالات مشابهة

  • وزير الري: ندعم التنمية في إثيوبيا ولكن ليس على حساب حقوق مصر المائية
  • شراقي يكشف أسباب عدم فتح إثيوبيا بوابات مفيض سد النهضة
  • وزير الري يرد على مشروعات أعالي النيل وتأثيرها على حقوق مصر المائية
  • في حوار مع أحمد موسى.. وزير الري: على إثيوبيا الاعتراف بحقوقنا المائية.. ونحافظ على كل قطرة
  • سويلم: لسنا ضد التنمية في إثيوبيا لكن ليس على حساب حقوقنا المائية
  • وزير الري: على إثيوبيا تغيير استراتيجيتها والاعتراف بحقوق مصر في نهر النيل
  • انخفاض معدل الأمطار على النيل الأزرق.. ما تأثيره على سد النهضة؟
  • محسن البلوشي يعتذر عن التدريب هذا الموسم
  • المنتخب الأولمبي يلاقي النهضة في نهائي بطولة الخريف.. غدا
  • أدعو الله كثيرا ولا يستجاب لي فماذا أفعل؟.. يسري جبر: المشكلة فيك