سقوط ناغورني قره باغ.. انهيار الحلم الجميل للأرمن المشتتين حول العالم
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
أصاب السقوط السريع لجيب ناغورني قره باغ في أيدي القوات الأذربيجانية، والنزوح الجماعي لغالبية سكانه، الجالية الأرمينية الكبيرة في أنحاء العالم، بالذهول والصدمة، بعد أن كان يمثل أحد "أحلامهم الوردية".
وأعلنت الحكومة الانفصالية الأرمينية في ناغورني قره باغ، الخميس، أنها ستحل نفسها، وأن الجمهورية غير المعترف بها "ستختفي من الوجود" بحلول نهاية العام، مما يقضي على استقلالها الفعلي لمدة 30 عاما.
وتعهدت أذربيجان، التي ألحقت الهزيمة بالقوات الانفصالية الأرمينية في هجوم خاطف الأسبوع الماضي، باحترام حقوق مجتمع الأرمن هناك، لكن بحلول صباح الخميس، كان 84 ألفا من السكان قد فروا إلى أرمينيا، أي أكثر من 70 بالمائة منهم- وما زالت عمليات الفرار مستمرة، وفق مسؤولين أرمن.
ويخشى كثيرون في أرمينيا وفي الشتات، من أن يختفي مجتمع عمره قرون من الإقليم الذي يطلقون عليه "أرتساخ"، من خلال ما يطلقون عليه "موجة جديدة من التطهير العرقي"، ويتهمون دول أوروبا وروسيا والولايات المتحدة، وحكومة أرمينيا نفسها، بعدم حماية الأرمن في ذلك الجيب الانفصالي.
"صفحة أمل" انطوتويرى الأرمن أن خسارة الإقليم تمثل "ضربة تاريخية لأحلام الكثيرين في الشتات"، الذين كانوا يعلقون أحلامهم على الاستقلال أو الانضمام إلى أرمينيا.
وأوضح الأستاذ الجامعي اللبناني الأرميني، نارود سيروجيان، الخميس، أن ناغورني قره باغ كانت "صفحة أمل في التاريخ الأرميني".
وأضاف: "كان لدينا أمل في استعادة الأرض التي هي حق لنا.. بالنسبة للمغتربين، كانت ناغورني قره باغ بالفعل جزءا من أرمينيا".
وتظاهر مئات الأرمن اللبنانيين، الخميس، أمام سفارة أذربيجان في بيروت، ولوحوا بأعلام أرمينيا وناغورني قره باغ، وأحرقوا صور الرئيسين الآذري والتركي.
وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع، عندما ألقيت مفرقعات نارية على السفارة.
وينتشر أفراد من عرقية الأرمن في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة. ويعد لبنان موطنا لواحدة من أكبر هذه التجمعات، حيث يقدر عددهم بـ 120 ألفا من أصل أرمني، أي 4 بالمائة من الأرمن في الشتات، ومعظمهم من نسل الفارين من حملة العثمانيين عام 1915 التي راح ضحيتها، وفق مصادر، نحو 1.5 مليون أرميني، جراء مذابح وعمليات ترحيل قسرية.
وينظر المؤرخون على نطاق واسع إلى هذه الفظائع على أنها "إبادة جماعية"، وهو وصف ترفضه تركيا، قائلة إن عدد القتلى "مبالغ فيه، وأنهم كانوا ضحايا الحرب الأهلية والاضطرابات خلال الحرب العالمية الأولى".
"الهجرة الأخيرة"وفي برج حمود، منطقة الأرمن الرئيسية في بيروت، لا تزال الذكريات حية، مع انتشار الشعارات المناهضة لتركيا على الجدران، حيث لا يزال يرفرف العلم الأرميني بألوانه الأحمر والأزرق والبرتقالي على الكثير من المباني.
وقال هاروت بشديكيان (55 عاما) وهو يجلس أمام علم أرميني في مقهى برج حمود: "هذه هي الهجرة الأخيرة للأرمن، فلم يعد هناك مكان آخر لنهاجر منه".
وتقول أذربيجان إنها "تعيد توحيد أراضيها"، مشيرة إلى أن "حتى رئيس وزراء أرمينيا اعترف بأن ناغورني قره باغ جزء من أذربيجان".
ورغم أن معظم سكانها من المسيحيين الأرمن، فإن الآذريين المسلمين لديهم مجتمعات في الإقليم، وروابط ثقافية معه، خاصة مدينة شوشا، المشهورة بأنها مهد الشعر الآذري.
وخضع الإقليم لسيطرة قوات عرقية أرمينية بدعم من الجيش الأرميني، منذ الحرب الانفصالية التي انتهت عام 1994.
واستولت أذربيجان على أجزاء من الإقليم في حرب أخرى عام 2020.
وبعد هزيمتها هذا الشهر، سلمت السلطات الانفصالية أسلحتها، وتجري محادثات بشأن "إعادة دمج" الإقليم في أذربيجان.
وقال توماس دي وال، وهو زميل بارز في مركز أبحاث كارنيغي أوروبا، إن ناغورني قره باغ، بات نوعا ما "القضية الجديدة" للشتات الأرميني، الذي عانى أسلافه من الإبادة الجماعية.
وأضاف: "كان ذلك بمثابة حلم دولة أرمينية جديدة، وولادة وطن أرميني جديد، علقوا عليه الكثير من الآمال، وأقول إنها كانت آمالا غير واقعية بالمرة، إلا أنها كانت الحافز وراء صمود أرمن قره باغ في مواجهة أذربيجان، رغم عدم الاعتراف الدولي بحكومتهم الانفصالية".
ويرى الأرمن أن الإقليم "مهد ثقافتهم"، حيث يعود تاريخ أديرة لهم فيه إلى أكثر من ألف عام.
ويؤكد المشرع اللبناني هاغوب بقرادونيان، رئيس أكبر جماعة أرمينية في لبنان، وهي الاتحاد الثوري الأرميني، أن "أرتساخ أو ناغورني قره باغ كانت أرض الأرمن منذ مئات السنين، وأن شعب أرتساخ يتعرض لإبادة جماعية جديدة، هي أول إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين”.
"إحياء جديد للإبادة"كما ذكر الناشط الأرميني المقيم في مدريد، ديران غيليغيان، الذي يحمل الجنسيات الأرمينية واللبنانية والفرنسية، أن سقوط ناغورني قره باغ "ليس مجرد تذكير بالإبادة الجماعية، بل هو إحياء لها".
وقال إن جدته كانت تروي له قصصا حول كيفية فرارها عام 1915، مضيفا أن الإبادة الجماعية "في الواقع ليست أمرا من الماضي، وليست أمرا عمره قرن، بل لا يزال الأمر كذلك في الواقع".
من جانبها، قالت سيروجيان، وهي معلمة من بيروت، إن أجدادها كانوا من الناجين من الإبادة الجماعية، وإن الحديث عن روايات الفظائع والتشتت كان أمرا معتادا في منزلها ومدرستها ومجتمعها أثناء نشأتها، كما هو الحال مع قضيةناغورني قره باغ الآن.
وزارت سيروجيان الإقليم عدة مرات، آخرها عام 2017، قائلة: "نشأنا على هذه الأفكار سواء كانت رومانسية أم لا.. نشأنا على حب الإقليم حتى لو لم نره، لم أفكر أبدا أنه شيء منفصل عن أرمينيا".
وتخطط مجموعة من الأرمن في الشتات تسمى "أوروبيون من أجل أرتساخ" لتنظيم مسيرة في بروكسل الأسبوع المقبل، أمام مقار الاتحاد الأوروبي، للتنديد بما يقولون إنها "عملية تطهير عرقي جديدة وانتهاكات حقوقية تقوم بها أذربيجان"، ولدعوة لاتحاد الاوروبي إلى فرض عقوبات على المسؤولين الآذريين.
يأتي ذلك قبل قمة أوروبية في إسبانيا في الخامس من أكتوبر، حيث من المقرر أن يجري خلالها رئيس الوزراء الأرميني والرئيس الآذري محادثات، بوساطة الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس المجلس الأوروبي.
وفي الولايات المتحدة، نظمت الجالية الأرمينية في لوس أنجلوس احتجاجات للفت الانتباه إلى الوضع.
وفي 19 سبتمبر استخدموا شاحنة مقطورة لإغلاق طريق سريع رئيسي لعدة ساعات، مما تسبب في اختناقات مرورية كبيرة.
ولجأت نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان، ذات الأصول الأرمينية، إلى وسائل التواصل الاجتماعي لحث الرئيس الأميركي، جو بايدن، على "وقف إبادة جماعية أخرى للأرمن".
كما تقوم عدة جماعات في الشتات بجمع الأموال لصالح أرمن قره باغ الفارين من ديارهم، لكن سيروجيان قالت إن الكثيرين يشعرون بالعجز.
وأضافت: "هناك لحظات نشعر فيها باليأس شخصيا أو مع العائلة أو وسط الأصدقاء، وعندما نتحدث إلى بعضنا البعض فإننا نوعا ما نفقد عقولنا".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
شاهد.. الشبكة يعرض نسخة جديدة من أوبريت الحلم العربي
وبثت الحلقة نسخة خاصة بها "للحلم العربي"، وتضمنت كلمات أكثر قوة تعكس الواقع العربي الحالي في ظل الحرب الإسرائيلية غير المسبوقة على قطاع غزة.
ووصفت هذه النسخة الواقع العربي بـ"المهزلة"، وانتقدت حملات التضليل الممنهجة وتهافت دول عربية على التطبيع مع إسرائيل وإدارة ظهرها للقضية الفلسطينية، وهي قضية العرب الأولى وجزء أصيل من هويتهم وتاريخهم.
وانتقدت نسخة "الشبكة" من "الحلم العربي" القمم العربية التي تعقد دوريا وأحيانا بشكل طارئ من دون قرارات عملية حاسمة، مكتفية ببيانات الإدانة والاستنكار.
واستهجنت أيضا ممارسات السلطة الفلسطينية وملاحقة المقاومين في الضفة الغربية المحتلة وتنسيقها الأمني مع قوات الاحتلال.
وأشادت هذه النسخة من "الحلم العربي" بصمود أهل غزة كبارا وصغارا، وإصرارهم على مقارعة جيش الاحتلال بوسائل قتال بدائية لكن مع إرادة فولاذية وتمسك مثير للإعجاب بالأرض رفضا للتهجير.
يشار إلى أنه تم عرض أوبريت "الحلم العربي" في أكثر من نسخة، إذ صدرت النسخة الأولى منه في عام 1996، وقد تم تحديثها عام 1998، قبل أن يُقدّم في حفل كبير أقيم في ساحة الشهداء بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وتناولت الحلقة مواضيع أخرى، بينها مطالبة من وصفتهم بـ"متصهينين عرب" للفلسطينيين بعدم الموت أمام الكاميرات خلال الأيام المقبلة "حتى لا يفسدوا أجواء العيد".
إعلانودعا هؤلاء "المتصهينون" العرب -وفق الشبكة- المقاومة الفلسطينية إلى ضبط النفس وتأجيل الرد على أي مجازر إلى ما بعد العيد "احتراما لقدسية المناسبة".
بدوره، يدرس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية تأسيس وزارة خاصة لشؤون الاستقالات التهديدية على أن يتولاها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لخبرته العميقة في "التهويش".
كما اتهم نتنياهو مطار بن غوريون بالتآمر على إسقاط حكومته بعد فشله العاشر في تفادي صاروخ حوثي قادم من اليمن.
وتطرقت الحلقة إلى إنهاء مدينة برشلونة الإسبانية اتفاقية التوأمة مع تل أبيب، وجاء في الحلقة أن الإلغاء تم بعد اكتشاف أن رياضتهم المفضلة "ليست كرة القدم، بل سفك الدماء".
من جانبها، نفت تل أبيب طرد سفيرها من أحد الجامعات السنغالية، وقالت إنه -حسب الشبكة- "انسحاب تكتيكي" في إطار إستراتيجية "مغادرة بلا كرامة، لكن بكامل السيادة".
ونقلت الحلقة عن السفير الإسرائيلي المطرود من الجامعة السنغالية قوله إنه يطلب نقله إلى أي دولة عربية "تقدر السلام الوسطي الجميل".
ورياضيا، هنأ النجم الفرنسي كيليان مبابي فريقه السابق باريس سان جيرمان الفرنسي بتتويجه بطلا لدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، في حين قالت الحلقة إن إدارة النادي الباريسي "تشكره على رحيله".
وجاء تتويج سان جيرمان بـ"ذات الأذنين" بعد مغادرة مبابي العملاق الباريسي صيف العام الماضي من أجل ارتداء قميص ريال مدريد الإسباني.
6/6/2025-|آخر تحديث: 22:52 (توقيت مكة)