كثيرة هي الأسباب والدوافع التي تقف خلف حرب الإبادة الدائرة في قطاع غزة، التي عجز العالم عن إيقافها، رغم بشاعتها ووحشيتها، وقذارة وانحطاط أساليبها، التي لم يسلم منها حتى حليب الأطفال الذي تحول إلى سلاح بيد قوات العدو، ناهيكم عن الغذاء والدواء وعجزت كل دول العالم عن إقناع العدو بإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، ليس لأنها عاجزة، بل لأنها لا تريد، وترغب في أن يحقق العدو أهدافه.
فأستشهد العديد من الأطفال والشيوخ والنساء جوعاً في القرن الواحد والعشرين، قرن الثورة التقنية، والتجارة عبر الانترنت، قرن أصبح فيها بعض الناس في دول الغرب يسافرون للفضاء لقضاء إجازتهم، فيما العربي الفلسطيني، تنتهي حياته إذا فكر أن يغادر خيمته ليذهب لمراكز توزيع المساعدات، التي حددتها دول العالم وبرعاية الأمم المتحدة، وبعلم قوات الاحتلال، التي وافقت علنا على خطة التوزيع المحدودة، ثم راحت تستهدف الجوعى ليستشهدوا جوعى وعطشى ومرضى، أمام أنظار العالم الذي أثبت أنه لا يقل انحطاطا عن قوات الاحتلال.
كثيرة هي الأهداف التي تقف وراء حرب الإبادة التي يشنها جيش العدو، بحق الشعب العربي المسلم في فلسطين، منها ضرب حواضن المقاومة، مع أن المقاومين في قطاع غزة، لم تجلبهم أجهزة المخابرات الغربية والعربية ليقاتلوا في فلسطين، كما فعلت وتفعل في بعض الدول العربية والإسلامية، بل إن من يقاتل في فلسطين هم أبناء الشعب الفلسطيني، ومن يتصدى ببطولة باسلة وأسطورية وغير مسبوقة للعدو في غزة ويسجلوا ملاحم بطولية منذ بداية العدوان، هم أبناء غزة، أبناء الأمهات والآباء، الذين قتلهم ويقتلهم الاحتلال بآلته العسكرية المتوحشة، وهم أبناء وأشقاء المقاومين الأبطال، والعدو لا تنحصر أهدافه في استهداف المقاومين، بل وحواضنهم وأسرهم، أبنائهم وآبائهم، أمهاتهم، وزوجاتهم، وشقيقاتهم و أشقائهم، أعمامهم وعماتهم، إنها حرب إبادة لشعب مقاوم، ورغبة العدو ليست التخلص من المقاومة وسلاحها، بل يريد التخلص من فكرة المقاومة، أي الفكر المقاوم وترسيخ ثقافة الاستسلام والتبعية والارتهان، وتبني ثقافة الاستلاب.
ألم يطالب المجرم نتنياهو في بداية العدوان بتطبيق الاستراتيجية التي طبقت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، على قطاع غزة؟!
ومع ذلك أعود وأقول، إن الهدف من حرب الإبادة في غزة، الذي يدخل في الوعي الصهيوني في بند أضعف الإيمان هو التغيير الديموغرافي داخل فلسطين، الذي يمثل قلق للعدو بل كابوس يشغل بالهم، ويستحوذ على اهتمامات نخبهم السياسية، وتنهمك مراكز أبحاثهم الاستراتيجية، في البحث عن حلول لهذه الإشكالية _ التفوق الديموغرافي الفلسطيني على العدو.
إذاً وحسب آخر إحصائيات مراكز الأبحاث الاستراتيجية فإن هناك «2.4» مليون فلسطيني في قطاع غزة، و «2.6» مليون في الداخل الفلسطيني-عرب 48-، و750 ألفاً في مدينة القدس، و«4.250» مليون في الضفة الغربية.
يعني أن هناك قرابة عشرة ملايين فلسطيني داخل فلسطين، إضافة إلى قرابة سبعة ملايين فلسطيني «مهجرين» في دول الشتات سوريا، لبنان، الأردن، ومنهم مهاجرين في دول العالم.
مقابل 7.5 مليوناً مستوطن داخل فلسطين، ومثلهم خارجها تقريبا، يعني كل « يهود» العالم إذا اجتمعوا لن يزيدوا عن 15 مليون، فيما تشير التوقعات أن تعداد الشعب العربي الفلسطيني بحلول عام 2050م قد يصلوا إلى ما بين 30_35 مليوناً، فيما تعداد اليهود لن يتجاوز بحلول العام نفسه 20 مليوناً إذا سارع الكيان في تنشيط عملية الإنجاب في أوساط مستوطنيه، أو استقطبت جماعة «الحريديم» أفراد إلى العقيدة اليهودية من بين شعوب العالم، وهذا رهان غير مضمون في الحالتين، فأسر المستوطنين دون استثناء جنسياتهم الأصلية القادمين إلى فلسطين تحدد إنجابها بين طفل إلى طفلين فقط، فيما نسبة الإنجاب بين الفلسطينيين تزيد في المتوسط عن خمسة أفراد لكل أسرة.
إذاً هذا القتل الوحشي، والرغبة في التهجير، يدخل أيضا ضمن نطاق هذه الحسابات الديموغرافية لدى العدو، الذي فعلا يواجه مأزقا، وحاول مواجهة هذا المأزق بداية بفكرة الدولة اليهودية وفكرة يهودة الدولة، تعني يهودة المجتمع، وتخلي الكيان عن نظريته السابقة التي بدأ بترويجها عند بداية التأسيس باعتباره كياناً علمانياً ديمقراطياً وحينها طرحت للتداول فكرة شعبين في دولة ودولة لشعبين وأخذت الفكرة سنوات من الاهتمام والتداول حتى داخل المحافل الدولية، لدرجة أن حزب العمل الصهيوني ارتبط بعلاقة صداقة رفاقية مع العديد من الأحزاب الشيوعية العربية وكان شريكها في المؤتمرات الاشتراكية الدولية التي كانت تعقد سنويا برعاية الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي.
وظل هذا التقليد حتى انهيار الاتحاد السوفييتي.
وقد فشلت كل محاولات الاحتيال الصهيونية هذه، حتى كشر العدو عن حقيقة أهدافه الاستيطانية برفع شعار “يهودية الدولة” بعد أن أدرك خطورة النمو الديموغرافي العربي وتنامي أعداد الشعب العربي داخل فلسطين وخارجها، فسعي يقدم حلولا تلفيقيه بدعم ورعاية أمريكية وعربية للأسف بهدف إسقاط “حق العودة” وكان هذا الحق من أهم نقاط الخلاف التي أدت إلى تنكر العدو لاتفاق «أوسلو» الذي وقعه الشهيد عرفات مع العدو، وفي يوم التوقيع وصف عرفات الاتفاق بـ “الفخ” لكنه كان يردد دائما “أريد كيلو متراً داخل فلسطين لنستقر فيه، ومنه إما أن نحرر وطننا أو ندفن فيه”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“الجهاد الإسلامي” : استهداف العدو الإسرائيلي للقيادة لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا ثباتا وعزيمة
الثورة نت/..
نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، استشهاد الأمين العام لحركة المجاهدين، القائد المجاهد الشيخ أسعد عطية أبو شريعة، وأخيه القائد المجاهد أحمد عطية أبو شريعة، اللذين ارتقيا، مع عدد كبير من أفراد عائلتهما باستهداف غادر من جيش الاحتلال للمناطق السكنية في مدينة غزة.
وقالت في بيان : لقد أمضى القائدان المجاهدان الشهيدان أسعد وأحمد أبو شريعة مسيرة طويلة من الجهاد والثبات والفداء في مقارعة الاحتلال، قدما خلالها العديد من التضحيات الكبيرة، وأبديا ثباتاً وعزماً وصدقاً وفاءً لعقيدتهما ونصرة لشعبهما.
وأضافت: إننا إذ نتقدم بأحر التعازي من الإخوة في حركة المجاهدين، ومن عائلة القائدين الشهيدين، ونسأل الله أن يتغمدهما بواسع رحمته، فإننا نؤكد أن استهداف جيش الاحتلال المجرم للقادة لن يزيد شعبنا إلا ثباتاً وعزيمة على مواصلة طريق المقاومة والدفاع عن شعبنا وأرضنا.