خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
المناطق_واس
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته: “إن جوهر الرسالة الإسلامية هي القيم الدينية وشمائلنا المصطفوية، حيث جاء الدين الإسلامي يَحْمِلُ للبَشرِيَّةِ صَلاَحَها وفَلاحَها، ورُشْدَها ونَجَاحها، وذلك؛ بعَدْله ورحمته، وسَمَاحَتِهِ ورَأْفته، وأحكامه الشرعية، وقِيَمِهِ الدينية، والتي تُعد للروح غذاءً، وللقلوب ترياقًا ودواءً، وللعقولِ نورًا وضياءً، وللأنْفُسِ زكاءً ورُواءً”، مبيناً إن القِيَمُ المُزْهِرَة، والشِّيَم الأخَّاذةِ المُبْهِرَة، هي التي أعْتَقَتِ الإنْسَان مِنْ طَيْشِهِ وغُروره، إلى مَدَارَاتِ الحَقِّ ونُورِه، ومِن أَوْهَاقِ جَهْلِهِ وشروره، إلى عَلْيَاءِ زكَائِهِ وحُبُورِه، مضيفاً “قيمنا الإسلامية خاصة هي التي انتشلت الإنسانيّة جمعاء من أَوْهَاق البَغْضَاءِ والشَّحْناء، إلى مَرَاسِي التّوَافُق والصَّفاء والسِّلم والوفاء”، قال تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾.
وأوضح فضيلته، أن حكمة المولى جل جلاله اقتضت أن يكون صاحب الرسالة الإسلامية الخاتمة، إمام الأنبياء، وسيد الحنفاء، محمد بن عبدالله، صلوات الله وسلامه عليه، وأحبته إن لم يصحبوا نَفْسَهُ أنفاسه صَحِبُوا؛ حُبٌ متين، واتباع مكين لا ابتداع قمين، مبيناً أنه قد حملت شمائلُهُ الخيرَ كُلَّه، والبِرَّ دِقَّه وجِلَّه، والهُدَى أجْمَعُهُ، والعَدْلَ أكْتَعُه، فكان جميلَ الخَلْقِ والخُلُق، وسطا في الأمور كلها ورحمة : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ ، مبيناً أن للنبي صل الله عليه وسلم مكانة سامقة عند أصحابه رضي الله عنهم حتى كانوا يَفْدُونَه بأنفسهم وأموالهم ولا يُقَدِّمُون عليه أحدًا أبدًا، حُبًا ووفاءً، وكان يبادلهم هذا الحب والوفاء؛ فهذا زيد بن حارثة لما نزل قول الله تعالى ﴿وَما جَعَلَ أدعِياءَكُمْ أبْناءَكُمْ ﴾، مؤكداً فضيلته على أنه آن الأوان لنُعلي قيمنا الدينية وشمائلنا النبوية لتكون رسالتنا العالمية الحضارية، لتحقيق السلام الإنسانِي والأمن العالمي، المُجرَّدِ عَنِ المَطامِعِ والدَّوافع، والأغرَاض المَدْخولَة والمَنَافع، فَلَنْ يَرْسُوَ العالم في مَرَافئ القيم والأخلاق الفاضلة، إلاَّ بِدَحْرِ الانحطاط الخلقي، والتصدي للسقوط القِيَمِيّ، لاسيما في زمن التحولات والمتغيرات، والأزمات والتحديات، خاصة عبر المواقع والقنوات والشبكات، فقد كثرت المحتويات المخالفة للقيم الدينية، والأعراف السوية، والفِطر النقية، ولا بد أن يكون الانتصار للقيم طَيّ الأفكار والأرواح، لا الأدراج ومَهَبِّ الرياح، ومن خلال النظر إلى واقع الأمة حيال هذه القِيَم أمام جيوش الماديات، وسيول المُغْرَيات، تتجلى الحاجة إلى الثبات عليها، والاعتزاز بها على ضوء الكتاب والسنة بمنهج سلف الأمة، مبيناً أنه قد استبدل بعض الناس بنور الوحيين سواهما، واكْتَفَوْا مِن حُبِّ هذه القيم والشمائل بالمظاهر على حساب الحقائق، فبدل أن تعيش هذه الشمائل في حياتهم كلها اكتفوا من البحر اجتزاءً بالوَشَلْ، فعاشوا بين الغُلُو والجفَاء، وآخرون ضحايا أزماتهم النفسية ولَوْثَاتهم الخلقية جحودًا وكُنُودًا ونكرانًا للجميل، ممن راشُوا قبل أن يَبْروا، وظنوا أنهم الغرباء، مأفونين مأزومين، ذوي لؤم ودناءة، وقلة مروءة وفساد طوية؛ بغية مكاسب موهومة ولعاعات مزعومة يتلونون تلوب الحرباء ويروغون روغان الثعالب، ويقتاتون على موائد الأحداث والأزمات، وفي المواقف تبين المعادن، لا كثر الله سوادهم.
وأشار الشيخ السديس، إلى أنه كان لزامًا على الأمَّةِ أن تَسْتَجمِعَ قُوَاها، وتُعِيدَ بناء كِيَانها، وتواجه تحديات أعدائها بالعناية بمقوماتها الأصيلة، لا بالسَّيفِ والعنفِ والإرهاب؛ بل بالوعي الديني الوسطي، فَتَدْحَرَ بقذائف الحق شبهات المبطلين، وتأويل الجاهلين، وتحريف الغالين، ولتعيش وَسَطًا بين المتنطعين والملحدين والمنحلين.
مبيناً أنه في الوقت الذي تجتاح أجزاءً من العالم الإسلامي الحوادث والكوارث، والزلازل والفيضانات، يجدر الوقوف مع المنكوبين والمرزوئين، ولاسيما في المغرب وليبيا، قائلاً :”كان الله في عون إخواننا في درنة المنكوبة، لطف الله بهم، ورحم موتاهم، وعَافَى جَرْحَاهم، وشفى مرضاهم، اللهم ارْحَم ضَعفهم، واجْبُر كَسْرَهم، وَتَوَلَّ أمرهم، اللهم إنهم حُفاة فاحملهم، وعُرَاة فاكْسُهُم، وجِيَاع فأطْعِمهم، يا جابر المنكسرين، ويا مغيث الملهوفين”، مضيفاً “لقد امتدت سحائب العطاء، وجسور الإغاثة والوفاء من بلادنا المحروسة لإغاثة الملهوفين، ومواساة المنكوبين، -ولله الحمد والمنة- وهذه آياتٌ وتذكير، ولا يقال “غضب الطبيعة” مستشهداً بقوله تعالى ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾.
وقال فضيلته: “الانتصار للقيم الدينية سَنَنُ العَوَدَةِ الظّافرة بالأمّة، لِنَقود العالم بشغف الهِمَّة لبلوغ القمة، ونكونُ فيه كما أراد اللهُ لنا: الهُدَاة الأئمة، ونسوقه إلى أفياء السلام والعدل بالخُطُمِ والأَزِمّة ، وإن من المفاخر والمآثر التي شهدت بها الدنيا وأطبق عليها الأنام ما منَّ الله به على هذه البلاد المباركة من إعزاز القيم الدينية، والأخلاق الإسلامية منذ توحيدها إلى يومنا هذا، فكانت وستظل مهدًا للإسلام ورائدة السلام وراعية الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحُجَّاج والعُمَّار والزُّوَّار، فله الشكر على جزيل إحسانه وعظيم امتنانه، ولقد حظي الحرمان الشريفان في هذه الآونة من فائق العناية وبالغ الرعاية، وأسطعُ البراهينِ الناطقة والأدلةِ العابقة إنشاء جهاز مستقل يرتبط بولي الأمر -حفظه الله- لتعزيز وتفعيل الرسالة الدينية في الحرمين الشريفين، تسامحاً وتعايشاً ووسطية واعتدالاً؛ لتحقيق قوله سبحانه: ﴿ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾، فهو مفخرة لكل مسلم، وإشراقة ساطعة في جبين التاريخ خدمة للبيت الحرام ومسجد النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، سعيا لراحة ضيوف الرحمن، وتمكينهم من عباداتهم، وطاعاتهم ومناسكهم، عبر أجواء تعبدية إيمانية روحية مُفعمة باليسر والطمأنينة، والسهولة والسكينة؛ لإثراء تجربة القاصدين الدينية، فجزى الله خادم الحرمين وولي عهده خيرًا على تلك الجهود المُسَدَّدة، وعلى ما قَدَّمَا ويُقدِّمَان للإسلام والمسلمين، وجعلها في موازين أعمالهم الصالحة، أدام الله على بلادنا نعمة التوحيد والوحدة، والأمن والاستقرار، والرخاء والازدهار”.
وفي المدينة المنورة تحدّث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباريء بن عواض الثبيتي، عن قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمته التي تتجلّى في خلق هذا الكون الفسيح، ونظامه الدقيق، مبيناً أن العقل البشري لا يدرك سوى الشيء اليسير من ملكوت السماوات والأرض، أما ما يخفى على الإنسان من صُنع الله جلْ جلاله فهو أكثر إعجازاً وإبهاراً وإبداعاً.
واستهل فضيلته خطبة الجمعة بحمد الله تعالى، ومذكراً أن من يقلّب ناظريه في هذا الكون الفسيح يقف مدهوشاً وهو يرى الجلال والجمال والكمال والنظام والانسجام في كون لا تنقضي عجائبه، ولا تنتهي أسراره، والقرآن يحُثّ على التدبّر والتفكّر في ملكوت السماوات والأرض، قال الله تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ”.
وقال الشيخ الثبيتي: “وترى في كل يوم إعجازاً وإتقاناً؛ ليل يجيء ونهار يذهب، ونهار يجيء وليل يذهب، في حركة دائبة وجريٌ لا يقرّ، ولم تقل البشرية يوماً منذ بدء الخليقة تأخر الليل عن المجيء في وقته أو طلوع الشمس قبل موعدها، فمن يدبّر الأمر، ومن ينظّم الحركة في تعاقب لا يختلّ، وتبادل مواقع لا يتوقف”.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالباريء الثبيتي، أنه لو اجتمع الخلق كلهم على أن يأتوا بالليل في موضع النهار أو بالنهار في موضع الليل، ما استطاعوا، يقول سبحانه: “قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ”.
وبيّن خطيب المسجد النبوي أن الليل يسدل أستاره بضياء القمر اللطيف الهادئ ليحقق السكون والهدوء، والشمس تضيء الدنيا كلها بسراج وهاج، تبثُّ في الكون الحياة وفي النفوس النشاط للمعاش والأعمال، ولتزهر الحياة، ويسعد الأحياء؛ وفي معرض الإعجاز والإبداع؛ يقول تعالى: “والشمسُ تَجْري لِمُستقرٍ لَهَا” مبيناً أن حركة الشمس جريٌ هادئ غير مضطرب وغير محسوس، ويقول سبحانه: “والقمَرَ قدَّرناهُ مَنَازِل حَتَّى عَادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيم”.
وأوضح أنه قُدِّر للقمر منازل وأزماناً يمرُّ بها حتى يصير هلالاً دقيقاً، حتى أنه لا يكاد يرى من فرط دقته، وانحنائه بانتظام بالغ، فمن خلقهما ومن أودع فيهما النور الضياء، ومن حفظ سيرهما ومسارهما، ومن يدبر أمرهما صباح مساء، سبحانه ما أعظمه، “صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ”.
وتابع فضيلته مذكراً أنه في صفحة أخرى من صفحات هذا الكون الذي يبهر العقل ويثير الدهشة، يقول سبحانه “وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا”، خلق الله البحر على هذه الصفة العظيمة، وجعله ميسراً للانتفاع، قابلاً لحمل المراكب، وألهم الإنسان صنع المراكب على كيفية حفظها من الغرق في عباب البحر، وعصمهم من توالي الرياح والموج في أسفارهم، إنه تقدير قادر ونظام خالق.
وبيّن الشيخ عبدالباريء الثبيتي، أن العين لا تخطيء ذلك المنظر البهيج، البساط الأخضر الذي يغطي اليابسة، نجد النبات وقد وشح الأرض بأجمل الألوان، وكساها بأبهى الأغصان، ونرى ثماراً مختلفة تسقى بماء واحد، يفصّل الله بعضها على بعض في الأكل، وتقف البشرية مذهولة أمام كون غاية في الإبداع والإعجاز الإتقان، وما يزال الحقُّ سبحانه يكشف للناس شيئاً من أسرار الكون وآياته وباهر صنعته في كل أمة ومكان وفي كل عصر وزمان، لتقوم الحجة وتظهر المحجة إلى قيام الساعة، أما الأرض فيرى كل من مشى عليها عظمة خلقها، مهادها ومدّها واستقرارها، أنهارها وعيونها وجبالها الشامخة الدراسية، وهوائها النقيّ الذي به تنتعش الأنفاس، ولو تعطل لحظات لعطبت الحياة وفنى الخلق، لكنها رحمة الله التي تحفّنا وحفظنا في يقظتنا ونومنا، ذلك ظاهر ما نرى، فكيف بباطن ما لا نراه، وهو أكثر إبداعاً وإعجازاً.
وتابع فضيلته قائلاً : “ولكي ندرك رحمة الله بحفظ الأرض واستقرارها، فلننظر إلى أثر الزلازل والأعاصير والفيضانات التي تحدث للحظات، ثم نتأمل ثبات الأرض على مدار الحياة كلها وعبر العصور وتعاقب الأجيال، من الذي أرساها لكيلا تميد، وثبتها حتى لا تضطرب، فهذه الزلازل والأعاصير والفيضانات جارية في نظام سنن الله في الكون لحكمة لا نعلمها، وهي رحمة من رب العالمين، وإسقاط هذه الأحداث على قوم بعينهم في زمن بعينه على أنها عقوبة، رجماً بالغيب، وافتئات على الشرع، فقد يكون البلاء تنقية أو تطهيراً أو اصطفاء وتكريماً، وقد تجتمع كلها”.
وبيّن الشيخ الثبيتي، أن البلاء له صنوف وأحوال، فقد يبتلى أقوام بأشد مما ذكر، من فقد الأمن، وعلو صوت الرصاص بالحروب، وتفشى الظلم، واشتداد القتل والأوبئة والأمراض.
وذكر، إن واجب الوقت الذي لا محيد عنه ولا يتقدمه غيره في مثل هذه الأحوال، النصرة والدعم والمؤازرة والإغاثة، وتقديم كل ما يمكن من مواساة بالقليل والكثير، واستيعاب آلام الذين يئنّون، وتهدئة روع النفوس المثقلة بالجراح، ورفع الهمم، وشحذ المعنويات، والكلمة الطيبة التي تكون بلسماً يضمد الجراح، ويمسح الأحزان، وذلك من قيم التراحم والتضامن، والتكافل الذي ربّانا عليه الإسلام.
وأشار فضيلته إلى ما تبذله المملكة من دعم ومساندة في إغاثة المتضررين ومساندتهم والتخفيف من مصابهم، مبيناً أن قيادة هذه البلاد تعدّ النموذج المحتذى في النصرة والدعم، بفتح القنوات الرسمية وتسيير قوافل الإغاثة براً وبحراً وجواً، يعزز ذلك شعب معطاء، يبذل بسخاء، ولا يغيب عن الأذهان النصوص الشرعية التي تؤكد حفظ الله للمنفقين، وتفريج كربة من فرّج كرب المكروبين وقضى حوائج الناس.
واختتم فضيلته الخطبة مذكراً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج – وهو القتل – حتى يكثر فيكم المال فيفيض”.أخبار قد تهمك متحدث مركز الملك سلمان للإغاثة: 5 طائرات وصلت إلى ليبيا تحمل أكثر من 400 طن من المساعدات.. والجسر الجوي للسودان ما زال مستمرا 29 سبتمبر 2023 - 1:54 مساءً مستشفى الأمير متعب بسكاكا يقدم خدماته لـ 14763 مستفيداً خلال 3 أشهر 29 سبتمبر 2023 - 1:46 مساءً29 سبتمبر 2023 - 1:56 مساءً شاركها فيسبوك تويتر لينكدإن ماسنجر ماسنجر طباعة أقرأ التالي أبرز المواد29 سبتمبر 2023 - 1:22 مساءًأمطار متوسطة على منطقة جازان أبرز المواد29 سبتمبر 2023 - 1:21 مساءًتونس تدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف موقعًا للقوات المسلحة لمملكة البحرين أبرز المواد29 سبتمبر 2023 - 1:20 مساءًأكثر من 1.8 مليون فحص مخبري بمستشفيات نجران خلال النصف الأول من العام الجاري أبرز المواد29 سبتمبر 2023 - 1:17 مساءً“الوطنية للإسكان” تُطلق أولى مشاريعها السكنية في القصيم ضمن إطلاقات شهر سبتمبر أبرز المواد29 سبتمبر 2023 - 12:44 مساءًارتفاع عدد قتلى انفجار مستودع وقود في كاراباخ إلى 17029 سبتمبر 2023 - 1:22 مساءًأمطار متوسطة على منطقة جازان29 سبتمبر 2023 - 1:21 مساءًتونس تدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف موقعًا للقوات المسلحة لمملكة البحرين29 سبتمبر 2023 - 1:20 مساءًأكثر من 1.8 مليون فحص مخبري بمستشفيات نجران خلال النصف الأول من العام الجاري29 سبتمبر 2023 - 1:17 مساءً“الوطنية للإسكان” تُطلق أولى مشاريعها السكنية في القصيم ضمن إطلاقات شهر سبتمبر29 سبتمبر 2023 - 12:44 مساءًارتفاع عدد قتلى انفجار مستودع وقود في كاراباخ إلى 170 متحدث مركز الملك سلمان للإغاثة: 5 طائرات وصلت إلى ليبيا تحمل أكثر من 400 طن من المساعدات.. والجسر الجوي للسودان ما زال مستمرا تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2023 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكتويتريوتيوبانستقرامواتساب فيسبوك تويتر ماسنجر ماسنجر فيسبوك تويتر ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكتويتريوتيوبانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أبرز المواد29 سبتمبر 2023 أکثر من ل الله
إقرأ أيضاً:
نص موضوع خطبة الجمعة 12 ديسمبر 2025.. «التطرف ليس في التدين فقط»
كشفت وزارة الأوقاف عن نص موضوع خطبة الجمعة الموافق 12 ديسمبر 2025، 21 جمادى الثانية 1447هـ، وهي بعنوان «التطرف ليس في التدين فقط».
وقالت الأوقاف إن الهدف من موضوع خطبة الجمعة، هو التوعية بخطورة التعصب بجميع أشكاله لا سيما التعصب الرياضي.
نص موضوع خطبة الجمعة القادمةالحمدُ للهِ الذي هدانا للإيمان، وأكرمنا بنور القرآن، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الداعي إلى مكارم الأخلاق، المربّي للنفوس على الحِلم والرحمة، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
فليس التطرّف ظاهرةً مرتبطة بالدين وحده، بل هو سلوك إنساني قد يظهر في أي مجال يمارس فيه الإنسان انتماءه أو قناعته، فالتطرّف في جوهره ليس فكرة دينية بقدر ما هو حالة نفسية وفكرية تنشأ حين يختلُّ ميزان الاعتدال، وتختلط الأفكار بين ما ينبغي فعله وما لا ينبغي أن نفعله، سواء كان التطرف دينيًّا أو رياضيًّا أو ثقافيًّا.
ومن يتأمل الواقع يدرك أن أنماط التطرّف تتشابه في جذورها، مهما اختلفت مظاهرها، فالتعصّب لفريقٍ رياضي قد يحمِل السماتِ نفسَها التي يظهر بها التشنُّج لمذهب أو حزب أو رأي أو جماعة، وما ذاك إلا لأن المشكلة ليست في الميادين ذاتها، بل في الذهنيّة المتشدّدة التي تحوّل الاختلاف إلى تهديد، والرأي المخالف إلى خصم يجب إسقاطه.
ولم تُغْفِل تعاليم الإسلام بما حملته من أخلاق رفيعة وآداب سامية، التحذيرَ من خطورة الانزلاق خلف مسارات التطرّف بأشكاله المختلفة، إذ جاءت نصوصه واضحة في الدعوة إلى الوسطية، وصيانة المجتمع من كل غلوّ يفسد العقول، أو تعصّب يهدّد وحدة الصف، أو اندفاع يجرف الإنسان بعيدًا عن جادّة الاعتدال، فالإسلام في مبادئه المقاصدية وأحكامه التربوية يرسّخ ميزانًا دقيقًا يحفظ للإنسان توازنه، ويجنِّبه مغبَّة الانجرار وراء الغلو الذي يبدِّد الطاقات ويُضعف بناء المجتمع.
وإليك طرفًا من هذه التعاليم:
إياكم والغلو
يضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة تشريعية وأخلاقية واسعة تُحذِّر من كل تجاوز للحدِّ، أيًّا كان مجالُه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». [رواه البخاري].
وإذا وضعنا في الاعتبار المفهوم الحقيقي للدين، وأنه: “وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات” [تحفة المريد على جوهرة التوحيد للباجوري]، أدركنا أن كل غلو يندرج تحت التحذير النبوي، فإذا كان النهي في مفهومه الأوليِّ عن مجال العبادات، فإنه يشمل كذلك كل غلو من شأنه أن يُخِلَّ بالدين، ومنه كل تعصُّب رياضيٍّ أو انفعال كُرويٍّ يخرج بالإنسان عن حد الاعتدال، ويحوّل التنافس الشريف إلى خصومة، أو التشجيع إلى إيذاء، أو الانتماء إلى تعصّب، فالغلوُّ سبب هلاك الأمم، ومن هنا كان التحذير منه ضرورة لحفظ الأخلاق، وصون المجتمع، وجعل الرياضة مجالًا للارتقاء لا للانقسام.
خيرُ الأمور أوساطُها
التوسط في كل شيء أمر محمود، وبهذا جاء الشرع الشريف ونطق الكتاب القويم، وكأنه يَلفِتُ أنظارنا إلى التزام هذا النهج، قيل للحسين بن الفضل: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن، فهل تجد في كتاب الله “خير الأمور أوساطها”؟ قال: نعم في أربعة مواضع: قوله تعالى: ﴿لَا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: ١١٠]. [الأمثال الكامنة في القرآن الكريم].
وهذا الأثر “خيرُ الأمورِ أوساطُها” [رواه ابن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد مرفوعا، ورواه البيهقي من كلام مُطَرِّفِ بن عَبدِ اللَّهِ وَيَزِيدَ بن مُرَّةَ الْجُعفِيِّ] دليل على هذا.
يقول الإمام المجد ابن الأثير: “كل خصلة محمودة، فإن لها طرفين مذمومين، مثل أن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم”. [جامع الأصول]
ويقول العلامة أبو علي اليُوسي: “وهذا الكلام “خيرُ الأمورِ أوساطُها” يُروى حديثًا، وهو من جوامع كلمه التي أُعطيها صلى الله عليه وسلم، وهو متناول لأمور من الديانات والأخلاق والآداب والسياسات والمعاشرات والمعاملات، تعجز عقول الخلق عن إحصائها، وقد صنَّف ذوو البصائر من أهل العلم في تفاصيل ذلك دواوين، وهو بحر لا ساحل له، جُمع له صلى الله عليه وسلم في جملة واحدة، كما قال صلى الله عليه وسلم: أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا”. [زهر الأكم في الأمثال والحكم]
الفارق بين الانتماء والتعصب الأعمى
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحبّون أوطانهم، ويأنسون لقبائلهم، ولا يجدون حرجًا في الانتساب إليها، فهذا أوسيٌّ، وذاك خزرجيٌّ، وثالث قرشيٌّ، ورابعٌ تغلبيٌّ … وهكذا، ثم شاء الله أن يجتمعوا في دار الهجرة، فانتسب هؤلاء إلى الهجرة، وهؤلاء إلى النُّصرة، فهذا مهاجري، وذاك أنصاري، ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك، ولم يعب عليهم ما كان من محبة الانتماء أو الاعتزاز به، بل كان صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بأسمائهم الجماعية قائلًا: «يا معشر الأنصار»، و«يا معشر المهاجرين» في إقرارٍ واضح بأن الانتماء الطبيعي لا يُذَمّ، وأن الاعتزاز بالمجموعة أو الأرض أو القبيلة لا يضر طالما أن الرابط الأكبر هو الدين، وطالما أن هذا الانتماء لا يجر إلى مفسدة.
لكنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب أشدَّ الغضب إذا رأى هذا الانتماء يتحوَّل إلى عصبية تُثير الفرقة، أو تُورِث الضغينة، أو تدعو إلى التنازع، فعن جُبيرِ بنِ مُطعِمِ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليسِ منَّا من دَعا إلى عصبيّةٍ، وليس مِنا من قاتل على عَصبيّةٍ، وليس منا من مات على عصبيّة» [رواه أبو داود]، لأن العصبية عكس ما أراده الله من خلقه، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].
ويسجل لنا جَابِر بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هذا الموقف النبوي الجليل الذي يحذر فيه أمته من دعوى الجاهلية “العصبية”، فيقول: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» [رواه البخاري ومسلم]. فكسع: أي ضربه من الخلف.
قال الإمام النووي: “وأما تسميته صلى الله عليه وسلم ذلك “دعوى الجاهلية”، فهو كراهة منه لذلك، فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا، ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما، وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الإسلام”. [شرح النووي على صحيح مسلم].
وعن الزُّبَيْر بْن العَوَّامِ رضي الله عنه، قال: قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» [رواه الترمذي، وأحمد].
وقال تعالى: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الفتح: ٢٦].
بين سبحانه ما كان عليه المشركون من جهالات وحماقات استولت على نفوسهم، فقال: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾، والحمية: الأنفة والتكبر والغرور والتعالي بغير حق، يقال: حمي أنفه من الشيء -كرضي- إذا غضب منه، وأعرض عنه. [التفسير الوسيط].
فأجدر بنا أن نلتزم الهدي المحمدي إذا شعرنا أننا ننجرف إلى هذا التعصب الممقوت، وأن نستعين بالله في أن يبدل أخلاقنا وطباعنا إلى ما يحبه ويرضاه.
التعصب الرياضي والإيذاء
لا يخلو هذا التطرف الرياضي من أن يحمل صاحبه على ارتكاب أفعال هو منهي عن ارتكابها شرعًا، كالسخرية، والتنابز بالألقاب، وإطلاق عبارات السبِّ والشتم، والاحتقار، بالإضافة إلى أن هذه الأمور ربما تدفعه إلى ارتكاب ما هو أشد من ذلك، من اشتباك بالأيدي واعتداء على الآخر، فتتحول الرياضة من كونها وسيلة للتنافس الشريف إلى خصومة وصراع.
ولا يخفى على مسلم يؤمن بالله حقا، ما أودعه الله تعالى في كتابه من تحذير من ارتكاب مثل هذه الأفعال، ولا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية المطهرة، وإليك طرفًا منها، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا … بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» [رواه مسلم].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» [رواه الترمذي، وأحمد].
وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه» [رواه أحمد].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» [رواه الترمذي].
ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
شأنُ الإسلام دائمًا أن يرغِّب في كل ما يجمع القلوب ولا يفرّقها، ويُقيم الروابط ولا يهدمها، ويغرس في النفوس معاني الألفة والوئام بدل البغضاء والخصام، فالشريعة في جوهرها دعوة إلى البناء، بناء الإنسان، وبناء العلاقات، وبناء المجتمع، وما كان من شأنه أن يثير العداوة أو يقطع الأرحام أو يزرع الضغينة، فإن الإسلام يقف منه موقف التحذير والرفض، قال تعالى:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣].
قال قتادة عند قوله تعالى: ﴿وَلا تَفَرَّقُوا﴾: “إن الله قد كره لكم الفرقة، وقدَّم إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة، والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله”. [جامع البيان].
وقد حذرت الشريعة الغراء من عواقب الفرقة والتنازع، لما يترتب عليه من تبدد الطاقات، وانتزاع البركات، فقال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٤٦].
قال الطاهر بن عاشور: “ومن المقاصد المعلن عنها في الكتاب، التمسك بالوحدة، ومحاربة التفرُّق والانقسام، ومما يدل على هذا المقصد الجليل ورود آيات وأحاديث تدعو إلى “الاتحاد”، ليصبح لهم عنوانًا ومكرمة، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٦]، وقوله: ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾[الأنفال: ١]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم يحرِّض معاذَ بنَ جبل وأبا موسى الأشعري على الوفاء: «وتطاوعا ولا تختلفا» [رواه البخاري]، والأمثلة على هذا المقصد وما يتفرَّع عنه متوافرة في الشريعة، لحرصها على حماية كل المصالح الأساسية الضرورية والحاجية والتحسينية” [مقاصد الشريعة الإسلامية].
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» [رواه أبو داود والترمذي].
قال الإمام الطيبي: “هذا من الخطاب العام الذي لا يختص بسامع دون آخر تفخيماً للأمر، شبه من فارق الجماعة التي يد الله عليهم، ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان، بشاة منفردة عن القطيع، بعيدة عن النظر، ثم سلط الذئب عليها، وجعلها فريسة له” [شرح مِشْكاة المصابيح].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالجماعةِ وإيَّاكم والفرقة» [رواه الترمذي].
ولا تتبع الهوى
يحذّرنا الشرع الشريف من الميل مع الأهواء على حساب الأوامر والنواهي، ويوجّهنا إلى ضبط ميول النفس مهما كانت محبَّبة، فإن كانت الرياضة تسليةً مباحة واهتمامًا مشروعًا، فإن محبتنا لها لا ينبغي أن تُخرجنا عن حدود الشريعة، ولا أن تُسقط عنّا واجبات الأخلاق وضوابط السلوك التي جاء بها الإسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ [النساء: ١٣٥]، وقال أيضًا ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمَّه، وكذلك في السُّنَّة لم يجئ إلا مذمومًا، إلا ما جاء منه مُقيَّدًا، كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِن أحدُكم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جئتُ به»” [رواه البيهقي في السنن الكبرى].
الشريعة الإسلامية وممارسة الرياضة
ممارسة الرياضة من الأمور المباحة شرعًا إذا كانت في ظل الضوابط المسموح بها، ولم تخرج عن المقصد الذى أنشئت من أجله، مثلها فى ذلك مثل “الرمي” الذى شجع عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟، قَالَ: «ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» [رواه البخاري].
الرياضة تُسهم في تنمية العقول، وصقل مهارات التفكير، كما تحفظ للأبدان قوّتها وسلامتها، وهي كذلك بابٌ من أبواب الترويح المشروع، تُذهب عن النفوس ما يعتريها من مللٍ وكسل، وتعيد إليها نشاطها وهمَّتها، وهذا كله مما ندب إليه الشارع الحكيم، إذ وجَّه إلى كل ما يقوِّي الجسد، ويشرح الصدر، ويعين على أداء الواجبات الدينية والدنيوية على أكمل وجه، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً بِسَاعَةٍ» [رواه الشهاب القضاعي في “مسنده”].
الرياضة من كواشف الأخلاق
إنَّ الرياضةَ - ممارسةً كانت أو تشجيعاً - كاشفٌ دقيقٌ من كواشفِ الخُلُقِ الحقيقي للإنسان، فهي تُظهر ما تُخفيه النفوس، وتكشف عن معدِنِ صاحبها عند الفرح والغضب، وعند الفوز والخسارة، فمن الناس من تُهذّبه الرياضة فتزيده حلمًا ورجولة، ومنهم من تُظهر الرياضةُ ما فيه من طيشٍ واندفاع، فإذا اهتزّ المدرج أو ارتفع الـهُتاف، سقطت الأقنعة وبان الجوهر.
وهي في أصلها المفترض أنها تهذب الأخلاق وتدعو إلى التسامح، وهو ما حث عليه الإسلام من حسن الخلق وعدم التعصب، وجعل الفيصل بين الناس الأخلاق والتقوى، فقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣].
وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟» [رواه أحمد].
أما التعصب الكروي: فمذموم شرعاً وعرفاً، لأنه يؤدي إلى إثارة الفُرقة والبغضاء بين الناس، ويحيد بالرياضة عن مقصدها السامي من المنافسة الشريفة، والتقارب، وإسعاد الخلق، فالتعصب خلق شيطاني بغيض حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» [رواه مسلم]، “التحريش”: الإغراء على الشيء بنوع من الخِداع، أي: إيقاع الفتنة، والعداوة، والخصومة.
وقد يؤدي التعصب الكروي إلى الاحتقان، وتوظيف حماسة الجماهير مما ينتج عنه أعمال شغب قد يستغلها البعض في تهديد أمن وسلامة الوطن.
إجراءات عملية لتهذيب الانفعال الرياضي:
- أن نعلم أن الغرضَ من الرياضة الترويحُ عن النفس، فهي (لهو مباح)، هذا إطارها الذي لا بدّ أن توضع فيه، ومِن ثَم فلا يصح: الموالاةُ والمعاداة عليها، أو انتشارُ الأحقاد والضغائن بسببها، أو تعطيلُ المصالح والضروريات من أجلها، أو جريانُ السباب والشتائم وفواحش الألفاظ والتنابز بالألقاب على اللسان في شأنها.
- لا تجعلها سببًا في تعاستك ونكدك، ومصدرًا من مصادر غمك وهمك، ومجلبةً للحزن والغضب، فمن أهم أسباب سعادة الإنسان في حياته أن يضع الأمور في نصابها، وأن يزنها بميزانها الذي لا يتجاوزها.
- عند مشاهدتها أو ممارستها يجب عليك اجتناب تلك المحاذير الناشئة عنها، حتى تكون بابا للسرور والانبساط، والترويح عن النفس.
- لا حرج من الممازحة (القفشات) مع مشجعي الفريق المنافس، ما دمنا محافظين على أواصر الأخوة، منضبطين بثوابت الشرع والخلُق الكريم، وأن نعلم أن الأمر في النهاية (ترويح عن النفس).
- تحويل الرياضة من صراع إلى أخلاق، الرياضة محبّبة بطبعها، والإسلام يرى فيها قوة ومتعة، لكن يربطها بالأدب، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» [رواه مسلم]، والقوة هنا تشمل البدن والروح والخلق.
- احترام المنافس، فقد جعلت الشريعة الإسلامية العدل والاحترام ركيزتين في التعامل حتى مع الخصوم، فكيف بمن ينافسك في لعبة! قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: ٨]، أي: لا يحملكم بغض أو منافسة على تجاوز الحقّ، وهذا يشمل الخصومة الرياضية اليوم.
- صون اللسان … أهم علاج للتعصّب الرياضي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» [رواه البخاري]، واللسان في مدرَّجات الرياضة هو أول ما ينفلت، فيكون الصمت أحيانًا عبادة.
- تعميق الوعي بمقاصد الرياضة، وذلك بربط الممارسة الرياضية بأهدافها الأصيلة، كتنمية الجسد، وتربية الروح على الانضباط، وتنمية روح الفريق، لا مجرد الفوز أو التشفي أو الغلبة، فكلما اتسعت دائرة المقاصد ضاق مجال الانفعال المذموم.
- نشر ثقافة الروح الرياضية، وأن نتعلم أن الفوز نعمة نشكر الله عليها، وأن الخسارة درسٌ نتعلّم منه، وأن الاحترام فوق كل نتيجة.
- وعيُ الآباء والمربين، بتوجيه الأبناء، وتعليمهم أن الرياضة وُجدت لتهذيب البدن والنفس، لا لزرع الكراهية.
- دور الإعلام، بأن يكون موجّهاً للتهدئة، لا شريكًا في تأجيج الفتن، فالكلمة مسئولية.
- ضبط التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، كعدم التعليق فور الانفعال، والامتناع عن إعادة نشر الإساءات، وإلغاء متابعة الحسابات التي تبث السخرية أو تثير روح التعصب.
اللهم أصلح قلوبنا، واجعلها خالصةً لك، واطرد عنها التعصّب والجهل والفرقة، اللهم ألف بين قلوبنا، ووحّد صفوفنا، واجعلنا من الذين إن غضبوا حلموا، وإن خاصموا عدلوا، وإن رأوا الحق اتّبعوه، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
اقرأ أيضاًالأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة.. «التطرف ليس في التدين فقط»
نص موضوع خطبة الجمعة 5 ديسمبر 2025.. «العقول المحمدية»
موضوع خطبة الجمعة 28 نوفمبر 2025.. «توقير كبار السن وإكرامهم»