لجريدة عمان:
2025-05-25@05:27:55 GMT

مجلس الشورى.. تطلعات وآمال

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

تنطلق بعد أسابيع قليلة انتخابات مجلس الشورى للفترة العاشرة ٢٣ - ٢٠٢٧، وقد شحذ المعنيون هممهم واعلوا سقف تطلعاتهم وحلقوا فوق السحاب بآمالهم، المترشحون للانتخابات الذين يأملون في مشاركة سياسية ناجحة وقدموا للمجتمع برامج انتخابية واعدة، أو الناخبون الذين يتطلعون إلى مجلس قوي يمثلهم، أو المنظمون الذين استعدوا لهذا الحدث الوطني المهم من وقت مبكر للوصول لنتائج انتخابية ناجحة.

لا شك أن المجتمع يُعوّل على المترشحين الجُدد في حمل الأمانة وتحمّل المسؤولية الوطنية ليس المناطقية أو العشائرية، مع السعي إلى تفعيل الاختصاصات والصلاحيات التي نص عليها النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عُمان وتطويرها واقتراح قوانين مكملة تُحسّن من أداء المجلس وتقوي مكانته بين السلطات العامة للدولة ليمسك مجلس الشورى بزمام المبادرة والمساهمة الفاعلة في إدارة شؤون البلاد والمشاركة في مختلف الملفات، حتى وإن واجه صعوبات أو عراقيل مع أطراف أخرى في الدولة، فالاختصاص حق دستوري والحقوق كما هو معلوم تنتزع ولكن بالحكمة والحوار البنّاء وليس بالصدام والبيانات.

وعلى المجتمع الذي اختار ممثليه في مجلس الشورى أن يواصل الدعم والمساندة ولا يكتفي بالانتخاب فقط مدفوعاً بالزخم الإعلامي للانتخابات وبأشياء أخرى، ثم يتراجع إلى الوراء، فصوتك أمانة ليس في التصويت فحسب إنما في مواصلة العطاء ودفع المشاركة السياسية لوجهتها الصحيحة.

على أفراد المجتمع أن يتعاونوا مع ممثليهم ويسهّلوا مهمتهم من خلال مدّهم بالمعلومات الصحيحة والمقترحات والأفكار الجيّدة التي تدعم نشاطهم وتقوي حجتهم وتؤكد على ميزة التعاون والشراكة بين مجلس عُمــان وبين الحكومة وبين المواطن لدعم القرار السياسي للدولة، ويكون من حق الناخبين بعد ذلك أن يقيّموا ممثليهم ويحاسبوهم بل ويسحبوا عنهم الثقة في الفترات التالية إن وجدوا فيهم ضعفاً أو تقاعساً عن أداء الواجب الوطني.

هذه هي المشاركة السياسية الحقيقية للمجتمع وليس مجرد التصويت ثم الاختباء وراء سواتر النقد الجارح والتشهير وتوقع النتائج السحرية وتحقيق المصالح الشخصية.

مجلس الشورى في فترته التاسعة بذل جُهدا يستحق معه الإشادة والشكر ومارس أغلب صلاحياته رغم المعوقات التي واجهته والتي نرجو أن يتغلب عليها ويجتازها في فترته العاشرة القادمة، وهي صلاحيات جدّيّة رغم أنها محصورة في مناقشة وزراء الخدمات دون غيرهم مع اتساع رقعة الجهات السيادية في الخارطة السياسية للبلاد دون نص دستوري يفصل في المسألة السيادية ويحدّد ما هو خدمي وما هو سيادي وأصبح كل ما يخص الجهات السيادية أو أغلب ذلك لا يصل لمجلس الشورى بما في ذلك القوانين واللوائح والأوامر الإدارية وهذا فهم مغلوط.

مع هذا تبقى هذه الحزمة من الاختصاصات والصلاحيات خطوة في الاتجاه الصحيح تحقق جانباً من طموح المرحلة الحالية وربما تحتاج من بعض الجهات إلى وقت لاستيعابها وتفعيلها للانتقال لمرحلة أكثر رحابة وحساسية، حيث لا تزال الصلاحيات الحالية تعمل بأقل من طاقتها نتيجة عوامل معروفة لعل من بينها ضعف المردود العملي المستند إلى دراسات علمية وبيانات دقيقة من مجلسي الشورى والدولة، وعدم وجود مراكز دراسات مستقلة تدعم نشاطات الأعضاء وتمكنهم من متابعة مختلف القضايا والملفات.

ومن بين أهم المعوقات التي واجهها الأعضاء في الفترة الثامنة تلك المتصلة بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الحكومية، وأصبح من الأهمية بمكان في الفترة القادمة أن تضع الحكومة يدها في يد مجلس عمان بغرفتيه (الدولة والشورى) ليقررا معاً وينهضا بالمصالح العليا للبلاد بعيداً عن تبادل اللوم والعتب، وأن يبذل كل طرف أقصى جهد ممكن لسد الفجوة وتقليص المسافة بينهما، والتي تسببت في تعطيل بعض المصالح والمشاريع الوطنية الهام

وإن كانت هناك من أمنيات نعلقها على السلطة السياسية للبلاد في الفترة القادمة فهي:

١- الغاء نظام العضوين والعضو الواحد للولايات الكبيرة والصغيرة واستبداله بنظام خمسة أعضاء لكل محافظة من أجل نتائج جيدة للانتخابات والقضاء على الفئوية والقبلية.

٢- دمج أمانتي مجلس الدولة ومجلس الشورى في أمانة واحدة بمسمى الأمانة العامة لمجلس عُمان وينتخب أمينها العام من بين أعضاء مجلس الشورى، وأن يترك لأعضاء مجلس الدولة انتخاب رئيسهم من بين الأعضاء المعينين، ولا يزيد أعضاء مجلس الدولة عن نصف أعضاء مجلس الشورى.

٣- أن يتم تغيير نظام الجلسات العامة بحيث تكون للوزراء الذين تتم دعوتهم للمناقشة منصة خاصة بهم في قاعة المجلس منفصلة عن المنصة المخصصة لرئيس مجلس الدولة أو رئيس مجلس الشورى، وهو نظام معمول به في جميع برلمانات العالم، لأن الجلوس في منصة واحدة يعطي رمزية أن رئيسي مجلس الدولة والشورى موظفان حكوميان لأنهم تعينا بمراسيم، وأنه لا يوجد فصل للسلطات في عُمان.

٤- أن يبذل مجلس عُمان أقصى طاقته ويضع ثقله كاملاً في تفعيل الاختصاصات التشريعية والمالية والرقابية التي كفلها له النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عُمان، وأن يقارع الحجة بالحجة الصحيحة والمعلومة الدقيقة بمثلها في حوار راقي مفيد مع الحكومة بعيدا عن الحدّية والانفعالات المصطنعة بحيث تكون هذه ثقافة برلمانية عامة يستفيد منها أجيال الشباب، ولا يكتفي المجلس بالوقوف عند عتبات السلطات الأخرى أو عند حدود النصوص الدستورية، عليه أن يعمل على تفسير النصوص بما يمكنه من توسيع نطاق صلاحياته وفتح مجالات أخرى للمشاركة السياسية وان يضع يده بيد القضاء الشامخ، ولديه من الكفاءات العلمية والقانونية والفنية ما يؤهله للقيام بهذا العمل.

٥- أن يعمل على إقناع الجهات ذات الاختصاص بأهمية تطبيق نظام الرقابة على دستورية القوانين في أسرع وقت ممكن، فلا يُتصوّر أن تكون هناك دولة مؤسسات ولديها دستور ولا يوجد نظام للرقابة على الدستورية يتولى حماية دستور الدولة من تغـوّل القوانين أو اللوائح والأوامر الادارية وما أكثرها، وأن يفك الاشتباك بين السلطات إن وُجد، ويحمي الحقوق والحريات العامة.

٦- أن تبادر الهيئة البرلمانية إلى المساهمة في نشر ثقافة الديمقراطية والمشاركة السياسية الصحيحة في المجتمع العماني الشاب، وتقديم توعية وطنية ميدانية حول العمل البرلماني، فقليل هم الناس الذين يعلمون بعض مهام واختصاصات مجلس عمان، وكثيرون الذين لا يعرفون مجرد أين تقع هذه المؤسسة الدستورية وما هي مكانتها في النظام السياسي العماني.

٧- أن يقوم المجلس ببحث مستقبل الجاليات والعمالة الموجودة في السلطنة وتحديد حقوقها وواجباتها، والمساهمة في مراقبة تدفقها الهائل بعد أن أصبحت تشكل أكثر من 45% من إجمالي السكان وما يزيد عن 62% من سكان العاصمة مسقط، والسماح فقط بقدوم الكفاءات التي تضيف قيمة حقيقية للدولة وللمجتمع.

أخيراً نقول أنّه على أعضاء مجلس الشورى القادمين أن يشحذوا هممهم العالية ويشغلوا مولدات الطاقة المتجددة لديهم ويفعّلوا الاختصاصات المتاحة للمجلس ولا ينشغلوا بالبحث والمطالبة بصلاحيات اوسع ليرموا الكرة في مضرب غيرهم، فما هو موجود من صلاحيات يفي بالمطلوب، الى ان يثبت الاعضاء قدرتهم على تحمل مهام أوسع في فترات قادمة.

وان يبتعدوا تماما عن تجاذب الصلاحيات مع أعضاء المجالس البلدية ويتعاونوا معهم للمصلحة العامة، فلكلٍّ مجاله وميدانه.

د. صالـح المسكري كاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس الشورى مجلس الدولة أعضاء مجلس من بین

إقرأ أيضاً:

الجنود الذين لا يراهم أحد: كيف بقيت أميركا في العراق دون ضجيج؟

22 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

خفَت صوت المطالبات بانسحاب القوات الأميركية من العراق، رغم أنها شكّلت لسنوات شعاراً سياسياً مركزياً لبعض القوى الشيعية المتحالفة مع طهران.

وتمادت بعض تلك القوى سابقاً في تبنّي خطاب المواجهة، ووصلت في يناير 2020 إلى حد تمرير قرار برلماني يدعو إلى إخراج كل القوات الأجنبية، في أعقاب اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بضربة أميركية.

وغيّرت الظروف الإقليمية والأمنية الكثير من الاصطفافات، وراحت جماعات شيعية، حتى تلك ذات التاريخ المسلح، تتحوّل إلى تنظيمات سياسية تسعى لضمان نفوذها داخل الدولة، بدلاً من رفع شعارات المقاومة.

وأكدت مصادر أمنية عراقية مؤخراً أنّ قرابة 2500 جندي أميركي ما زالوا منتشرين في قواعد محدودة في العراق، يعملون ضمن مهام استشارية وتدريبية وتحت إشراف قيادة التحالف الدولي، دون مهام قتالية مباشرة.

وأظهر استطلاع  في مارس 2025 أن 61% من المواطنين لا يرون أولوية لخروج القوات الأميركية حالياً، مقابل 23% فقط يطالبون بانسحاب فوري، فيما عبّر الباقون عن عدم اهتمامهم أو عدم امتلاكهم معلومات كافية عن الموضوع.

واستعادت هذه الأرقام سجالاً مشابهاً شهدته البلاد عام 2011، حين انسحبت القوات الأميركية وفقاً للاتفاقية الأمنية، ليعود الحديث عن ضرورة عودتها بعد اجتياح تنظيم داعش في صيف 2014.

وشهدت تلك الفترة تجربة أمنية مريرة، خصوصاً في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، حيث انهارت قوات الجيش والشرطة خلال أيام، ما اضطر الحكومة العراقية لطلب الدعم الدولي العاجل.

وتجلت ظاهرة مماثلة في العراق مطلع التسعينيات بعد انسحاب الحرس الجمهوري من الكويت، إذ دفعت ظروف الحصار وغياب التوازن العسكري إلى تدخلات خارجية لاحقة، أبرزها قصف “ثعلب الصحراء” في ديسمبر 1998، الذي نُفّذ بالتنسيق بين واشنطن ولندن واستهدف مواقع استراتيجية داخل العراق.

وأوضحت دراسة صدرت عن مركز السياسة العالمية في أبريل 2025 أن القدرات الدفاعية الجوية للعراق ما زالت تعتمد بنسبة 78% على تغطية استخبارية من التحالف، وأن الطائرات العراقية القادرة على المهام القتالية لا تتجاوز 28 طائرة فعالة، معظمها سوفييتية المنشأ من طراز MiG-29 تم تحديثها جزئياً في أوكرانيا قبل الحرب.

وذكرت الدراسة أن العراق يسجل ثالث أعلى معدل في الشرق الأوسط لاعتماد القوات الأمنية على الدعم الفني الأجنبي، بعد اليمن وليبيا، ما يجعله في وضع هش إذا ما تم تنفيذ انسحاب مفاجئ أو غير منظم.

واعتبر مراقبون أن تراجع الخطاب الداعي للانسحاب يمثل في جوهره توازناً مؤقتاً بين الحاجة للاستقرار والضغوط السياسية، في ظل تعقيد الملف الأمني الداخلي واحتدام التنافس الإقليمي، مشيرين إلى أن الانسحاب، إن حصل، سيكون تدريجياً وتحت مظلة تفاوضية، لا قراراً أحادياً يصدر عبر البرلمان.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • اقتصادنا.. تحديات وآمال
  • بن جامع يدعو أعضاء مجلس الأمن إلى توحيد أصواتهم
  • استمرار جمع توقيعات من أعضاء الإسماعيلي لسحب الثقة من مجلس أبو الحسن
  • أحمد حسن يكشف تطلعات المصري لخلافة أنيس بوجلبان
  • مدبولي: القيادة السياسية تولي اهتمامًا كبيرًا بالمنظومة الصحية وتطوير مرفق الإسعاف المصري
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • شبابية الشورى تناقش أوضاع موظفي البشائر للحوم
  • قطر تجدد دعمها الكامل لسوريا بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها في الأمن والاستقرار والتنمية
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • الجنود الذين لا يراهم أحد: كيف بقيت أميركا في العراق دون ضجيج؟