صعوبات وتحديات.. هكذا تتلمّس درنة طريق العودة للحياة
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
طرابلس – بدأت في الأيام الأخيرة جهود الفرق والمواطنين في مدينة درنة تتجه صوب محاولات إعادة الحياة إلى الشوارع المتضررة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مبان لمؤسسات عامة أو سكنية تضررت بسبب إعصار دانيال، الذي ضرب شرقي ليبيا الشهر الماضي.
والدمار في مدينة درنة شطرها من الوادي إلى البحر، حيث تحولت المدينة إلى جزء شرقي وآخر غربي، وبينهما حطام وأنقاض ومبان، وحياة بأكملها اختفت من الخريطة.
وعن مساعي إعادة الحياة للمدينة، قال رئيس قسم الإعلام بشركة الخدمات العامة بطرابلس عبد الفتاح الغضبان إن فرق الشركة في درنة تمكنت من فتح عدة مسارات في شوارع: نادي دارنس، والفنار، وحشيشة، ومكتبة الملك إدريس، وجامع الصحابة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الغضبان أن 6 فرق بالمدينة مجهزة بـ80 آلية نفذت عمليات كسح وشفط للمياه بكميات بلغت قرابة 10 ملايين لتر، وفتحت 10 مسارات، وأجرت 3220 رحلة لنقل مخلفات تضم 420 سيارة محطمة، إلى جانب رش وتعقيم كافة الشوارع التي تم تنظيفها.
وتتولى مهمة إعادة الحياة في درنة 3 جهات، هي شركة الخدمات العامة من طرابلس ومصراتة وفرق من بنغازي، وفق تصريحات صحفية سابقة لمدير الشركة في العاصمة طرابلس محمد إسماعيل.
وفي السياق نفسه، صرح مدير شركة الخجمات العامة في مصراتة وليد الدوكالي، للجزيرة نت، بأن فرق العمل ربطت مناطق شرقي درنة وغربيها بممر عبر خط الوادي لتسهيل حركة المرور، وتوفير وسيلة مرنة للتنقل بين هاتين المنطقتين الحيويتين في المدينة.
وأضاف الدوكالي أن الفرق تركز على فتح المسارات والممرات في المدينة لتسهيل التنقل من أجل المساعدة في عمليات الإنقاذ وإزالة الأضرار. وبصفته أيضا عضوًا في لجنة طوارئ درنة، قال إن العمل متواصل والفرق متعاونة مع جميع الجهات المعنية للتنسيق وتبادل المعلومات فيما يتعلق بالإغاثة وإعادة الإعمار وتطوير المدينة لتحقيق أفضل النتائج في تخفيف المعاناة.
بدوره أكد أسامة الصل، أحد المهندسين العاملين ضمن فريق الشركة، أنهم يركزون على إعادة تنظيف جامع الصحابة في قلب المدينة لرمزيته الكبيرة لدى أهالي درنة ولكي يشهد أول صلاة جمعة بعد الكارثة، إضافة إلى تنظيف المباني الحيوية مثل جامعة درنة وساحة سوق الخضروات وسط المدينة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أسامة الصل أن العمل على إرجاع السكان يتمثل في تهيئة وإعادة فتح الطرقات، وكذلك تهيئة الموقع الخاص بالبيوت الجاهزة التي وفرها المجلس البلدي لمصراتة، مضيفا أن مساعدة الناس على تنظيف بيوتهم ليست متاحة رغم العديد من المحاولات، لأن الدمار بالشوارع واسع، والفرق والمعدات لا تكفي.
من جهته، قال المتطوع والناشط المدني عبد المجيد الحصادي إنه شارك مع 25 عائلة في محاولات تنظيف بيوتهم، رغم صعوبة الأمر نتيجة تضرر الشوارع المؤدية إلى المنازل، وقد اضطروا لشراء معدات بدائية والتوجه إلى بعض الأحياء التي لم تدخلها فرق الإنقاذ منذ 10 أيام مثل حي الجبيلة.
وفي حديثه للجزيرة نت، طالب الحصادي الجهات الرسمية والمتطوعين من الفرق المختصة والأفراد بضرورة التوجه إلى المناطق التي لم تصلها فرق الإنقاذ، ومساعدة الأهالي في تنظيف بيوتهم، مضيفا أن "كميات الطمي والمخلفات تحتاج جهودا كبيرة، وفي ظل نقص العمالة الأجنبية وارتفاع أجور من بقي منهم، تعسّر على البعض دخول منازلهم رغم رغبتهم وحاجتهم الشديدة للعودة".
مقاومة النزوح
في الإطار ذاته، تحدث أيمن عبد السلام، أحد الناجين من حي الجبيلة، عن كيف واصل العمل منذ الفجر حتى غروب الشمس بمساعدة بعض أقاربه وأصدقائه وعلى مدى أسبوع كامل، متنقلا على قدميه لمسافات طويلة بعد أن فقد سيارته في الطوفان كي يتمكن من تنظيف بيته وإصلاح بعض الأضرار بشكل مؤقت.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد عبد السلام على عزمه جلب عائلته ليكونوا أول العائدين للحي، الذي قال إنه "مهما بلغت به الأضرار يبقى أفضل من النزوح إلى خارج درنة".
المأساة تظلل كل شيء في درنة وتختلط مفرداتها بكل مساعي العودة، إذ أكد الشيخ علي بن طاهر، أحد السكان، للجزيرة نت أنه لم يعد في عائلته شباب قادرون على العمل للمساعدة في تنظيف البيت، الذي تركه ونزح إلى مزرعة أقاربه في منطقة الفتائح قرب درنة، موضحا أن العمال الأجانب طلبوا لتنظيف منزله 6 آلاف دينار (نحو 1200 دولار).
وعن المعاناة نفسها، قالت فاطمة عبد الله، صاحبة بيت في حي الكوي، للجزيرة نت إن أغلب الجيران حاولوا العودة، وبدؤوا التنظيف بجهودهم الذاتية، لكن الحضور اقتصر على الرجال والشباب حتى الآن، مضيفة أن كثيرا من النساء لم يستطعن دخول تلك المناطق، خاصة مع تضرر الطرق، إضافة إلى حالاتهن النفسية الصعبة.
تجربة النزوح كابدها مرات سابقة بعض أهالي درنة لأسباب متعلقة بالتوتر الأمني، وعاد هذا الخيار مع مأساة الفيضانات.
في المقابل، يتمسك مواطنون بخيار البقاء ما استطاعوا ذلك، حسب شهادات بعض السكان مثل فاطمة، التي تحدثت عن غياب الدعم المادي والمعنوي من الجهات المسؤولة بالمدينة.
وقالت فاطمة إن جهود إعانة درنة يجب ألا تقتصر على انتشال الجثث ودفنها، بل تشمل تقديم الدعم لمن نجوا، "فكثير من العائلات ترفض النزوح رغم دمار بيوتهم أو تعرضها لأضرار جسيمة، وشخصيا لن أكرر تجربتي القاسية مع النزوح خارج درنة بعد أن اضطررت لذلك في الحرب الأخيرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إعادة الحیاة
إقرأ أيضاً:
وزير صحة الخرطوم يكشف للجزيرة نت أسباب انتشار الكوليرا بالولاية
الخرطوم- بسبب ما أفرزته الحرب من استهداف لمحطات الكهرباء والمياه في ولاية الخرطوم، اضطر المواطنون لشرب مياه ملوثة، وبدأت الكوليرا تنتشر في أرجاء الولاية لا سيما في مدينة أم درمان، فضلًا عن انتشارها في ولايات أخرى من بينها سنار جنوبي شرقي البلاد.
وانتشر هذا المرض بشكل واسع في ضاحية "الصالحة" جنوب أم درمان- آخر المناطق التي استعادها الجيش السيطرة عليها من قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي- حيث ذكرت تقارير طبية أن المواطنين في هذه المنطقة درجوا على شرب الماء من إحدى محطات المياه الملوثة نتيجة الحرب المستمرة في السودان، مما تسبب في إصابة عدد منهم ووفاتهم لاحقا.
وأسهم تنقل المواطنين بين الصالحة ومدن ولاية الخرطوم الأخرى، مثل أم درمان وجبل أولياء، في انتشار هذا المرض وسط السكان المحليين.
أزمة الكوليرا
وتسببت معاناة الخرطوم بسبب انقطاع شبكات التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب في تأزيم الوضع الصحي، حيث أفاد وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم بأن عدد الحالات الأسبوعية للإصابة بالكوليرا يتراوح بين 600 و700 معظمها في العاصمة الخرطوم، مع وجود وفيات ضمنها.
بعد انتشار الكوليرا في أم درمان، شكلت وزارة الصحة بولاية الخرطوم لجنة طوارئ لمتابعة تداعيات هذه الأزمة التي تأتي وسط معاناة في الحصول على الماء والكهرباء.
وقال وزير الصحة المكلف بالولاية فتح الرحمن الأمين للجزيرة نت إنهم في حالة انعقاد دائم لمتابعة أزمة انتشار مرض الكوليرا، مشيرا الى إنشاء 10 مراكز للعزل الصحي بالخرطوم معظمها في أم درمان لاستقبال المصابين.
إعلانوأضاف أنهم يعملون على مواجهتها، وأن عددا من الحالات التي وصلت إلى مراكز العزل والمستشفيات قد تعافت، لافتا إلى أن عدد الوفيات اليومية في الأسابيع الماضية لا يتجاوز 20 حالة، وأن معدل الإصابة الأسبوعي بلغ حوالي 600 إصابة.
ووفق الأمين، فإن "الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا المتمردة بضرب محطات الكهرباء والمياه، ساهمت في إجبار المواطنين على شرب مياه ملوثة مما أدى لإصابتهم بالإسهالات والكوليرا"، وأكد أن وزارة الصحة بولاية الخرطوم تبذل قصارى جهدها للتصدي لهذا المرض، وأنهم تمكنوا من معالجة عدد من الإصابات "مما يعني أنها ستنحسر في الأيام المقبلة".
يبدو لافتًا في مدينة أم درمان لجوء المواطنين لجلب المياه من النيل مباشرة قبل معالجتها، أو من محطات المياه التي تعاني صحيا أو من مناطق آسنة واستخدامها في الشرب.
ورصدت كاميرا الجزيرة نت اصطفاف عدد من المواطنين في ضفة النيل يقودون عربات الكارو التقليدية لجلب المياه وتوزيعها على المنازل وهي غير صالحة للشرب بحسب خبراء في مجال الصحة، كما رصدت أزمة سكان أم درمان بعد انقطاع المياه في عدة محطات منذ أكثر من أسبوع، مما أجبر المواطنين على شراء المياه المستجلبة من النيل مباشرة.
في الأثناء، خصصت وزارة الصحة عددا من المستشفيات والمراكز الصحية بالخرطوم لاستقبال المصابين بالكوليرا، من بينها مستشفى النور ومستشفى الأطفال بأم درمان و10 مراكز للعزل، ورصدت كاميرا الجزيرة نت تدافع العشرات من المصابين إلى هذه المراكز وهم في وضع صحي حرج وسط انتشار لفرق الطوارئ الصحية.
كما لاحظت الجزيرة نت أن معظم القادمين لهذه المراكز من النساء وكبار السن، مع تكدس وازدحام فيها بسبب زيادة حالات الإصابات وسط انقطاع في الكهرباء والماء.
إعلانانتقل مرض الكوليرا إلى ولايات أخرى بينها سنار جنوب شرقي السودان، وقالت وزارة الصحة في تعميم صحفي، أمس الاثنين، إن عدد حالات الكوليرا في هذه الولاية ارتفع إلى 51 حالة تضمنت 5 وفيات و14 حالة شفاء، و31 ما زالت تتلقى العلاج بمراكز العزل.