فند المحلل الأمريكي، جريج بريدي، خيارات الرئيس، جو بايدن، بشأن إيران في ضوء تطورات المشهد الإقليمي، مشيرا إلى أن منتقدي الإدارة الأمريكية عارضا عقد صفقات مع الحكومة الإيرانية الحالية، بعد عملية تبادل للأسرى جرت الأسبوع الماضي، وتم الإفراج على أثرها عن 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني.

وذكر بريدي، في تحليل نشره بموقع "ناشيونال إنترست" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الصفقة جاءت ضمن جهد أمريكي أوسع نطاقا، في الأشهر الأخيرة، لتحفيز إيران على إبطاء وتيرة برنامجها لتخصيب اليورانيوم وخفض التوترات في الشرق الأوسط.

وأضاف أن الهدف من ذلك هو بناء "تفاهمات" غير رسمية مع إيران من خلال مزيج من توصيل "الخطوط الحمراء" الأمريكية والتخفيف الواضح للعقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية بدلاً من التفاوض على اتفاق رسمي، قد يخضع لمراجعة الكونجرس بموجب الاتفاق النووي الإيراني.

ولا يتوقع بريدي أن يحظى هذا النهج بدعم كبير بين الطبقة السياسية في واشنطن، ومع ذلك فهو يرى أنه يمثل فرصة لإدارة بايدن، في غياب بدائل أفضل؛ لمنع تصاعد الأزمة مع إيران وتعويض التحركات السعودية لرفع أسعار النفط، والتي قد يؤدي أي منهما إلى تقويض محاولة بايدن لإعادة انتخابه في عام 2024.

ويصف بريدي نتائج هذه الجهود فيما يتصل بالمسار النووي الإيراني بأنه "متواضعة حتى الآن، لكنها إيجابية"، مشيرا إلى أن أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي تم توزيعه في أوائل سبتمبر/أيلول الماضي قبل اجتماع مجلس محافظيها، أظهر أن إيران أبطأت إنتاجها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، أي أقل بقليل من إنتاج الأسلحة النووية، كما أبطأت ما كان في السابق وتيرة سريعة في تركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة للتخصيب.

ولا تؤدي هذه الإجراءات إلى إطالة "فترة الاختراق" لإيران إذا اختارت تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، لكن هذا التوقف يمثل خطوة لتهدئة التصعيد، بحسب بريدي، مشيرا إلى أن إيران أصدرت أيضًا تعليماتها لوكلائها في العراق وسوريا بوقف الهجمات على العسكريين الأمريكيين المنتشرين هناك، والتي كانت متكررة حتى العام الماضي.

ولم تقع مثل هذه الحوادث في سوريا منذ أكثر من 4 أشهر، ولا شيء في العراق منذ أكثر من عام. وبينما لا تزال إيران تعارض الوجود الأمريكي في تلك البلدان ويمكن أن تقرر التراجع عن هذه الخطوة، فإنها تزيل في الوقت الحالي مصدرًا آخر للاحتكاك، يمكن أن يتصاعد إلى أزمة.

صادرات النفط

وعلى جبهة النفط، بات من الواضح خلال الصيف الماضي أن الولايات المتحدة تحولت أكثر نحو التراخي في تطبيق العقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية، إذ أفاد موقع "تانكر تراكرز" أن متوسط شحنات التصدير من النفط الخام والمكثفات في أغسطس/آب بلغ 1.9 مليون برميل يوميًا، ارتفاعًا من 1.5 مليون برميل يوميًا في مايو/أيار ومتوسط عام كامل أقل من مليون برميل يوميًا في عام 2022.

ومع حدوث تحول في السياسات، اعترف المسؤولون الأمريكيون بأنهم تابعوا إنفاذ العقوبات "بقبضة أخف"، وهو ما لاحظه منتقدو تعاملات إدارة بايدن.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه المملكة العربية السعودية عن خفض إنتاجها النفطي من جانب واحد بمقدار مليون برميل يوميًا، بالإضافة إلى تقليص الإنتاج كجزء من إطار تحالف "أوبك+"، الذي تم تمديده حتى نهاية العام على الأقل. وكانت هذه الخطوة مفاجئة، وأظهرت دفعة قوية للغاية لدعم الأسعار.

اقرأ أيضاً

صفقة تبادل السجناء.. هل ترسخ بناء الثقة لاتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة؟

وإزاء ذلك، ارتفع سعر النفط الخام بأكثر من 25% منذ الإعلان السعودي، مع تجاوز سعر خام برنت 94 دولاراً، وتظهر توقعات أوبك نفسها عجزاً كبيراً في العرض قدره 3.3 مليون برميل يومياً للربع الرابع من عام 2023.

وبينما تسعى إدارة بايدن إلى التوصل إلى اتفاق متعدد الأوجه لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهو ما يمكن أن يحسن العلاقات الأمريكية السعودية، لا يوجد ما يشير إلى أن سياسة إنتاج النفط السعودية جزء من المناقشات الأمريكية السعودية الحالية.

ومع حديث محللي السلع في وول ستريت عن احتمال وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار واقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، العام المقبل، سيكون من الصعب على إدارة بايدن اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إيران، حسبما يرى بريدي.

التزام الصمت

وحتى الآن، التزمت إدارة بايدن الصمت بشأن مناقشاتها غير المباشرة مع إيران ولم تعترف بأي اتفاق يربط بين التسامح الإيراني الواضح بشأن تخصيب اليورانيوم والهجمات بالوكالة مع التسامح الأمريكي الواضح بشأن إنفاذ العقوبات.

ربما يكون هذا مقصودًا، "لأن الاتفاق الرسمي من شأنه أن يؤدي إلى مراجعة من قبل الكونجرس، الأمر الذي سيكون مثيرًا للجدل للغاية في عام الانتخابات" بحسب بريدي.

وتستمر الجهود التي يبذلها الوسطاء في هذا الإطار، بما في ذلك قطر وسلطنة عمان، ومع ذلك، فمن غير المرجح التوصل لأي اتفاق رسمي قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الأول 2024.

ويبدو أن الجهود التي ترددت لهندسة تبادل غير مباشر بين الولايات المتحدة وإيران خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، لم تنجح. وقد ذكر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، مؤخرًا إمكانية استئناف المحادثات بوساطة أوروبية مع الولايات المتحدة مرة أخرى، والاستئناف من حيث توقفت في سبتمبر/أيلول 2022، لكن هذا يبدو غير مرجح.

وأوضحت الولايات المتحدة أن نافذة العودة إلى اتفاق نووي رسمي مع إيران قد أغلقت، وأن مطالب إيران بـ "الضمانات" الأمريكية في ذلك الوقت تبدو بعيدة المنال مع اقتراب الولاية الأولى للرئيس، جو بايدن، من نهايتها.

وإزاء ذلك، فإن محاولة تجنب "الكارثة" في المدى القريب هي أفضل خيار متاح، بحسب بريدي، واصفا ذلك بأنه "أمر غير مرض، ولكن بالنظر إلى القيود التي جري العمل في ظلها، بما في ذلك فقدان مصداقية الولايات المتحدة نتيجة لتخلي الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن خطة العمل الشاملة المشتركة بينما التزمت إيران بها، فإن إدارة بايدن تستحق الثناء إذا كانت قد أبعدت إيران بالفعل عن برنامج نووي".

وإذا أعيد انتخاب بايدن، فقد يكون هناك مجال لتجديد النقاش حول تسوية أكثر ديمومة مع إيران، إذ من شأن ذلك أن يقلل من مخاوف طهران بشأن إلغاء واشنطن للاتفاق النووي مرة أخرى.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تتمكن إدارة بايدن من حث إيران على التراجع عن برنامجها النووي إلى أي مكان قريب من المستويات المقيدة التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة، بحسب بريدي.

ويخلص المحلل الأمريكي إلى أن إيران على عتبة أن تكون دولة نووية، "وهو الوضع الذي لا يمكن عكسه إلى الأبد، حتى في حالة نشوب صراع عسكري"، ولذا فالأجندة المعقولة للتوصل إلى اتفاق متابعة في ولاية بايدن الثانية يجب أن تركز على استعادة الشفافية وإطالة فترة الاختراق الإيرانية للسماح للعالم بقدر أكبر من اليقين بأن إيران لن تصبح قوة عسكرية نووية.

 اقرأ أيضاً

تحليل إسرائيلي: الولايات المتحدة تكثف وجودها العسكري بالخليج لردع إيران

المصدر | جريج بريدي/ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران الولايات المتحدة جو بايدن الاتفاق النووي ملیون برمیل یومی ا الولایات المتحدة إدارة بایدن مع إیران أن إیران إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران : احتجاز ناقلة النفط الفنزويلية قرصنة في البحر الكاريبي

الثورة نت /..

أدانت السفارة الإيرانية في كاراكاس بشدة احتجاز القوات الأمريكية ناقلة نفط قرب سواحل فنزويلا، معتبرة هذه الحادثة “انتهاكًا صارخًا للقوانين والأنظمة الدولية، بما في ذلك مبدأ حرية البحار والملاحة”.

وقالت السفارة في بيان ، اليوم الخميس ، نقلته وكالة فارس الإيرانية ، إن ” الإجراء غير القانوني الذي اتخذته الحكومة الأمريكية باحتجاز ناقلة نفط فنزويلية دون أي مبرر قانوني في البحر الكاريبي يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين والأنظمة الدولية، بما في ذلك مبدأ حرية البحار والملاحة الذي لا يُنتهك”.

وأشارت إلى أن ” احتجاز القوات الأمريكية ناقلة نفط فنزويلية في البحر الكاريبي، غير قانوني ويفتقر إلى أي أساس قانوني، وبالطبع، يعتبر انتهاكا واضحا للقوانين والأنظمة الدولية، ولا سيما مبدأ حرية البحار والملاحة”.

وجاء في البيان: “إنّ الإجراء غير القانوني الذي اتخذته الحكومة الأمريكية بالاستيلاء على ناقلة نفط فنزويلية دون أي مبرر مشروع في البحر الكاريبي يُعدّ انتهاكًا صارخًا للقوانين والأنظمة الدولية”، مضيفة أن
“القرصنة في البحر الكاريبي” هو الوصف الأنسب لهذا العمل غير القانوني وغير المبرر الذي قامت به الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تحقيق أهدافها باللجوء إلى أعمال غير مشروعة، وانتهاك السيادة الوطنية، وانتهاك حقوق الآخرين، ونشر الفوضى”.

وفي ختام البيان، ادانت السفارة الايرانية هذا العمل الذي يُخالف المبادئ والأنظمة الدولية الأساسية واعربت عن التضامن مع حكومة وشعب فنزويلا في دفاعهم عن سيادتهم الوطنية وحقوقهم غير القابلة للتصرف.

وأصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية بيانًا رسميًا وصفت فيه احتجاز القوات الأمريكية لناقلة نفط فنزويلية في مياه البحر الكاريبي بأنه عمل قرصنة دولية، وأدانته بشدة.

وجاء في بيان الخارجية الفنزويلية، المنشور على موقعها الإخباري: “هذا العمل قرصنة سافرة وانتهاك صارخ للقانون الدولي. ولا يُعد هذا الحادث حادثًا معزولًا، بل هو جزء من سياسة واشنطن العدوانية والمخططة ضد كاراكاس”.

واشارت إلى أن هذه العملية نُفذت في إطار خطة مُتعمدة من الولايات المتحدة للاستيلاء على موارد الطاقة الفنزويلية، مضيفةً: أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تحدث علنًا عن هذه القضية خلال حملته الانتخابية لعام 2024.

ووفقًا للبيان، تعتبر فنزويلا هذه الإجراءات الأحادية تهديدًا لسيادة وممتلكات الشعب الفنزويلي.

ودعت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيانها إلى وقف فوري لهذه الإجراءات، مؤكدةً: أن كاراكاس تُصر على حقها غير القابل للتصرف في ممارسة سيادتها الكاملة على مواردها الطبيعية.

مقالات مشابهة

  • دراسة صادمة: تغير في الحمض النووي للدببة القطبية بسبب تغيرات المناخ
  • تراجع حاد في الصادرات الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة النفطية والعقوبات الأمريكية الجديدة
  • النفط يسجل خسائر أسبوعية بسبب مخاوف من فائض المعروض
  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • القوات الأمريكية تشن غارة على سفينة متجهة إلى إيران
  • أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • إدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزة
  • الخزانة الأمريكية: سنواصل إجراءاتنا لوقف التهرب من العقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي
  • ما حدود خيارات ترامب في فنزويلا؟
  • إيران : احتجاز ناقلة النفط الفنزويلية قرصنة في البحر الكاريبي