لبنان ٢٤:
2025-06-13@15:12:35 GMT

القوات وحزب الله: التعاطي إستراتيجياً مع الرئاسة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

القوات وحزب الله: التعاطي إستراتيجياً مع الرئاسة

كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": منذ أن بدأ نقاش انتخابات رئاسة الجمهورية واختيار المرشحين، إلى أن طبعت المراوحة الملف الرئاسي بعد فشل المبادرة الفرنسية، وما رافقها من حراك قطري وتدخّل اللجنة الخماسية، يمارس حزب الله والقوات اللبنانية الأسلوب نفسه في التعاطي مع ملف الرئاسة. الطرفان يتقاطعان عند نقطة أساسية: كلاهما يفكر في الرئاسة ويتعاطى معها إستراتيجياً.


حاول حزب الله، في المرحلة الأولى، إعطاء الانتخابات طابعاً محلياً - أمنياً يتعلق بالحفاظ على حلفائه، وأولاً وآخراً حماية ظهر المقاومة «محلياً»، وكان في كل مرة يدعو إلى تخطي فكرة الحوارات الإقليمية وعدم انتظار التفاهمات الدولية. وتعاملت القوات كذلك مع الانتخابات، إلى حد كبير، على أنها محلية، آخذة في الاعتبار مشروع المواجهة مع حزب الله وحلفائه، ونافية أي تأثيرات سعودية أو أميركية في خيارها أو أسلوب إدارتها للمعركة الانتخابية. لكن ما حملته جلسة 14 حزيران من تقاطعات خارجية، وعودة الحضور السعودي من دون قرار واضح حول شكله النهائي، وما أعقب ذلك منذ لقاء الدوحة وبعده لقاء نيويورك، واستعادة التوازن داخل الإدارة الفرنسية نتيجة خلافات داخلية حيال أزمة لبنان الرئاسية... مهّدت الطريق لحزب الله والقوات لوضع الرئاسة في مكان مختلف عما تفعله القوى الأخرى.
كان فشل المبادرة الفرنسية متوقّعاً، وإن كانت لدى الرئيس نبيه بري والحزب، في المرحلة الأولى، انطباعات خاطئة عن احتمال نجاح الضغط على التيار الوطني الحر لتمرير انتخاب سليمان فرنجية. لكن مع خروج فرنسا، والتحرك القطري نحو خيار ثالث، استعاد حزب الله زمام المبادرة قاطعاً الطريق على أي احتمالات تردّد أن الرئيس بري - رغم أنه عرّاب تسمية فرنجية - قد يكون في وارد النقاش حولها. وفي المقابل، حافظت القوات على مسار الخطوات الحذرة في فتح الباب مشرّعاً أمام مبادرات يُفهم منها أنها قد تدوّر الزوايا حتى بالنسبة إلى ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الذي سبق أن قالت رأيها فيه، إلا أنها في الوقت نفسه وضعت انتخابه في الأطر الخارجية. وبقدر ما أن فكرة الخيار الثالث مطروحة منذ أشهر، إلا أنها أخذت موقعها أخيراً في مكان ما بين الدوحة وباريس. رغم أن معلومات رشحت من لقاءات عقدها القطريون أخيراً، جزمت بأن هؤلاء لم يدخلوا مطلقاً في أي لائحة أسماء في نقاشاتهم على مستوى الصف الأول. واللائحة المتداولة منبعها محلي على أكثر من مستوى، تداخلت فيه عناصر محلية وخارجية، تعكس رغبة بتضييع بوصلة النقاش وتوجيه رسائل حول خفض مستوى التعامل مع الرئاسة الأولى، فيما الأسماء الأكثر جدية غير متداولة. لكنّ الثابت في ما حصل من همروجة رئاسية، أن باريس والدوحة تتعثّران رئاسياً، وأن واشنطن والرياض لم تقولا كلمتهما مطلقاً، وما إضاعة مزيد من الوقت إلا إثباتٌ بأن الملف الرئاسي تحوّل حكماً إلى أيدي صناع القرار في الخماسية، إضافة إلى قيام طهران بدور أكبر بقوة.
لذا كان من الطبيعي أن يصبح حزب الله والقوات أكثر حزماً في عكس موقفيهما ونقل النقاش الرئاسي إلى مكان آخر. والقوات سبق أن وقفت في وجه باريس في المبادرة المنتهية صلاحيتها، وفي رفض الحوار، ومرشح خيار ثالث من دون أفق. وحزب الله يعيد إلى الرئاسة تشعّباتها الإقليمية، فيعكس مشروعاً سياسياً لا مجرد تسوية برعاية خارجية. وما يزيد من قناعة الطرفين بضرورة التعامل إستراتيجياً مع رئاسة الجمهورية أن أصحاب القرار الفعليين لم يحسموا خيارهم في ما يريدونه للبنان، وليس لرئاسته فحسب.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

حل الدولتين.. مراجعة ما بعد الوهم

في حزيران/ يونيو الحالي يُعيد العالم على مسامعنا ترنيمة "حل الدولتين" التي أُفرغت من مضمونها على يد ذات الاحتلال الذي يتبجّح اليوم برفض أي انسحاب، ويواصل ابتلاع الأرض بلا حساب.

لا جديد حقيقيا في الطرح، وعليه لا مؤتمر على حساب الذاكرة، فأن يُعقد مؤتمر دولي جديد تحت عنوان "السلام"، دون أي مساءلة للمحتل، ولا التزام حقيقي بوقف الإبادة الجماعية في غزة وتفكيك الاستيطان ورفع الحصار، هو ببساطة: تسويق لتطبيع بلا مقابل، ومكافأة لمن يواصل تقويض القانون الدولي من داخل قاعات المؤتمرات.

ما تفعله إسرائيل على الأرض هو تفكيك ممنهج لفكرة الدولة الفلسطينية، وفرض "حكم ذاتي أبدي" بلا سيادة، ولا حدود، ولا عودة، ولا معنى.

الانقسام الفلسطيني: واقع لا يُبرر التخلّي
المطلوب اليوم ليس رعاية مؤتمرات، بل تثبيت البوصلة، والتأكيد أن فلسطين ليست ورقة متروكة في مهب التفاهمات الدولية. الصوت الذي يُعيد لها المعنى هو أن يُقال بوضوح: فلسطين لا تطلب أكثر من رفض قطعيّ أن تُدار قضيتها كما تُدار الأزمات؛ لأن السلام لا يُبنى فوق ركام الحقوق
نعم، الانقسام الفلسطيني واقع موجع ومؤذٍ، لكن استخدامه ذريعة للصمت هو مجازفة أخلاقية وسياسية. الشعب الفلسطيني لا يجب أن يُعاقَب مرتين؛ مرة بانقسام قيادته، ومرة بتخلي محيطه، بل يجب أن يكون الانقسام حافزا لمبادرة عربية شجاعة، ترعى مسار وحدة وطنية على أساس الثوابت، لا على قاعدة المحاور أو الاشتراطات.

المبادرة العربية فقدت وظيفتها

منذ أكثر من عشرين عاما، والعرب يعرضون المبادرة.. وإسرائيل ترد بمزيد من الوقائع على الأرض. تحوّلت المبادرة من ورقة ضغط إلى غطاء سياسي للتطبيع، وأُفرغت من محتواها حتى باتت تصلح لأي شيء إلا أن تكون مرجعية لحل عادل.

المطلوب اليوم ليس رعاية مؤتمرات، بل تثبيت البوصلة، والتأكيد أن فلسطين ليست ورقة متروكة في مهب التفاهمات الدولية. الصوت الذي يُعيد لها المعنى هو أن يُقال بوضوح: فلسطين لا تطلب أكثر من رفض قطعيّ أن تُدار قضيتها كما تُدار الأزمات؛ لأن السلام لا يُبنى فوق ركام الحقوق.

وقبل التعلق بموجة التفاؤل الجديدة، لا بد من وقفة تأمل ونقد: هل ما زال حل الدولتين ممكنا فعلا؟ أم أن خمسين عاما من اللهاث خلفه لم تُنتج إلا مزيدا من التآكل الوطني والتفوق الإسرائيلي؟

خمسون عاما من التنازلات.. دون مقابل

منذ اعتماد البرنامج المرحلي الفلسطيني عام 1974، أو ما يُعرف بـ"النقاط العشر"، دخلت فصائل فلسطينية رئيسة في مسار "التدرج نحو الدولة"، عبر القبول بحل جزئي، مشروط، ضمن رؤية استراتيجية طويلة الأمد. ثم جاء اتفاق أوسلو 1993 ليُرسي هذا المسار عمليا، عبر اعتراف متبادل بين منظمة التحرير وإسرائيل، وتنازلات فلسطينية جوهرية مقابل وعود بدولة خلال خمس سنوات. وبعد أقل من عقد، قدمت الدول العربية المبادرة العربية للسلام (2002)، عارضة اعترافا جماعيا وشاملا بإسرائيل مقابل انسحاب كامل من الأراضي المحتلة.

 النتيجة؟ لا انسحاب، ولا دولة، ولا حتى وقف للاستيطان.. خمسون عاما من التنازل السياسي والرهان على "الشرعية الدولية" لم تُنتج إلا مزيدا من الهيمنة الإسرائيلية، وانحسار المشروع الوطني، و"تطبيعا مجانيا" لا يعترف حتى بالحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين. فهل نعيد تدوير هذا الفشل؟ أم نعلن أنه آن الأوان لمراجعة استراتيجية جذرية؟

مؤتمر باريس-الرياض: محاولة متأخرة أم فرصة حقيقية؟
الحديث عن "حل الدولتين" لا يمكن فصله عن المسار الطويل من الإفراغ والتفريغ الذي تعرض له هذا الحل منذ عقود. أثبتت التجربة أن تقديم التنازلات دون ضمانات، والاكتفاء بوعود المجتمع الدولي، لم يُثمر إلا مزيدا من التمدد الاستيطاني وتهويد القدس ومحاولات تصفية قضية اللاجئين
يراهن المؤتمر الجديد على استعادة الزخم الدولي، مع دخول السعودية إلى مربع المبادرة السياسية، بدل الاكتفاء بالدعم المالي أو الخطاب. لكن العقبات هائلة:

• حكومة نتنياهو اليمينية ترفض مبدأ الدولة الفلسطينية من الأساس.

• القيادة الفلسطينية منقسمة، عاجزة عن تجديد شرعيتها أو فرض رؤيتها.

• غياب الضغط الدولي الفعلي، خصوصا من واشنطن، يجعل المؤتمر أقرب إلى حدث رمزي.

البديل؟ نحو مشروع تحرري جديد

إن البديل لا يكمن في شعار جديد، بل في استراتيجية تحرر تعيد الاعتبار للحقوق التاريخية، وتتبنّى نضالا طويل الأمد على أسس أخلاقية وقانونية وشعبية. إننا بحاجة إلى جبهة وطنية متجددة، تعيد جمع الشتات السياسي والمجتمعي على قاعدة الشراكة لا الإقصاء، والنقد لا التخوين.

الخاتمة: واقعية بلا وهم

رغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي، فإن الحديث عن "حل الدولتين" لا يمكن فصله عن المسار الطويل من الإفراغ والتفريغ الذي تعرض له هذا الحل منذ عقود. أثبتت التجربة أن تقديم التنازلات دون ضمانات، والاكتفاء بوعود المجتمع الدولي، لم يُثمر إلا مزيدا من التمدد الاستيطاني وتهويد القدس ومحاولات تصفية قضية اللاجئين.

وبينما يروّج البعض لحل الدولتين كمخرج "واقعي"، فإن الواقع ذاته يُكذّب ذلك منذ عقود، فلا واقعية في التسليم بالهيمنة، ولا سلام مع إنكار الحقوق. إن أي حل لا يُعالج جوهر القضية -الاحتلال، واللاجئين، والعدالة التاريخية- سيبقى مجرّد هدنة مؤقتة.

وفي كل الأحوال، بات واضحا أن الطريق إلى الحرية لا يمر عبر المؤتمرات فقط، بل عبر الوعي، والكرامة، والصمود الشعبي الحقيقي.

مقالات مشابهة

  • حل الدولتين.. مراجعة ما بعد الوهم
  • قرارات عاجلة من المرشد الإيراني بحق الحرس الثوري والقوات المسلحة
  • إيران تنفي استشهاد قادة القوة البحرية والقوات الجوفضائية
  • فرحة وزغاريد داخل منزل «رحمة» الأولى على الإعدادية الأزهرية للمكفوفين بالقليوبية
  • رحمة رمضان الأولى على الشهادة الإعدادية للمكفوفين بالقليوبية: كنت أذاكر 7 ساعات يوميا
  • تحوّل عميق في علاقة إيران وحزب الله.. موقع أميركيّ: هل تُسدل الستارة على محور المقاومة؟
  • من دون الفصل السابع تبقىاليونيفيل شاهدًا ما شفش حاجة
  • “حل مشكلة العطش”.. والي الجزيرة يزور طابت ويعلن حل مشكلة إجلاس تلاميذ المدارس
  • بري: متمسكون بـاليونيفيل وحزب الله لا يعترض
  • 1.8 مليون مستخدم يتفاعلون مع «منصات الهيئة»