افتتح أمس معرض «التقاطة فن» بساحة المعارض بجاردنز مول صلالة تحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني رئيس بلدية ظفار وبحضور عدد من المهتمين بالفن التشكيلي والتصوير الضوئي.

ضم المعرض 42 لوحة فنية وصورًا ضوئية من إبداعات 28 فنانة تشكيلية بالإضافة إلى 17 مصورًا ومصورة ضوئية استطاع المعرض إبراز تجربة فنية جديدة تتجلى فيها براعة الفنانات التشكيليات من ترجمة ما تجسده عدسة الكاميرا باستخدام ريشتهم المبدعة.

تضمن المعرض ركنين الأول مخصص للوحات الفحم والثاني للرسومات الزيتية حيث امتلأت القاعة بالفن الأصيل الذي يجتمع فيه التراث مع الحداثة مما خلق تجارب بصرية فريدة تعكس روح الثقافة العمانية ويعتبر المعرض خطوة مهمة نحو تعزيز المشهد الفني والثقافي في محافظة ظفار ويعكس التعاون بين مجالي الفن التشكيلي والتصوير الضوئي كمنصة لإظهار الأعمال الفنية المتنوعة.

وبدأ الافتتاح بجولة راعي الحفل والحضور لأركان المعرض، حيث قامت المشاركات بشرح تفاصيل أعمالهن الفنية وبدا واضحا من ردود فعل الحضور ومدى إعجابهم بالأعمال المعروضة، مما يبرز تأثير الفن العميق في توثيق الروابط الثقافية والاجتماعية في المجتمع المحلي.

في ختام الجولة ألقت الفنانة التشكيلية نور الشحرية كلمة الفريق حيث أكدت في كلمتها أن فريق ارتقاء الذي أُسس في عام 2021 يهدف إلى إبراز التراث العماني من خلال ريشتهم المميزة مشيدةً بجهود الفريق في تقديم تجربة فنية تعكس جمال الطبيعة وتطلعات الشباب ومدى أهمية الفن التشكيلي كوسيلة للتعبير والارتقاء بالروح الثقافية والوطنية.

وفي الختام تم تكريم المشاركين والرعاة الذين ساهموا في إنجاح هذا الحدث الفني البارز.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

المقاومة الثقافية في ظل الصراعات

تشكِّل المقاومة الثقافية أحد أنواع النضال التي تتخذها المجتمعات عندما تحتدم الصراعات السياسية أو الاقتصادية أو التقنية، وتسود الهيمنة الدخيلة التي تحاول طمس الثقافات الوطنية أو تشويهها أو حتى جرِّها إلى منعطفات بعيدة عن منطلقاتها ومبادئها ومرتكزاتها الحضارية والأخلاقية؛ فالمقاومة هنا فعل يرتبط بالقدرة على حماية تلك الثقافات من براثن الاستلاب.

إن المقاومة الثقافية تقوم على إبداع وسائل أدبية وفنية تهدف إلى حماية الهُوية الوطنية والتصدي للقوى الدخيلة التي تلج المجتمعات في أشكال استعمارية مباشرة أو غير مباشرة؛ إذ تحدث على المستويات الأيديولوجية الفكرية، وتظهر في التحولات التقنية والاقتصادية والسياسية، التي لا تغيِّر الأنماط الثقافية للمجتمعات وحسب، بل أيضا تحاول التشكيك بمرتكزاتها القيمية والأخلاقية.

لذا فإن المقاومة باعتبارها أسلوب من أساليب (الرفض)، تستخدم التراث الثقافي والإبداعات الثقافية للتعبير عن ذلك الرفض، وفق معطيات تعكس الجوهر الحضاري للمجتمعات، وقدرتها على حماية مكتسباتها الثقافية والحضارية من ناحية، وتعزيز مجالات الصمود في وجه الهيمنة الثقافية الوافدة ومواجهتها، والقدرة على إنتاج أو إعادة إنتاج مجالات ثقافية تتناسب مع التطورات الحديثة وتواكب المتغيرات من ناحية، وتتوافق مع المرتكزات الحضارية والثقافة الوطنية من ناحية أخرى.

ولقد اتخذت الدول أساليب متعددة لمواجهة تلك الهيمنة التي أخذت تتطوَّر في أشكالها وأساليبها وتدخل إلى أنماط حياة الشعوب بطرائق ناعمة؛ حيث نجد المقاومة الثقافية في تلك الإنتاجات الأدبية مثل النصوص السردية والشعرية والنصوص المسرحية، وفنون التصوير والتشكيل، التي ظهرت في أنماط جديدة من التعبيرات البصرية بل وحتى السمعية، إضافة إلى ما يقدِّمه التراث الثقافي من تنوُّع على مستوى الإنتاجات التي عبَّرت عن قدرتها على إيجاد مواقف جديدة لحماية الهُويات الوطنية.

ولأن العالم بشكل عام والشرق الأوسط خاصة يعاني منذ عقود من تحديات أيديولوجية على المستوى السياسي والاقتصادي والتقني فإن هذه المعاناة تقابلها تلك الإمكانات الهائلة التي تقدمها مجتمعاتنا في سبيل الحفاظ على هُوياتها الوطنية، وإنتاج ثقافة جديدة تتناسب مع العمق الحضاري الذي تنتمي إليه، ولهذا فإن مقاومتها الثقافية تتخذ فلسفة نابعة من الوعي بالخطر الفكري الذي يحيط بالمجتمع إذا ما سُلب هُويته الحضارية وانقطع عن جوهر ثقافته وانبتَّ من أصوله.

إن هذا الخطر يزداد في ظل الصراعات والحروب السياسية المهيمنة، والأيديولوجيات التي تتخذ من الصراعات الاقتصادية والتقنية، وإرادة هيمنة القوى خاصة في مناطق الصراع التي تشتد وطأة في ظل عمليات القتل والتهجير والنفي والدمار الذي يطال المجتمعات، فإن الدفاع عن الهُويات الحضارية على المستويات الوطنية والقومية يزداد أهمية وإلحاحا في سبيل مجابهة تلك القوى والتعبير عن التمسُّك بالقيم الحضارية والمرتكزات القومية القائمة على المشتركات الإنسانية والتاريخية.

ولعل احتدام هذا الصراع خلال السنوات الأخيرة وامتداده إلى سوريا ولبنان واليمن ومؤخرا في إيران، يكشف عن التحولات الأيديولوجية للصراعات في الشرق الأوسط وحالات الاستلاب التي يصفها إدورد سعيد بـ (طبيعة الاستنساخ في بنية الخطاب الصهيوني)، الأمر الذي يصوِّر في المقابل ما يحدث من مقاومات ثقافية ليس على المستوى العربي وحسب بل على المستوى الشعبي العالمي، ذلك لأن خطاب التظليل والتزييف ومحاولات القضاء على الهُويات الثقافية الوطنية وإعادة تشكيلها وفق أجندات مسيَّسة بات مكشوفا وفاضحا.

إن الخطابات المظللة التي تحاول إعادة تشكيل الهُويات، وتأسيسها بناء على أيديولوجيات سياسية تتجاوز المبادئ الإنسانية والأخلاقية نحو رأسمالية متعالية، تظهر في تمثيلات تحاول الاستحواذ على الذاكرة والتاريخ بل وحتى الإنسان، لتجرِّده من هُويته الوطنية وانتماءاته الحضارية، بُغية السيطرة على وعيه وقدرته على الدفاع عن وطنه ومكتسباته، لتصبح المجتمعات تحت وطأة الاستعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأخلاقي.

لذا فإن المقاومة الثقافية اليوم تتصدَّر المشهد المضاد لتلك الصراعات؛ فما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من خطابات وتداولات وما يقدمه الشعراء والكُتَّاب من آداب، وما يبدعه المصورون والفنانون التشكيليون من لوحات وجداريات معبِّرة عن الرفض تارة، وساعية إلى حماية هُوية المجتمعات تارة أخرى،إضافة إلى ما يقدمه المسرح بأشكاله ومدارسه المختلفة، ذلك وغيره يقدِّم في ظل التطورات التقنية والإعلامية الجديدة صورا مقاوِمة للاستعمار والحروب والصراعات، وحامية للهُوية الثقافية والمكتسبات الحضارية للشعوب.

إن هذا الوعي الشعبي الذي يؤمن بأهمية المقاومة الثقافية باعتبارها أساسا جوهريا للأمم، لا يتجسَّد في الأنواع الأدبية والفنية وحسب، بل إن ما نقدمه وما نعبِّر عنه في المنصات الإلكترونية يجب أن يكتسب حالة الوعي نفسها، فالهدف الرئيس لتلك المشاركة لا يتجلى في الغضب والرفض والمجادلات التي تثير التعصب، بل في ذلك التمثيل الحقيقي للثقافة الوطنية القائمة على المرتكزات الإنسانية الداعية إلى السلام والحوار والمنتجة للإبداع والفكر الذي يحمي الهُوية ويعزِّز الصمود ويقدِّم الإنتاج الثقافي الهادف والمعبِّر عن مقاومته ورفضه للحروب والدمار والقتل.

ولأننا لسنا بعيدين عن دائرة الصراعات والحروب، فإن علينا واجبا فيما ننتجه وما نبدعه ثقافيا وما يمكن أن نقدِّمه في سبيل الدعوة إلى السلام ونبذ الحروب والدمار والخراب للمجتمعات؛ فالمثقف اليوم يحمل رسالة إنسانية وأمانة عليه أن يؤديها لأمته خاصة للشباب والناشئة، فما يبدعه شعرا ونثرا وفنا وأداء يعبِّر عن فكره وقدرته على حماية مجتمعه وثقافته، ويؤسِّس لمسار الرأي العام الذي يمثِّله، لذا فإن حكمته وقدرته على الصمود في وجه المتغيرات ورفضه المساس بمجتمعه الوطني والقومي والقبض على القيم والأخلاق سيكون المعوَّل عليه لتلك الحماية المجتمعية.

إن المشاركة الواعية والإنتاج المبدع لفعل المقاومة الثقافية سيمثِّل أداة مهمة للتطوُّر المعرفي والفكري لفهم متطلبات المرحلة المصيرية المهمة التي تمر بها المنطقة، والتي تشهد تحولات ليس على المستوى السياسي واحتدام الصراعات فقط، بل أيضا على المستوى الأيديولوجي والثقافي الذي يسعى إلى تفريق المجتمعيات وزعزعتها من الداخل، ولهذا علينا الحذر وحماية مجتمعنا وأفكار شبابنا من مغبة الانزلاق في متاهات هذه الصراعات والانشقاقات.

فالمقاومة الثقافية تقوم على الوعي الذي يوازن بين متطلبات المرحلة ومتغيراتها، وبين حماية هُوية المجتمع ومكتسباته الحضارية، لإنتاج أنماط جديدة من الثقافة الإبداعية التي تتجلى في الآداب والمسرح والفنون والكتابات الفكرية وغيرها، والتي تثري الثقافة الوطنية وتعبِّر عن فكرها المنفتح.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • تزامنًا مع انطلاق القاهرة السينمائي.. وزير الثقافة يدعو لإقامة معرض تشكيلي عن “الفن التشكيلي والسينما”
  • حسين فهمي يشارك بندوة الفن التشكيلي في عيون السينما
  • محافظ الجيزة يفتتح معرض التراث والحرف اليدوية بمشاركة 60 عارضاً من المحافظات والسفارات
  • بمشاركة ٦٠ عارضاً| افتتاح معرض التراث بالجيزة..والمحافظ: المعرض يعكس دعم الصناعات الحرفية
  • 13 عامًا تبرز تفوق سيميوني على جميع مدربي المونديال
  • أنين.. توثيق بصري للوجع السوري بريشة فاطمة شيخ الشباب
  • اليوم.. حسين فهمي ضيف الجلسة الأولى لبرنامج المعرض العام الثقافي
  • وزير الشباب والرياضة يتفقد نادي المهن التمثيلية: دعم الفن والثقافة أولوية وطنية| صور
  • المقاومة الثقافية في ظل الصراعات
  • تكريم الفائزين في مسابقات إبداعات ثقافية بالسويق