الخليل- "منذ عشرين عاما لم يهدأ لنا بال ولم أذق طعم السعادة"، كلمات لخصت بها الفلسطينية فوزية الفسفوس (أم أكرم) عقدين من المعاناة نتيجة الملاحقة الإسرائيلية لأبنائها الستة.

من ابن معتقل إلى آخر مطارد من قبل جيش الاحتلال وثالث يخوض رابع إضراب مفتوح عن الطعام يتوزع قلب ومشاعر أم أكرم، مع ما يرافق ذلك من قلق وخوف على حياتهم.

فوزية الفسفوس لم تجتمع مع أبنائها الستة في جلسة واحدة منذ 20 عاما (الجزيرة) رابع إضراب

للمرة الرابعة منذ عام 2019 يخوض الأسير كايد الفسفوس (34 عاما) إضرابا مفتوحا عن الطعام طلبا للحرية، لكنه يأتي هذه المرة في ظل مطاردة لأخيه محمود ترافقها مداهمات متكررة لمنازل العائلة.

واعتقل الفسفوس في 5 مايو/أيار الماضي، وشرع في إضرابه يوم 3 أغسطس/آب، علما أنه أمضى في السجون الإسرائيلية نحو 7 سنوات، كما سبق أن خاض الإضراب عن الطعام مرات عدة، آخرها أمضى فيه 131 يوما متواصلة في 2021، وإضرابين عام 2019، أحدهما تجاوز الشهرين.

"العليا الإسرائيلية" تقرر إعادة قضية المعتقل المضرب كايد الفسفوس إلى محكمة الاستئنافات العسكريةhttps://t.co/EbF8NeEAMZ

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) October 2, 2023

واليوم، أكثر ما يقلق والدة كايد أن يستمر إضرابه الحالي -الذي دخل شهره الثالث- لنفس المدة السابقة 131 يوما، لكن السيناريو الأكثر إيلاما والهاجس الأكثر إزعاجا الذي ينتابها أن يأتيها خبره شهيدا كما حصل مع الأسير خضر عدنان الذي استشهد في زنزانته بتاريخ الثاني من مايو/أيار 2023 بعد 87 يوما من الإضراب عن الطعام.

تقول أم أكرم للجزيرة نت إن "قلب الأم دليلها" لذلك تخشى على حياة كايد، وتتعزز مخاوفها بسبب الإهمال الذي يتعرض له وعدم عرضه على أطباء أو نقله إلى المستشفى رغم دخول إضرابه الشهر الثالث.

وتابعت أن كايد "يتعرض لإهمال طبي معتمد، لا يتحرك ويعاني من أوجاع في أنحاء جسده وممنوع من زيارة الأقارب، ويُعتقل حاليا في زنزانة بسجن الرملة، ولا يلقى الرعاية الصحية اللازمة".

لا تستطيع الأم زيارة ولدها، وتنقل عن محاميه الذين يزورونه بين الحين والآخر أن "وزنه في تناقص، وقد فقد أكثر من 30 كيلوغراما".


بيت الحزن

يسمي من يعرفون منزل عائلة الفسفوس -الذي يقع في بلدة دورا جنوبي الخليل- "بيت الحزن"، حيث لم يجتمع فيه الأبناء مع أمهم منذ عشرين عاما.

تسرد أم أكرم الحكاية "أكبر الأبناء أكرم معتقل منذ خمسة أشهر، ومجموع سنوات اعتقاله تتجاوز 3 سنوات، أما خالد فمعتقل إداريا منذ 9 أشهر، وتجاوز مجموع اعتقالاته 9 سنوات".

وتابعت "حافظ معتقل أيضا منذ شهور، وأمضى في السجون أكثر من أربع سنوات ونصف، ومحمود مطارد الآن من قبل الاحتلال، وسبق أن أمضى أكثر من 13 عاما في الاعتقال"، أما حسن -تضيف والدته- "فقد أفرج عنه قبل أيام وأمضى في السجون أكثر من تسع سنوات".

"مشان الله يا ناس ساعدوا بابا"، مناشدة بريئة من ابنة الأسير المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال كايد الفسفوس#فلسطين #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/IUaF3Gtm68

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 24, 2023

وتشير أم أكرم إلى أنها لم تجتمع مع كافة أبنائها منذ عام 2000 "لا في فرح ولا في حزن"، وتقول "ليس هذا فقط، بل أتعذب ليلا ونهارا قلقا على المعتقلين وعلى كايد المضرب عن الطعام وعلى محمود المطارد".

وتطالب والدة الأسير الفسفوس بوقفات إسناد لها من قبل فلسطينيي الضفة وأراضي الـ48 ومن الرئاسة والقيادة الفلسطينية، كي يتم الإفراج عن كايد ولا يلقى مصير خضر عدنان.

وكما تعيش الوالدة المعاناة بسبب الاحتلال فإن أطفال وعائلات أبنائها يعيشون معاناة مماثلة ومسؤولية كبيرة نتيجة البعد عنهم وعدم القدرة على زيارتهم ولقائهم.

"القضاء ذراع للمخابرات"

بدوره، قال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له أمس الاثنين وصل الجزيرة نت إن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت النظر في التماس مقدم من محامي هيئة الأسرى ضد استمرار اعتقال كايد الفسفوس إداريا، وقررت إعادة القضية إلى محكمة الاستئنافات العسكرية التي سبق أن رفضت النظر في طلب الإفراج عنه.

???? انفوجرافيك.. الأسير كايد الفسفوس.. 62 يوماً على إضرابه عن الطعام#الأسير #كايد_الفسفوس #إضراب_عن_الطعام pic.twitter.com/MnRpD9bXkn

— صحيفة الاستقلال _ فلسطين (@alestqlalps94) October 2, 2023

وأضاف النادي أن قرار المحكمة يعني أن "الجهاز القضائي للاحتلال يواصل دوره كذراع أساسية لتنفيذ قرارات جهاز مخابرات الاحتلال (الشاباك)، واليوم يواصل هذا الدور في قضية المعتقل الإداري كايد الفسفوس المضرب عن الطعام منذ 61 يوما، والذي يواجه وضعا صحيا خطيرا في سجن الرملة".

ويصدر الاعتقال الإداري بأمر عسكري إسرائيلي لأشهر عدة قابلة للتجديد، دون تهمة أو سقف زمني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: کاید الفسفوس عن الطعام أکثر من

إقرأ أيضاً:

محمد أكرم دياب يكتب: أسلحة إسرائيل الخفية – “هدم المجتمعات"

"الحرب لم تعد بالبندقية فقط، بل بالفكرة"، ربما تدرك إسرائيل هذه القاعدة أكثر من أي كيان آخر، ولذلك وضعت خطة طويلة الأمد لاجتياح العقول قبل الأوطان. فمنذ إعلانها عام 1948، وهي لا تكتفي بالتوسع الجغرافي، بل تتقن التمدد الناعم داخل المجتمعات. وبعد هزيمتها في حرب أكتوبر،اويمكن ان نوصفها بهزيمتها الوحيدة والكبرى في الشرق الأوسط،  تحوّلت استراتيجيتها من المواجهة المباشرة إلى إنهاك الخصوم من الداخل، عبر أدوات أقل صخبًا وأكثر تأثيرًا.
في مساء عادي، قد لا يدرك كثيرون أن ما يشاهدونه، أو ما ينتشر في الشارع من مواد مخدرة، هو جزء من مخطط محكم لبناء بيئة منهكة نفسيًا وثقافيًا. انتشرت خلال العقد الأخير أنواع جديدة من المخدرات مثل الكبتاجون والهيدرو، مواد رخيصة وسهلة الصنع، ويُعتقد أن خطوط إنتاجها تمتد إلى جهات مرتبطة بإسرائيل أو تمر عبر أراضيها. الهدف واضح: ضرب وعي الأجيال، تمزيق الإدراك، وتفكيك المجتمعات بهدوء.
ثم يأتي الفن، المنصة التي ما دام كانت ساحة ناعمة للصراع. عبر محتوى موجه على منصات مثل نتفليكس، شاركت إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر في إنتاج أعمال تُجمّل صورتها، وتُظهرها كدولة الحرية والديمقراطية، مقابل تشويه صورة العرب، وخصوصًا الفلسطينيين، مع تمرير ثقافات دخيلة مثل الشذوذ وتزييف الحقائق التاريخية. عمل فني واحد قد يترك تأثيرًا أقوى من خطاب سياسي طويل، وهذا ما تفهمه إسرائيل جيدًا.
ولم تكتفِ بذلك، بل وجدت في مواقع التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لتسويق روايتها. حسابات ناطقة بالعربية بدأت في ضخ محتوى يُظهر إسرائيل كدولة متقدمة تحب السلام، وينشر صورًا لأطباء إسرائيليين ينقذون أطفالًا، أو جنود يوزعون الحلوى، أو حتى وصفات أكل وموسيقى مشتركة مع العرب. كل ذلك لصناعة وهم أن إسرائيل دولة “عادية”، يمكن أن تكون صديقة، وأن العداء معها مجرد إرث قديم يجب مراجعته. التسويق الناعم للعدو، بلغة مألوفة وبوجوه مبتسمة، كان ولا يزال من أخطر ما فعلته تل أبيب خلال العقد الأخير.
وما قبل اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، كانت إسرائيل تُسرّع من خطوات التطبيع مع عدة دول عربية، وتُرتب علنًا لاتفاقيات تجارية وأمنية وسياحية تُنهي مرحلة العداء. كانت تسعى لتقديم نفسها كـ”شريك طبيعي” في المنطقة، يملك مفاتيح التكنولوجيا والسلام. لكن فجأة، اندلعت الحرب. ومع توالي الأحداث، بدأ يظهر أن توقيتها لم يكن محض صدفة، بل حلقة في مسلسل مرسوم بدقة. فكلما اقتربت من الوصول لمرحلة “القبول الكامل”، اشتعلت مواجهة تُعيد تشكيل الصورة وتُعيد خلط الأوراق، لكن ضمن إطار مخطط لا عشوائية فيه. حرب غزة الأخيرة لم تكن رد فعل، بل خطوة محسوبة ضمن مشروع الهيمنة على المنطقة نفسيًا وعسكريًا وسياسيًا.
المثال الأوضح على هذا التسلل الناعم كان مسلسل “طهران”، إنتاج درامي يعرض قصة عميلة موساد تتسلل إلى إيران. ورغم أنه يبدو مجرد عمل فني، إلا أن تسلسل الأحداث، وطبيعة المهام، تتطابق بشكل مدهش مع عمليات وقعت فعلًا داخل إيران خلال السنوات الأخيرة. هنا لا يكون العمل مجرد دراما، بل شفرة استخباراتية، ورسالة موجهة ومسبقة التوقيت.
نحن أمام مشروع لم يعد نظريًا، بل قائم، يستهدف لا الجيوش، بل العقول. والمجتمعات التي لا تملك وعيًا حقيقيًا ولا درعًا ثقافيًا ستسقط دون أن تطلق فيها رصاصة واحدة، ومصر حتى اليوم صامدة بفضل أجهزتها الاستخباراتية ويقظتها، لكن المعركة ما زالت طويلة، والعدو أكثر دهاءً مما يبدو.

مقالات مشابهة

  • الجمعة.. مجلس الأمن يلتئم بشأن الحرب الإسرائيلية الإيرانية و3 دول أوروبية تجتمع
  • مدبولي: لجنة الأزمات تجتمع اليوم لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية «الإيرانية ـ الإسرائيلية»
  • نشطاء يشرعون في إضراب عن الطعام بولاية إلينوي الأميركية احتجاجا على مجازر غزة
  • “إنفجار أنبوبة”.. إصابة 7 أشخاص بحروق واختناقات إثر حريق شقة بالبحيرة
  • محمد أكرم دياب يكتب: أسلحة إسرائيل الخفية – “هدم المجتمعات"
  • الثلاثاء الحمراء ذكرى فلسطينية وفاء لشهداء ثورة البراق
  • ثقافة كوردستان تمنع نشر صور وفيديوهات معاناة المرضى في مستشفيات الإقليم
  • عودة دفعة من العائلات السورية من تركيا إلى ريف دير الزور الشرقي بعد تهجير قسري دام 14 عاماً
  • نادي الأسير الفلسطيني: العدو نفذ اعتداءات وحشية بالأسرى لاحتفالهم بالقصف الإيراني
  • اختراقات الموساد ومعضلة الجندي الأسير في غزة!