فيرستابن ينطلق على طريق العمالقة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
لوسيل (د ب أ)
يرى العديد من نجوم سباقات سيارات «الفورمولا-1»، أن الهولندي ماكس فيرستابن، سائق فريق ريد بول، يواصل السير على طريق عمالقة اللعبة، مع اقترابه من التتويج بلقب بطولة العالم للمرة الثالثة على التوالي.
وأشاد الإسباني المخضرم فيرناندو ألونسو، سائق فريق أستون مارتن، بفيرستابن، مشيراً إلى أنه يعد أفضل سائقي اللعبة منذ الأسطورة الألماني مايكل شوماخر.
وأصبح فيرستابن «26 عاماً» على مشارف الاحتفاظ بلقب بطولة العالم لسيارات «الفورمولا-1» في فئة السائقين للموسم الثالث على التوالي، حيث يحتاج للحصول على 3 نقاط فقط خلال السباق السريع الذي يجرى في قطر «السبت»، للتتويج بالبطولة رسمياً. ويحمل البريطاني لويس هاميلتون، سائق فريق مرسيدس، الرقم القياسي بوصفه أكثر السائقين فوزاً بسباقات الجائزة الكبرى، عقب تتويجه بـ 103 سباقات، كما يشارك شوماخر الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بلقب بطولة العالم، بعدما تُوج بسبعة ألقاب.
ورغم ذلك، أغفل ألونسو «43 عاماً» السائق البريطاني عندما سئل عما إذا كان يجب الآن تصنيف فيرستابن إلى جانب عظماء اللعبة في العصر الحديث.
وقال ألونسو الذي تُوج بلقب بطولة العالم مرتين، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية «بي أيه ميديا»: «أعتقد أن فيرستابن في طريقه، لكي يكون أحد عظماء تلك الرياضة مع شوماخر».
وتحدث ألونسو عن فيرستابن قائلاً: «في السنوات القليلة المقبلة، سيواصل إضافة المزيد من البطولات، لذا سنقارنه بمايكل بشكل أقرب في المستقبل».
وبعد تعثر ريد بول في سباق جائزة سنغافورة الكبرى، سرعان ما استعاد فيرستابن اتزانه من جديد في السباق الأخير الذي جرى باليابان، ليفوز بالسباق الثالث عشر من إجمالي 16 سباقاً للجائزة الكبرى أقيمت في الموسم الحالي حتى الآن.
ومنذ أن حصل فيرستابن على لقبه العالمي الأول على حساب هاميلتون، في سباق أبوظبي، فاز السائق الهولندي بـ 28 سباقاً من أصل 38 تم تنظيمها، كان من بينها سلسلة قياسية من 10 انتصارات متتالية في وقت سابق من العام الحالي.
من جانبه، صرح هاميلتون الذي يحتل المركز الثالث حالياً في الترتيب العام لفئة السائقين بفارق 210 نقاط خلف فيرستابن: «لن يكون بمقدوري تصنيفه لأن تصنيف الأشخاص يعتمد على وجهات النظر».
واستدرك السائق البريطاني المحنك: «لكنه استحق المكانة التي يوجد فيها حالياً، لقد قام بعمل رائع، وكان هو والفريق رائعين وبلا أخطاء هذا العام».
قال هاميلتون: «لقد تطور مستواهم كثيراً، ويتعين علينا أن ننظر إلى ذلك، ونبحث عن المجالات التي يمكننا أن نكون فيها أفضل».
وشدد سائق مرسيدس: «آمل أن نتمكن في مرحلة ما من مواجهتهم وجعلهم يدافعون، لكن يجب أن يستمتعوا بتلك اللحظة، لأنهم عملوا من أجل الوصول لتلك المكانة التي هم عليها الآن».
وسيكون فيرستابن أول سائق يفوز ببطولة العالم خلال السباق السريع، إذا احتل المركز السادس على مضمار لوسيل الدولي، كما يصبح السائق الحادي عشر الذي يفوز بأكثر من لقبين متتاليين ببطولة العالم لسيارات «الفورمولا-1»، ليسير على نهج العديد من أساطير اللعبة مثل البرازيلي الراحل آيرتون سينا، والبريطاني جاكي ستيوارت.
ويرى الكثيرون أن فيرستابن سيفرض هيمنته المطلقة على اللقب، مثلما قام شوماخر في مطلع القرن الحالي.
وقال فيرستابن: «لقد كانت إنجازات مايكل خرافية، ولكن عندما كان يحقق هذا النوع من الأشياء، كان يتم النظر إليه على أنه أمر طبيعي، لأنه كان سائقاً مذهلاً مع فريق رائع، وكل الأمور سارت معاً، ربما سئم الناس منه؟، ولكن كان من المذهل تحقيق هذا النوع من الأشياء».
أكد سائق فريق ريد بول: «لا أفكر في الوصول للقب السابع، سنرى ما سيحدث عاماً بعد آخر، لكنني فخور للغاية، أنا أعيش اللحظة وأريد تحقيق المزيد».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفورمولا 1 قطر الدوحة هاميلتون لويس هاميلتون بلقب بطولة العالم سائق فریق
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. ألبير قصيري حكيم العدم الذي سخر من العالم ومات ضاحكا
في غرفته الصغيرة بفندق "لوروبير" الباريسي، جلس ألبير قصيري، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، يحدّق في العالم من خلف نافذة، لا يخرج إلا نادرًا، وأختار العيش في غرفة فندق لأنه كان يكره التملك حيث كان يقول: "الملكية هي التي تجعل منك عبدا"، لم تكن تلك عزلة مفروضة، بل اختيار صارم، ذلك أن الرجل لم يكن يهوى الحياة كما نعرفها، بل كان يراها مهزلة كبيرة تستحق السخرية لا المشاركة.
من القاهرة إلى باريس: الولادة في قلب الشرقوُلد ألبير قصيري في حي الفجالة بالقاهرة عام 1913 لأسرة شامية ذات أصول سورية ـ لبنانية، متوسطة الحال، وكانت الفرنسية هي لغته الأولى، تعلّم في المدارس الفرنسية، وتأثر منذ الصغر بأدب فولتير وموليير، وقرأ بشغف روايات دوستويفسكي وبلزاك.
كانت فلسفة ألبير قصيري في حياته هي فلسفة الكسل، لم يعمل في حياته وكان يقول انه لم ير أحدا من أفراد عائلته يعمل الجد والأب والأخوة في مصر كانوا يعيشون على عائدات الأراضى والأملاك، أما هو فقد عاش من عائدات كتبه وكتابة السيناريوهات، وكان يقول: "حين نملك في الشرق ما يكفى لنعيش منه لا نعود نعمل بخلاف أوروبا التي حين نملك ملايين نستمر في العمل لنكسب أكثر".
نشر أولى كتاباته بالعربية، ثم انتقل سريعًا للفرنسية، ليكتب كل أعماله لاحقًا بهذه اللغة، كانت القاهرة التي كتب عنها ليست قاهرة النخبة بل قاهرة الحرافيش، المتسولين، الدجالين، الحواة، الباعة الجوالين، والكسالى الحكماء، ورغم انتقاله إلى باريس في الأربعينيات، ظل العالم المصري الشعبي مسكونًا في أدبه حتى آخر نفس.
الكتابة كسلاح ضد التفاهةلم يكن قصيري من الكُتّاب الغزيرين، بل نشر فقط ثماني روايات ومجموعة قصصية واحدة طيلة حياته، لكنه كان يؤمن أن الجملة الجيدة تأخذ وقتها مثل كوب نبيذ معتّق، فكان يكتب جملة أو اثنتين في اليوم، يحرّرهما عشرات المرات.
في أعماله، لم تكن شخصياته تبحث عن الخلاص، بل عن الضحك من العالم، كان يخلق أبطاله من قاع المجتمع، يُلبسهم فلسفة ساخرة، ويتركهم يهزأون بالسلطة، والدين، والرأسمالية، وكل مظاهر النظام، بلا عنف، بل بابتسامة لامبالية.
من "شحاذون ونبلاء" إلى "ألوان العار".. قصص عن الحُكماء المُهمّشينمن أبرز أعماله، "شحاذون ونبلاء" (1955): رواية عن شاب ثري يختار أن يعيش كمتسول ليصل للحكمة. الرواية هجاء ساخر للطبقة الوسطى والمثقفين المزيفين، و"ألوان العار": عن امرأة تعمل في الدعارة لتُعيل أسرتها في حي شعبي، يكشف بها عن مجتمع لا أخلاقي يتظاهر بالأخلاق، و"بيت الموت المؤكد": تحفة سوداوية عن شخصيات تنتظر الموت في فندق بائس لا يزوره أحد، و"العنف والسخرية": في هذه الرواية تظهر فلسفته العدمية بوضوح، حيث لا وجود لحلول بل فقط سخرية من كل شيء.
رجل عاش ومات في غرفة واحدةتزوج ألبير قصيري من ممثلة مسرحية فرنسية ولكن لم يدم هذا الزواج طويلا وعاش بقية حياته أعزب وحين كان يسأل عن السعادة كان يقول أن أكون بمفردى، وكانت حياته كلها غرفة، وكتاب، وسجائر، وأحاديث هامسة مع أصدقاء نادرين، وعندما اشتد عليه المرض في سنواته الأخيرة، ظل يبتسم ويقول: "كل شيء سخيف إلى حد لا يُحتمل.. حتى المرض".
مات في يونيو 2008، ولم يشيّعه سوى قلّة، لكنه ترك إرثًا فريدًا يقول لنا إن الكُتّاب الحقيقيين لا يحتاجون إلى جمهور واسع، بل إلى جملة صادقة، تسخر من العالم وتظل باقية.