البوابة نيوز:
2025-05-09@10:16:48 GMT

مغامراتى مع العصا البيضاء!

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

 

 

لكل منا عصاه ترشده وتكفيه شر عمى العقل والروح فإن هو ألقاها قاده عماه إلى حتفه حتمًا.بين عشقى لتسلق أشجار الزيتون المعمرة فى ظلام الليل الحالك وقيادة السيارات وسط عتمة عيناى، إلى امتطاء عصاى البيضاء فى شوارع القاهرة المزدحمة، والقلم الذى أقبض عليه بعقلى وأذناى لممارسة عملى فى بلاط صاحبة الجلالة؛ تكمن مغامراتى الصغيرة والكبيرة.

مثل كثيرين مازال قلبى عالقًا ببعض أفلام الكرتون التى شاهدتها صغيرًا، ورغم تجاوزى الخمسين بعام ونصف العام، اقتنص بين الحين والحين قطعة من الزمن لأعاود مشاهدة مغامرات الفضاء (جريندايزر) ومغامرات سندباد، فلونة وغيرهم.

كانت اللغة العربية الفصيحة بنطقها السليم أول ما نتعلمه من تلك الأفلام، غير أنها كانت أيضًا تسقينا قيم الشجاعة والكرم والإقدام والصدق وحب المغامرة، أو بالأحرى تعلمنا منها أن الحياة كلها مغامرة محسوبة ومن لم يخضها باعتبارها كذلك فقد لذتها وكان من الخاسرين.

فى الـ15 من أكتوبر يحل اليوم العالمى للعصا البيضاء كرمزية تشير إلى المكفوفين حول العالم لنشر التوعية بما له من حقوق وما عليه من واجبات، وبما أننى كتبت الأسبوع الماضى فى هذه الزاوية عن بعض ذكرياتى فى سنة أولى فى مدرسة العميان (طه حسين للمكفوفين) وما تعلمته من دروس مضيئة فى ذلك العالم المظلم، أردت الكتابة هذه المرة عن مغامراتى مع العصا البيضاء والتى يتجاوز الإحساس بها ما يعترضنى من عراقيل وحفر وبالوعات وأرصفة مزدحمة وغير معبدة فى مدينة بحجم القاهرة فتلك أقل المغامرات أهمية وإن كان السهو والنسيان والخطأ معها قد يعنى خسارة الحياة، أو النزول ضيفًا فى مستشفى للعظام فى أحسن الأحوال.

أظن أن حب المغامرة بعقل يقظ وأذن مفتوحة صاحب الفضل الأكبر لأكون حتى الآن من الناجين؛ فالخوف إذا اعتراك صمّ أذنك وغمّ عقلك حينها فقط تسقط لمجرد تعثرك فى حجر صغير أو تصدمك سيارة مسرعة.

عندما وعيت فى سن التاسعة أن نور عينى ماضٍ فى سرعة الهاوى من قمة جبل، قررت ألا أتوقف عن ممارسة متعة تسلق أشجار النخل والزيتون الكبيرة والضخمة والتى تجاوز عمر بعضها الـ 150 عامًا وكان ذلك فى ضاحية عراضة فى مدينة طرابلس الليبية حيث كان يعمل أبى مدرسًا للغة العربية.

أدركت أن بصيص النور منطفىء لا محالة، صرت أتسلق أشجار الزيتون ليلًا حيث لا ضوء يأتى من أى مكان فى تلك المنطقة النائية آنذاك وكأنى أردت تنشيط ذاكرتى البصرية فى عتمة الليل حتى إذا حلت العتمة الأبدية لا يمنعنى مانع من هواية فى ليل أو نهار فكلاهما بات واحدًا بعد سنوات قليلة.

إلا أن باب المغامرة قد يقودك أحيانًا إلى الرعونة فتحلم بما هو مستحيل حتمًا؛ فى بداية عملى الصحفى فى جريدة العربى وكنت شابًا أرعن استهوتنى فكرة قيادة سيارة برفقة صاحبها.

وقع اختيارى على سيارة 128 لصديقى عبدالفتاح عبدالمنعم الكاتب الصحفى ومدير تحرير اليوم السابع حاليًا، لم يكن اختيارى لصاحب السيارة موفقًا -هكذا قلت حينها- وبسبب بقايا رعونة فى نفسى مازلت أقول ذلك.

ما أن قمت بتشغيل السيارة وبدأت فى التحرك بدأ عبدالفتاح فى الصراخ بدلًا من إرشادى بهدوء؛ صرخ بهيستيريا مجنونة (دوس فرامل) فما كان منى إلا الضغط بقوة على البنزين لأصطدم باكصدام سيارة فولكس قديمة كانت لمدير التحرير اللامع الأستاذ أحمد الغندور.

قوة هيكل السيارتين منع حدوث أضرار وحمدت الله أن السيارة المصدومة لصديق لكنى بالمناسبة قمت بعدها بقيادة سيارة صديقى الكاتب الصحفى محمد قنديل فى شوارع مدينة الشيخ زايد قبل أن تزدحم بسكانها، وكان قنديل هادئًا صاحب قلب قوى فانطلقت بالسيارة مسرعًا على الغيار الثالث بلغة السائقين ورجعت بالسيارة إلى الخلف وانعطفت يمينًا ويسارًا، كان اختيارى للرفيق المرشد صحيحًا.

الحقيقة لا يجوز لأعمى قيادة السيارة مهما كان يقظًا ومهما كانت أذناه قادرة على رؤية الأجسام التى تصدر أصواتًا، إنه أعمى بالنهاية ولو امتلك خبرة التعامل مع عجلة القيادة والفرامل وناقل الحركة (الفتيس) وإذا جعلته الظروف الحرجة قائدًا لسيارة فى لحظة ما، فعليه الاستعانة برفيق هادئ الأعصاب صلب المشاعر.

لكنى أصدقكم القول، أرى نفسى قائدًا ماهرًا للسيارات عندما أرى هذه الأيام عميان العقول صم الآذان يقودون سياراتهم إلى الهاوية السحيقة معتبرين أعينهم المفتوحة وعضلاتهم المفتولة أسبابًا كافية ليكونوا من الفائزين بالنجاة على طريق وعرة رغم كثرة حوادثهم واصطدامهم بصخور فى حجم الجبال، ما نفعتهم أعينهم وكانوا من الهالكين المهلكين.

لما عملت بالصحافة وأمسكت بالقلم شعرت وكأننى أمشى بعصاى البيضاء فى طريق ملغم بالحفر مليء بالحوائط والحواجز، لذا علي القبض على قلمى بعقل يقظ حتى لا يستغل أحدهم عماى فيدلس علي أو يضلنى وتعلمت أن يكون للمعلومة أكثر من مصدر وألا أتعجل حتى لا أسقط فى هوية الكذب أو السب والقذف.

أما أذناى فكانت ترشد القلم فى صياغة ما تيقن منه العقل بأسلوب صحفى جذاب ومقنع وذلك عبر خوضها غمار القراءة والإنصات لكل فنون الكتابة ولكل من يكتب قدر الاستطاعة.

السير بالعصا البيضاء يعلم الحذر والتأنى ويدرب الذاكرة ليس فقط على حفظ الشوارع والأماكن وإنما أيضًا على حفظ سلوك وردود أفعال من يشاركونك السير فى ذات الطريق راكبين أو مترجلين، لكنه يعلم أيضًا الأهم وهو إدراك استحالة ثبات الأشياء فى مكانها.

العصا البيضاء تجعلك حساسًا ليس فقط بالمشى على الدروب الصعبة وإنما أيضًا فى معاملتك للبشر، فبداخل كل إنسان مناطقه الوعرة وحفره السحيقة التى لا ينبغى الاقتراب منها وقلوب البشر متغيرة فما يمسى فيه قلب الإنسان ليس كما يصبح عليه.

العمى ليس بالأمر الهين الذى يمكن تجاوزه لكنك مضطر لخوض هذه المعركة باستمرار لتكون دائمًا على دراية بحقائق الواقع المتغير بطبيعته، لقد علمتنى العصا البيضاء أنى أصبح أعمى فقط عندما أتركها وأقود سيارة بيقين الجاهل، وعندما أظن أن ما لدى من أفكار وتصورات ومواقف حقائق مطلقة تمامًا كما الموت.

*كاتب صحفى

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

هكذا كانت تُشترى الذمم المالية لسعيدة نغزة مقابل ترشحها للرئاسيات

إنطلقت أمس بمحكمة القُطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالية و الاقتصادية بسيدي امحمد، جلسة محاكمة سعيدة نغزة وابنها. وبلقاسم ساحلي وحمادي عبد الحكيم وحوالي 80 متهما من بينهم 68 متهما موقوفا رهن الحبس المؤقت. الذين تمت متابعتهم في قضية فساد طالت شراء توقيعات استمارات الترشح لرئاسيات سبتمبر 2024.

ووجّهت لهم تهم تضمّنها قانون مكافحة الفساد، تتعلق بجُنح منح مزية غير مستحقة، استغلال النفوذ، تقديم هبات نقدية أو الوعد بتقديمها قصد الحصول أو محاولة الحصول على أصوات الناخبين، سوء استغلال الوظيفة، تلقي هبات نقدية أو وعود من أجل منح أصوات انتخابية والنصب.

بداية المحاكمة تميّزت باستجواب أربعة متهمين تحصلوا على مزايا من طرف سعيدة نغزة مقابل جمعهم استمارات الترشّح.

50 ألف استمارة مقابل مبلغ 4 ملايير سنتيم

وبعد استجواب المتهم “ب.م”، نائب رئيس الكونفيديرالية للمؤسسات الجزائرية، أنكر التُهم المنسوبة إليه، وخلال مواجهته من طرف القاضي حول الاتفاق الذي جرى بينه وبين نغزة يتعلق بجمع 50 ألف استمارة مقابل تلقيه مبلغ 4 ملايير سنتيم، أنكر ذلك.

وبعد استجواب شقيقه المتهم “ب.ع”، صرّح أنه يعمل بمدينة البليدة ومن حين لآخر تتصل به نغزة وتطلب منه الحضور، ثم طلبت منه نقل شخص لا يعرفه “ف.ب” إلى العاصمة، مضيفاً أنه سبق وأن اجتمع مع نغزة وسلّمته استمارات زرقاء وكلفته بمهمة، كما طلب منه المدعو”ف.ب” التوسط له مع نغزة للحصول على مصاريفه، إلا أنه أخبره أن الأمر لا يعني له، وأنه قام بنقله فقط.

هذا وقد واجهه القاضي أنه خلال التحقيق صرح أن شقيقه “ب.م” طلب منه إيصال المدعو “ف.ب” إلى مقر حملة سعيدة نغزة بدالي ابراهيم واتفق معها على جمع 50 ألف استمارة مقابل 4 ملايير، أي 800 دج للاستمارة الواحدة وطلب منه التوسط له للحصول على تسبيق مالي.

حيث أجاب المتهم “ب.ع” أنه اوصله إلى المقر وغادر، ولم يسمع بـ 50 ألف استمارة و 4 ملايير، وليس لديه أي علم بخصوص الاتفاق الذي يتعلق بجمع امضاءات المنتخبين التي تتمثل في 15 الف استمارة خضراء، وأن سعيدة نغزة اتصلت به وطلبت منه نقل الاستمارات، ولم يسلم أي مبلغ مالي للمدعو” ف.ب”. وأكد بأنه لا يعرف معنى استمارة خضراء واستمارة زرقاء، وليس سياسيا، ولا علم له بما هو مكتوب في الاستمارات

القاضي انتقل الى استجواب المتهم “ف.ب”، حيث أنكر هذا الأخير التهم المنسوبة إليه وصرّح أنه اتصل به صديقه المدعو “ع.ب” وطلب منه التحضير لحملة انتخابية ووافق على ذلك ومهمته كانت جمع استمارات للمواطنين ووضعهم داخل تطبيقة، وصرح أنه كان مستعدا لجمع 50 ألف استمارة لصالح نغزة سعيدة، مقابل مصاريف التنقل. وبعد مواجهته من قبل القاضي حول تغيير تصريحاته خلال مراحل التحقيق، أنه طلب من سعيدة نغزة مبلغا لجمع الاستمارات بقيمة 4 ملايير سنتيم ، أجاب المتهم أن فعلا حضر اجتماع مع سعيدة نغزة، قائلا “الكلام هذا نص منو صحيح ونص منو غالط..أنا حكيتلهم على بكري..”.
وأكد بأنه يقوم بجمع الاستمارات ويقوم بإدخالها بالتطبيقة التي يشرف عليها ومن حقه طلب مبلغ مالي مقابل عمله.

وفي سؤاله من قبل القاضي حول اتصاله بالمدعو “م.م” عضو بالمجلس الشعبي لبلدية الأربعاء بخصوص جمع هذا الأخير توقيعات منتخبين خضراء مقابل 5 ملايين سنتيم عن كل استمارة خضراء وسبق وأن منح له 50 مليون سنتيم وأضاف له نفس المبلغ مرة أخرى، بعدما قام بجمع له 17 استمارة،كما أنه تم تأكيد أعضاء آخرين انهم قاموا بالإمضاء على 17 استمارة مقابل 5 ملايين عن كل استمارة، حيث أجاب المتهم قائلا بذلك “مكاش منها سيدي القاضي”.

وعند سؤاله من قبل القاضي حول جمعه استمارات من ولاية تيارات من قبل السيد “م.ع” فلاح، أجاب المتهم أنه صديق له وهو فلاح وعلاقته جد ممتازة مع الفلاحين ووعده هذا الأخير بأنه سوف يجمع له 7 استمارات من تيارات بدون أي مقابل.

وعن جمع 70 استمارة بمبالغ مالية بقيمة 500 إلى 600 ألف دج، دون المصادقة عليها، أجاب المتهم أنه كانت فيه تعليمة لتسهيل العملية ولم يمنح لهم أي مبالغ، واكد أنه استغل اصدقائه، واحبابه لجمع الاستمارات وادخالها في التطبيقة.

مقالات مشابهة

  • هتان السيف عن انفصالها: كانت مجرد خطوبة ولم نرَ من بعض شيئًا.. فيديو
  • معاريف تعلق على اغتصاب ميا شيم.. كانت أكثر أمانا لدى حماس
  • معاريف: أسيرة إسرائيلية سابقة كانت أكثر أمانا لدى حماس
  • نتيجة حرب ترامب على اليمن كانت عكسية
  • طريقة عمل طاجن الفاصوليا البيضاء بالكفتة
  • كانت الأرخص.. أول سيارة يرتفع سعرها بفضل الرسوم الجمركية
  • الفاتورة السياسية لإحتلال مدن وسط السودان كانت عالية، كذلك ستكون فاتورة الضربات الجوية
  • بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء في الأسواق
  • شاهد..الـ “SCLCO” يشل نشاط شبكة إجرامية كانت تنشط تحت غطاء شركات وهمية
  • هكذا كانت تُشترى الذمم المالية لسعيدة نغزة مقابل ترشحها للرئاسيات