أكدت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة حرص دولة الإمارات على تعزيز التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لرفع طموحها المناخي من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، وإعادة توظيف التمويل والاستثمارات المناخية في خدمة هذا الهدف بما يضمن دفع مسيرة التنمية المستدامة.


جاء ذلك خلال مشاركتها على رأس وفد من الوزارة في "أسبوع المناخ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الذي يعقد في الرياض وتنظم المملكة العربية السعودية بالتعاون مع أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويستمر حتى 12 أكتوبر الجاري.
شاركت معاليها، في مستهل فعاليات الأسبوع، في اجتماع وزاري رفيع المستوى لدول مجلس التعاون الخليجي، ضم كلا من: صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة بالمملكة العربية السعودية، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، ومعالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومعالي المهندس سالم العوفي، وزير الطاقة والمعادن في سلطنة عمان، ومعالي سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية رئيس مؤتمر الأطراف COP27.
وأكدت المهيري، خلال كلمتها، أن "أسبوع المناخ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا" يأتي في توقيت مهم قبل انطلاق مؤتمر الأطراف COP28 في دولة الإمارات بـ 53 يوماً فقط، ويستهدف تبادل الرؤى والحلول تمهيداً للمزيد من المناقشات خلال المؤتمر الذي يرمي إلى تقييم التقدم المحرز في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
وقالت معاليها "تتشارك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العديد من آثار التغيرات المناخية، والتي تتطلب حلولاً أكثر فاعلية وبسرعة قصوى من أجل تعزيز قدرتها على مواجهة تلك المتغيرات والتكيف معها.. ونرى في دولة الإمارات أن علينا التحرك سريعا من أجل قيادة تحول عادل ومنصف للطاقة في دول المنطقة عن طريق استبدال نظم الطاقة التقليدية بأخرى نظيفة ومتجددة، بما يضمن في الوقت نفسه أمن الطاقة في المستقبل".
وأضافت "من خلال أجندة مؤتمر COP28 لنظم الغذاء والزراعة، نجد في تلك النظم الملاذ الآمن للعديد من دول منطقتنا والعالم لأنها من أهم حلول التكيف مع التغيرات المناخية في العالم والتخفيف من انبعاثات الكربون.. قمنا بخطوات متسارعة في هذا المجال من خلال إطلاق "إعلان الإمارات حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي" في يوليو الماضي.. وأرسلنا الشهر الماضي النسخة الأولية من الإعلان إلى وزراء الزراعة في مختلف دول العالم لإبداء ملاحظاتهم، على أن يتم إرسال النسخة النهائية إلى أصحاب السمو والجلالة والفخامة رؤساء الدول من أجل التوقيع عليها".
ودعت المهيري وزراء الزراعة في دول التعاون الخليجي إلى دعم إعلان الإمارات للنظم الغذائية والزراعة من خلال التوقيع عليه، بالإضافة إلى دعوتها لهم للانضمام إلى مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" التي أطلقتها بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك مبادرة "تحالف القرم من أجل المناخ" التي أطلقتها بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا، وذلك لوضع حلول لمواجهة التغيرات المناخية والتكيف معها.
كما شاركت معالي مريم المهيري في حلقة نقاشية رفيعة المستوى بشأن التكيف تحت شعار "نحو هدف عالمي بشأن تكيف العالم مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة" بحضور معالي الدكتورة رولا دشتي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، ومعالي عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية مبعوث شؤون المناخ في المملكة العربية السعودية، ومعالي ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة في جمهورية مصر العربية، ومعالي أمينات شونا وزيرة البيئة وتغير المناخ والتكنولوجيا في جزر المالديف، ومعالي ليلى الشيخاوي المهداوي، وزيرة البيئة في تونس.
خلال الحلقة النقاشية، أكدت معاليها أن عواقب تغير المناخ تؤثر بشكل غير متكافئ على بعض الدول أكثر من غيرها، وهو ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز الشمولية في الاستجابة العالمية لأزمة المناخ، مشيرة إلى أن دولة الإمارات حريصة على سماع كل الأصوات وعدم ترك أحد خلف الركب.
وقالت "نخطط، خلال COP28، لطرح المزيد من النقاش حول التعاون الدولي وبناء القدرات والخطوات الإضافية اللازمة لدعم البلدان النامية والبلدان الأكثر ضعفاً" واصفة المؤتمر بأنه فرصة مهمة لتعزيز مسار الدول النامية نحو بناء قدرتها على التكيف.
وأشارت إلى أن التكنولوجيا والتمويل يمثلان حجر الأساس لهذا التوجه من خلال تبادل التقنيات ونشرها على أوسع نطاق، بالإضافة إلى خلق نظم تمويل مرنة وميسورة ومتاحة للدول النامية.
وأكدت معاليها، في الوقت نفسه، أن دعم قدرة البلدان التي تتشارك التأثيرات المناخية نفسها أمر حيوي لتعزيز قدرتها مجتمعة على التكيف مع التغيرات المناخية بما يناسب طبيعة كل دولة، داعية الأطراف كافة التي تتشارك تلك التداعيات إلى النقاش والتعاون الحقيقي لتحقيق الأهداف المناخية والبيئية المشتركة.
وشهد أسبوع المناخ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشاركة الدكتورة نوال الحوسني، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة في جلسة نقاشية حول "الجهود الإقليمية الرامية إلى إزالة الكربون من صناعة إدارة النفايات" والتي نظمتها شركة أبوظبي لإدارة النفايات (تدوير).
تطرقت الحوسني، خلال كلمتها، إلى مبادرة "صفر نفايات" العالمية التي أطلقتها الوزارة مع "تدوير" بهدف حشد دول العالم من أجل تعزيز الجهود في مجال عزل الكربون المتولد من قطاع النفايات وإنشاء منصة للاقتصاد الدائري، مشيرة إلى أهمية العمل على استدامة القطاع الذي يتسبب بحوالي 3 إلى 5% من الانبعاثات العالمية إلى جانب أهميتها في الحد من التلوث البيئي كون نحو 50% من النفايات الصلبة في العالم يتم التخلص منها بشكل غير قانوني أو بأشكال تمنع استرداد قيمتها من خلال إعادة تدويرها.
وقالت إن هدف "صفر نفايات" "جمع الشركاء الاستراتيجيين، وشركات إدارة النفايات، ومنتجي النفايات، والمنظمات غير الحكومية، والأكاديميين، للتعاون وتفعيل حلول ملموسة قابلة للتطوير لإزالة الكربون من سلسلة قيمة إدارة النفايات.. وهو ما نهدف من خلاله إلى خفض انبعاثات القطاع بما يتماشى مع اتفاقية باريس ويدعم تحقيق أهداف الاقتصاد الدائري".
يشارك محمد سعيد النعيمي وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة بالوكالة غدا بفعاليات "أسبوع المناخ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية ويستعرض أهم التحديات المناخية في المنطقة ودور مؤتمر الأطراف COP28 المقبل في الإمارات في محاولة إيجاد حلول عملية لها من خلال تحقيق انتقال مُنظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، بما يلبي حاجته إلى فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام الداعم للعمل المناخي وخفض الانبعاثات.
وسيتطرق إلى أهمية التوصول، خلال المؤتمر المقبل، إلى اتفاق على اعتماد إطار شامل وحاسم وعادل للهدف العالمي بشأن التكيف لتحسين قدرة المجتمعات على مواجهة تداعيات تغير المناخ والحد من تعرضها لهذه التداعيات.
يعد أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحداً من أربعة أسابيع مناخية إقليمية تنظمها أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي بالتعاون مع شركائها العالميين، ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومجموعة البنك الدولي.

أخبار ذات صلة تغير المناخ العامل الأول لخطر انقراض أنواع من الحيوانات منصة "كهرباء ومياه دبي" في "COP28" تستعرض مشاريعها في مجال الاستدامة المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مريم المهيري التغير المناخي تغير المناخ كوب 28 التغیرات المناخیة التغیر المناخی الأمم المتحدة مؤتمر الأطراف دولة الإمارات تغیر المناخ بالتعاون مع التعاون مع التکیف مع من خلال من أجل فی دول

إقرأ أيضاً:

كيف تُعيد حرب إسرائيل وإيران تشكيل الشرق الأوسط؟

 

إذا كان مستقبل أي منطقة عادةً ما يرتبط بالعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية وغيرها، فإن مستقبل الشرق الأوسط اليوم يرتبط بعامل رئيسي، وهو الآثار والتداعيات المترتبة على الحرب بين إسرائيل وإيران التي بدأت في 13 يونيو 2025، ووضعت أوزارها مع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين البلدين في 24 يونيو الجاري. فالطريقة التي وضعت نهاية الحرب، سوف تطرح تأثيراتها في شكل المنطقة، وتوازن القوى بين دولها، ومستقبل علاقاتها الدولية.

فقد تم إعلان وقف إطلاق النار بعد يومين من الهجوم العسكري الأمريكي ضد مواقع البرنامج النووي الإيراني؛ أي أنها انتهت بعد عملية عسكرية أمريكية تُعد الأكبر من نوعها منذ عدة عقود. وأعقب هذا الهجوم يوم من العمليات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، فقامت إسرائيل بتوسيع مجال أهدافها، ليشمل المطارات، ومراكز الحرس الثوري، والباسيج، والسجون، والمطارات، والمؤسسات الاقتصادية والتعليمية؛ وذلك في سياق سيطرة شبه كاملة واستباحة للمجال الجوي الإيراني. بينما قامت إيران، في نفس اليوم، بهجوم بالصواريخ على إسرائيل، استهدف مدن تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وآخر على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، بعد أن كانت قد أبلغت السلطات الأمريكية بموعد الهجوم وهدفه؛ مما قلل للغاية من آثاره واستدعى شكر الرئيس ترامب لها.

وحتى الآن، لا أحد يعرف على وجه الدقة حجم الأضرار الناجمة عن الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، ومدى استقرار وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حكومتا إيران وإسرائيل أو نص الاتفاق، وعن شكل وطبيعة ما سوف يترتب عليه من إجراءات سياسية، والمفاوضات التي من المُتوقع حدوثها، ونتائجها. ومع ذلك، يثور السؤال عما هو مستقبل الشرق الأوسط؟ وكيف يؤثر ما حدث في إعادة تشكيل وتوزيع عناصر القوة فيه؟

مواقف الأطراف:

على المستوى الجيوبولوتيكي، تبدو هناك أكثر من إجابة لهذا السؤال، فقد تسعى إسرائيل إلى تصدر المشهد الإقليمي واستكمال إعادة تشكيله وفقاً لرؤيتها ومصالحها، وقد ينشأ توازن للقوى بين إسرائيل وإيران تحت إدارة أمريكية وربما بتنسيق مع تركيا، أو أن تتحرك عدد من الدول العربية وتركيا لبناء توافق إقليمي لا يعتمد فقط على العلاقات بين إسرائيل وإيران. وسوف يُسهم سلوك دول الإقليم في ترجيح الاتجاه إلى أي من هذه الصور.

فقد انتهت الحرب بعد أن اتضح بجلاء الاختلال النوعي في ميزان القوى بين إسرائيل المدعومة أمريكياً، وإيران التي حاربت منفردة. ويمكن توضيح مواقف الأطراف الأساسية في التالي:

1- إسرائيل: سوف تسعى تل أبيب إلى الاستفادة من هذا الوضع وتحقيق أكبر قدر من أهدافها التي تتضمن القضاء على البرنامج النووي والصاروخي لإيران، والعمل على خلق الظروف لتغيير النظام الحاكم في طهران، فضلاً عن هدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط الذي تحدث عنه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عدة مرات على مدى عامين، للتخلص من أي مصدر للتهديد العسكري ضد إسرائيل قادر على إلحاق الضرر والأذى بها، وفقاً لرؤيته، على نحو ما حدث في فلسطين وسوريا ولبنان. يُضاف إلى ذلك، هدف الإسراع في تنفيذ خطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، والضغط على الدول المجاورة لقبولهم تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك هدف تشجيع الأقليات في بعض الدول العربية ضد حكوماتها ودعمها لإضعاف التماسك الوطني فيها.

ومن المُتوقع أن يؤدي هذا السلوك الإسرائيلي إلى استمرار التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، وسوف تظل إسرائيل متابعة ومراقبة لجهود إيران لإحياء مشروعها النووي والصاروخي، والتزامها ببنود الاتفاق الذي سوف تتوصل إليه طهران مع واشنطن، أو أي نشاط لها لإحياء دور أذرعها في المنطقة.

وقد يترتب على ذلك، ازدياد شكوك دول المنطقة في توجهات إسرائيل وتطلعاتها إلى مد نفوذها وسيطرتها؛ وبما يقود إلى زيادة التعاون بين مجموعة من الدول العربية متقاربة التوجهات والمشاغل؛ ومن ثم تصبح عنصراً فاعلاً في توازن القوى الإقليمي.

2- إيران: بالرغم من أن طهران رفضت “الاستسلام غير المشروط” الذي اقترحه ترامب، وأثبتت قدرتها على استهداف المدن الإسرائيلية حتى آخر أيام القتال؛ فإنه لم يكن من الوارد أن تدخل في مواجهة عسكرية مفتوحة مع الولايات المتحدة، فقررت قيادتها أن المصلحة الوطنية لبلادها تكمن في إنهاء الحرب.

وتبقى إيران بعد الحرب قوة إقليمية جريحة وضعيفة نسبياً، وخاصة بعد تآكل أذرعها في المنطقة. والأرجح أن إيران سوف تسعى إلى ترميم نظامها الدفاعي لتعويض خسائرها، وإعادة بناء قدراتها العسكرية، وربما تصل إلى الاقتناع بأن الوصول إلى القنبلة النووية هو أهم ضمانة لحماية أمنها في المستقبل كما حدث في حالة كوريا الشمالية. وإلى حين حدوث ذلك، سوف تتبع تكتيكات غير متناظرة لإدارة الصراع مع إسرائيل.

وتتوقع إيران أن تُسفر المفاوضات مع الولايات المتحدة عن إنهاء بعض العقوبات الاقتصادية أو الإفراج عن أرصدتها المالية المُجمدة؛ مما يتيح للاقتصاد الإيراني فرصة للانتعاش، وزيادة صادراته من النفط. في المقابل، فإنه إذا قبلت الحكومة الإيرانية المطلب الأمريكي بعدم تخصيب اليورانيوم على أراضيها، واستخدمت المعارضة المعلومات المتاحة عن إبلاغ طهران السلطات الأمريكية عن موعد وهدف الهجوم على قاعدة العديد؛ فإن الرأي العام في طهران قد ينفض عنها وينقلب عليها، ويختار حكومة من التيار المتشدد في الانتخابات القادمة.

3- الولايات المتحدة: أثبت واشنطن أنها القوة الدولية الوحيدة القادرة على حسم الصراعات في الشرق الأوسط، وشريك أساسي في توجيهها بما يتفق مع سياساتها ويخدم مصالحها، وذلك مقارنةً بالدور المحدود لكل من روسيا والصين. ومن المُرجح أن واشنطن سوف تسعى لفرض وجهة نظرها على طهران في القضايا محل الخلاف مثل تخصيب اليورانيوم، ودور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الرقابة والتفتيش؛ وذلك مقابل حوافز مالية واقتصادية.

4- الدول العربية: أدانت الدول العربية الهجوم الإيراني على قطر، واعتبرته مساساً بسيادتها، وربما أدى هذا إلى إحياء الشعور في بعض العواصم العربية بخطر القوة العسكرية الإيرانية واحتمال استخدامها ضد العرب أو على الأقل كعنصر مساند لتدخلها في الشؤون الداخلية العربية. وسبق ذلك إدانة الدول العربية للهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتباره عدواناً على دولة ذات سيادة، فضلاً عن دعواتها المُتكررة إلى التهدئة ووقف إطلاق النار، والمطالبة بعدم تصعيد الصراع، والعودة إلى مائدة المفاوضات. وبالفعل رحبت الدول العربية بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، لإنهاء أعمال التدمير ومنع مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، ومنها المخاوف من توظيف أنصار تنظيمات الإسلام السياسي التي تؤمن باستخدام العنف، للأوضاع الإقليمية الحالية في نشر أفكار التطرف والإرهاب، وتهديد الاستقرار السياسي في المنطقة.

مستقبل المنطقة:

ترسم هذه الملامح صورة قلقة، وغير مريحة لمستقبل الشرق الأوسط في الأجل القصير، فالطرفان المتحاربان احتفل كل منهما بالنصر في الميادين العامة، وما زالت التصريحات المتشددة تتردد على ألسنة قادة إسرائيل وإيران. وعمقت الحرب مشاعر الشك وعدم الثقة، وأوجدت مصادر لعدم الاستقرار الإقليمي، وسوف يزيد من ذلك شعور إسرائيل بالزهو بتحقيق الانتصار وسعيها لفرض ما تعتقده على إيران ودول المنطقة. ويبدو أن العنصر الحاسم في هذا الشأن هو موقف الرئيس ترامب وقدرة ممثليه على إدارة المفاوضات بشكل متوازن. ومن المُرجح أن يكون للدول العربية القريبة من واشنطن دور مهم في دعم هذا التوجه.

واتصالاً بذلك، ربما يؤدي وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران إلى إعطاء دفعة للإسراع بعقد اتفاق مماثل يُنهي القتال والتدمير في قطاع غزة، ويضع الأساس لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره مصدراً لكثير من التوترات في الإقليم.

ويعتبر كثير من الدبلوماسيين والخبراء والباحثين، ومنهم هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الراحل، أن منطقة الشرق الأوسط هي “مرجل الصراعات في العالم”، والتي يتسم كثير منها بأنها صراعات اجتماعية ممتدة، تبدو مستعصية على الحل، واستمرت هذه السمة لصيقة بالمنطقة، على الأقل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ ومن ثم فإن الحديث عن عدم استقرار المنطقة واستمرار مصادر الخطر والتهديد فيها، ليس جديداً؛ لكن الجديد هو حجم الخسائر المادية والبشرية المترتبة عليها، ووجود مجموعة من دولها التي قررت الاستثمار في التنمية والسلم.

ختاماً، ربما يكون من المناسب الآن إثارة موضوع الحاجة إلى وجود نظام أمن جماعي إقليمي، يتضمن إجراءات وآليات بناء الثقة بين دول المنطقة، وبحث جذور الصراعات المزمنة التي تستخدم كمرجعية في إطار صراعات أخرى.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة
  • «التغير المناخي» و«تدوير» يتفاهمان لإدارة النفايات
  • الإمارات تؤكد التزامها المناخي ودعمها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
  • الإمارات تؤكد التزامها المناخي بدورة اتفاقية الأمم المتحدة في ألمانيا
  • كيف تُعيد حرب إسرائيل وإيران تشكيل الشرق الأوسط؟
  • أبوظبي تجري اختبارات للتاكسي الطائر «ميدنايت»
  • «الإمارات للبيئة» تدعم الاقتصاد الدائري بحوار رائد عن تثمين النفايات
  • ما الذي نعرفه عن العلاقة بين التغيرات المناخية وموجات الحر؟
  • الشرطة تشارك في اجتماع خليجي بالرياض
  • وصلوا إلى الإمارات.. العثور صيادين يمنيين بعد أسبوع من فقدانهم في البحر