لجريدة عمان:
2025-06-27@11:00:59 GMT

مجلس عُمان الذي ننشده

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

من نافلة القول التذكير بالمؤسسات البرلمانية واستعراض أعمالها وإنجازاتها خلال الفترة الماضية من عُمر الدولة العمانية الحديثة، إذ قطعت المؤسسات أشواطا في هذا المجال منذ منتصف التسعينيات وإلى الآن، ولسنا هنا بصدد تقييم التجربة أو الحكم عليها، وإنما محاولة طرح رأي آخر غايته ومبتغاه: تطوير العمل البرلماني في عُمان، فكلّ ما نسعى إليه جميعا هو العمل على بناء الوعي بقيمة المؤسسات والتعويل عليها لخدمة الوطن ومن عليه.

إذن ما الذي نحتاجه من مجلس عُمان خلال الفترة القادمة؟ يعلم الجميع أن المؤسسات الفاعلة هي المؤسسات النشطة التي تقدم الخطط والبرامج وكيفية تنفيذها وطرق تقييمها، وأهم ما يمكن أن تقدمه المؤسسة البرلمانية في المرحلة القادمة فكرتان أساسيتان هما الاقتصاد والسياسة، فالمطلوب في الوقت الراهن وجود خبراء في الاقتصاد وأساتذة في القانون يكيّفون القوانين والتشريعات التي تُذلل الصعوبات أمام المستثمر الوطني أو الأجنبي وتدفع بالمزيد من الفرص أمام الاستثمار وتكييف التشريعات للاتفاقيات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة.

أما دور الاقتصاديين فإن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى كوادر وطنية شابّة قادرة على العطاء، وعلى تكوين لجان متعددة نشطة وفاعلة في مجالاتها، وتبعث أفكارا في تخصصاتها، وتعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى سلطنة عمان، وإيجاد فرص عمل وتسريع عجلات الإنتاج. إذا كان المجلس في فترات سابقة قد استفاد من خبرات المتقاعدين، فإن المرحلة الراهنة والمستقبلية تحتاج إلى خلية نحل من الطاقات البشرية الموجودة في القطاع العام والخاص، والذين يمكن انتدابهم لعضوية المجلس لمدة أربع سنوات قابلة للتمديد لمن أثبت قدرته في تقديم المشروعات الناجعة. أما المتقاعد الذي خدم عُمان فبالتأكيد قد حصل على مكافأته نظير جهده، وآن الأوان له للاستمتاع بوقته الحر بعيدا عن الالتزامات الإدارية والاجتماعات الدورية. وهذا ينسحب أيضا على المرشحين لمجلس الشورى الذين نأمل أن يُعاد النظر في شروط ترشحهم للمجلس، بحيث يكون المؤهل الجامعي أحد شروط الترشح، وكذلك ألا يكون المترشح متقاعدا؛ لكي يفسح المجال أمام الباحثين عن عمل وحاملي الشهادات لتجريب حظوظهم في العمل البرلماني.

إذن ما الذي دفعنا إلى طرح مثل هذا الموضوع؟ بالتأكيد إن مبعث طرح مثل هذه الأفكار هي الرؤى والاستراتيجيات الوطنية المُعلن عنها في سلطنة عمان وفي مقدمتها رؤية عُمان (2020-2040) ونظرا لأهمية الاستراتيجيات فإنها بحاجة إلى كوادر بشرية وطنية تعمل على تذليل الصعوبات وتسابق الزمن لتحقيق النتائج المرجوة، وندرك جميعا أن التغييرات الطارئة في العالم وخاصة في الجوانب الاقتصادية والبيئية والسياسية تتطلب كفاءات وطنية قادرة على تنفيذ الخطط المرسومة وحصد نتائجها، لذلك فإن وجود العناصر البشرية القادرة على العطاء والحلم بمستقبل أفضل لعُمان يُعد عنصرا جوهريا في تحقيق الأهداف، مما يعني أن العضو في مجلس الدولة منوط به مسؤوليات مغايرة ومختلفة عن الفترات الماضية، بمعنى أن العضو المُكرم في المجلس مطلوب منه جهد فكري وطاقة على صياغة الأنظمة واللوائح والتشريعات التي تُسرّع من تطور المؤسسات ودفعها إلى التناغم مع طموح المواطن.

لأجل عُمان ومستقبلها نقول بأن مجلس عُمان يحتاج إلى النُخب الفاعلة في المجتمع وفي أجهزة الدولة، وبالتأكيد فإن الأرض العُمانية ولاّدة والكوادر البشرية من الجنسين موجودة على هذه الأرض الطيبة، لهذا فإننا نتطلع إلى تمكين الكفاءات العمانية للإسهام في نهضة عُمان المتجددة من خلال المؤسسات القادرة على تطويع القوانين وتطويرها لمستقبل زاهر، فقوة الدولة تكمن في تشريعاتها وشرعتها وحكومتها وحوكمتها.

إن مجلس عُمان بحاجة إلى أن يضم كافة شرائح المجتمع وأصحاب المهن، والفاعلين في العمل الاجتماعي، وممثلين عن اتحاد العمال العماني وجمعيات المرأة العمانية، وبعض أصحاب الهمم، ونخبة المثقفين والكتّاب والمحامين، وممثلين عن الجمعيات المهنية وليس بالضرورة رؤساء تلك الجمعيات؛ لأن ذلك سيفرز رؤساء جمعيات لا يهمهم إلا عضوية المجلس. إن التحديات التي يفرضها الواقع تتطلب تظافر جهود الدولة والمواطن في العمل سويّا لأجل مستقبل يضمن الرخاء والرفاهية للشعب العماني.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

في ندوة بمكتبة الإسكندرية.. خبراء يدعون لتطوير مناهج حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية

نظّمت مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، ندوة موسعة تحت عنوان "نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان"، شارك فيها نخبة من الخبراء والمتخصصين في التعليم وحقوق الإنسان، الذين دعوا إلى ضرورة مراجعة وتطوير مناهج تدريس حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية، سواء في التعليم قبل الجامعي أو الجامعي.

وشهدت الندوة حضورًا لافتًا من ممثلي الهيئات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني، وسط توافق على أن نشر ثقافة حقوق الإنسان يبدأ من التعليم، ويمر عبر الإعلام والممارسات اليومية، وصولًا إلى بناء مجتمع يحترم الحقوق ويصون الكرامة الإنسانية.

افتتح أعمال الندوة الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والسفير الدكتور محمود كارم، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، بحضور الدكتور سامح فوزي، كبير الباحثين بالمكتبة، و محمد أنور السادات، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية، والدكتور مجدي عبد الحميد، المدير التنفيذي للمشروع الأوروبي بالمجلس.

جاءت الجلسة النقاشية الأولى بعنوان "رؤية تحليلية نقدية لمناهج حقوق الإنسان في التعليم العالي"، وأدارها الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم الأسبق، الذي أشار إلى جهود وزارة التعليم خلال فترة توليه عام 2009 لمراجعة المناهج والتأكد من خلوها من أي محتوى يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، مؤكدًا أن تعزيز هذه الثقافة يجب أن يشمل النصوص والممارسات على حد سواء.

ولفت الجمل إلى أن التطورات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تفرض تحديات جديدة تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والتزييف العميق، ما يتطلب إعادة النظر في الأساليب التربوية ووسائل التوعية الحقوقية الموجهة للأجيال الجديدة.

من جانبها، أكدت الدكتورة إلهام عبد الحميد، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة القاهرة، أن مفهوم المنهج لا يقتصر على الكتب الدراسية، بل يشمل سياسات وممارسات متكاملة داخل المنظومة التعليمية. ودعت إلى الابتعاد عن أساليب الحفظ والتلقين والاتجاه نحو التعليم التفاعلي، الذي ينمّي مهارات الطالب في التفكير النقدي والتفاعل المجتمعي، مشددة على ضرورة تدريب الطلاب على المهارات اللازمة لممارسة حقوقهم بفعالية.

بدوره، انتقد الحقوقي نجاد البرعي سطحية المقررات الجامعية الخاصة بحقوق الإنسان، مؤكدًا أنها لا تترك تأثيرًا يُذكر لدى الطلاب أو أعضاء هيئة التدريس موضحاً أن إصلاح منظومة حقوق الإنسان في التعليم لا يمكن فصله عن تطوير البنية العامة للتعليم الجامعي، مشيرًا إلى أهمية تفعيل دور الاتحادات الطلابية كمساحة ديمقراطية تعكس ممارسة الحقوق داخل الجامعة. كما شدد على أهمية تطوير كليات التربية، باعتبارها المصدر الأساسي لإعداد المعلمين.

وفي الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان "نشر ثقافة حقوق الإنسان مجتمعيًا.. القيمة والغاية"، ناقش المشاركون سبل ترسيخ ثقافة قبول الآخر، وسبل تعزيز الوعي المجتمعي بالحقوق والواجبات، وذلك بمشاركة الدكتور هاني إبراهيم، أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان، والدكتورة يسرا شعبان، مدرس القانون المدني بجامعة عين شمس، وأدارتها الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمؤسسة الأهرام.

وأشارت الدكتورة يسرا شعبان إلى أن القوانين المصرية تنص بوضوح على مبادئ حقوق الإنسان، ومنها ما يجرّم التنمر التقليدي والإلكتروني، لكنها لفتت إلى وجود فجوة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي، داعية إلى تكثيف الحملات التوعوية لخلق ثقافة حقوقية راسخة.

من جهته، استعرض الدكتور هاني إبراهيم دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في رصد أوضاع الحقوق والحريات في البلاد، موضحًا أن المجلس يتلقى الشكاوى ويحقق فيها، وله صلاحية تشكيل لجان تقصّي حقائق وفقًا للدستور والقانون.كما شدد على ضرورة ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان منذ المراحل التعليمية الأولى، مستعرضًا بعض التجارب المحلية الناجحة في إشراك الطلاب في صنع القرار المدرسي، مؤكدًا أهمية دمج المدارس بالمجتمع المدني عبر شراكات مستدامة.

مقالات مشابهة

  • النائب أحمد عثمان: احتلال مصر المركز التاسع عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية دفعة قوية للاقتصاد الوطني
  • مصر التاسعة عالميًّا في جذب الاستثمارات.. وبرلماني: «تتويج لمسيرة الإصلاح»
  • مساندة قرار وزارة العمل مسؤولية وطنية لتعزيز التعمين
  • تعرف على الأسماء المرشحة لرئاسة مجلس الدولة
  • الحكومة تقرّ حزمة إجراءات لتعزيز الخدمات وتحديث المؤسسات
  • في ندوة بمكتبة الإسكندرية.. خبراء يدعون لتطوير مناهج حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية
  • «الوطني» يطالب بمراجعة نظام العلاوة الاجتماعية وربط قيمة القسط السكني بعدد أبناء الأسرة
  • توعية الشباب بالمساهمة في الحياة السياسية والبرلمانية
  • المؤتمر: مجلس الشيوخ ركيزة للتشريعات ودراسة القضايا الوطنية
  • مجلس الدولة يناقش دراسة تنويع مصادر الدخل