بالفنون الشعبية والكورال.. ثقافة المنيا تواصل احتفالات اليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر
تاريخ النشر: 12th, October 2023 GMT
قدم فرع ثقافة المنيا عددا من الفعاليات المتنوعة استمرارا لاحتفالات الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، بذكرى نصر أكتوبر المجيد، حيث شهد اللواء أسامة القاضي، محافظ المنيا، احتفالية اليوبيل الذهبي للنصر على مسرح ديوان عام المحافظة.
وشارك فرع ثقافة المنيا بعرض فني لفرقة المنيا للفنون الشعبية تضمن استعراضات "التنورة، والعصا" والفرقة من تدريب الفنان سيد توني، كما قدمت فرقة كورال الأطفال بقصر ثقافة المنيا بقيادة المايسترو عصام الشاذلي مجموعة مختارة من الفقرات الفنية والأغاني الوطنية منها "كلنا جيش وشرطة"، و"عبد الودود"، "إحنا الشعب"، "عاش العريس".
وضمن أنشطة فرع ثقافة المنيا برئاسة الدكتورة رانيا عليوة، التابع لإقليم وسط الصعيد الثقافي برئاسة محمد نبيل، أقامت مكتبة العمارية الغربية محاضرة بعنوان "الرجل الذى حطم خط بارليف" للمحاضرة رانيا قاسم شحاتة، وتناولت بها بطولة اللواء باقي زكي يوسف، صاحب فكرة استخدام المياه في فتح الساتر الترابي، بجانب تنفيذ العديد من الورش الفنية المتنوعة بالمواقع الثقافية احتفالا بذكرى نصر أكتوبر المجيد منها مكتبة نواي، ومكتبة إسحاق، بيت ثقافة ديرمواس، وثقافة دلجا وبنى مزار.
في سياق آخر، قدم بيت ثقافة بني مزار حلقة بحثية بعنوان "دور التفاعل الاجتماعي للأمن في استقرار وتنمية المجتمع"، وذلك في إطار اليوم الدولي للعنف، حاضرها الدكتور رمضان أبو سمرة، وتناول فيها قضية العنف وأنواعه وأسبابه، وتأثير العنف على الفرد والمجتمع، وأن العنف له شكل حسي وشكل نفسي، وله صور متعددة كالضرب والقتل والتحرش والتنمر وفرض الرأي على الآخر، كما تحدث عن تقبل الآخر رغم اختلاف الديانة أو الثقافة، ونبذ العنف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فرع ثقافة المنيا الهيئة العامة لقصور الثقافة عمرو البسيوني ذكرى نصر أكتوبر المجيد ثقافة المنیا
إقرأ أيضاً:
قبل أن يقع الخلل
خالد بن حمد الرواحي
في مؤسساتٍ كثيرة، لا تبدأ الحركة إلّا بعد أن يقع الخلل، ولا تُستدعى الحكمة إلا حين تتعقّد المشكلة. نعيش ثقافةً تُجيد إطفاء الحرائق أكثر مما تُحسن منع اشتعالها، فتتحوّل الإدارات إلى غرف طوارئ لا تهدأ إلا لتشتعل من جديد. وبين أزمةٍ وأخرى، يبرز سؤالٌ مُقلق: لماذا ننتظر حتى تتفاقم الأمور؟ ولماذا لا يتحول التخطيط الوقائي إلى ممارسةٍ مؤسسية ثابتة بدل أن يبقى ردّة فعل متأخرة؟ لقد أصبح انتظار المشكلة كي تُعلن عن نفسها جزءًا من الروتين اليومي، مع أن نصف الجهد كان يمكن توفيره… لو أننا بادرنا في اللحظة المناسبة.
تعود جذور هذا السلوك إلى منظومةٍ إدارية اعتادت التعامل مع الواقع خطوةً بخطوة، لا مع المستقبل وما يحمله من احتمالات. فحين يغيب التخطيط الاستباقي، يتحوّل الموظفون إلى منفذين جيدين، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على التنبؤ أو اتخاذ المبادرة. وتغدو التقارير مرآةً لما حدث، لا لما يمكن أن يحدث، بينما ينشغل القادة بمعالجة النتائج بدل فهم الأسباب. ومع مرور الوقت، يتكرس داخل المؤسسة وعيٌ جمعي يقوم على الانتظار: ننتظر الشكوى لنُحسِّن، وننتظر التعثر لنُعدِّل، وننتظر الأزمة لنغيّر. وهكذا تعود المشكلات بالوجوه ذاتها والسيناريو نفسه، وكأن الزمن يعيد تشغيل الحلقة ذاتها دون توقف.
وغالبًا ما تتوارى خلف هذا النمط أسبابٌ أعمق من مجرد نقص الأدوات؛ فالمبادرة تحتاج إلى شجاعة، بينما الاستجابة لا تتطلب أكثر من الامتثال. فالموظف الذي يبادر يتحمّل مسؤولية قراره ويعرّض نفسه لاحتمال الخطأ، في بيئة قد لا تُميّز دائمًا بين الاجتهاد المخلص والخطأ المبرَّر. أما الاستجابة فهي الطريق الأكثر أمانًا؛ لا مخاطرة، ولا مساءلة، ولا حاجة لاستشراف المستقبل أو مواجهة المجهول. وهكذا تتسع دائرة الحذر، ويتراجع الحسّ الابتكاري، حتى تغدو المبادرة استثناءً فرديًا لا ثقافةً مؤسسية راسخة.
وليس أدلّ على أثر هذا السلوك من المشاهد اليومية في الميدان؛ فحين تُعالج المشكلة بعد وقوعها، تكون كلفتها أعلى ووقتها أطول وانعكاساتها أعمق. تتكدس المعاملات، وتتأخر الخدمات، ويُرهق الموظفون في محاولات اللحاق بما فات. والأصعب من ذلك أن ثقة المتعاملين تتآكل تدريجيًا، لأن المؤسسة لا تبدو مستعدة ولا مبادرة. ومع مرور الوقت، يتحول الضغط إلى جزءٍ من البيئة، ويغدو العمل تحت «مُنبّه الأزمات» هو النمط السائد، بينما تتبخر فرص التحسين الوقائي التي كان يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا بأقل جهد وأوضح أثر.
المؤسسات التي تتجاوز هذه الدائرة ليست بالضرورة تلك التي تمتلك موارد أكبر، بل تلك التي تبني عقلية مختلفة. فهي تدرك أن المبادرة ليست مشروعًا إضافيًا بل طريقة عمل، فتزرع في فرقها منهجية رصدٍ مبكرٍ للمخاطر، وتمنح موظفيها مساحة آمنة للتجريب، وتشجعهم على طرح الأسئلة قبل ظهور المشكلة لا بعدها. أما المؤسسات التي تكتفي بالاستجابة، فهي غالبًا ما تُغلق الأبواب أمام الأفكار الجديدة وتنتظر التعليمات قبل كل خطوة، فتتقدم خطوة حين يتقدم الآخرون عشر خطوات. وهنا يتجلى الفارق بين مؤسسة تصنع الحدث… وأخرى تكتفي بملاحقته.
وفي نهاية المطاف، لا تحتاج مؤسساتنا إلى جهدٍ خارق كي تنتقل من ثقافة الاستجابة إلى ثقافة المبادرة، بل إلى وعي إداري يدرك أن الوقاية ليست رفاهية، وأن الاستباق جزءٌ أصيل من الحوكمة الحديثة. فحين يتبنى القادة عقلية المبادرة، ويتعاملون مع المستقبل بروح الباحث لا بردّات الفعل، يتحوّل الخلل من مصدر إرباك إلى فرصة تحسين. وعندما يشعر الموظف بأن المؤسسة تثق في اجتهاده وتسمح له بأن يسبق المشكلة بخطوة، تتولد طاقة إيجابية تدفع الجميع نحو أداءٍ أذكى وأكثر استدامة. فالمبادرة ليست مهارة فردية فحسب، بل ثقافة تُبنى… ونقلة تصنع الفرق بين مؤسسة تُطفئ الحرائق، وأخرى تمنع اشتعالها.
رابط مختصر