جريدة الوطن:
2025-07-03@15:06:49 GMT

نبض المجتمع : الأدب السياحي

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

نبض المجتمع : الأدب السياحي

يُمثِّل الأدب بكُلِّ عناصره، سواء النثر أو الشعر أحد الأساليب التي ما فتئت صناعة السِّياحة العالَميَّة في استغلالها لخدمة أهدافها. فالواقع كُلُّ شيء يجِبُ تطويعه لعمليَّة جذب السَّائح وزيادة شغفه، وأن تتمَّ صناعة الحدث والترويج له إعلاميًّا وخصوصًا مع تطوُّر واتِّساع رقعة التأثير الإعلامي بحُكْم تعدُّد الوسائط وانتشارها.


وكُلُّ ذلك يعتمد في الأساس على وجود خطَّة واضحة ومُحدَّدة بكُلِّ إجراءاتها لجعلِ أحداث رواية ما مثلًا على سلَّم أولويَّات السَّائح عِند زيارته للمنطقة التي دارت فيها أحداث تلك الرواية، ويكُونُ الأمْرُ أكثر إمتاعًا إذا كانت هذه الرواية قَدْ تحوَّلت إلى فيلم سينمائي شهير عِندها تكُونُ الرغبة أكثر إلحاحًا وشغفًا لزيارتها وتوثيق أحداثها، وقَدْ أدَّت الوسائط والبرامج التي أفرزتها الثَّورة الصناعيَّة الرابعة دَوْرًا مضاعفًا في ذلك.
والواقع أنَّ هنالك الكثير من المواقع ذات الارتباط بأحداث روائيَّة أو شعريَّة أو تاريخيَّة، ولكنَّ الأمْرَ يرتبط بمدى قدرتنا على الترويج الصحيح لها. فكثير من دوَل العالَم لدَيْها هذا الجانب، ولكن كم هي الدوَل التي استغلَّته سياحيًّا وعدَّته مصدرًا للناتج المحلِّي شأنه شأن النفط مثلًا. لا شكَّ أنَّها الأفكار هي التي تبدع في المقام الأوَّل وهي مَن يغيِّر المسار، فكما أنَّ هنالك دوَلًا لا توجد لدَيْها موارد طبيعيَّة وتستورد جميع احتياجاتها ولكنَّها دوَل متطوِّرة اقتصاديًّا والعكس موجود أيضًا، فلا شكَّ أنَّ الفكر السِّياحي أيضًا تنطبق عَلَيْه ذات القاعدة.
نتحدَّث هنا مثلًا عن قصَّة روميو وجولييت وهي رواية عالَميَّة مشهورة وقَدِ اتَّخذت من مدينة فيرونا الإيطاليَّة مسرحًا لقصَّة هذيْنِ البطلَيْنِ ومُثِّلت العديد من المسرحيَّات والأفلام حَوْلَ هذه القصَّة، ورغم أنَّ هذه القصَّة هي الأساس غير واقعيَّة، وإنَّما من نسيج خيال الكاتب الإنجليزي شكسبير ولا تمتُّ لمدينة فيرونا بصِلَة واقعيَّة، إلَّا أنَّ الفكر السِّياحي لصناعة السِّياحة الإيطاليَّة وظَّف هذه الرواية بطريقة أسهَمتْ في جذب ملايين السيَّاح سنويًّا لزيارة المدينة، حيث تمَّ وضع تماثيل لروميو وجولييت وتصميم مواقع مستوحاة من أحداث الرواية لإظهار الحدَث بتناغم تامٍّ مع خيال الكاتب. نلاحظ هنا أنَّ الرواية في الأصل ليست واقعيَّة، ولكن تمَّ تكييفها بصورة احترافيَّة لتتطابق مع الواقع لدرجة أنَّ الكثير من السيَّاح لا يعتقد بذلك. في المقابل هناك أحداث لروايات حقيقيَّة وبمواقعها الأصليَّة، ولكن لا يتمُّ الالتفات لها، لماذا؟ لأنَّه لا توجد صناعة في ذلك المكان، وليس ببعيد عن إيطاليا، ففي رومانيا أيضًا تقع قلعة دراكولا والتي ألَّف الكاتب الإنجليزي برام ستوكر روايته الشهيرة بنَفْسِ الاسم، ورغم أنَّ ما كتب في الرواية هو من خيال الكاتب إلَّا أنَّ القاسم المشترك فيما بَيْنَهما كان ضئيلًا باعتراف الكاتب نَفْسِه، وقَدِ اشتهرت القلعة بعد تأليف الرواية، فأصبحت الرواية هي سبب الشهرة، وربَّما يرجع السَّبب الأساس أيضًا في كلا المثالَيْنِ إلى تحوُّل هذه الروايات إلى أفلام عالَميَّة ساعدت ـ بلا شك ـ في تشجيع النَّاس وشغفهم بزيارتها.
من هنا يظهر لنَا أنَّ عناصر صناعة السِّياحة لا تعتمد فقط على بناء الفنادق الراقية أو المتنزهات والحدائق والمراكز التجاريَّة الكبيرة. بمعنى آخر، ليس الأمْرُ مرتبطًا فقط بالجوانب المادِّيَّة، بل يتعدَّاه للجوانب الثقافيَّة والمعرفيَّة التي لا تقلُّ أهمِّية في عمليَّة جذب السَّائح عن تلك الجوانب المشاهدة بالعَيْنِ المُجرَّدة. فالسيَّاح يتباينون في اهتماماتهم ورغباتهم، وبالتَّالي يجِبُ أن تتوافرَ في كُلِّ دَولة تهتمُّ بهذا الجانب جميع الخيارات لِتتناسبَ مع أذواق واهتمامات كُلِّ فئة من هؤلاء السيَّاح. وهنا تظهر أهمِّية استغلال المجال الأدبي لأيِّ أُمَّة في جذب السِّياحة لها؛ لوجود عددٍ كبير من السيَّاح ممَّن تستهويهم هذه الجوانب أكثر من غيرها. وما الروايات العُمانيَّة التي فازت بجوائز عالَميَّة وعربيَّة إلَّا مثال يُمكِن الاستفادة مِنْه في عمليَّة الترويج السِّياحي للسَّلطنة عن طريق تفعيل أحداث رواية معيَّنة وتجسيد شخوصها والترويج لها لِتكونَ مَعْلمًا يشدُّ السيَّاح رحالهم إليه كأحد الجوانب والمجالات المدرجة على خريطة السِّياحة العُمانيَّة.

د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

دواء جديد ينقص الوزن دون حقن ولكن هل يحافظ على الكتلة العضلية؟

كشفت دراسة حديثة عن دواء فموي جديد لإنقاص الوزن يمكن أن يساعد على حرق الدهون وتخفيض مستويات السكر في الدم، تماما مثل أوزمبيك وناهضات الببتيد شبيه الغلوكاغون-1 (Glucagon-Like Peptide-1 Agonists) الأخرى، ولكن دون أن يسبب فقدان العضلات، ويخضع الدواء الجديد حاليا لتجارب على البشر.

وأجرى الدراسة فريق دولي من الباحثين بقيادة شركة "أتروجي إيه بي" (Atrogi AB) للتكنولوجيا الحيوية، ونشرت نتائجها في مجلة "سيل" (Cell) في 23 يونيو/حزيران الماضي، وكتبت عنها مجلة نيوزويك الأميركية.

وصرح البروفيسور شين رايت، المؤلف المشارك في الدراسة من معهد كارولينسكا في السويد: "يمثل هذا الدواء نوعا جديدا كليا من العلاجات، وله أهمية كبيرة لمرضى السكري من النوع الثاني والسمنة".

تعمل ناهضات الببتيد شبيه الغلوكاغون-1، مثل أوزمبيك جزئيا عن طريق تغيير إشارات الدماغ والأمعاء لتقليل الجوع، وقد تشمل آثارها الجانبية فقدان كتلة العضلات.

دواء أوزمبيك يتم أخذه عن طريق الحقن (رويترز)

ينتمي الدواء الجديد إلى عائلة ناهضات مستقبلات بيتا 2 (β2 agonist)، التي تعمل عن طريق تنشيط مسارات الإشارات في الجسم بطريقة تؤثِّر إيجابا على العضلات، وتستخدم ناهضات مستقبلات بيتا 2 لعلاج الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، ولا يسبب الدواء الجديد إفراطا في تحفيز القلب على عكس ناهضات مستقبلات بيتا 2 الحالية.

وأثبت الدواء فوائده في نماذج الفئران المصابة بالسكري ونماذج الجرذان المصابة بالسمنة في كل من تكوين الجسم والتحكم في سكر الدم.

أظهرت نتائج تجربة سريرية من المرحلة الأولى (التي شملت 48 شخصا سليما و25 شخصا مصابا بداء السكري من النوع الثاني) أن الدواء آمن، في حين أن فعالية العلاج الجديد لم تقيم بعد على البشر.

وصرح توري بينغتسون، أستاذ علم الأحياء الجزيئي بجامعة ستوكهولم السويدية والمؤلف المشارك في الدراسة: "تشير نتائجنا إلى مستقبل يمكننا فيه تحسين الصحة الأيضية دون فقدان كتلة العضلات".

إعلان

وأضاف: "العضلات مهمة في كل من داء السكري من النوع الثاني والسمنة، كما أن كتلة العضلات ترتبط ارتباطا مباشرا بمتوسط ​​العمر المتوقع".

أوضح الفريق أن من مزايا الدواء الجديد أنه يمكن تناوله مع أوزمبيك وغيره من ناهضات الببتيد شبيه الغلوكاغون-1، نظرا لاختلاف آلية عمله.

وأوضح رايت: "هذا يجعلها قيّمة كعلاج مستقل أو بالاشتراك مع أدوية ناهضات الببتيد شبيه الغلوكاغون-1".

وبعد اكتمال هذه الدراسة الأولية، يتطلع الباحثون الآن إلى إجراء دراسة أوسع نطاقا لمعرفة ما إذا كان الدواء يقدم الفوائد نفسها للبشر المصابين بداء السكري من النوع الثاني أو السمنة كما كان الحال في نماذج الفئران المصابة بهذه الحالات.

مقالات مشابهة

  • الموت يُغيّب حرم السيّد محمد حسين فضل الله
  • محافظ الأحساء يستقبل أعضاء مجلس إدارة جمعية الأدب المهنية وسفراءها بالمحافظة
  • وفاة الكاتب الصحفي عادل السروجي نائب رئيس تحرير الأهرام المسائي
  • إعلام الفيوم يستضيف الكاتب الصحفى "محمود مسلم" فى الأحتفال بثورة ٣٠ يونية
  • بعد اغتياله في إيران... جثمان درع السيّد نصرالله في مطار بيروت (فيديو)
  • فوربس: شركات التكنولوجيا الكبرى تعود لقيادة السوق ولكن بأي ثمن؟
  • الأهلي يرغب في إعارة عبد القادر في الموسم المقبل.. ولكن
  • الفكاهة في الأدب
  • القضاء الجزائري يؤيد حكما بسجن الكاتب صنصال 5 سنوات
  • دواء جديد ينقص الوزن دون حقن ولكن هل يحافظ على الكتلة العضلية؟