مع نهاية العدوان الإسرائيلي على إيران، وتراجع غبار زوبعة النقاشات -غير المجدية- حول النصر والهزيمة، يمكن البحث في الأسئلة الاستراتيجية حول هذه الحرب، وكيف يمكن أن تغير "عقيدة" الطرفين المتصارعين السياسية والاستراتيجية والعسكرية.

سيتناول هذا المقال عقيدة إيران السياسية، التي بدأت بالتشكل بعد الثورة الإسلامية ونضجت خلال العقود التي تلتها، خصوصا بعد منتصف التسعينات، وكيف يمكن أن تتأثر بمسار ونتيجة الحرب الأخيرة.



مواجهة إسرائيل عبر الوكلاء/ الحلفاء

أظهرت إيران عداءها لدولة الاحتلال والولايات المتحدة مباشرة بعد انتصار الثورة الإسلامية، وعبرت عن ذلك عبر الشعارات من جهة، وعبر السياسات، وعبر الدبلوماسية من خلال إحلال منظمة التحرير بديلا للاحتلال في سفارته في طهران.

ولكن الجمهورية الوليدة، كانت تدرك أنها غير قادرة على قتال دولة الاحتلال مباشرة، رغم الشعارات الكبيرة التي كانت ترفعها، ولذلك اعتمدت استراتيجية تقوم على مواجهة "إسرائيل" عبر تشكيل تحالفات وأحيانا وكلاء.

هذه المعادلة مربحة لإيران، فهي تمتلك لاعبين غير دولتيين لمناوشة "إسرائيل" والتأثير في الدول العربية، دون أن تدخل مواجهة مباشرة لا مع الدول العربية ولا مع "إسرائيل". ظلت هذه المعادة هي التي تحكم سلوك إيران، حتى عندما ظهر للجميع بعد عملية 7 أكتوبر أن "دولة الاحتلال" لم تعد هي نفسها قبل 7 أكتوبر، وبالتالي فإن المقاربة الإيرانية التقليدية في التعامل معها هي أيضا لم تعد تصلح
أقامت إيران علاقات استراتيجية مع نظام حافظ الأسد منذ انتصار الثورة الإسلامية، وتابعت واستثمرت في هذه العلاقة مع نظام بشار الأسد. أسست حزب الله ودعمته، ليصبح المعبِّر الأقوى عن الطائفة الشيعية في لبنان بعد انتصاره في صراعه مع أمل في الثمانينات، كما أصبح الطرف اللبناني الوحيد الذي يمتلك السلاح تقريبا بعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان. بعد ظهور حركات المقاومة الفلسطينية ذات الخلفية الإسلامية (حماس والجهاد) وتصاعد قوتها، أقامت إيران علاقات جيدة معها، ودعمتها بالمال والسلاح حسب ما تقره هذه الحركات علنا. وبعد احتلال العراق، أصبح لدى إيران عدة أذرع مسلحة في هذا البلد الذي أصبح ساحة شبه فارغة للنشاط الإيراني. وأخيرا، دعمت طهران جماعة الحوثيين التي استطاعت السيطرة على الجزء الشمالي من اليمن، منذ سنوات.

استطاعت إيران من خلال هذه التحالفات أن تصنع نفوذا عابرا لحدود الدول العربية، ولكنها استخدمت أيضا هذه التحالفات كعنصر قوة يناوش أو يهدد "إسرائيل" ويعطيها في نفس الوقت ورقة ضغط في مفاوضاتها وصراعاتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية.

كانت هذه المعادلة مربحة لإيران، فهي تمتلك لاعبين غير دولتيين لمناوشة "إسرائيل" والتأثير في الدول العربية، دون أن تدخل مواجهة مباشرة لا مع الدول العربية ولا مع "إسرائيل". ظلت هذه المعادة هي التي تحكم سلوك إيران، حتى عندما ظهر للجميع بعد عملية 7 أكتوبر أن "دولة الاحتلال" لم تعد هي نفسها قبل 7 أكتوبر، وبالتالي فإن المقاربة الإيرانية التقليدية في التعامل معها هي أيضا لم تعد تصلح. وقد ظهر هذا جليا في العدوان الذي شنته "إسرائيل" على إيران بمشاركة الولايات المتحدة، وهو ما نقل الحرب الفعلية للأراضي الإيرانية بعد أن ظل بعيدا عنها لعقود طويلة (باستثناء بعض الضربات الجراحية).

مع انتهاء الجولة الأخيرة من العدوان الإسرائيلي على إيران، فإن الاستنتاج الاستراتيجي الأول الذي يمكن أن تتوصل له إيران هو أن مواجهة إسرائيل لا يمكن أن تتم فقط عبر الحلفاء أو الوكلاء، وأنها بالتالي يجب أن تكون مستعدة للحرب بنفسها، بما يتطلبه ذلك من أدوات سياسية وعسكرية.

ترتيب البيت الداخلي.. والتوسع المحسوب

أظهرت الحرب الأخيرة حجم الاختراق الهائل لإيران من قبل دولة الاحتلال. من المتوقع أن تبدأ طهران بدراسة أسباب هذا الاختراق، وأن تبدأ بالعمل على تجاوز هذه الأسباب.

ثمة عوامل كثيرة يمكن أن تفسر الاختراق الإسرائيلي بمقابل نجاحات استخبارية محدودة لإيران ضد الاحتلال. أهم هذه العوامل هو ما ذكرناه سابقا من استبعاد إيران للحرب المباشرة مع "إسرائيل"، وهو ما أدى كما يبدو إلى نوع من التراخي، قاد إلى النجاح الاستخباري الكبير لدولة الاحتلال في إيران.

أما العامل الثاني فهو الأوضاع الداخلية في إيران، حيث يشكل وجود عداء لدى بعض فئات أي شعب للدولة أرضية خصبة للاختراق، كما يشكل الفقر والبؤس الاقتصادي والاجتماعي سببا مهما في قدرة العدو على اختراق بعض الفئات.

ومن المحتمل أن توسع إيران في المنطقة بطريقة تفوق قدرتها وإمكانياتها، وخصوصا في الساحة السورية خلال 13 عاما من الصراع هناك، يمكن أن يكون سببا رئيسيا آخر في نجاح دولة الاحتلال في اختراقها، بسبب الانكشاف الكبير الذي يسببه مثل هذا التوسع.

إيران يمكن أن تلجأ لتغيير سياساتها في الداخل، بحيث تصبح الدولة أكثر تمثيلا لجميع فئات الشعب، كما أنها يفترض أن تجعل حل أزماتها الاقتصادية هي الهدف الاستراتيجي الأهم خلال السنوات القادمة، لتقليل نسبة الفقر ورفع سوية التعليم، ومنع تشكل أرضية مناسبة للعمل الاستخباري من قبل أعدائها. وعلى الصعيد الخارجي، فإن التجربة السورية وتجربة الحرب الأخيرة يفترض أن تكون جرس إنذار لطهران
إذا صح هذا التحليل، فإن إيران يمكن أن تلجأ لتغيير سياساتها في الداخل، بحيث تصبح الدولة أكثر تمثيلا لجميع فئات الشعب، كما أنها يفترض أن تجعل حل أزماتها الاقتصادية هي الهدف الاستراتيجي الأهم خلال السنوات القادمة، لتقليل نسبة الفقر ورفع سوية التعليم، ومنع تشكل أرضية مناسبة للعمل الاستخباري من قبل أعدائها. وعلى الصعيد الخارجي، فإن التجربة السورية وتجربة الحرب الأخيرة يفترض أن تكون جرس إنذار لطهران، للتوقف عن التوسع غير المحسوب في المنطقة العربية، والذي كلفها الكثير من علاقاتها وصورتها لدى الشعوب العربية واقتصادها ومقدراتها العسكرية، وزاد من انكشاف قدراتها أمام العمل الاستخباري لدولة الاحتلال.

"عقيدة" التحالفات والدفاع

أظهرت الحرب الأخيرة أن إيران تمتلك برنامجا صاروخيا متقدما نسبيا ومنظومة من الطائرات المسيرة المؤثرة، ولكنها في نفس الوقت تفتقر للدفاعات الجوية المناسبة لمواجهة عدوان "إسرائيل" فضلا عن الولايات المتحدة، كما أنها كما يبدو تفتقر للطائرات الحربية المقاتلة التي يمكن أن تصنع توازنا استراتيجيا مقابل قوة دولة الاحتلال الجوية.

ترتبط عقيدة الدفاع والسلاح الجوي لإيران ارتباطا عضويا بالتحالف الخارجي الرئيسي لها، والمقصود به مع روسيا. وإذا أرادت إيران أن تغير المعادلة الجوية المختلة أمام "إسرائيل"، فليس أمامها سوى تعديل عقيدة التحالفات والدفاع من خلال توثيق العلاقات السياسية والدفاعية مع الصين، التي باتت تنافس الغرب في مجال التصنيع العسكري والأمني وقطاع الحرب السيبرانية. كما أنها يمكن أن تتخلى عن تحفظاتها السياسية وتعمل على تمتين العلاقة مع تركيا والباكستان، اللتين تمتلكان برنامجا دفاعيا يمكن أن يساهم في توسيع منظومة الدفاع الإيرانية.

لا يمكن لدولة في صراع مستمر مع الغرب أن تعتمد فقط على حليف واحد، لأن هذه المعادلة هي وصفة حتمية للفشل.

الخلاصة، إذا أرادت إيران أن تستمر بعقيدتها الحالية للسياسة الخارجية والتي تقوم على الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة، فإنها يجب أن تغير من استراتيجيتها تجاه الاعتماد فقط على الحلفاء غير الدولتيين في الحرب والاستعداد للمواجهة المباشرة، وأن تعيد ترتيب بيتها الداخلي وتحسن علاقاتها مع الجوار العربي وتتوقف عن التوسع غير المحسوب في هذا الجوار، وأن تعيد النظر في عقيدة الدفاع وخارطة التحالفات.

x.com/ferasabuhelal

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي إيران الاستراتيجية عقيدة الدفاع إيران إسرائيل دفاع عقيدة استراتيجية مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الحرب الأخیرة دولة الاحتلال الدول العربیة یفترض أن کما أنها یمکن أن لم تعد

إقرأ أيضاً:

الجنسية البرتغالية ستصبح واحدة من أصعب الجنسيات التي يمكن الحصول عليها في أوروبا

تبتعد البرتغال عن المعيار الذي وضعه الاتحاد الأوروبي. حيث تضاعفت فترة الإقامة ولم تعد الجنسية لأبناء المهاجرين تلقائية. ماذا عن المعايير المتبعة في بقية دول أوروبا؟ اعلان

تمثل مقترحات الحكومة، التي وافق عليها مجلس الوزراء هذا الأسبوع، لإعادة صياغة قانون الجنسية تغييرًا جوهريًا في النظام الحالي، مما يضع البرتغال ضمن الدول الأوروبية التي لديها أكثر المعايير تطلبًا للحصول على الجنسية.

ينص الاقتراح، الذي سيتم مناقشته والتصويت عليه في البرلمان الأسبوع المقبل، على زيادة الحد الأدنى لمدة الإقامة القانونية المطلوبة من خمس إلى عشر سنوات، باستثناء مواطني مجموعة البلدان الناطقة بالبرتغالية، الذين يُقترح أن تكون مدة الإقامة القانونية المطلوبة سبع سنوات. هذا التغيير يبعد البرتغال أكثر عن المتوسط الأوروبي، الذي يتراوح بين خمس وسبع سنوات. على سبيل المثال، تُبقي فرنسا وبلجيكا وفنلندا وأيرلندا والسويد على الحد الأدنى المطلوب وهو خمس سنوات، بينما تسمح ألمانيا، بعد الإصلاح الأخير، بالتجنس بعد خمس سنوات أو حتى ثلاث سنوات إذا كان هناك دليل على الاندماج القوي. من ناحية أخرى، تشترط إسبانيا عشر سنوات، على الرغم من أن هذه الفترة تنخفض إلى سنتين في حالة المواطنين من دول أمريكا اللاتينية.

فيما يتعلق بمعرفة اللغة والثقافة، يهدف الاقتراح البرتغالي إلى تعزيز معايير الاندماج من خلال تقديم امتحان لا يغطي فقط المستوى A2 (الأساسي) المطلوب حاليًا في اللغة، ولكن أيضًا معرفة الثقافة والتاريخ والحقوق الأساسية للجمهورية. هذا يجعل البرتغال أقرب إلى ممارسات دول مثل فرنسا وألمانيا، التي تتطلب معرفة أكثر تعمقًا - يمكن أن يكون شرط اللغة الفرنسية معادلاً للمستوى B1 (المتوسط) أو B2 (المتقدم)، بينما في ألمانيا يعتبر مستوى B1 إلزاميا، إلى جانب امتحان الاندماج.

من ناحية أخرى، تشترط إسبانيا اختباراً لغوياً (B1 أيضاً) واختباراً ثقافياً يقيّم المعرفة الدستورية والاجتماعية والثقافية.

Relatedالإيطاليون يصوتون على استفتاء الجنسية وقوانين العمل في ظل انقسام حكومي-معارضاختبارات إلزامية وزيادة سنوات الإقامة.. البرتغال تشدد شروط الجنسيةأي دولة أوروبية توافق على أكبر عدد من طلبات الحصول على الجنسية؟لم شمل الأسرة يصبح أكثر صعوبة

نقطة أخرى مثيرة للجدل في المقترحات هي المعايير المطبقة على الأطفال المولودين على الأراضي البرتغالية. إذ لم يعد أطفال الآباء الأجانب يحصلون تلقائيا على الجنسية ولا يمكنهم الحصول عليها إلا إذا كان أحد الوالدين على الأقل مقيمًا بشكل قانوني في البلاد لمدة ثلاث سنوات على الأقل وتم تقديم طلب رسمي. يتناقض هذا التغيير مع نماذج مثل النموذج الفرنسي، حيث يمكن الحصول على الجنسية تلقائيًا عند بلوغ سن 18 عامًا إذا كان الشاب قد عاش في فرنسا لمدة خمس سنوات على الأقل. أما ألمانيا فتمنح الجنسية عند الولادة لأطفال الأجانب طالما كان أحد الوالدين على الأقل مقيماً بشكل قانوني في البلاد لمدة خمس سنوات ولديه تصريح إقامة دائمة. في إسبانيا وإيطاليا، يعتمد التجنس بالميلاد على شروط متعددة ونادراً ما يكون تلقائياً.

كما خضع الحصول على الجنسية من خلال آلية لم شمل الأسرة إلى تشديد كبير في المعايير، مما دفع المنتقدين إلى اتهام الحكومة بالرغبة في التفريق بين العائلات.

وتتطلب القواعد الجديدة الآن أن يكون مقدم الطلب مقيمًا بشكل قانوني لمدة عامين قبل أن يمكن له ممارسة حقه في لم شمل الأسرة. لكن التشديد لا يتوقف عند هذا الحد: إذ تقصر السلطة التنفيذية الآن لمّ شمل الأشخاص الموجودين في الأراضي الوطنية على القُصّر؛ "أما البالغون فيتعين عليهم طلب ذلك خارج الأراضي البرتغالية ويخضعون لتصريح من السلطات". كما أصبح إثبات وسائل الإعاشة، بما في ذلك الإعانات الاجتماعية، والسكن الملائم إلزاميًا أيضًا. يجب أن يلتحق القاصرون بالتعليم الإلزامي.

سحب الجنسية من الأشخاص المحكوم عليهم

فيما يتعلق بإمكانية سحب الجنسية لأسباب أمنية أو جرائم خطيرة، ينص الاقتراح البرتغالي على سحب الجنسية من المواطنين المتجنسين الذين يرتكبون جرائم خطيرة بشكل خاص، مثل القتل أو الإرهاب. وهو إجراء معمول به في العديد من الدول الأوروبية: إذ لدى فرنسا وألمانيا وإسبانيا أحكام مماثلة لحالات تهديد الأمن القومي، خاصة عندما يكون الأفراد من حاملي الجنسية المزدوجة.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى إلغاء النظام الخاص لأحفاد اليهود السفارديم. فحتى وقت قريب، كان لدى البرتغال واحد من أكثر الأنظمة سخاءً في أوروبا في هذا المجال، حيث كان يسمح بالتجنس دون شرط الإقامة لأولئك الذين أثبتوا ارتباطهم بالمجتمعات السفاردية التي طُردت في القرن الخامس عشر. وفي إسبانيا، انتهت آلية مماثلة رسميًا في عام 2021. معظم دول الاتحاد الأوروبي ليس لديها أنظمة مماثلة.

Relatedالأرجنتين تفرض سياسات هجرة أكثر صرامة: ترحيل المدانين وقيود على الجنسية ورسوم جديدةأعداد قياسية من الأمريكيين تطلب الجنسية البريطانية منذ عودة ترامب للحكمفرنسا تضع ثلاثة شروط جديدة للحصول على الجنسية فما هي تلك المعايير؟الاستفتاء في إيطاليا

خلافًا للتشدد الأوروبي، نظّمت إيطاليا مؤخرًا استفتاءً يهدف إلى خفض مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من 10 إلى 5 سنوات. ورغم أن غالبية المشاركين في الاستفتاء (65 في المئة) صوّتوا لصالح تقليص المدة، إلا أن الاستفتاء لم يُقرّ بسبب تدني نسبة المشاركة، إذ لم تتجاوز الـ 30 في المئة.

كما تتضمّن مقترحات الحكومة أيضًا، في إطار إلغاء قوات الأمن الخاصة، إنشاء وحدة تابعة لجهاز الأمن العام تتولى مهام مراقبة الحدود، وضبط المهاجرين غير الشرعيين، وتنفيذ إجراءات إعادة المواطنين إلى بلدانهم الأصلية.

قواعد غير مألوفة حول العالم

في عدد من دول العالم، تتخطّى شروط الحصول على الجنسية مجرد الإقامة القانونية أو إتقان اللغة، لتشمل قواعد غير مألوفة تتعلّق بالولاء والانتماء. فالعديد من الدول لا تسمح بالجنسية المزدوجة، أو تشترط التخلي عن الجنسية الأصلية، بحجّة الحفاظ على الولاء للدولة وضمان الاتزام الكامل تجاهها. ومن بين هذه الدول اليابان والصين وجنوب أفريقيا، وحتى إسبانيا، التي تُجيز الجنسية المزدوجة فقط لمواطني دول أمريكا اللاتينية ذات الإرث الإيبيري، إلى جانب الفلبين وأندورا وغينيا الاستوائية.

في قطر، يُشترط على المتقدّمين للحصول على الجنسية اجتياز اختبار للولاء لقيم الدولة، يشمل تقييم السلوك الاجتماعي للفرد، مواقفه السياسية، ومدى مساهمته في المجتمع. أما في الفاتيكان، فترتبط الجنسية بالمناصب في الخدمة العامة، مثل الكرادلة والأساقفة والدبلوماسيين وأفراد الحرس السويسري ومسؤولين كنسيين آخرين رفيعي المستوى، ما يجعلها صالحة فقط بفترة تولي المنصب.

Relatedبريطانيا: هل تنتهك قوانين الجنسية الجديدة الخاصة باللاجئين الاتفاقيات الدولية؟الكويت تسحب الجنسية من 3701 شخصالسويد على عتبة تعديل دستوري يتيح لها سحب الجنسية من الأجانب المدانين بتهديد الأمن القومي

وتمنح إسرائيل الحق في الحصول على الجنسية لأي يهودي أو من ينحدر من سلالة يهودية مباشرة، في حين تعتمد فرنسا مسارًا مختلفًا إلى جانب نموذجها التقليدي لمنح جواز السفر الفرنسي. وتشمل هذه الطرق إمكانية منح الجنسية لمن يقوم بأعمال بطولية، كما في حالة مامودو غاساما، المهاجر المالي الذي مُنح الجنسية الفرنسية بعدما أنقذ طفلًا كان على وشك السقوط من شرفة في باريس.

في بوتان، يُعرف نظام منح الجنسية في بوتان بصرامته الشديدة، إذ يشترط أن يكون المتقدّم قد أقام في البلاد لمدة لا تقل عن 20 عامًا، إلى جانب إثبات إتقانه للغة الدزونغخا.

تُظهر هذه الأمثلة كيف أنّ كل دولة تعتمد على قواعد مختلفة لمنح الجنسية، تعكس أولوياتها الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، أو حتى توجهاتها السياسية، كما هو الحال في البرتغال مع الاقتراح الذي قدّمه لويس مونتينيغرو.

وتشكل التدابير الجديدة تراجعًا عن النهج المنفتح الذي تبنّته البرتغال في السنوات الأخيرة، وتضعها في مرتبة أكثر تشددًا مقارنة بالعديد من شركائها الأوروبيين. وإذا ما أُقرّت هذه التعديلات، فستجعل مهمة الحصول على واحد من أكثر جوازات السفر قيمة في العالم، الذي يتيح الدخول إلى 189 دولة من دون تأشيرة، أكثر صعوبة وتعقيدًا.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • جواسيس إيران في إسرائيل.. الكشف عن مخطط لاغتيال شخصيات بارزة بدولة الاحتلال
  • الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: الإرادة الدولية لمحاسبة إسرائيل ما تزال غائبة
  • الحرب المفروضة على إيران.. نقلة إستراتيجية في مواجهة إسرائيل
  • يوسي ميلمان: إسرائيل عاجزة عن إيقاف عقارب الزمن الإيراني
  • مخاوف في مصر والأردن من مشروع خفي تعمل عليه إسرائيل بعد حربها ضد إيران
  • "هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهم
  • من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟
  • الجنسية البرتغالية ستصبح واحدة من أصعب الجنسيات التي يمكن الحصول عليها في أوروبا
  • مجلة أمريكية: حرب “إسرائيل” على إيران فشلت.. وردع طهران تعزز بدلاً من إضعافه