المملكة وكوريا .. ستة عقود تعزز مسيرة علاقاتهما التاريخية
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا علاقات تاريخية امتدت لأكثر من 60 عاماً، امتازت بالتوافق في جميع المجالات، حيث تقدر جمهورية كوريا حكومةً وشعباً مكانة المملكة ودورها القيادي إقليمياً وعالمياً.
وتعود جذور العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى العام 1962م، حينما وقّع الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وفخامة الرئيس الكوري “بارك شونغ هي”، اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية، نتج عنها افتتاح أول سفارة كورية في المملكة بمدينة جدة عام 1973م، فيما افتتحت المملكة سفارتها لدى جمهورية كوريا في العام التالي 1974م.
وتتسم العلاقات بين البلدين بالثبات والاستقرار خلال مسيرة علاقاتهما الممتدة طوال ستة عقود، وأثمرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية والرياضية.
وعززت القمة السعودية الكورية التي عقدت في الرياض عام 2015م، مسيرة العلاقات بين البلدين الصديقين التي تركزت في بدايتها على المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم تطورت عبر السنين لتشمل مجالات: الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة، وأسهمت في تحقيق مزيد من التقدم والتطور.
وشهدت العلاقات السعودية الكورية تطوراً مطرداً تُوج بإطلاق “الرؤية السعودية الكورية 2030″ في عام 2017، والتي تضمنت 40 مشروعاً ومبادرة لتأسيس الشراكة بين البلدين في 5 مجالات هي الطاقة والتصنيع، والبنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، وبناء القدرات، والرعاية الصحية وعلوم الحياة، والاستثمار.
وحققت زيارتا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى جمهورية كوريا في يونيو 2019 ونوفمبر 2022، قفزة نوعية في تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، حيث شهدت تحديد أولويات تطوير العلاقات الثنائية بينهما، وفقاً للرؤية السعودية الكورية 2030، خصوصاً في مجالات الطاقة النظيفة، والاستثمار والشراكة التجارية.
وأكد سموه خلال زيارته الأخيرة رغبة البلدين في الاستمرار بترسيخ أسس العلاقة التاريخية والعمل على استكمال الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون في جميع المجالات، آخذاً في الاعتبار ما يرتكز عليه البلدان الصديقان من ثقل سياسي، واقتصادي، وإقليمي، ودولي، وعضويتيهما في مجموعة العشرين، كما أكد تكثيف العمل المشترك لمواجهة كل ما يهدد الأمن والسلم الدوليين ويؤثر على أمن الطاقة وسلامة سلاسل الإمداد”.
واستكمالًا لتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في يناير 2022م، فخامة الرئيس مون جيه إن، رئيس جمهورية كوريا –آنذاك-.
ويعكس تأسيس اللجنة السعودية الكورية المشتركة قبل أكثر من 40 عاماً، استشعار قيادتي البلدين المبكر أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، والتنسيق وتكامل الجهود في مختلف المجالات بما يحقق الأهداف المرجوة ويخدم المصالح المشتركة.
وفي المجال الاقتصادي، تجمع البلدين شراكة اقتصادية وثيقة حيث تُعد المملكة المورد الأكبر للبترول في كوريا، كما جذبت البيئة الاستثمارية الواعدة للمملكة 132 استثماراً كوريًّا، بإجمالي رأس مال يتجاوز 3 مليارات دولار، وفي المقابل تملك ثلاث من أبرز الشركات السعودية، استثمارات في جمهورية كوريا برأس مال يبلغ 6.35 مليارات دولار.
وقد أسهمت العلاقات بين البلدين في ازدهار التبادل التجاري، وزيادة التعاملات المرتبطة بالنهضة التنموية التي تعيشها المملكة، وما يجري في إطارها من تنفيذ عددٍ من المشاريع الاقتصادية الحيوية والعملاقة، وتوسعة بعض المصانع والمنشآت النفطية، والبتروكيماوية والصناعية، والاستفادة من اقتصاديات المعرفة، وتطبيقات الحكومة الإلكترونية التي تملك الشركات الكورية خبرات واسعة فيها.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وجمهورية كوريا في العام 2021 نحو 26.506 مليون دولار، وسجّل الميزان التجاري فائضًا لصالح المملكة بقيمة 19.646 مليون دولار، حيث صدّرت المملكة لكوريا في العام نفسه بقيمة 23.076 مليون دولار، فيما استوردت المملكة من جمهورية كوريا بقيمة 3.430 ملايين دولار.
وأسهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع كوريا، والتي استفاد منها أكثر من 12 مشروعًا مشتركًا، تزيد قيمة تمويلها عن مليارين و826 مليون دولار، كما توجد استثمارات كورية صناعية في مدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية يبلغ عددها 3 مصانع كورية، تعمل في مجالات التصنيع المطاط، والبلاستيك، وأنابيب الصلب وغيرها.
وفي المجال الدفاعي، مهدت المملكة وجمهورية كوريا الطريق لشراكة دفاعية إستراتيجية، من خلال إنشاء اللجنة الوزارية السعودية الكورية للتعاون الدفاعي، تحقيقاً لمستهدفات رؤية 2030 في تمكين قطاع الصناعات العسكرية وتطويره.
وفي إطار التعاون والتنسيق العلمي بين البلدين؛ بدأ 48 مهندسًا سعوديًا في العام 2018 مشاريع مشتركة مع معهد أبحاث الطاقة الذرية الكوري (KAERI) في مدينة دايجون، وذلك لإعداد التصاميم الهندسية لمفاعل “سمارت” النووي في المملكة، مع برامج تدريبية مكثفة في مجالات مختلفة بالطاقة النووية، ومنها برامج متخصصة في تصميم قلب المفاعل، وتصميم نظام الموائع، والتصميم الميكانيكي، وتصميم التفاعل بين الآلة وتحليل السلامة لتقنية مفاعلات “سمارت”.
وسجلت الهيئة السعودية للملكية الفكرية (في العام 2021) 447 نموذجًا صناعيًا، و2881 علامة تجارية، و543 براءة اختراع، ضمن الإيداعات الفكرية للشركات الكورية، وتشير بيانات الهيئة إلى تصدر شركة إل جي إلكترونيكس إنك في عدد العلامات التجارية المسجلة بمجموع 332 علامة تجارية، بينما تتصدر شركة سامسونج إلكترونيكس كو ليمتد بعدد النماذج الصناعية المسجلة البالغة 145 نموذجًا، فيما تتفوق شركة دايوونج فارماسوتيكال كو ليمتد في عدد براءات الاختراع المسجلة لديها بعدد 16 براءة.
ولدى المملكة وجمهورية كوريا خطط متوائمة لمكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري، إذ أعلنت سيئول عن خطتها لتحقيق الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات الكربونية إلى مستوى الصفر في غضون العام 2050، ويتوافق ذلك مع مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وإعلان المملكة عزمها تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2060.
وفي يناير 2022، وعلى هامش “منتدى الاستثمار السعودي الكوري” الذي احتضنته العاصمة الرياض، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة “بوسكو”، وشركة “سامسونغ سي تي”، عن توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية؛ تهدف لتطوير مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لأغراض التصدير.
وشهدت العلاقات الثقافية بين المملكة وجمهورية كوريا تطوراً متسارعاً، تجلى في تزايد اهتمام السعوديين بالثقافة الكورية والعكس، خصوصاً فيما يتعلق بالأفلام والمسلسلات والعروض الموسيقية، مما يشجع البلدين على التوسع في التعاون في المجال الثقافي.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية السعودیة الکوریة جمهوریة کوریا ملیون دولار بین البلدین ا فی العام کوریا فی
إقرأ أيضاً:
العلاقات المتنامية مع إيطاليا تعطي دفعة للصادرات التركية
روما (زمان التركية)ــ بلغت الصادرات التركية إلى ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي 5.3 مليار دولار في الفترة من يناير إلى مايو، بارتفاع بنسبة 7.5٪ بعد اجتماع رفيع المستوى في أبريل.
وانعكس النمو في العلاقات بين تركيا وإيطاليا بشكل إيجابي على الصادرات التركية إلى الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي على الرغم من حالة عدم اليقين المستمرة في الاقتصاد العالمي بسبب الحماية التجارية والتوترات في الشرق الأوسط.
وانعقدت القمة الحكومية الرابعة بين إيطاليا وتركيا في روما في 29 أبريل بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال زيارة أردوغان لإيطاليا.
وقال الرئيس التركي خلال القمة إن تعاون البلدين في المجال الدفاعي حقق تقدما كبيرا، حيث أصبحا حليفين قويين.
وارتفعت الصادرات التركية إلى إيطاليا بنسبة 7.5% على أساس سنوي في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار إلى 5.3 مليار دولار، في حين ارتفعت الصادرات في مايو/أيار بنسبة 8% على أساس سنوي إلى 1.1 مليار دولار، وفقًا لجمعية المصدرين الأتراك.
وشكلت الصادرات التركية إلى إيطاليا 4.8% من إجمالي صادرات البلاد في الأشهر الستة الأولى من العام، في حين ارتفعت صادرات تركيا الإجمالية بنسبة 3.5% على أساس سنوي إلى 110.9 مليار دولار، و2.7% في مايو/أيار إلى 834.1 مليون دولار.
وتشكل صناعة السيارات الحصة الأكبر من الصادرات التركية إلى إيطاليا، حيث بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار، تليها المنتجات الكيميائية والسلع الكيميائية بقيمة 777 مليون دولار، والمعادن الحديدية وغير الحديدية بقيمة 472.5 مليون دولار، والصلب بقيمة 456.1 مليون دولار، والمنسوجات والمواد الخام بقيمة 327 مليون دولار.
وانخفضت صادرات السيارات بنسبة 5.6% والمنسوجات والمواد الخام بنسبة 1.8% خلال الفترة نفسها، في حين ارتفعت المنتجات والسلع الكيميائية بنسبة 14.6% والمعادن الحديدية وغير الحديدية بنسبة 37.4% والصلب بنسبة 9.4%.
وجاءت أعلى الصادرات من تركيا إلى إيطاليا من إسطنبول، بقيمة 1.8 مليار دولار، تليها محافظتي كوجالي وبورصة في شمال غرب البلاد بـ 727.4 مليون دولار و514.6 مليون دولار على التوالي، ثم إزمير بـ 327.2 مليون دولار، وأنقرة بـ 208.2 مليون دولار.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة الإيطالية في تركيا، ستيفانو كاسلوفسكي، لوكالة الأناضول، إن أرقام الصادرات أظهرت قوة وإمكانيات العلاقات التجارية بين تركيا وإيطاليا، معتبرا أنها ليست مجرد نمو عددي بل تحول هيكلي.
وقال كاسلوفسكي إن الغرفة تجمع بين مجتمعات الأعمال التركية والإيطالية منذ عام 1885، وقد راقبت عن كثب العوامل التي تقف وراء نجاح الأسس المتينة التي بنيت على مدى سنوات عديدة بين البلدين.
وأكد أن العلاقات التجارية بين تركيا وإيطاليا تعززت من خلال الاستثمارات المباشرة والمشاريع المشتركة، حيث تستثمر أكثر من 1500 شركة إيطالية في تركيا.
وذكر كاسلوفسكي أن إيطاليا هي ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في الاتحاد الأوروبي.
وقال إن حجم التجارة بين تركيا وإيطاليا ينمو على مر السنين، حيث وصل إلى 28 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 40 مليار دولار في السنوات المقبلة.
وقال إن 11 صفقة جديدة تم توقيعها خلال القمة في أبريل/نيسان الماضي، وهو ما يمثل شهادة على تعميق التعاون، ليس فقط في الجانب الاقتصادي، ولكن أيضا في المجالات الاستراتيجية الرئيسية، مثل الدفاع والطاقة والابتكار.
وأكد كاسلوفسكي أن ارتفاع معايير الجودة لدى الشركات التركية، وقدرتها المتزايدة على توصيل منتجات مصممة خصيصا للسوق الإيطالية، وتحسين البنية التحتية اللوجستية، ساهمت في ارتفاع الصادرات.
وقال إن إيطاليا، باعتبارها ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، لديها قطاعات قوية في الآلات والسيارات والأدوية والأغذية والسلع الفاخرة، كما أن جهود التحول الأخضر والرقمي في البلاد تقدم فرصًا كبيرة للمستثمرين الأتراك، في حين أن السكان الشباب في تركيا، والقدرة الإنتاجية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي يشكلون بيئة جذابة للمستثمرين الإيطاليين.
وقال كاسلوفسكي إن الغرفة نظمت فعالية جمعت خبراء الصناعة والمسؤولين لمناقشة الحلول العملية للمخاطر والفرص في التجارة الخارجية بين البلدين، حيث تمت مناقشة تحسين العمليات الجمركية وخفض التكاليف.
وأشار إلى أن حجم الصادرات الحالي يمكن أن يصل إلى 12-13 مليار دولار بحلول نهاية العام إذا استمر الاتجاه الصعودي الحالي، لكن الغرفة تهدف إلى تسهيل العلاقات التجارية ذات القيمة المضافة العالية والتكنولوجيا المكثفة والمستدامة بين البلدين، وتشجيع التعاون الوثيق بين مجتمعي الأعمال في البلدين، وتطوير مشاريع البحث والتطوير المشتركة، ودعم رواد الأعمال من الجيل القادم.
Tags: الصادرات التركيةحجم التجارة بين تركيا وإيطاليا