روسيا تتخطى العقوبات المالية الغربية عبر عملة مشفرة جديدة
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
كشفت صحيفة فايننشال تايمز أن عملة رقمية جديدة، مصممة للسماح بالمدفوعات عبر الحدود رغم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، أطلقها رجل أعمال من مولدوفا وبنك روسي تابع لقطاع الدفاع، قد حولت نحو 9.3 مليارات دولار عبر منصة تداول عملات رقمية مخصصة في غضون 4 أشهر فقط منذ إطلاقها.
وتم إطلاق عملة "إيه 7 إيه 5" (A7A5) في قيرغيزستان في فبراير/ شباط، وهي أول عملة مستقرة مرتبطة بالروبل الروسي، بهدف تسهيل التدفقات المالية واسعة النطاق من وإلى روسيا، التي تأثرت بشدة بالقيود الغربية.
وحسب تحليل أوردته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية للمحافظ المرتبطة بغرينكس Grinex، وهي منصة تداول عملات رقمية تأسست مؤخرًا في قيرغيزستان وتتداول فقط بعملة "إيه 7 إيه 5" والروبل وعملة مستقرة مرتبطة بالدولار، أن إجمالي قيمة "إيه 7 إيه 5" التي يتم نقلها من وإلى المحافظ المرتبطة بهذه المنصة بلغت 9.3 مليارات دولار.
وذكرت أن العملة المستقرة مدعومة بودائع بالروبل في برومسفياز بنك في موسكو، وهو بنك متخصص في قطاع الدفاع يخضع لعقوبات أميركية وبريطانية وأوروبية بسبب غزو فلاديمير بوتين الشامل لأوكرانيا.
وحسب الصحيفة، فإن النمو السريع للعملة يظهر بوضوح إذ يبلغ عدد وحداتها المتداولة الآن 12 مليار، ما يعادل 156 مليون دولار، وتستخدمها بكثافة مجموعة صغيرة نسبيًا من المستخدمين، الذين تبلغ تحويلاتهم اليومية عادةً أضعاف هذا الحجم.
لكن يبدو أن عملة "إيه 7 إيه 5" مرتبطة بمحاولات موسكو استخدام العملات المشفرة لتمويل حملات التأثير السياسي في الخارج، وفقًا لتقرير جديد صادر عن مركز مرونة المعلومات (سي آي آر)، وهي مجموعة بحثية غير ربحية مقرها لندن.
تُظهر سجلات الشركات الروسية أن شركة "إيه 7″، التي أطلقت العملة والخاضعة الآن لعقوبات بريطانية، مملوكة بحصة أغلبية لرجل الأعمال المولدوفي إيلان شور، والفار من الإقامة الجبرية في مولدوفا عام 2019 بعد إدانته بسرقة مليار دولار في أكبر عملية احتيال مصرفي في تاريخ البلاد.
إعلانوانتقل شور إلى موسكو، وأصبح مواطنًا روسيًا، وفي العام الماضي اتهمته شرطة مولدوفا بإدارة عملية شراء أصوات واسعة النطاق في الانتخابات المولدوفية، وهي اتهامات ينفيها.
وفي تقريره الجديد، وجد مركز مرونة المعلومات أن العديد من النطاقات المستخدمة في عمليات التأثير السياسي في مولدوفا تشترك في عنوان "آي بي" (المحدد لبيانات الاتصال بالإنترنت) واحد مع موقعي "إيه 7″ و"إيه 7 إيه 5".
تعاون مبكروقالت "إيه 7 إيه 5" إنها "تعاونت مع الفريق الفني لـ "إيه 7" في مرحلة مبكرة"، إلا أنها "قررت الانفصال تمامًا بسبب اختلاف وجهات النظر حول إستراتيجية التطوير" الشهر الماضي.
ويأتي إنشاء العملة المستقرة وسط تدقيق متزايد في المعاملات المرتبطة بروسيا للتحقق من الامتثال للعقوبات، واستبعاد بعض البنوك الروسية من شبكة سويفت الدولية للمراسلة.
ويمكن للمستخدمين الروس شراء عملة "إيه 7 إيه 5" على بلوكتشين ترون أو إيثريوم، ثم استخدامها لشراء عملة "يو إس دي تي" المستقرة المرتبطة بالدولار، ومن ثم يمكن للمستخدم سحب القيمة بأي دولة أو عملة يريدها.
وحسب للشركة، يُودَع روبل واحد في بنك برومسفياز مقابل كل عملية شراء لعملة "إيه 7 إيه 5″، مما يحمي العميل في روسيا من تقلبات العملات الرقمية التقليدية، وتؤكد الشركة أن مدققًا قيرغيزيًا مستقلًا تحقق من وجود هذه الاحتياطيات النقدية.
ويبدو أن "إيه 7 إيه 5" وغرينكس ظهرا وانتشرا في أعقاب انهيار نظام مدفوعات روسي رئيسي آخر.
وأغلقت سلطات إنفاذ القانون الأميركية منصة غارانتكس، أكبر بورصة عملات رقمية في روسيا، في مارس/آذار، وتعاونت "تيثر" وجمدت 23 مليون دولار من عملة "يو إس دي تي" محفوظة في محافظ غارانتكس.
ووصفت غارانتكس خطوة تيثر بأنها إعلان "حرب على سوق العملات الرقمية الروسية". وسارعت إلى دعوة العملاء لحضور اجتماعات حضوريا في مكتبها في موسكو لمناقشة استرداد الأصول المجمدة.
وحسب الصحيفة فإنه بالنسبة للمسؤولين الروس، أكد قرار تيثر على ضرورة إنشاء عملة مستقرة روسية، وقال عثمان كابالويف، نائب وزير المالية الروسي: "التطورات الأخيرة تدفعنا إلى التفكير في إنشاء أدوات محلية مثل يو إس دي تي".
وأضاف توماس، من مركز مرونة المعلومات: "إذا كانت لديك عملة مستقرة تُسيطر عليها جهة مقرها الغرب، فقد تخسر أموالك، بينما إذا كان مقر الأصل في روسيا أو دولة صديقة، فإن الاستثمار يكون أكثر أمانًا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عملة مستقرة إیه 7 إیه 5
إقرأ أيضاً:
غسل 5 تريليونات دولار سنويا.. خسائر أفريقيا 90 مليار دولار بسبب التدفقات المالية غير المشروعة
حذّر الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، من التصاعد المتسارع لاستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات التواصل الاجتماعي في تسهيل وتنفيذ عمليات غسل الأموال عالميًا، معتبرًا أنها تمثل تحديًا متناميًا يهدد الأنظمة المالية الدولية وجهود مكافحة الجريمة المنظمة.
وأوضح أن منصات مثل "تيك توك"، "إنستجرام"، "تليجرام" و"سناب شات" باتت تُستغل لتمرير أموال مشبوهة تحت غطاء إيرادات رقمية مشروعة، فيما تُستخدم تطبيقات مشفرة مثل "واتساب" و"سيجنال" لتنسيق العمليات بسرية تامة.
وأشار عبد الوهاب إلى أن تقارير أممية ودولية تكشف عن غسل ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار سنويًا، أي ما يعادل 3-5% من الناتج المحلي العالمي، فيما قفزت قيمة الأموال المغسولة عبر العملات المشفرة من مليار دولار عام 2018 إلى 40.9 مليار دولار في 2024. وأضاف أن أكثر من نصف عمليات الغسل تُدار عبر هياكل مؤسسية معقدة، ويُستخدم العقار في نحو 30% منها، لافتًا إلى أن إفريقيا وحدها تخسر 90 مليار دولار سنويًا بسبب التدفقات المالية غير المشروعة.
وكشف الخبير الاقتصادي أن مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال لعام 2025 صنّف دولًا مثل هايتي وتشاد وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن الأعلى مخاطرًا، في حين تسجل اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والمكسيك معدلات مرتفعة من هذه الجرائم رغم امتلاكها أنظمة رقابية قوية. وفي الشرق الأوسط، أشار إلى تفاوت مستويات الرقابة بين دول مثل موريتانيا والإمارات، التي تواجه ضغوطًا دولية لتشديد ضوابط مكافحة غسل الأموال.
ودعا عبد الوهاب إلى الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين لتتبع حركة الأموال وكشف الأنماط المشبوهة، مؤكدًا ضرورة التحرك التشريعي العاجل وتطوير سياسات مرنة تواكب التغيرات التقنية. كما شدد على أهمية رفع الوعي المجتمعي بمخاطر المحتوى الرقمي المضلل، مشيرًا إلى أن عام 2024 شهد فرض أكبر غرامات مالية على مؤسسات متورطة في غسل الأموال، ما يعكس بداية تحرك تنظيمي أكثر قوة لمواجهة هذه الظاهرة.