غزة بين مطرقة إسرائيل وسندان التضليل
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
يبدو أن الحرب بين حركة حماس وإسرائيل لا تقتصر على الميدان فقط، بل تمتد أيضا إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يحاول الطرف الإسرائيلي ومن يدعمه السيطرةَ على وصف الأحداث والتلاعب بالحقائق، فنرى أنه يتم حذف وتعطيل أغلب المنشورات المؤيدة للفلسطينيين بذريعة أن ما ينشر عن فلسطين يشجع على الإرهاب ويتنافى مع خوارزميات الشركات والمنصات الرقمية.
في الوقت الذي تتحيز فيه إدارات منصات التواصل الاجتماعي العالمية للمحتوى الصادر عن الاحتلال الإسرائيلي، يُقابَل المحتوى العربي الفلسطيني بنهج مغاير تماما من قِبل هذه المنصات بتقييده أو حظره بانحياز واضح للروايات الإسرائيلية، حيث أن المؤثرين العرب يجدون صعوبات بالغة في نقل المحتوى الداعم لفلسطين والوجه الحقيقي للصورة، إذ تحظر أغلب منشوراتهم ويتم تعطيل نشرها وانتشارها.
ولم تقتصر إجراءات فيسبوك وانستغرام على حذف المنشورات وتقويض وصولها إلى المتابعين، بل وقد وصلت إلى حظر الحسابات ومنع أصحابها من إعادة النشر، الشيء الذي رأى فيه نشطاء مواقع التواصل تعمد التعتيم الإعلامي بحجب أصواتهم الداعمة للحق والعدالة.
وفي دليل آخر على الانحياز التام من لدن المواقع للكيان الصهيوني، حذر الاتحاد الأوروبي شركات التكنولوجيا من عقوبات قانونية إذا لم تحذف أي محتوى مؤيد لحركة حماس من على المنصات، باعتبارها “منشورات مضللة ومشجعة على العنف -كما قال المتحدث باسم المفوضية بحسب وكالة رويترز- إن المحتوى المتداول عبر الإنترنت والذي يمكن أن يرتبط بحماس، يعد محتوى إرهابيا، وهو غير قانوني، ويجب إزالته بموجب قانون الخدمات الرقمية، واللائحة التنظيمية للحد من المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت.
وفي السياق عينه أظهرت مجموعة من التقارير الحديثة أن المحتوى الفلسطيني قد لاقى انتهاكات عديدة خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023م، حيث سجلت شركة فيسبوك ما معدله 356 انتهاكا، فيما بلغ عدد الانتهاكات على منصة إكس 68 انتهاكا، وحوالي 72 انتهاكا على منصة انستغرام، والأخرى موزعة على باقي المنصات.
وفي ظل التصاعد الأخير للأحداث الجارية في فلسطين والتقييد الواضح للمحتوى الفلسطيني، يحاول مجموعة من النشطاء التحايل على خوارزميات مواقع التواصل من خلال وضع فواصل أو رموز في الكلمات الدالة على المحتوى الخاص بالقضية الفلسطينية، ولا سيما التي تتناول أحداث قصف قطاع غزة والحدود الفلسطينية اللبنانية، أو التي تتضمن كلمات مثل القدس أو حماس، أو إسرائيل وغيرها من الكلمات إذ تتم كتابتها على سبيل المثال “إسر**ئيل“.
وعلى صعيد متصل ابتكر رواد آخرون طريقة أخرى لتمويه اللغة العربية وخداع الخوارزميات مع ضمان انتشار المنشورات دون حجب، وذلك بالاعتماد على كتابة النص باللغة العربية بلا نقاط، حيث يتم إدخال النص على أحد المواقع وتحويله إلى آخر بديل بلا نقاط مع إمكانية قراءته بسهولة.
وكان خبراء الشبكات الاجتماعية قد قدموا في ما سبق مجموعة من النصائح لتقليل حالات الحظر الذي قد يتعرض إليه الناشر إذا رغب في نشر صور ومنشورات داعمة للقضية الفلسطينية، ومن بين هذه النصائح: – تجنب إضافة أكثر من هاشتاغ في المنشور الواحد.
– إضافة محتوى إضافي في التعليق أو المنشور.
– عدم تكرار إرسال نفس الرسالة بطريقة آلية لجميع الأصدقاء والمتابعين.
الحرب الإلكترونية على انتشار المحتوى الفلسطيني ستظل محتدمة طالما نعيش تباينا واضحا في الآراء والمواقف، الشيء الذي أجج فكرة إنشاء مواقع تواصل عربية 100 % بهدف نقل الحقائق الكاملة ودون تزييف مع تفادي التداعيات السلبية للتحييد والحذف الإلكتروني، فهل فعلا هذا هو الحل؟ أم أنه من الضروري اتخاد إجراءات جديدة للتأثير على المجتمع الدولي وتغيير وجهة نظره حول الصراع؟
كاتبة مغربية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل يؤثر استخدام مواقع التواصل على تركيز الأطفال؟
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحرر التكنولوجيا، دان ميلمو، تناول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال.
وأفادت دراسة نقلها التقرير أن زيادة استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي تُضعف مستويات تركيزهم، وقد تُسهم في زيادة حالات اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.
ورصدت، الذي خضع لمراجعة الأقران، نمو أكثر من 8300 طفل أمريكي تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاما، وربط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بـ"زيادة أعراض عدم الانتباه".
ووجد باحثون في معهد كارولينسكا في السويد وجامعة أوريغون للصحة والعلوم في الولايات المتحدة أن الأطفال يقضون في المتوسط 2.3 ساعة يوميا في مشاهدة التلفزيون أو مقاطع الفيديو عبر الإنترنت، و1.4 ساعة على وسائل التواصل الاجتماعي، و1.5 ساعة في لعب ألعاب الفيديو.
ولم يُعثر على أي صلة بين الأعراض المرتبطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه - مثل سهولة تشتيت الانتباه - وبين لعب ألعاب الفيديو أو مشاهدة التلفزيون ويوتيوب.
ووجدت الدراسة أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدى فترة من الزمن كان مرتبطا بزيادة أعراض عدم الانتباه لدى الأطفال.
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو اضطراب في النمو العصبي، وتشمل أعراضه الاندفاع ونسيان المهام اليومية وصعوبة التركيز.
وقالت الدراسة: "لقد حددنا ارتباطا بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة أعراض عدم الانتباه، والذي فُسِّر هنا على أنه تأثير سببي محتمل. على الرغم من أن حجم التأثير صغير على المستوى الفردي، إلا أنه قد يكون له عواقب وخيمة إذا تغير السلوك على مستوى السكان. تشير هذه النتائج إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يُسهم في زيادة حالات تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".
وقال توركل كلينغبيرغ، أستاذ علم الأعصاب الإدراكي في معهد كارولينسكا: "تشير دراستنا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا هي التي تؤثر على قدرة الأطفال على التركيز".
وأضاف أن "وسائل التواصل الاجتماعي تنطوي على تشتيتات مستمرة في شكل رسائل وإشعارات، ومجرد التفكير في وصول الرسالة يمكن أن يكون بمثابة تشتيت ذهني. يؤثر هذا على القدرة على التركيز، وقد يُفسر هذا الارتباط".
وخلصت الدراسة إلى أن ارتباط اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لم يتأثر بالخلفية الاجتماعية والاقتصادية أو الاستعداد الوراثي لهذه الحالة.
وأضاف كلينغبيرغ أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تُفسر جزءا من الزيادة في تشخيصات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. فقد ارتفع معدل انتشاره بين الأطفال من 9.5 بالمئة في الفترة 2003-2007 إلى 11.3 بالمئة في الفترة 2020-2022، وفقا للمسح الوطني الأمريكي لصحة الأطفال.
كما شدد الباحثون على أن النتائج لا تعني بالضرورة أن جميع الأطفال الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي قد أصيبوا بمشاكل في التركيز، لكنهم أشاروا إلى زيادة استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي مع تقدمهم في السن، وإلى استخدامهم لها قبل بلوغهم سن 13 عاما، وهو الحد الأدنى لسن استخدام تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام.
وأشار تقرير الصحيفة، إلى أن "هذا الاستخدام المبكر والمتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي يُؤكد على الحاجة إلى تشديد إجراءات التحقق من السن، ووضع إرشادات أوضح لشركات التكنولوجيا".
ووجدت الدراسة زيادة مطردة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من حوالي 30 دقيقة يوميا في سن التاسعة إلى ساعتين ونصف يوميا في سن الثالثة عشرة. تم تسجيل الأطفال في الدراسة في سن التاسعة والعاشرة بين عامي 2016 و2018. ستُنشر الدراسة في مجلة طب الأطفال للعلوم المفتوحة.
وقال سامسون نيفينز، أحد مؤلفي الدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في معهد كارولينسكا: "نأمل أن تساعد نتائجنا الآباء وصانعي السياسات على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الاستخدام الرقمي الصحي الذي يدعم النمو المعرفي للأطفال".