واقع الأحزاب السياسية في العراق.. غياب وتشرذم الرأي العام
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
قال الدبلوماسي العراقي قيس النوري، إن سلطات الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، عملت وبشكل مقصود على تشتيت الحراك السياسي للمجتمع العراقي، حيث ظهرت إثر ذلك المئات من التكوينات التي أطلقت على نفسها تسمية حزب سياسي، حتى بلغ عددها 204 أحزاب.
وأضاف النوري خلال كلمة له في المؤتمر الدولي للشرق الأوسط، الذي نظمته جامعة جليشيم التركية، أن هذه الأحزاب استغلت الفرغ السياسي والنظمي مع سيادة الفوضى التي أطلق عليها الولايات المتحدة "الفوضى الخلاقة".
وتابع، "رافق ذلك عودة بعض التنظيمات والقوى الحزبية، التي كانت خارج العراق قبل احتلاله، وهي قوى مرتبطة وممولة من دول إقليمية".
وأردف، "في العراق هناك مساحة واسعة من التناقض والتضارب، في الروئ أثر فيه غياب الفعل السياسي المؤثر والنشاط الجمعي للرأي العام العراقي".
وأكد، أن الأحزاب الحاكمة أصدرت عدة قوانين لترسيخ حالة التشرذم المجتمعي منها "اجتثاث البعث" كما لجأت للاستعانة بالدعم الخارجي والعشائري بسبب المأزق السياسي الراهن، كما ولدت العشرات من منظمات المجتمع المدني، للإمعان في شرذمة الرأي العام.
وبين النوري، أن هذه الأحزاب والمنظمات في العراق رسخت وضعا فوضويا شاذا لا يتسق مع مفهوم الحراك السياسي الديمقراطي،. خصوصا أن بعض الأحزاب تستند لمليشيات مسلحة وظيفتها مطاردة وتصفية العناصر المعارضة.
وأكد، "لا يمكن تصنيف هذه الأحزاب والمنظمات في العراق، وفق التصنيف العلمي لوظائفها، وإنما هي مجاميع غرضها المنافع الفئوية، إضافة إلى تنفيذ أجندة ومصالح دول مرتبطة بها".
وخلص النوري بالقول، "لقد تطورت وسائل وآليات استهداف الشعوب، بهدف شرذمة الرأي العام، وتغييب الفعل السياسي، وما حصل في العراق نموذج قابل للتطبيق في دول ومجتمعات أخرى بالشرق الأوسط.
ونظمت جامعة جيلشيم التركية مؤتمرا بعنوان "الشرق الأوسط في دوامة التوقعات والشكوك" لتسليط الضوء على أسباب دوامة التوقعات السياسية وعدم اليقين التي أصبحت سمة لمنطقة الشرق الأوسط.
وتركزت جهود المشاركين في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام، على تقديم رؤى جديدة للبحث عن حلول للمشاكل السياسية للجهات الفاعلة الإقليمية من خلال خلق بيئة من النقاش العلمي.
واستعرض المؤتمر أبرز الأزمات التي تعصف بدول الشرق الأوسط على مدى العقدين المنصرمين، مثل النزاعات الإقليمية في جغرافية الشرق الأوسط، وحركات الهجرة، والصراعات العرقية والطائفية، وأمن الطاقة، والإرهاب، والحرب الأهلية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقي العراق بغداد الأحزاب السياسية المليشيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط فی العراق
إقرأ أيضاً:
ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
لم يبقَ في عالمنا العربي إعلاميٌّ أو محلّلٌ سياسي، أو دخيلٌ على المهنتين، إلا وحاضر ودبّج مقالات على مرّ العقود الأخيرة عن «الشرق الأوسط الجديد». غير أنَّ الشرق الأوسط الذي نراه اليوم حالة مختلفة عما كنا نسمعه، مضموناً وظروفاً.
منطقتنا صارت، مثل حياتنا ومفاهيمنا السياسية - الاجتماعية، خارج الاعتبارات المألوفة. بل يجوز القول إنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا لا أقصد البتة التقليل من شأن نُخبنا السياسية أو الوعي السياسي لشعوبنا، أو قدرة هذه الشعوب على التعلّم من أخطائها... والانطلاق - من ثم - نحو اختيار النهج الأفضل...
إطلاقاً!
اليوم، نحن وأرقى شعوب الأرض وأعلاها كعباً في الممارسة السياسية المؤسساتية في زورق واحد.
كلنا نواجه تعقيدات وتهديدات متشابهة. ولا ضمانات أن «تعابير» كالديمقراطية والحكم الرشيد في دول ذات تجارب ديمقراطية راسخة، كافية إذا ما أُفرغت من معانيها، لإنقاذ مجتمعات هذه الدول مما تعاني منه... وسنعاني منه نحن.
بالأمس، سمعت من أحد الخبراء أنَّ الاستخدام الواسع لتقنيات «الذكاء الاصطناعي» في مرافق أساسية يومية من حياة البشر ما عاد ينتظر سوى أشهر معدودة.
هذا على الصعيد التكنولوجي، ولكن على الصعيد السياسي، انضمت البرتغال قبل أيام إلى ركب العديد من جاراتها الأوروبيات في المراهنة عبر صناديق الاقتراع على اليمين العنصري المتطرف، مع احتلال حزب «شيغا» الشعبوي شبه الفاشي المرتبةَ الثانية في الانتخابات العامة الطارئة، خلف التحالف الديمقراطي (يمين الوسط)، وقبل الحزب الاشتراكي الحاكم سابقاً.
تقدُّم «شيغا» في البرتغال، يعزّز الآن حضور الشعبويين الفاشيين الذي تمثله في أوروبا الغربية قوى متطرفة ومعادية للمهاجرين مثل: «الجبهة الوطنية» في فرنسا، و«فوكس» في إسبانيا، و«إخوان إيطاليا» في إيطاليا، وحزب «الإصلاح» (الريفورم) في بريطانيا، وحزب «الحرية» في هولندا، وحزب «البديل» في ألمانيا.
ثم إنَّ هذه الظاهرة ليست محصورة بديمقراطيات أوروبا الغربية، بل موجودة في دول عدة في شرق أوروبا وشمالها، وعلى رأسها المجر. وبالطبع، ها هي ملء السمع والبصر في كبرى الديمقراطيات الغربية قاطبةً... الولايات المتحدة!
في الولايات المتحدة ثمّة تطوّر تاريخي قلّ نظيره، لا يهدد فقط الثنائية الحزبية التي استند إليها النظام السياسي الأميركي بشقه التمثيلي الانتخابي، بل يهدد أيضاً مبدأ الفصل بين السلطات.
هذا حاصل الآن بفعل استحواذ تيار سياسي شعبي وشعبوي واحد، في فترة زمنية واحدة، على سلطات الحكم الثلاث: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يضاف إليها «السلطة الرابعة» - غير الرسمية - أي الإعلام.
ولئن كان الإعلام ظل عملياً خارج الهيمنة السياسية، فإنه غدا اليوم سلاحاً أساسياً في ترسانة التيار الحاكم بسبب هيمنة «الإعلام الجديد»، والمواقع الإلكترونية، و«الذكاء الاصطناعي»، و«أوليغارشي» ملّاك الصحف والشبكات التلفزيونية، ناهيك من وقف التمويل الحكومي لإعلام القطاع العام. وما لا شك فيه أن مؤسسات هؤلاء، بدءاً من رووبرت مردوخ (فوكس نيوز) وانتهاء بإيلون ماسك (إكس) ومارك زوكربرغ (ميتا) وجيف بيزوس (الواشنطن بوست)... هي التي تصنع راهناً «الثقافة السياسية» الأميركية الجديدة وربما المستقبلية، بدليل أن نحو 30 من وجوه إدارة الرئيس دونالد ترمب جاؤوا من بيئة «فوكس نيوز» ونجومها الإعلاميين.
في هذه الأثناء، يرصد العالم التحولات الضخمة في المشهد الأميركي بارتباك وحيرة.
الحروب الاقتصادية ليست مسألة بسيطة، وكذلك، لا تجوز الاستهانة بإسقاط سيد «البيت الأبيض» كل المعايير التي تحدد مَن هو «الحليف» ومَن هو «العدو»... ومَن هو «الشريك» ومن هو «المنافس»!
ولكن، في ضوء التطوّرات المتلاحقة، يصعب على أي دولة التأثير مباشرة في أكبر اقتصادات العالم وأقوى قواه العسكرية والسياسية. ولذا نرى الجميع يتابع ويأمل ويتحسّب ويحاول - بصمت، طبعاً - إما إيجاد البدائل وإما التقليل من حجم الأضرار الممكنة.
أما عن الشرق الأوسط والعالم العربي، بالذات، فإننا قد نكون أمام مشاكل أكبر من مشاكل غيرنا في موضوع اختلال معايير واشنطن في تحديد «الحليف» و«العدو».
ذلك أن الولايات المتحدة قوة كبرى ذات اهتمامات ومصالح عالمية. وبناءً عليه، لا مجال للمشاعر العاطفية الخاصة، وأيضاً لا وجود للمصالح الدائمة في عالم متغيّر الحسابات والتحديات.
في منطقتنا، لواشنطن علاقة استراتيجية راسخة مع إسرائيل التي تُعد «مركز النفوذ» الأهم داخل كواليس السلطة الأميركية ودهاليزها، والتي تموّل «مجموعات ضغطها» معظم قيادات الكونغرس ومحركي النفوذ.
ثم هناك تركيا، العضو المهم في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والقوة ذات الامتدادات الدينية والعرقية والجغرافية العميقة والمؤثرة في رسم السياسات الكبرى.
وأخيراً لا آخراً، لإيران أيضاً مكانة كبيرة تاريخياً في مراكز الأبحاث الأميركية كونها - مثل تركيا - «حلقة» في سلسلة كيانات الشرق الأوسط، ولقد أثبتت الأيام في كل الظروف أن غاية واشنطن «كسب» إيران لا ضربها.
في هذا المشهد، ووسط الغموض وتسارع التغيير، هل ما زلنا كعرب قادرين يا ترى على التأثير في المناخ الإقليمي وأولويات اللاعبين الكبار؟
الشرق الأوسط