نميرة نجم تشدد على أهمية تقديم المساعدة للسفن والمهاجرين المنكوبين في البحر
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
قالت السفيرة الدكتورة نميرة نجم مديرة المرصد الافريقي بمنظمة الإتحاد الأفريقي الي أهمية جمع معلومات والبيانات الدقيقة عن الهجرة بأنواعها المختلفة ، والتي تساعد في التجهيزات و الاستعداد و التحضير فيما يتعلق بصحة المهاجرين في ظل الظروف و الأوضاع التي يتواجدوا فيها ، و دراسة خطوط التمركز في الهجرة الغير نظامية عبر البحار ، و المعرفة الكافية بالدول التي تستقبلهم، و التي ترفض استقبالهم، لانها تساعد في الإستعداد والتجهيز و في الحوار الدولي وخاصة مع الدول المحيطة و المتلقية والمصدرة للهجرةً ، جاء ذلك في كلمتها في إطلاق منصة الحوار رفيعة المستوى لمركز العمل الإنساني في البحر بدعوة من منظمة SOS MEDITERRANEE ، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) ومركز جنيف للسياسة الأمنية ،بمقر الاتحاد الدولي بجنيف.
وأشارت السفيرة في ضوء تركيز الحوار علي إنقاذ المهاجرين في البحر ودور المركز الانساني الجديد فأن التقرير الذي اصدرته اصدر مركز sos للبحر المتوسط قد تناول مناطق مختلفة بالإضافة للبحر المتوسط والارقام الخاصة بالمهاجرين و انقاذهم ، وأوضح ان هناك قصور شديد في المعلومات الخاصة ببيانات المهاجرين حيث ان هناك بعض الدول تسجل فيها دخول أشخاص دون معرفة أين ذهبوا و متي خرجوا من أرضيها ،وان هناك أحيانا في صعوبة في انقاذ كل المهاجرين بسبب نقص الامكانيات ، و في احيانا أخري يكون المهاجرين علي مركب تجاري ، و ترفض المواني القريبةً استقبال و إنزال هولاء المهاجرين فيها، ممايسبب صعوبة لأطقم السفن التجارية لابقاء المهاجرين الغير نظاميين عليها .
وأضافت السفيرة إنه من الواجب تقديم المساعدة للسفن والأشخاص المنكوبين في البحر، لا سيما في سياق المهاجرين واللاجئين، وهو ليس التزامًا منصوصًا عليه في القانون الدولي فحسب، بل هو أيضًا عرف بحري، وذو أهمية قصوى للبحارة ويفخرون به .
وقد ترأس الحوار د. كارولين أبو سعدة، المديرة العامة لمنظمة SOS MEDITERRANEE، و خافيير كزافييه كاستيلانوس وكيل الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC)، ريتشارد واتس، رئيس منظمة SOS MEDITERRANEE، و رالف ماميا مستشار مركز التميز في إدارة الكوارث والمساعدة الإنسانية.
و تهدف منصة الحوار رفيعة المستوى إلى تعزيز الحوار والتعاون بين القطاعات بين صناعة الشحن التجاري والمنظمات الدولية والجهات الفاعلة السياسية والإنسانية، من أجل معالجة قضايا البحث والإنقاذ الملحة.
وقد تناول المناقشات البيانات العالمية للعمل الإنساني في البحر والعوائق التي تعترض إجراء عمليات البحث والإنقاذ إعادة تصور أعالي البحار كمجال إنساني ، وعرض توفي أو اختفاء أكثر من 25,000 مهاجر في البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2014 ، وان هناك حاجة حيوية لفهم مدى اتساع وتطور التحركات البحرية المختلطة بشكل أفضل، بما في ذلك تحديد فجوات البيانات والحماية من أجل تحسين الاستجابة الإنسانية.
وناقش الحوار التطورات السياسية والظرفية الأخيرة، بما في ذلك الارتفاع الكبير في تكاليف الوقود عام 2022، إلى زيادة التكاليف البشرية والمالية المرتبطة بإنقاذ المهاجرين عبر البحر ، وان السفينة التجارية MT Maersk Etienne قامت بعملية إنقاذ جماعية صعبة في البحر بناءًا على طلب من سلطة الدولة، لتظل عالقة في البحر لعدة أسابيع، بسبب إحجام الدول عن الوفاء والتزاماتها بتنسيق إنزال الناجين إلى مكان آمن ، وانه ولا يجوز إعاقة السفن التجارية أو معاقبتها أثناء تقديمها المساعدة لمن هم في محنة، بما يتماشى مع التزاماتها القانونية ، والتأخير والانحرافات، مثل التي شهدتها سفينة ميرسك إتيان، تسببت في خسائر فادحة للناجين وعمال الإنقاذ.
وركز الحوار علي أهمية الإنقاذ المهاجرين و علي وجود دول في استقبالهم ، وتدريب العاملين في المجال البحري بمافي ذلك العاملين في مجال التجاري البحري لتدخلهم أحيانا لانقاذ المهاجرين أحيانا.
وأكد الحوار علي دور الجهات الفاعلة من المجتمع المدني والقطاع الخاص ، وتتفاقم الضغط على الربابنة والطاقم وملاك السفن بسبب المحاولات المتكررة لتجريم أنشطة الإنقاذ، ولفت الحوار النظر الي مشروع قانون الهجرة غير نظامية الأخير المعروض على البرلمان البريطاني، والمحاولات الأخيرة لمحاكمة البحارة في إيطاليا ومالطا واليونان ، وإسهامً هذه البيئة المعادية التي تستهدف كل من المهاجرين والمجتمع المدني بشكل مباشر في التقلص السريع للمجال الإنساني، مما أحبط القدرة التشغيلية للمنظمات المشاركة في أنشطة البحث والإنقاذ (SAR).
وأشار الحوار بأنه ينبغي إلزام جميع المنظمات غير الحكومية بأعلى المعايير التنظيمية والمهنية، سواء باعتبارها جهات فاعلة بحرية أو إنسانية، ولكن ينبغي أيضا الاعتراف بها ودعمها في تلبية هذه المعايير عند الوفاء بالضرورات الإنسانية التي تخلت عنها الدول.
وقدم في المؤتمر مشروع SOS MEDITERRANEE حول الأدوار والمسؤوليات ومصادر التأثيرات في مجال البحث والإنقاذ البحري العالمي ، وتحفيز الحوار بين قطاع الشحن التجاري والجهات الفاعلة الإنسانية والمنظمات الدولية، وبناء الثقة والاعتراف بالمصالح والقيود و تبادل أفضل الممارسات في عمليات البحث والإنقاذ وتطويرها، و تضمن عرض ملخص الدراسة التي أجرتها منظمة SOS MEDITERRANEE حول طرق الهجرة البحرية، والمعوقات والتحديات التي تواجه البحارة قبل وأثناء وبعد عمليات البحث والإنقاذ القانونية والعملية والسياسية.
وقد هدف المؤتمر إلي التعرف على المعوقات التي تواجه كافة الجهات المعنية وسبل التغلب عليها ، و إقامة وتعزيز التعاون وعلاقات العمل مع الدول ، وإطلاق منصة الحوار الرفيع المستوى رسمياً كمبادرة دائمة ،والتعرف علي بيانات لصورة الهجرة البحرية العالمية، والفجوات المعرفية والاتجاهات والتطورات ،وتفكيك البيانات المتاحة لتوضيح حجم الوفيات وحالات الاختفاء في البحر، مع إعادة تشكيل وعينا الجماعي بما يتجاوز الصورة التي تركز على البحر الأبيض المتوسط ، و إعادة صياغة المفهوم القانوني لأعالي البحار ، و خضوع الهجرة البحرية لإطار قانوني ملموس، وإن كان معقدًا، يجمع بين القانون البحري الدولي وقانون اللاجئين والقانون المحلي ، و هو موجود ليس فقط لتقييد البحارة، ولكن أيضًا لحمايتهم.
وقد جمع مؤتمر العمل الإنساني العالمي في البحر بين الجهات الفاعلة الإنسانية والبحرية والدولية عبر القطاعات المشاركة في مجال البحث والإنقاذ في مجال الهجرة البحرية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المنظمة الدولية للهجرة، المنظمة البحرية الدولية، ومنظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر ، الهيئات الرئيسية في القطاع البحري التجاري والغرفة الدولية للشحن، MSC، Trafigura، ISWAN، وتمثيلات من كانتون جنيف ومكتب الملاحة البحرية السويسري ، و أكاديميين ،وعدد من المنظمات الغير حكومية العاملة في مجال إنقاذ المهاجرين .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاتحاد الإفريقي المهاجرين إنقاذ المهاجرين في البحر
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي
الرقص على رؤوس الأفاعي مقولة شهيرة ارتبطت بالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في توصيفه لواقع سياسي معقد تطلّب إدارة توازنات دقيقة داخليًا وخارجيًا. واليوم، تكاد العبارة تنطبق على المشهد السوداني، وسط تحولات إقليمية كبرى تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط. فالحرب بين إيران وإسرائيل بصرف النظر عن مالاتها تعبّر عن مرحلة جديدة تتشابك فيها المصالح، وتتنوع أدوات النفوذ، حيث أضحت المواجهة العسكرية جزءًا من مشروع استراتيجي أوسع يعيد رسم خرائط الهيمنة الإقليمية في المنطقة.
في هذا السياق، يجد السودان نفسه في موقع بالغ الحساسية، تتقاطع فيه التحديات الداخلية مع صراعات إقليمية متسارعة، تجعله جزءًا من معادلات تتجاوز حدوده.
ويأتي الحراك الأميركي في المنطقة، مدعومًا بتأييد غير مشروط لإسرائيل، وتمويل الحرب عبر قوى خليجية – بحسب مراقبين – ضمن مشروع لإعادة هندسة النظام الإقليمي، وإنتاج أنظمة سياسية عربية جديدة، لا تكتفي بالولاء، بل تندمج بالكامل في مشروع التطبيع وفق المشروع الإبراهيمي . إذ لم يعد المطلوب أنظمة موالية فحسب، بل بنى سياسية وثقافية تتماهى مع تصوّر إسرائيلي-أميركي للمنطقة، يُعيد ضبط الإقليم وفق معايير الهيمنة الناعمة والتحكم المستدام.
وسط هذه المتغيرات، يبرز السودان كحالة استثنائية تحمل إمكانات استراتيجية واعدة، إذا أُحسن توظيف التوازنات الإقليمية، واللعب على خطوط التماس بحذر وذكاء. ورغم الجراح الداخلية المفتوحة، وتعقيد الأزمات السياسية والاجتماعية، فإن السودان يمتلك موقعًا جيوسياسيًا بالغ الأهمية، وموارد طبيعية وبشرية ضخمة، وموقعًا إقليميًا يربطه بالقرن الأفريقي ومحيط البحر الأحمر والخليج العربي في آنٍ واحد. وإذا كان بعض الفاعلين الإقليميين مهددين بالذوبان أو السقوط في فوضى ممنهجة، فإن السودان، إن أحسن ترتيب بيته الداخلي، قادر على التحوّل من دولة كانت على هامش الصراع إلى دولة مركزية مؤثرة في معادلات ما بعد الصراع.
ومع اتساع رقعة الحرب في الخليج، وارتفاع كلفتها، وتزايد احتمالات الانهيار في بعض دوله، قد يصبح السودان الوجهة الأقرب والأكثر قابلية لاستقبال تدفقات بشرية واقتصادية هائلة، سواء من مواطنيه العائدين من هناك، أو من عربٍ قد تدفعهم الأوضاع إلى الهجرة بحثًا عن أمن مفقود. هذه الموجات المتوقعة من النزوح العربي والخليجي نحو السودان قد تُشكل، إذا أُديرت بوعي، رافعة اقتصادية ضخمة تسهم في تحريك عجلة الإنتاج، وتوسيع السوق المحلي، وزيادة الطلب على الخدمات والسلع والمساكن، فضلًا عن إمكانية استثمار رؤوس الأموال الهاربة في قطاعات واعدة كالتعدين، الزراعة، والطاقة والثروة الحيوانية .
إن التحول الإقليمي المقبل لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمتد إلى بنية الأمن في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وإذا نجح السودان في استعادة الاستقرار، فقد يتحول جيشه – بما أثبته من كفاءة قتالية – إلى ركيزة إقليمية لحفظ التوازن. ومع تراجع الأدوار الخليجية، تتعاظم قيمة السودان كفاعل استراتيجي، ويغدو جيشه طرفًا مطلوبًا في معادلات الأمن الإقليمي، بما يعزز نفوذه السياسي والتفاوضي في لحظة تعاد فيها هندسة المنطقة.
لكن جميع السيناريوهات تظل مرهونة بقدرة السودان على التقاط لحظته التاريخية، باعتبارها فرصة لتأسيس مسار استراتيجي جديد. فالنجاح مرهون بالتحرك المدروس، وتجنّب استنساخ تجارب الماضي، وامتلاك رؤية وطنية عقلانية تتجاوز الانقسامات، وتؤسس لدولة فاعلة لا منفعلة. ويتطلب ذلك قيادة تدرك حساسية التوقيت، وتبني سياساتها الخارجية على براغماتية هادئة توازن بين المصالح الوطنية والنفوذ الإقليمي ، بعيدًا عن الشعارات والاستقطاب الأيديولوجي.
السودان لم يعد فاعلًا هامشيًا في الإقليم، بل أضحى مركزًا استراتيجيًا في قلب التحولات الجيوسياسية الجارية. فالخرائط الجديدة تُرسم خلف الكواليس، والفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الخليجي في البحر الأحمر لا بد أن يُملأ. وإن لم يبادر السودان إلى ملئه، فسيفعل ذلك فاعلون آخرون.
لذا، فإن اللحظة تقتضي وعيًا استراتيجيًا عقلانيًا، يتجاوز الحسابات العاطفية والماضي المثقل بالجراح، ويدرك أن التحولات الكبرى – مهما بدت مدمّرة – تحمل في طياتها فرصًا لمن يُحسن قراءتها بذكاء وواقعية.
وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة لقد آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي. وليس في ذلك مجازفة متهورة، بل استجابة لطبيعة اللحظة التاريخية التي لا تسمح بالتقوقع أو الانتظار. فالأفاعي تتحرك، والخرائط يُعاد رسمها، والمصالح تتبدل. ومن يمتلك القدرة على السير فوق الحبال المشدودة دون أن يسقط، هو من سيكون له نصيب في صناعة التاريخ وكتابته. وربما يكون السودان، بثقله الجيواستراتيجي، أمام بوابة مختلفة، لا تفتحها القوة وحدها، بل يُفتح قفلها بالعقل، والرؤية، والبصيرة.
إبراهيم شقلاوي
إنضم لقناة النيلين على واتساب