عاشت الطائفة اليهودية في العصر الإسلامي في أمان وسلام وتركزت في القاهرة والإسكندرية، وكان لهم مطلق الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية، من حيث بناء معابدهم ومؤسساتهم الخيرية ومدارسهم ومعاهدهم الخاصة بهم، فعلى مر التاريخ تفتح مصر أبوابها دائما أمام اللاجئين والمضطهدين من جميع الدول، فتكرمهم حتى يجدوا فيها الأمن والسلام.

 

حارة اليهود

في منطقة الموسكي بوسط القاهرة بين القاهرة الإسلامية والقاهرة الخديوية، كان لليهود حي خاص بهم أطلق عليه "حارة اليهود"، وهي لم تكن حارة بالمعنى الحرفي فهي في الحقيقة حي كامل فيه شوارع وحواري متصلة معا، ولم تكن تلك الحارة حكرا على اليهود فقط، بل كان يسكنها المسلمون والمسيحيون، واختلط اليهود مع جيرانهم المصريين واندمجوا معهم.

 

مكانة اليهود

مارس اليهود في مصر مختلف المهن بحرية، واحترفوا التجارة واشتغلوا بالصناعة ،واتصلوا بالعائلة المالكة لاشتغالهم بالمجوهرات، وانخرطوا في سلك الحكومة ووصلوا إلى أعلى المراكز، واشتهر عدد كبير منهم في مختلف المجالات ففي الأدب برز اسم "سعديا الفيومي" الذي زاع صيته في عصره،وهو أحد خامات اليهود الذين ولدوا في مصر في قرية من قرى الفيوم، لذلك لقب بالفيومي، وألف كتاب "الأمانات والاعتقادات" باللغة العربية، ثم ترجمه إلى العبرية، وقد تأثر "سعديا" في كتابه هذا بالفلسفة الإسلامية، كما ترجم العهد القديم إلى العربية ، كما ذكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعة "المفاهيم والمصطلحات الصهيونية.. رؤى نقدية".

وكان الفيلسوف اليهودي "موسى بن ميمون"، الذي وصل إلى مصر في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي له مكانة عظيمة، وعمل طبيبا خاصا ل"نور الدين" أكبر أبناء القائد صلاح الدين الأيوبي، كما عمل بعض خلفائه أطباء لدى الحكام، وأثناء الحروب الصليبية وصل إلى مصر عدد من اللاجئين اليهود من أوروبا فعاملهم صلاح الدين الأيوبي معاملة حسنة للغاية.

ووصلت درجة التسامح بين المسلمين واليهود إلى تعيين الخليفة الحاكم بأمر الله لطبيب خاص يأتمنه على حياته من اليهود وهو "صفير" اليهودي.

وخلال العصور المتعاقبة ظلت الطائفة اليهودية في مصر لها مكانتها الاجتماعية حتى أصبحت في منتصف القرن العشرين من أرقى الطوائف اليهودية في بلاد الشرق واستطاع الكثير منهم أن يحققوا نجاحا كبيرا وثراء ونفوذا وفيرا عظيما، ويشير "يعقوب لانداو" في كتابه "تاريخ يهود مصر" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب إلى ازدياد أعداد اليهود في مصر منذ عام ١٨٨٢ ميلاديا وحتى عام ١٩٤٧ ميلاديا ،حتى قلت أعدادهم بعد ما مرت به البلاد من أحداث خاصة بإعلان دولة إسرائيل وحرب ١٩٤٨، مما أدى إلى الهجرات اليهودية كبيرة العدد بدءا منذ ذلك العام.

 

الجنيزا

تعتبر وثائق "الجنيزا" اليهودية أحد موروثات التراث المصري اليهودي ،وتعد دليلا قويا على الحرية التي تمتع بها يهود مصر وعلى اندماجهم داخل المجتمع المصري ،وهي عبارة عن مخطوطات عبرية وعربية، كتبت بحروف عبرية وأخرى بالعبرية القديمة والآرامية، "الجنيزا" كلمة عبرية بمعنى كنز أي حفظ، خبأ، طمر، دفن، وهو اسم يدل على مجموعة من الوثائق المحفوظة الخاصة بجماعات اليهود الذين عاشوا في مصر وغيرها ،كما يدل على المكان الذي اكتشفت فيه سواء كان معبد أو مقبرة يهودية.

يطلق مصطلح "الجنيزا "على الأوراق اليهودية التي لا يجوز إحراقها أو إهمالها حسب الشريعة اليهودية وذلك لذكر اسم "الله" بها، ثم أصبح المفهوم أشمل وأعم مع مرور الوقت، حيث يطلق اسم "جنازة" في المصادر العبرية على الأدوات المقدسة التي بليت من الاستعمال والكتب التي توقف استخدامها نتيجة عدم الحاجة إليها ،وكذلك على الأوراق المكتوبة التي انتهت صلاحياتها، أي يطلق هذا الاسم على كل شيء أصبح في حكم الميت، لذا فهم يشيعونه كما يشيع الميت ويدفنونه في مقابر كما يدفن الميت أيضا.

كان يتم تخزين "الجنيزا" في المعبد اليهودي بحجرة مخصصة لذلك، تسمى بحجرة "الجنيزا" ،وهذا النوع أطلق عليه "الجنيزا المؤقتة"، مثل جنيزا معبد "بن عزرا" بمصر القديمة، وجنيزا "معبد المصريين" بحارة اليهود بالموسكي، وجنيزا "معبد موشيه درعي" بالعباسية، وعند امتلاء تلك الحجرة كان يتم نقل "الجنيزا" في موكب جنائزي إلى المقابر اليهودية لدفنها هناك فتبلى مثلما يبلى الجسد وكانت تسمى ب"الجنيزا المستديمة" مثل جنيزا المقابر اليهودية بالبساتين، وجنيزا المقابر اليهودية في حلوان، وجنيزا المقابر اليهودية بالشاطبي في الإسكندرية، بحسب المجلة الدولية للتراث والسياحة والضيافة التي تصدرها كلية السياحة والفنادق جامعة الفيوم.

وفي مصر كان الرجال ينقلون المواد المراد وضعها في "الجنيزا" ، وأحيانا الأطفال أيضا والنساء ولكن شرط طهارتهم من الحيض، إلى حاخام المعبد والذي بدوره يقوم بدفنها كما ذكر أستاذ التاريخ اليهودي مارك كوهين،  أما في الدول الأخرى فقد اختلف الأمر ، ففي إيران اقتصرت تلك المهمة على قضاة المحاكم الدينية الذين كانوا يجمعون المواد من البيوت ويأتون بها إلى المعبد، وفي الدار البيضاء كان القضاة وطلبة العلم هم الذين يجمعون مواد الجنيزا، أما في أفغانستان فكانت جمعية "حافرا قاديشا" هي المسئولة عن جمع المواد من البيوت والقيام بدفنها.

 

أهمية الجنيزا

للجنيزا أهمية خاصة بالنسبة لليهود وأهمية عامة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط حيث أراد اليهود أن يظهروا أنفسهم كقوى دينية مثلما استطاعوا أن يظهروا كقوى اقتصادية، وكانت عملية نقل مواد "الجنيزا" من المعابد إلى المقابر بمثابة مناسبة دينية كبرى تتكرر على فترات متباعدة تحت مسمى يوم "الجنيزا" ، وكانت تمثل عيدا شعبيا ودينيا في ذات الوقت.

ويمثل قيام اليهود بدفن أوراقهم وخطاباتهم الخاصة بعد استنفاذ أغراضها نوعا من الحرص الشديد على دفن أسرارهم، واختار يهود العصر الوسيط في مصر فكرة الإيداع في غرفة محصنة آمنة تمهيدا لنقلها إلى المدافن، وهذا يفسر وجود كنوز وثائق ومخطوطات "الجنيزا" في غرفة معبد "ابن عزرا"، وأيضا مدافن اليهود في منطقة البساتين بالقاهرة.

وتعتبر هذه الوثائق سجلا تاريخا حافلا لأوضاع المجتمع اليهودي في تلك العصور ،تكشف عن جوانب متعددة لليهود في الفترة من القرن العاشر حتى القرن الثالث عشر الميلادي ،وثبت أنها تحوي معلومات عن الأوضاع السياسية والاجتماعية عن المجتمعين الإسلامي والعربي، ومعلومات عن المعاملات التجارية والمالية ومذكرات شخصية ووصايا وعقودا للزواج والطلاق وشكاوى مرفوعة إلى الخليفة أو السلطان.

وتعتبر هذه الوثائق مرآة صادقة للعصور التي كتبت فيها ومصدر أصلي من مصادر كتابة التاريخ، وتفيد في دراسة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع الإسلامي في العصور الوسطى، ومصدرا غنيا لتاريخ اللغة العربية، كما تمدنا بمعلومات عن المنسوجات والملابس والمجوهرات والأدوات المنزلية والحرف والصناعات والكوارث الطبيعية من زلازل ومجاعات وطاعون والضرائب وموظفي الحكومة والمحاكم الإسلامية ووظائف المحتسب والوالي والشرطة.

كما تعددت مواد "الجنيزا" ،وتعددت موضوعاتها ،ولغاتها بحيث شملت كثيرا من اللغات العبرية والعربية ولغات أوروبية ولغات أخرى استخدمها اليهود في الدول التي كانوا يقطنون بها، ويقدر عدد تلك الوثائق بالآلاف وتم تهريب الكثير منها إلى العديد من دول العالم.

ومن الصعب في الوقت الحاضر تقدير العدد الحقيقي لوثائق "الجنيزا" ذات الصفة الوثائقية، ومن المحتمل أن يبلغ عددها حوالي ١٠ آلاف وثيقة منها حوالي ٧ آلاف وثيقة إلى حد ما نستطيع أن نعتبرها تاريخية، ويوجد من هذه الوثائق في مكتبة جامعة كامبردج ببريطانيا حوالي ٥ آلاف وثيقة، وفي مكتبة بودلي اكسفورد ببريطانيا حوالي 770 وثيقة، كما توجد 14 مجموعة أخرى في مختلف أنحاء العالم تحتوي على عدد يتراوح بين 600 إلى ألف وثيقة.

 

المميزات

"الجنيزا" المصرية تتميز عن غيرها من مكنوزات الجنيزا اليهودية الأخرى بعدة خصائص، أهمها أنها تحتفظ بمكنوزاتها في حالة جيدة، تغطي فترة تاريخية طويلة تبدأ من القرن التاسع الميلادي تقريبا حتى القرن التاسع عشر الميلادي، تحتوي على عدد هائل من المخطوطات والوثائق غير الدينية كما تضم رسائل صادرة من المصالح الحكومية للدواوين أو للموظفين الحكوميين.

وتحوي "الجنيزا" المصرية الكثير من الفتاوي والردود الفقهية، وهي ردود المتفقهين اليهود على الأسئلة الدينية والفقهية التي أرسلها لهم اليهود من مناطق العالم المختلفة،  كما تحتوي على مؤلفات أدبية وعلمية في مجال الفلسفة والطب وتفسير الأحلام والتنجيم والفلك كما تضم أشعارا تلتزم بعروض الشعر العربي.

 

مواد الجنيزا

وتنقسم مواد الجنيزا من حيث الموضوعات التي تتناولها إلى نوعين رئيسيين، المصادر الأدبية، والمصادر الوثائقية، ويحتوي القسم الأكبر من هذه المخطوطات على المصادر الأدبية ويشكل حوالي ٩٥٪ من مجموع المواد على هيئة أجزاء كتب، وهي تتناول مجموعة من الموضوعات مثل العهد القديم، القصص النثرية ،التلمود،المؤلفات الطبية ،النصوص السحرية، أما المصادر الوثائقية فهي أقل عددا وهي عبارة عن أوراق وثائقية مثل ملفات المحاكم، عقود الزواج، الطلاق، الوصايا، فواتير الحساب، عقود إيجار الشقق، المراسلات وغيرها، وللأسف لقد كانت هذه الأوراق من جنيزا القاهرة في حالة سيئة منها في المواد الأدبية بشكل عام وذلك لأن الأخيرة صانتها عادة تجليد الكتب.

 

أماكن الجنيزا

يقع معبد "بن عزرا" بالفسطاط، عاصمة مصر القديمة، وكان هذا المعبد في الأصل كنيسة تسمى كنيسة "الشاميين" ، وتشير المصادر إلى أن هذا المعبد شيد في العام الثاني الميلادي ،ورمم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وهذا المعبد الذي اكتشفت فيه مخطوطات الجنيزا كان يعرف باسم معبد" الياهو" ، ويعرف أيضا بقصر "الشمع" ، وتزعم بعض الروايات اليهودية أن النبي" الياهو ايليا" قد تجلى ذات مرة للمتعبدين هناك، ومن الشائع عنه أن الأقباط حولوه إلى كنيسة لهم في القرن السادس الميلادي ثم تم بيعها إلى اليهود بعد ضائقة مالية مر بها الاقباط.

واجمعت المصادر اليهودية على أن" سلومون شختر" الحاخام اليهودي ،هو المكتشف الحقيقي للجنيزا، فهو من أدرك القيمة العلمية التاريخية لمخطوطات ووثائق الجنيزا عندما زار القاهرة وشاهد مبنى الجنيزا في  المعبد عام ١٨٧٦ ،وبدأ تسريب هذه الوثائق خارج مصر منذ عام ١٨٩٠ حين سقط سقف الحجرة التي تخزن بها في المعبد، وأكبر نسبة من هذه الوثائق توجد حاليا بجامعة كامبريدج بإنجلترا.

وتعد محتويات غرفة" الجنيزا" في معبد "بن عزرا" من أهم أجزاء المعبد وهي ملحقة بأعلى المعبد في نهاية بهو النساء، وليس لها مدخل سوى نافذة عالية يمكن الوصول إليها من على السلم فقط، حيث كان على يهود ذلك العصر الصعود لألقاء اوراقهم من تلك النافذة إلى داخل الغرفة، اما عن زمن إنشاء حجرة" الجنيزا" ،فيرجح أنها بنيت مع إعادة بناء المعبد حينما أمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بهدمه في فترة اضطهادات، ثم سمح لهم بإعادة بنائه سنة 1011 ميلاديا في بداية فترة من التسامح، ومع إعادة بناء المعبد، انشأوا حجرة "الجنيزا" .

كما يوجد أبنية أخرى ملحقة بمعبد"بن عزرا" استخدمت في أغراض مختلفة، حيث استخدمت الناحية الشمالية كمقر لإدارة المعبد ولإقامة الحارس، وهناك مبنى آخر بالجهة الجنوبية كان مستخدما كمدرسة دينية بالإضافة الى بقايا مبنى آخر بالجهة الشرقية كانت به قاعة مخصصة للطعام في المناسبات الدينية المختلفة، وكانت هناك مباني أخرى إلى جوار المعبد مخصصة لإقامة الفقراء المسنين من أبناء الطائفة اليهودية ولكنها اندثرت الآن.

 

المقابر اليهودية

في عام 1908، استخرجت عائلة "موصيري" اليهودية لأول مرة كميات كبيرة من "الجنيزا من"حوش موصيري" بحي البساتين بالقاهرة، وفي نوفمبر عام ١٩٨٧ ،قامت هيئة الآثار المصرية باستخراج باقي الوثائق والأوراق التي بقيت مدفونة بكميات كبيرة في هذه المقابر.

وعثر  في تلك المقابر اليهودية على وثيقة تمثل إعلان عن" يوم الجنيزا" تدعو فيه اللجنة الإسرائيلية بالقاهرة جمهور اليهود، للمشاركة والاحتفال بنقل جميع كتب الصلوات القديمة غير الصالحة للاستخدام، والتي جمعت على مدار ثمانية أعوام من معبد "الأستاذ" بحارة اليهود بالقاهرة إلى مقبرة "الجنيزا" في حوش عائلة "الموصيري" ، بالمقابر اليهودية بحي البساتين، وتحدد ذلك يوم الأحد الموافق السابع والعشرين من شهر كسليف سنة ٥٧١٠ عبرية، الموافق الثامن عشر من ديسمبر سنة ١٩٤٩ميلاديا ، الساعة الثامنة والنصف صباحا.

وتعد مقابر البساتين، المقابر اليهودية الوحيدة المسجلة في تعداد الآثار المصرية ، واكتسبت أهميتها لكونها خاصة بدفن العلماء والحاخامات والشخصيات البارزة، وأشهر من دفن بتلك المقابر "يعقوب بن كلس" الذى عهد إليه الخليفة المعز لدين الله (٣٤١- ٣٦٤ هـ - ٩٥٢- ٩٧٤ م) بولاية الخراج.

وسميت تلك المقابر بحوش "الموصيري" نظرا لأن معظم أفراد عائلة "موصيري" اليهودية مدفونون به، وينفرد هذا الحوش باحتوائه على ثلاثة أساليب للدفن، قبور لدفن شخص واحد وتعرف باللحود، وقبور عبارة عن حجرة تحت سطح أرضية حجرة جميلة البناء مغطاة بغطاء من الرخام بوسطه حلقة معدنية مقبض يمكن من خلالها رفع الغطاء عند الحاجة إلى دفن شخص آخر، وقبور عبارة عن فراغات على شكل متوازي مستطيلات داخل الجدران الداخلية لحجرة جميلة البناء.

ويرجع تاريخ تلك المقابر إلى القرن التاسع الميلادي ،حيث ذكر أن والي مصر أحمد بن طولون آنذاك قد خصص هذه المساحة من الأرض لدفن موتى اليهود المصريين، وقد كان لدى الطائفة اليهودية بمصر حجة مسجلة بها شهادة الأطراف المعنية من اليهود والمسلمين، تتضمن حكما قضائيا من المحكمة الشرعية بمصر عام ١٠٥٩ ميلاديا تثبت تخصيص هذه المساحة لدفن اليهود، كما الحقت بهذه المقابر المذكورة مقابر أخرى لدفن المواد البالية والتي انتهت صلاحياتها وعطل استخدامها الجنيزا "، وتقع في الجزء الجنوبي لحوش الدفن الخاص بعائلة موصيري، أما الجزء الباقي من الحوش تشغله مجموعة مقابر لعائلة موصيري ولبعض العائلات الأخرى.

 

مقابر حلوان

وجد في المقابر اليهودية بمنطقة حلوان "الجنيزا المستديمة" التي كانت تدفن فيها المواد الدينية البالية وغيرها بعد تجميعها في "الجنيزات المؤقتة" التي كانت بالمعابد اليهودية في منطقة حلوان، ونقل إلى هذه "الجنيزا" الكتب المهترئة والأوراق الممزقة التي تخلفت عن عملية تجميع الكتب العبرية من المعابد اليهودية بالقاهرة.

وتم فرز تلك "الجنيزا" وتصنيفها وفهرستها بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار والمركز الأكاديمي الإسرائيلي والطائفة اليهودية بالقاهرة، حيث أنشئت بها ثلاث مكتبات للتراث اليهودي في مصر ملحقة بالمعبد الإسماعيلي بشارع عدلي ومعبد بن عزرا بمصر القديمة ومعبد موسى الدرعي بالعباسية.

 

مقابر الشاطبي بالإسكندرية

تم اكتشاف الجنيزا " في مقابر اليهود بمنطقة الشاطبي بمحافظة الإسكندرية، وهي عبارة عن بئر روماني قديم استخدم لدفن مواد " الجنيزا "التي كان يتم تجميعها بصفة مؤقتة في المعابد اليهودية بالإسكندرية.

 

اليهود والاسلام

وفي ضوء وثائق الجنيزا القاهرية،يكشف جهلان إسماعيل الباحث في الآثار اليهودية في كتابه" وثائق الجنيزا اليهودية في مصر" العلاقة بين اليهود والمجتمعات الإسلامية، حيث تمتع يهود البلاد الإسلامية بقسط وافر من الحرية والسماحة ، حسدهم عليه أقرانهم في أوروبا المسيحية.

فقد تمتع يهود البلاد الإسلامية بحكم ذاتي، يديرون بموجبه كافة شئون حياتهم الدينية والدنيوية،وما يتطلبه ذلك من حرية المعتقد وممارسة الأنشطة الاقتصادية، وحرية الإقامة والتنقل في جميع أرجاء البلاد ،بلا قيد أو شرط، ما داموا مستجيبين لنظم السلطات الحاكمة، وقوانين دفع الجزية،التي فرضت عليهم نظير ما تكفله لهم السلطات من الحماية ، وإعفاء القادرين منهم على حمل السلاح ،من منطلق أنهم ليسوا مطالبين بالدفاع عن دين لا يدينون به.

وفي الوقت ذاته،كان يهود أوروبا المسيحية يعانون الأمرين من القهر وذل العبودية، بحيث لم تكن لديهم حرية الإرادة في الإقامة والتنقل ولا في اختيار ما يريدون ممارسته من أعمال.

وفي وثائق الجنيزا القاهرية  المئات من الوثائق التي تتضمن شواهد حية على ما كان ينعم به يهود البلاد الإسلامية من طيب المعاملة وحسن الجوار، منها على سبيل المثال خطاب من فقيه يهودي، جاء من القدس إلى مصر، لجمع تبرعات من يهود القاهرة ويهود مدن الدلتا، ومن ثم العودة إلى القدس، ووثيقة تروي أن امرأة يهودية شامية ، ترددت بين مصر والشام بحثا عن زوج مستهتر ،هارب من مسئولياته الأسرية، ويستدل من تلك الوثائق ومثيلاتها على مدى حرية التنقل ،ومدى ما صاحبه من أمن وأمان، في زمن كانت وسائل المواصلات فيه  الدواب ،وربما سيرا على الأقدام، وعلى مستوى السلطات،هناك وثيقة تشير إلى أن السلطان صلاح الدين الأيوبي قام بتخفيض ما كان يفرض على أهل الذمة ،من مكوس "ضريبة" ، إلى النصف. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الجنيزا اليهود الطائفة الیهودیة هذه الوثائق الیهودیة فی الیهود فی عبارة عن التی کان بن عزرا فی مصر

إقرأ أيضاً:

غضب بين كبار المانحين اليهود وصراعات داخلية بين الجمهوريين بشأن إسرائيل

تتصاعد مخاوف داخل صفوف كبار المانحين اليهود في الحزب الجمهوري، مع اتساع الجدل حول مزاعم تنامي الخطاب المعادي للسامية داخل اليمين الأمريكي، بعد سلسلة مواقف وتصريحات فجّرت انقسامات حادة بين قيادات الحزب ومموليه المؤيدين لإسرائيل.

ونشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا أعده صامويل بنسون وأليك هيرنانديز قالا فيه إن كبار المانحين اليهود الجمهوريين بدأوا بمواجهة مشكلة معاداة السامية المتنامية في حزبهم، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى إجماع حول كيفية الرد.

وأضافا أنه في الأسابيع التي تلت دردشة بودكاست بين تاكر كارلسون ونك فوينتس، منكر الهولوكوست، والتي أشعلت معركة داخل الحزب حول ما إذا كان ينبغي على الحزب الجمهوري تحدي المؤثرين المعادين للسامية، يأمل بعض كبار المانحين أن يتجنبوا العاصفة، بينما يشعر آخرون بالتشرد السياسي في حزب يعتبره البعض "مشكلة نازية" متنامية.

وبيّنا أنه مع ذلك، يستعد آخرون لمعارضة مرشحي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الذين يتبنون معاداة السامية، خاصة بعد أن أعلن فوينتس، عقب ازدياد اهتمامه، في تشرين الثاني/ نوفمبر إعادة إطلاق جمعية غير ربحية مع التركيز على انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. ويقول إنه يأمل في "التغلغل في السياسة" و"توجيه الناس ومساعدتهم على فهم من يصوتون له". وأضاف أنه مهتم بشكل خاص بكشف "جماعة ضغط إسرائيل أولا، وحركة جعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى".


وذكرا أن إيتان لاور، وهو جمهوري بارز ومؤسس لجنة العمل السياسي "المبادئ الأمريكية" التي تضم مسؤولين منتخبين ومانحين مؤيدين لإسرائيل قال: "لا يوجد هنا حل وسط، لكنني أعتقد أنني أرى قوى تصطف لمقاومة هذه الأجندة". وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت الوسيلة الرئيسية للشخصيات التي تُبدي مشاعر معادية للسامية أو معادية لإسرائيل. من المذهل مدى نفوذهم ومدى قدرتهم على اختراق الساحة، فقط بفضل تاكر وكانديس [أوينز]، وهي مؤثرة محافظة أخرى قللت من شأن الهولوكوست ووصفت إسرائيل بـ"دولة طائفية".

وأوضحا أن عدم الارتياح بين كبار المتبرعين المؤيدين لإسرائيل، الذين يديرون جهاز جمع التبرعات للحزب الجمهوري، يشير إلى تعقيد هذه اللحظة السياسية بالنسبة لليهود الأمريكيين المحافظين. يشعر الكثير منهم أن الحزب الديمقراطي سمح لمعاداة السامية بالتسلل إلى تياره الرئيسي في السنوات الأخيرة. والآن، يخشون أن يحدث الشيء نفسه للحزب الجمهوري.

وقالا إن هذه التصدعات ظهرت بوضوح منذ أن استضاف كارلسون، أحد ركائز الحركة المحافظة، فوينتس في بودكاسته في 27 تشرين الثاني/ أكتوبر. أشاد فوينتس بالديكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين، وادعى أن "التحدي الأكبر" لتوحيد البلاد هو "اليهودية المنظمة". قال كارلسون، المذيع السابق في قناة فوكس نيوز والذي لا يزال يحظى بمتابعة واسعة، إن مؤيدي إسرائيل الجمهوريين يعانون من "فيروس دماغي".

وأكدّا أن الحلقة أثارت موجة من الصدمة في أرجاء الحزب، حيث أثارت استنكارا من السيناتورين تيد كروز (جمهوري من تكساس)، وليندسي غراهام (جمهوري من كارولاينا الجنوبية)، ومقدم البودكاست المحافظ بن شابيرو، وهو خصمٌ قديم لفوينتس. دافع رئيس مؤسسة هيريتيج، كيفن روبرتس، في البداية عن البودكاست، مما أدى إلى اضطرابات داخلية في المؤسسة البحثية وإدانات خارجية. وعندما سُئل الرئيس دونالد ترامب عن الحلقة، قال إن كارلسون له الحق في مقابلة فوينتس، وإن "الناس هم من يقررون". وشعر المتبرعون بنفس هذه الموجة من الصدمة.

وأشار التقرير إلى أن أحد كبار المتبرعين اليهود الجمهوريين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، وقارن مقابلة كارلسون المثيرة للجدل مع كروز في وقت سابق من هذا العام بحلقته الأخيرة التي شارك فيها فوينتس.


وقال المتبرع: "يستضيف تاكر كارلسون تيد كروز، الداعم لإسرائيل، ويهاجمه بشدة لفترة طويلة. لقد كان الأمر وحشيا للغاية. ويستضيف نك فوينتس".

وأضاف المتبرع: "معاداة إسرائيل ومعاداة السامية، هذان مصطلحان متداخلان. يختبئ الكثير منهم وراء معاداة إسرائيل، ومن الصعب جدا إثبات ذلك لأنه يجب أن يسمح لك حقا بانتقاد إسرائيل. أنا [مثل] القاضي بوتر في هذا: أعرف ذلك عندما أراه. إنهم ليسوا مجرد معادين لإسرائيل. أعتقد أنهم يختبئون وراء حرية التعبير، يختبئون وراء الانعزالية. أعتقد أن هناك قدرا لا بأس به من معاداة السامية الكلاسيكية".

وذكر التقرير إن مات بروكس، الرئيس التنفيذي للائتلاف اليهودي الجمهوري، صرح بأن منظمته ستركز على استهداف أي مرشحين يدعمهم فوينتس. وأضاف بروكس: "علينا فقط ضمان ألا يتمكن أي منهم من تجاوز العقبات ويفوز بالانتخابات، لأن هذه هي الطريقة، كما رأينا في الجانب الديمقراطي، التي تمكنهم من التسلل إلى الحزب والسيطرة عليه".

وأشار بروكس، إلى جانب جمهوريين آخرين، إلى أن معاداة السامية لا تزال محصورة في هوامش الحزب الجمهوري. في مقابلات أجريت في القمة السنوية لقيادة الائتلاف اليهودي الجمهوري الشهر الماضي، قال النائب ديفيد كوستوف  (جمهوري من تينيسي)، أقدم عضو جمهوري يهودي في الكونغرس، والنائب راندي فاين (جمهوري من فلوريدا)، وهو عضو جديد مؤيد بشدة لإسرائيل ويطلق على نفسه اسم "المطرقة العبرية"، إن معاداة السامية موجودة فقط على "هامش" الحزب الجمهوري.

خلال خطاب ألقاه في مؤتمر الائتلاف اليهودي الجمهوري، مال غراهام إلى الموافقة، وأشار إلى أن أي مرشحٍ للحزب الجمهوري يتبنى خطابا معاديا للسامية سيواجه تحديا من الحزب ككل.

وبحسب التقرير قال غراهام: "يمكنك الجلوس في قبو مع أشخاص غريبي الأطوار وقول أشياء غريبة. إنها دولةٌ حرة، أليس كذلك؟ لكن إذا ترشحتَ يوما ما كجمهوري، وتبنيتَ هذا الهراء الغريب، فسنقوم بتكسير رأسك".

ونقل التقرير عن غابرييل غرويسمان، أحد المتبرعين للحزب الجمهوري في فلوريدا، قوله إنه وكبار المتبرعين اليهود الآخرين يخططون "لبذل قصارى جهدنا لضمان عدم وصول هؤلاء الأشخاص إلى مناصب السلطة".

وقال غرويسمان، المحامي ورئيس بلدية بال هاربور السابق في فلوريدا: "بمجرد أن نرى شخصا بهذه الآراء يُعلن ترشحه، ستسمعون بالتأكيد مني ومن أصدقائي ومن حولنا، [بأي] مكبر صوت لدينا، نستخدمه لضمان عدم انتخابه".

وأشار التقرير إلى أن متبرعين آخرين أقروا بالمشكلة، لكنهم أقل يقينا بشأن كيفية مكافحة هذا المد المتصاعد، فقال المتبرع اليهودي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "للأسف، إن الحاجة إلى الفرز والتحقق الواجب بشأن 'هل أدعم شخصا معاديا للسامية أم لا' أكبر".

ولفت التقرير إلى أن مقابلة كارلسون مع فوينتس جاءت في أعقاب حوادث بارزة أخرى لمعاداة السامية في اليمين السياسي. في تشرين الأول/ أكتوبر، سحب بول إنغراسيا، المرشح لرئاسة مكتب المستشار الخاص، ترشيحه بعد أن تفاخر بـ"نزعته النازية" في رسالة نصية؛ وقبل أيام، أفادت بوليتيكو عن محادثة جماعية مسربة لشباب جمهوريين أشادوا بهتلر وسخروا من الهولوكوست. وفي الأسبوع نفسه، عثر على رمز نازي معلقا في مكتب للحزب الجمهوري في الكونغرس.


وأكد أن هذه الحوادث تأتي في خضم تحول سياسي محتمل بين يهود الولايات المتحدة. في عام 2024، حسن ترامب أداءه مقارنة بأداء عام 2020 في المجتمعات ذات الكثافة السكانية اليهودية العالية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك أحياء نيويورك مثل برايتون بيتش في بروكلين، وفقا لتحليل مجلة "تابلت"، وهي نتيجة وصفها المجلس اليهودي الجمهوري بأنها "تاريخية".

يشير استطلاع جديد أجرته صحيفة "واشنطن بوست" بين الأمريكيين اليهود، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري ينظر إليهما الآن على أنهما ودودان على قدم المساواة تجاه اليهود. قبل خمس سنوات، كان الديمقراطيون يتمتعون بميزة صافية قدرها 15 نقطة في هذه المسألة؛ ارتفعت نسبة اليهود الأمريكيين الذين قالوا إن الحزب الديمقراطي غير ودود تجاههم بشكل كبير في ذلك الوقت، من 10% في عام 2020 إلى 31% في عام 2025.

وأشار إلى أن ترامب أشاد بمكاسبه الانتخابية بين الجمهوريين اليهود خلال رسالة فيديو عُرضت خلال قمة المجلس اليهودي الجمهوري الشهر الماضي، قائلا إنه فاز "بأعلى نسبة من أصوات اليهود بين أي جمهوري منذ عام 1988".

وبين أن الناخبين الأمريكيين يتغيرون في الوقت نفسه في نظرتهم لإسرائيل. وفقا لاستطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في أيلول/ سبتمبر، فإن ما يقرب من 60% من الأمريكيين لديهم الآن نظرة سلبية تجاه الحكومة الإسرائيلية. وقد ازداد هذا الاستياء بشكل ملحوظ منذ عام 2022، عندما كانت أغلبية ضئيلة من المشاركين في الاستطلاع لا تزال تحمل نظرة إيجابية تجاه إسرائيل.

ويلمس هذا التحول بشكل حاد بين الجمهوريين الشباب: ففي السنوات الثلاث الماضية، قفزت نسبة الجمهوريين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما والذين لديهم نظرة سلبية تجاه إسرائيل من 35% إلى 50%، وفقا لاستطلاع رأي آخر أجراه مركز بيو في وقت سابق من هذا العام.

وأنه مع بدء الحزب الجمهوري في التفكير في مستقبل ما بعد ترامب، من المرجح أن تلعب هذه المعركة دورا محوريا في السباق الرئاسي لعام 2028، عندما يسعى الورثة المحتملون إلى الحصول على دعم الناخبين والمانحين المؤيدين لإسرائيل. وصرح آري فلايشر للصحفيين في قمة مركز بيو للأبحاث الشهر الماضي بأن رد فعل المرشحين على معاداة السامية سيكون "إحدى القضايا التي ستحدد" الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري.

قال فليتشر، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض في عهد الرئيس السابق جورج بوش الإبن وعضو مجلس إدارة: "سيكون عدد المرشحين للرئاسة كبيرا في الجانب الجمهوري، وسيبدأ ذلك فعليا في غضون عام تقريبا. سيتعين على جيه دي فانس أن يكسب مكانته كغيره، ولنكن فضوليين للغاية لمعرفة ما سيقوله".

وقال نك موزين، أحد الناشطين في الضغط السياسي والموظف السابق لدى كروز والسيناتور تيم سكوت (جمهوري من كارولاينا الجنوبية)، إن هناك "تواصلا كبيرا" مع فانس من جانب طبقة المانحين اليهود بشأن موقفه من إسرائيل.

وأضاف موزين: "إنه أحدث عهدا، وأصغر سنا، وليس لديه سجل حافل بالخبرة في إسرائيل. لذا، هناك شعور أقل بالراحة تجاهه، على الرغم من أننا نعمل بجد لبناء تلك العلاقات".

مقالات مشابهة

  • أكبر نقابات الصحفيين بفرنسا تشتكي إسرائيل لعرقلتها حرية الصحافة في غزة
  • الداخلية تكشف تفاصيل التعدي على المقابر بالفيوم
  • تحالف حرية التعبير يحذر من تصاعد ملاحقة الصحفيين والناشطين وصناع المحتوى بالعراق
  • غضب بين كبار المانحين اليهود وصراعات داخلية بين الجمهوريين بشأن إسرائيل
  • كولومبيا ترحّل أعضاء بـليف طاهور اليهودية.. ماذا نعرف عن طائفة متهمة باغتصاب الأطفال؟
  • الاتحاد الدولي للصحفيين يقدم شكوى في فرنسا احتجاجا على عرقلة ممارسة حرية الصحافة فى غزة والضفة
  • مصر الأقل .. إسرائيل تكشف عدد اليهود بالبلاد العربية
  • للقضاء على "مافيا المقابر".. إزالة جبانات مخالفة بالإسكندرية
  • مصر الأقل.. إسرائيل تكشف عدد اليهود بالبلاد العربية
  • إسرائيل تنشر أرقاما متضاربة عن عدد اليهود بدول عربية