بوابة الوفد:
2025-12-07@18:30:46 GMT

قبل أن ينتحر العالم

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

أنا ابن زمن العولمة، حيث الوجع هو شعور عام، والتعاطف مع الآخر يتجاوز حدود الجغرافيا، والهويات العرقية، والدينية. تعلمت وتطورت ثقافيًا وفكريًا فى ظل فكرة النهايات العظمى، وأفول الفكر الشمولى، عندما طرح فوكوياما «نهاية التاريخ» وعندما بشرنا توماس فريدمان بأن زمن الحروب ولى إلى غير رجعة، وأنه لن تتكرر فواجع البشر فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.

كنت أحفظ عبارات رصينة من كتاب الرجل المعنون  بـ «السيارة لكزس وشجرة الزيتون» وتقبلت بحسن ظن وربما بسذاجة مقولته بأن الحرب لن تنشب بين بلدين يضم كل منهما محلات ماكدونالدز، لأن رياح العولمة متى حلت فى أرض سلخت عنها توحش الإنسان، وعنفه، ودفعته دفعًا نحو السلام والتعايش وقبول الآخر.

رأيت مع جيلى ومن قاربوهم ما لم أره. دوختنى خارطة الأحداث، وتفتت فى رأسى عشرات القيم والأفكار بفعل ما شهدت وشاهدت فى العقدين الماضيين. قامت حروب، قتل وشرد ملايين البشر، دُمرت دول، وقامت ثورات، ونشبت صراعات، وانقلبت الأحوال كما لم نتخيل، وعاد التوحش يفتك بإنسانيتنا، مؤكدًا أن الإنسان مهما تقدم، فلديه شعور حيوانى دائم، وأنه مهما علا بتقنياته وابتكاراته فإنه خفيض بقسوته وتجبره وظلمه.

والآن تعصف آلة الحرب الإسرائيلية بكل قيم العالم الحديث. تفتك بالسلام وتسحق الأمن وتمحق الوئام، وتدفعنا لنتساءل:ما الحريات؟ وما حقوق الإنسان والحيوان؟ وما مؤسسات الإنسانية وما إغاثة المنكوبين أمام إرهاب دولة يستعذب التهام جثث الأطفال فى تلذذ وسادية؟

أنظر إلى مشاهد بشر موجوع على فقد ذويهم تحت انقاض قصف متوحش، لأشعل النار فى كتب العولمة والسلام والتحضر، وألعن أفكار فرانسيس فوكوياما، وتوماس فريدمان، واختراعات الطب والدواء، والذكاء الاصطناعى والفضاء الإلكترونى.

ما مجد الإنسان فى العالم المتمدن والجميع لا يبارح مقاعد المتفرجين على المذابح البشعة؟ ما كل دعوات السلام ومبادرات التعايش وإعلانات الدولة الصهيونية لا تطرح سوى التصفية ومحو الآخر! ما مؤسسات العالم العظيمة وقوانينها وجهودها والدم العربى مازال يراق تحت دعاوى إنهاء القضية؟!

ما العدل الدولى العظيم وحكومة نتنياهو الإرهابية التى تزعم أنها دولة متقدمة تحاسب أطفالًا ونساء عُزلا على صفعة فصيل واحد لها تتهمه بالإرهاب، وفشلت أمنيًا فى صده؟

كإنسان مسالم يكره الحرب يخاف خوفى من الغد أكثر وحيرتى تتضاعف. فى حسبة المراجعات التى لا تنتهى صرت ضد كل شئ يموج حولى. أنا ضد القادة والزعماء وجنرالات الحرب وأبواق التحريض والمتاجرين بالمواقف والمُنظرين الأدعياء، وهتيفة المظاهرات، وأصحاب البذلات المنمقة فى المؤتمرات الصاخبة.

فى الحرب القاسية لا فرق لدى بين قاتل معلن وآخر مستتر، وبين مشارك ومَحرض، وبين مستغل ومستفيد. أكفر بالورق والحبر والقصائد وبيانات الشجب وتحليل الخبراء وكلمات الساسة، وأرنو لكل مُطفئ لنار الحرب التى لا يدفع ثمنها سوى الغلابة الطيبين الساكنين المؤمنين بالسلام.

أصدق مقولة المفكر النجيب حازم صاغية التى علق بها على الأحداث قائلا بأن «أسوأ شعار يرفعه بعض العرب فى الحرب الآنية هو أن العالم لا يعرف سوى لغة القوة، ذلك لأن العرب منعدمو القوة، وهم فى أضعف لحظاتهم التاريخية». والأولى والأهم والأنسب الآن هو أن نفعل خيارات السياسة، فنوظف كل الطاقات والإمكانات، والأدوات الممكنة وهى كثيرة لنوقف شلال الدم، ونكبح جماح الحرب، ثم نتصارح بعدها ونتدبر فى نتائج ما حدث وآثاره لنخطط لما هو آت بعقل ووعى وإحساس بأرواح البشر التى قد تزهق دون حساب. ليس هذا تعليقا على ما يحدث، فما يحدث لا يحتمل أى تعليق، إنما هى شذرات من مشاعر متباينة تعصف بالذهن فى محاولة للتفكير فيما ينبغى فعله.

والله أعلم.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوجع فوكوياما نهاية التاريخ

إقرأ أيضاً:

"بين مصر وروما كليوباترا السابعة في عيون الآخر".. ندوة ثقافية بمكتبة القاهرة الكبرى (غدًا)

تنظم مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك– قصر الأميرة سميحة كامل – برئاسة الكاتب يحيى رياض يوسف مدير المكتبة، غدًا السبت الموافق ٥ ديسمبر ٢٠٢٥، ندوة ثقافية مميزة بعنوان: “بين مصر وروما… كليوباترا السابعة في عيون الآخر”، وذلك في تمام السادسة مساءً.

بصوت نسمة محجوب وأداء منى زكي.. ١٢ أغنية لأم كلثوم تحيي زمن الطرب بفيلم الست انطلاق البرنامج التدريبي لإعداد جيل جديد من الإعلاميين للأشخاص ذوي الإعاقة أنتم مين؟.. طارق عبد الحليم يفضح مطربي المهرجانات والشعبي (ما القصة؟) فحص أكثر من 7 ملايين طالب بمبادرة الكشف المبكر عن “الأنيميا والسمنة والتقزم” بالمدارس اللجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ قرارات وتوصيات مهمة "القومي للإعاقة" يصدر تقرير غرفة العمليات لمتابعة انتخابات مجلس النواب بمرحلة الإعادة خلال اليومين تسليم أهالي الأسمرات عددا من النظارات ضمن مبادرة “عينيك في عنينا” باليوم العالمى للتطوع.. إيمان كريم: نشكر السيدة انتصار السيسي لمجهوداتها ودعمها العمل التطوعي فوز قطاع الطب الوقائي بالمركز الأول عربيًا كأفضل مبادرة لتطوير القطاع الحكومي وزير الصحة: القيادة السياسية تضع الملف الصحي وأمراض الجهاز التنفسي على رأس الأولويات الوطنية ندوة بين مصر وروما كليوباترا السابعة في عيون الآخر

تأتي الندوة تحت رعاية الفنان الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، وبإشراف المخرج هشام عطوة رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي “قطاع المسرح”

ويتحدث في الندوة الدكتور محمد رمضان، مدرس التاريخ اليوناني والروماني بجامعة القاهرة، ليقدم قراءة عميقة في تاريخ كليوباترا السابعة وكيف تناولها الأخر عبر العصور، ضمن إطار سردي يجمع بين الدقة التاريخية والتحليل الأكاديمي.

 

ويدير اللقاء الكاتب يحيى رياض يوسف، مدير عام مكتبة القاهرة الكبرى، الذي يواصل تقديم فعاليات ثقافية نوعية تعزز الوعي التاريخي وتفتح آفاق جديدة للباحثين والمهتمين بالحضارات القديمة.

مقالات مشابهة

  • نعم لاستحداث برنامج ماجستير في العولمة بأيّ من جامعتنا
  • ضابط برتبة عقيد ينتحر داخل مقره في ذي قار
  • بعد جولتين.. 3 منتخبات تتأهل لربع كأس العرب كلها من آسيا
  • دفتر أحوال وطن «352»
  • ماذا يحدث في الجانب الآخر من حدودنا الجنوبية؟
  • على شفا وقت هارٍ
  • "بين مصر وروما كليوباترا السابعة في عيون الآخر".. ندوة ثقافية بمكتبة القاهرة الكبرى (غدًا)
  • هل قتل البلابسة قصيدة السلام؟
  • الأوبرا تستضيف الموسيقار العالمي ستيف بركات.. الليلة
  • “شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر”: ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر