بوابة الوفد:
2025-05-09@09:42:06 GMT

قبل أن ينتحر العالم

تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT

أنا ابن زمن العولمة، حيث الوجع هو شعور عام، والتعاطف مع الآخر يتجاوز حدود الجغرافيا، والهويات العرقية، والدينية. تعلمت وتطورت ثقافيًا وفكريًا فى ظل فكرة النهايات العظمى، وأفول الفكر الشمولى، عندما طرح فوكوياما «نهاية التاريخ» وعندما بشرنا توماس فريدمان بأن زمن الحروب ولى إلى غير رجعة، وأنه لن تتكرر فواجع البشر فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.

كنت أحفظ عبارات رصينة من كتاب الرجل المعنون  بـ «السيارة لكزس وشجرة الزيتون» وتقبلت بحسن ظن وربما بسذاجة مقولته بأن الحرب لن تنشب بين بلدين يضم كل منهما محلات ماكدونالدز، لأن رياح العولمة متى حلت فى أرض سلخت عنها توحش الإنسان، وعنفه، ودفعته دفعًا نحو السلام والتعايش وقبول الآخر.

رأيت مع جيلى ومن قاربوهم ما لم أره. دوختنى خارطة الأحداث، وتفتت فى رأسى عشرات القيم والأفكار بفعل ما شهدت وشاهدت فى العقدين الماضيين. قامت حروب، قتل وشرد ملايين البشر، دُمرت دول، وقامت ثورات، ونشبت صراعات، وانقلبت الأحوال كما لم نتخيل، وعاد التوحش يفتك بإنسانيتنا، مؤكدًا أن الإنسان مهما تقدم، فلديه شعور حيوانى دائم، وأنه مهما علا بتقنياته وابتكاراته فإنه خفيض بقسوته وتجبره وظلمه.

والآن تعصف آلة الحرب الإسرائيلية بكل قيم العالم الحديث. تفتك بالسلام وتسحق الأمن وتمحق الوئام، وتدفعنا لنتساءل:ما الحريات؟ وما حقوق الإنسان والحيوان؟ وما مؤسسات الإنسانية وما إغاثة المنكوبين أمام إرهاب دولة يستعذب التهام جثث الأطفال فى تلذذ وسادية؟

أنظر إلى مشاهد بشر موجوع على فقد ذويهم تحت انقاض قصف متوحش، لأشعل النار فى كتب العولمة والسلام والتحضر، وألعن أفكار فرانسيس فوكوياما، وتوماس فريدمان، واختراعات الطب والدواء، والذكاء الاصطناعى والفضاء الإلكترونى.

ما مجد الإنسان فى العالم المتمدن والجميع لا يبارح مقاعد المتفرجين على المذابح البشعة؟ ما كل دعوات السلام ومبادرات التعايش وإعلانات الدولة الصهيونية لا تطرح سوى التصفية ومحو الآخر! ما مؤسسات العالم العظيمة وقوانينها وجهودها والدم العربى مازال يراق تحت دعاوى إنهاء القضية؟!

ما العدل الدولى العظيم وحكومة نتنياهو الإرهابية التى تزعم أنها دولة متقدمة تحاسب أطفالًا ونساء عُزلا على صفعة فصيل واحد لها تتهمه بالإرهاب، وفشلت أمنيًا فى صده؟

كإنسان مسالم يكره الحرب يخاف خوفى من الغد أكثر وحيرتى تتضاعف. فى حسبة المراجعات التى لا تنتهى صرت ضد كل شئ يموج حولى. أنا ضد القادة والزعماء وجنرالات الحرب وأبواق التحريض والمتاجرين بالمواقف والمُنظرين الأدعياء، وهتيفة المظاهرات، وأصحاب البذلات المنمقة فى المؤتمرات الصاخبة.

فى الحرب القاسية لا فرق لدى بين قاتل معلن وآخر مستتر، وبين مشارك ومَحرض، وبين مستغل ومستفيد. أكفر بالورق والحبر والقصائد وبيانات الشجب وتحليل الخبراء وكلمات الساسة، وأرنو لكل مُطفئ لنار الحرب التى لا يدفع ثمنها سوى الغلابة الطيبين الساكنين المؤمنين بالسلام.

أصدق مقولة المفكر النجيب حازم صاغية التى علق بها على الأحداث قائلا بأن «أسوأ شعار يرفعه بعض العرب فى الحرب الآنية هو أن العالم لا يعرف سوى لغة القوة، ذلك لأن العرب منعدمو القوة، وهم فى أضعف لحظاتهم التاريخية». والأولى والأهم والأنسب الآن هو أن نفعل خيارات السياسة، فنوظف كل الطاقات والإمكانات، والأدوات الممكنة وهى كثيرة لنوقف شلال الدم، ونكبح جماح الحرب، ثم نتصارح بعدها ونتدبر فى نتائج ما حدث وآثاره لنخطط لما هو آت بعقل ووعى وإحساس بأرواح البشر التى قد تزهق دون حساب. ليس هذا تعليقا على ما يحدث، فما يحدث لا يحتمل أى تعليق، إنما هى شذرات من مشاعر متباينة تعصف بالذهن فى محاولة للتفكير فيما ينبغى فعله.

والله أعلم.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوجع فوكوياما نهاية التاريخ

إقرأ أيضاً:

ترامب يطالب بعودة روسيا لكأس العالم

وكالات

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن فرصة مشاركة روسيا في كأس العالم 2026 الذي ستستضيفه الولايات المتحدة، قد تكون حافزا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب المستمرة منذ 2022.

وتم حظر المنتخب الروسي لكرة القدم من المشاركة في المسابقات الدولية المنظمة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” والاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” منذ بدء الحرب في أوكرانيا 2022، وكان ترامب تعهد في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في يومه الأول في منصبه حال فوزه بولاية ثانية في نوفمبر 2024 إلا أنه تراجع عن تلك التصريحات.

ولن تشارك روسيا في كأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وبدأت التصفيات في سبتمبر 2023، مع توافر 45 مقعدًا بالإضافة إلى الدول الثلاث المضيفة.

وفي حديثه خلال الاجتماع الأول لفريق عمل إدارته المعني بكأس العالم 2026، قال ترامب إن إعادة روسيا إلى البطولة قد ينهي الحرب في أوكرانيا وكان ترامب جالسًا بجانب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو، ولم يكن على علم بمنع روسيا من المشاركة في البطولة.

مقالات مشابهة

  • افرام: ليتذكّر قادة العالم أن كرامة الإنسان فوق المصالح والنزاعات
  • تشريح: الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد
  • ذكرى الحرب العالمية الثانية.. يوم انتصر الحلفاء وانهزم الإنسان
  • الرئيس الصيني: نعمل على تعميق علاقاتنا مع روسيا وتعزيز العولمة الاقتصادية
  • ترامب يطالب بعودة روسيا لكأس العالم
  • تشريح :الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد!
  • سلطنة عُمان تطفئ نار الحرب في اليمن.. وصنعاء وواشنطن تتعهدان بعدم استهداف الآخر
  • احتشاد ذاكرة حربية .. !
  • البابا تواضروس لوزير خارجية صربيا: ابتعاد الإنسان عن الله سبب أزمات العالم
  • أجواء تنافسية في اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة