سقوط بايدن الأخلاقي ورهانه الخاسر على شريكه الساقط نتنياهو!
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
أنهيت مقالي الأسبوع الماضي في «القدس العربي» «حرب إسرائيل لن تقضي على حماس بل ستنهي نتنياهو» مؤكداً: «قيادة نتنياهو المترنح مغامرة جنون العظمة ستدفعه لحتفه ـ وسقوطه، ونهايته السياسية وحكومته المتطرفة بعد محاكمته وإدانته لفشله ـ عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً ـ ومعهم سقوط نظرية الجيش الذي لا يُقهر. وقد قُهر لأن حماس لم يهزمها جيش نتنياهو الخاسر!
تصاعدت مجازر جرائم حرب الاحتلال المتنقلة منذ بداية الحرب، وغرق جيش نتنياهو بمستنقع حرب إبادة ترتكبها آلة القتل وتوغل بدماء الأبرياء والشهداء في غزة للتعويض عن فشله الأمني والعسكري وخسائره، بقتل الأبرياء المستضعفين في مخيمات البؤس والمستشفيات والمدارس، تواكب مغامرة توغلاته البرية المدمرة.
ويستمر الدعم الأمريكي غير المشروط بالسلاح والعتاد والمال وتخصيص الكونغرس 14.3 مليار دولار-و3 زيارات لوزير الخارجية بلينكن ووزير الدفاع أوستن، أهينا بمقاطعة ناشطين ضد الحرب للإدلاء بشهادتهما في جلسة استماع في لجنة مجلس الشيوخ صبغوا أيديهم بصبغ أحمر كناية عن الدم ويصرخون أوقفوا قتل أطفال غزة-أوقفوا الحرب الآن. وتحت ضغط الرأي العام والمظاهرات المستمرة قرب البيت الأبيض واقتحام ناشطين مبنى الكونغرس وأكبر محطة قطارات في نيويورك نظمتها جماعة يهودية بمشاركة حاخامات يعارضون حرب الإبادة على غزة.
كما يواجه بايدن ووزير خارجيته، بداية تمرد داخل وزارة الخارجية، وجناح الحزب الديمقراطي في الكونغرس- وخاصة من النائبة رشيدة طليب من أصل فلسطيني اتهمت بايدن بدعم إبادة إسرائيل الجماعية للفلسطينيين في انشقاق داخل حزب بايدن الديمقراطي! يرافقه تراجع شعبية بايدن في استطلاعات الرأي المسلمين والعرب الأمريكيين بسبب اصطفافه مع جرائم حرب إسرائيل، ورفضه وقف إطلاق النار بحجة «ستستفيد حماس وتعيد ترتيب صفوفها من وقف إطلاق النار»-متناسياً إبادة إسرائيل 12 ألف فلسطيني بين شهيد ومفقود تحت الأنقاض بسلاح وترسانة وتمويل وغطاء أمريكي، واستخدام الفيتو مرتين في مجلس الأمن لمنع قرار يوقف حرب الإبادة في غزة.
كما يشكل الصمت الأمريكي على جرائم قوات الاحتلال الممنهج وقطعان المستوطنين المسلحين برخص لقتل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، واحتلال منازلهم وحرق سياراتهم وتدمير محاصيلهم الزراعية في الضفة الغربية، تجاوز عدد شهداء الاعتداءات الإسرائيلية 250 قبل الحرب على غزة-و120 شهيدا منذ 7 أكتوبر الماضي وطوفان الأقصى والسيوف الحديدية، واكتفاء إدارة بايدن بالتعبير عن قلقها تشجيعاً للعدوان!
حسب تحليل نُشر الأسبوع الماضي في دورية فورين بولسي الأمريكية الرصينة يظهر حالة تململ ورفض موقف بايدن وإدارته الاصطفاف وتقديم دعم بلا سقف للموقف الإسرائيلي- لمسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن الوطني ومؤسسات الدولة العميقة. وهذا ما أكده أكثر من10 من مسؤولين سابقين وحالين في مقابلات مع فورين بولسي. كما تظهر الإحصائيات انهيار تأييد الناخبين العرب الأمريكيين لبايدن. صوت 59٪ من الناخبين العرب الأمريكيين للمرشح جو بايدن في انتخابات الرئاسة عام 2020 ضد منافسه دونالد ترامب. وعلق الدبلوماسي المخضرم هارون ديفيد ميلر «عملت لربع قرن في مفاوضات السلام بين العرب وإسرائيل…في وزارة الخارجية، ولم أشهد حالة الاستياء التي نشهدها اليوم… وكأن إدارة بايدن تتفاوض فيما بين أركانها عن الصراع العربي-الإسرائيلي». بسبب الإفلاس الأخلاقي لإدارة بايدن. وزيادة الانتقادات وعزل أمريكا! لكن حسب آخر استطلاع رأي انهار تأييد الناخبين العرب الأمريكيين من 59٪ عام 2020 ل17٪ اليوم! بسبب مواقف بايدن المعادية والداعمة لحرب الصهاينة على غزة! بالإضافة لانتقادات لاذعة من الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي والنائبتين المسلمتين إلهان عمر من أصل صومالي وأول نائبة أمريكية مسلمة ومحجبة، ورشيدة طليب فلسطينية الأصل، اتهمت بايدن بدعمه حرب إبادة إسرائيل للفلسطينيين بفيديو!
يطلق ذلك صفارات إنذار وحالة استنفار داخل الدولة العميقة والحزب الديمقراطي يعني أن إسرائيل ونتنياهو لم يصبحا عبئا ثقيلا فقط، ولكن يجعل بايدن شريكا في جرائم القتل وبايدن، ويأخذ حزبه كرهينة – قد يكلف بايدن خسارة انتخابات الرئاسة القادمة وحتى أغلبيتهم الضئيلة في مجلس الشيوخ!
الصادم إصرار بايدن تمسكه بالدعم المطلق ورهانه على نتنياهو-الحصان الخاسر! وذلك، برغم ما نشره موقع Politico-الأمريكي الأسبوع الماضي-مع تجاوز ضحايا وشهداء حرب إسرائيل على غزة 10 آلاف شهيد وأكثر من 2000 مفقود تحت الأنقاض- نقلاً عن مسؤولين في إدارة بايدن يتوقعون أيام نتنياهو وحكومته باتت معدودة بعد نهاية الحرب، وفتح لجان تحقيق لفشله! نقل بايدن ذلك لنتنياهو في زيارته الأخيرة لتل أبيب! ويكرر بايدن موقفه بحل الدولتين- لكنه يسمح لإسرائيل بتدمير أي فرصة لتحقيق ذلك!
ولتأكيد انحيازه أصر بايدن على زيارة تل أبيب لساعات وتقدم بطلب 14.3 مليار دولار لتمويل ودعم إسرائيل في حرب إبادتها لسكان غزة وتدميرها لتهجير سكانها لسيناء وتصفية القضية الفلسطينية. ما يسقط أمريكا في إفلاس أخلاقي وقيمي. ويجعل إدارة بايدن شريكا في جرائم الحرب ضد الفلسطينيين العزل! حسب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف.
الدرس واضح، لن يشعر اليهود بالأمان ما لم تقم دولة فلسطينية. وإلا سيتكرر مسلسل الحروب والفشل الأمني وقصف المستوطنات وتل أبيب والخسائر الاقتصادية وتعطل الحياة الطبيعية وإجلاء مليون لاجئ فلسطيني ونصف مليون مستوطن بأكبر عملية إجلاء من مستوطنات غلاف غزة وعلى حدود لبنان وخشيتهم من العودة لمستوطناتهم غير الشرعية! تاريخياً تتحكم العقدة الأمنية بالناخبين الإسرائيليين، ويسقطون الحزب الحاكم الذي يفشل بتوفير الأمن والأمان! متى يقتنع بايدن بسقوطه الأخلاقي، ورهانه على شريك وحصان خاسر؟!
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة بايدن غزة نتنياهو بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العرب الأمریکیین إدارة بایدن على غزة
إقرأ أيضاً:
حانت لحظة الحساب الأخلاقي في غزة
لم تعد حالة طوارئ إنسانية شاملة تلوح في أفق غزة. فقد تحققت بالفعل، وعلى نحو كارثي.
فقد مرّ أكثر من شهرين منذ أن أوقفت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية ومنعتها من دخول غزة. وقام برنامج الغذاء العالمي بتسليم آخر شحناته الغذائية في الخامس والعشرين من أبريل. والآن يتضور من الجوع مليونان من أهل غزة، قرابة نصفهم من الأطفال، فهم جميعًا يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة أيام.
في العيادات المرتجلة التي تديرها منظمة الإغاثة وأرأسها وهي منظمة «المساعدة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى»، تتزايد وتيرة ظهور علامات المجاعة المطولة على نحو يثير القلق. ففي الأيام العشرة الماضية، بدأ التقنيون في مختبراتنا يكتشفون الكيتونات، وهي مؤشر على المجاعة، في ثلث عينات البول التي فحصوها، وهي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه الحالات بأعداد كبيرة منذ أن بدأنا إجراء الفحوص في أكتوبر 2024. وقد استنفد المخزون من الغذاء والوقود والأدوية أو شارف على النفاد.
باتت كل ساعة سباقًا مع الزمن، ولكن مع افتقارنا إلى المساعدات والإرادة السياسية اللازمة لتوفيرها لإنقاذ الأرواح وإنهاء المعاناة العصية على الوصف، تبقى أيدينا مغلولة.
وهذا هو أطول حصار كامل ومستمر تتعرض له غزة منذ نشوب الحرب. فإسرائيل الآن تستغل المساعدات علنا باعتبارها سلاحًا في الحرب، وقد أعلن مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى ما يمثل عمليًا النية على استعمال تكتيك التجويع للضغط على حماس من أجل الإفراج عن بقية الرهائن، وهو ما يمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي. ويخشى كثير من الفلسطينيين من أن يكون هذا أيضا جزءا من خطة لطردهم من غزة، كما تحذر جماعات إغاثة من أن الأمر قد ينتهي بالفلسطينيين إلى «ظروف احتجاز فعلية».
وليس الحصار الإسرائيلي ـ والتأخيرات المتعمدة والمنع والإجراءات الأمنية المفرطة المحيطة به ـ محض عجز لوجستي. وإنما هو نظام مدروس للحرمان. وقد أثبتت هدنة يناير قصيرة الأمد أنها عاجزة عن تلبية الاحتياجات الإنسانية. فقد بدأت الإغاثة تتزايد في التاسع عشر من يناير لكنها أوقفت مرة أخرى بالكامل في منتصف مارس. والنية على استعمال الجوع ورقة ضغط واضحة تمام الوضوح، وغير مقبولة.
ومع تلاشي مخزون الغذاء، ينادي الرئيس ترامب ورئيس وزراء كندا الجديد ورؤساء الدول المتحالفة مع إسرائيل في أوروبا وفي أرجاء العالم بالاستئناف الفوري للإغاثة الإنسانية. غير أن كلماتهم هذه لا تعدو ذلك، أي أنها محض كلمات جوفاء، لا تلقى غير الإعراض. فقد أقر مجلس الأمن الإسرائيلي يوم الأحد خططا لتصعيد الحملة العسكرية في غزة. وما ينذر بشرٍّ مماثل للفلسطينيين أن إسرائيل أقرت خطة لتعزيز سيطرتها على الإغاثة، من خلال مراكز أقامتها إسرائيل وتتولى شركات خاصة فيها مسؤولية الأمن. ويبدو أن هذا جزء من جهود أوسع تتضمن استمرار إغلاق معبر غزة مع مصر وحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) برغم أنها المصدر الأساسي للدعم الإنساني للفلسطينيين. ومن شأن التضييق على المساعدات أيضا أن يقوض الجهود الإقليمية ذات القيادة العربية من أجل تحقيق تعافٍ وإعادة إعمار حقيقيين، وذلك من خلال تجاهل خطط الأمن والحوكمة المجدية والمشروعة أو تأجيلها. والخطر الذي يتعرض له عمال الإغاثة خطر مستمر. ففي مارس من هذا العام، قتل الجيش الإسرائيلي أربعة عشر عامل إغاثة ومسؤولا تابعا للأمم المتحدة. وبالنسبة للمنظمة التي أديرها، أصبحت الحرب مهلكة في مارس 2024 حينما قتلت غارة جوية إسرائيلية زميلي موسى الشوا وابنه الصغير. ولقد لقي ما لا يقل عن أربعمائة وثمانية عشر من العاملين في المجال الإنساني مصرعهم في غزة على مدار الشهور الـ18 الأخيرة، بما يجعلها المنطقة الأكثر دموية في العالم بالنسبة لعمال الإغاثة.
منذ خرق الهدنة بالقصف المكثف في الثامن عشر من مارس، يدفع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين في غزة إلى جيوب أصغر فأصغر، ويوسع المناطق المحظورة، سواء أكانت مناطق عسكرية أم مناطق إخلاء، لتبلغ قرابة 70% من المنطقة. لا بد من مطالبة إسرائيل بإقامة ممرات إنسانية آمنة ومفتوحة. فبدونها تستحيل زيادة الإغاثة؛ لأن كل عملية نقل تمثل مقامرة بحياة المدنيين وعمال الإغاثة. وبرغم الحاجة الماسة إلى وقف فوري لإطلاق النار وتدفق المساعدات، فإن ذلك لن يكون كافيا.
لا بد من وضع خطة لا للإغاثة فقط وإنما للتعافي أيضا، وهو ما لا يمكن أن يحدث في منطقة حربية أو في ظل حصار دائم. ويستوجب هذا التعافي اتفاقية سياسية تضمن حضور الفلسطينيين، والأمن، وتقرير المصير. فوصول المساعدات الإنسانية ليس محض ضرورة أخلاقية، بل هو شرط أساسي لأي أمل في مستقبل أفضل.
تخيلوا غزة فيها بيوت مقامة، ومياه نظيفة، وأطفال يرجعون إلى المدرسة وأسر قادرة مرة أخرى على حصد الغذاء من أراضيها. قد تبدو هذه رؤية بعيدة الاحتمال بعد عقود من الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والحصار، والحروب المتكررة، التي ألحقت جميعا أضرارا جسيمة بالبنية الأساسية والخدمات الضرورية. ولكننا ساعدنا في تحسين حياة الفلسطينيين في غزة من قبل ونقدر على أن نفعل ذلك مرة أخرى. ولكن ما يحول دون ذلك ليس القدرة وإنما سياسة عمدية تعترض الطريق إلى الكرامة الإنسانية الأساسية. وحينما نتكلم عن السلام، لا بد لنا من التساؤل: أي مستقبل نتصوره لو أن شعبا كاملا متروك لمعاناة التجويع؟ لن يزداد الإسرائيليون أمنًا بينما أهل غزة باقون تحت الحصار. فالسلام المستدام لا يتأسس على السيطرة، وإنما عبر الكرامة والحرية والأمن المتبادل.
إننا الآن في لحظة حساب أخلاقي. فهل سيتواطأ العالم على انهيار غزة، أم أنه سوف يكون جزءا من تعافيها؟
شون كارول الرئيس والمدير التنفيذي للمنظمة الأمريكية لإغاثة اللاجئين في الشرق الأدنى.
خدمة نيويورك تايمز