يتساءل الكثير لماذا المرأة العربيَّة تركض وتلهث خلف الصَّيحات الغربيَّة والأجنبيَّة في حياتها الشخصيَّة، ومبتعِدة كُلَّ البُعد عن مبادئ دِيننا الحنيف والسَّيرة النَّبويَّة الشَّريفة، ناسين أو يتناسون المبادئ السَّامية الَّتي هي أُسُس الحياة العصريَّة الكريمة الرَّاقية بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي يتميَّز بها مُجتمعنا العربي الإسلامي؟
لقَدْ أدَّتِ الطفرة التكنولوجيَّة ووسائل الاتِّصال والتواصل الاجتماعي دَوْرًا مُهمًّا في انتشار كثير من فنِّ الإتيكيت الأجنبي، والَّتي بدأت تنتشر بَيْنَ أخواتنا وبناتنا، سواء في مجال العمل اليومي الحكومي أو في حياتها الشخصيَّة.


وسوف أتطرَّق إلى ثلاثة تفرُّعات بفنِّ الإتيكيت الاجتماعي والَّتي تُعدُّ البصمة الرئيسة بحياة المرأة العربيَّة وهي إتيكيت:(مستوى نبرة الصوت، الجلوس والمشي، والمكياج). واليوم نتحدَّث عن الجلوس والمشي والَّذي يُعدُّ من سِمات كاريزما المرأة المثاليَّة والقياديَّة، ولمختلف المناسبات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، وكثيرًا ما يتساءلون عن وضعيَّة الأرجل في الجلوس؟ وهل تُوضعُ الرِّجْل الواحدة فوق الأخرى أو أن تكُونا متلاصقتَيْنِ؟ وأيُّهما أفضل؟ وهنا تؤدِّي مدارس عِلْم النَّفْس الاجتماعي دَوْرًا أساسيًّا في وضع مفاهيم وعلامات لغة الجسد (المشي والجلوس) والَّتي تعتمدها المدارس الدبلوماسيَّة كثيرًا؛ لأنَّها تعطي انطباعًا لذلك، وغالبًا ما نلاحظ على شاشات التلفاز أغْلَبَ النِّساء، وخصوصًا الأجانب عدم اكتراثهم بعادات وتقاليد المُجتمع العربي أو الإسلامي؛ وهو عدم وضْعِ الرِّجل الواحدة فوق الأخرى بالمقابلات والأنشطة الرَّسميَّة، وهذا من سلبيَّات الجلوس، بَيْنَما في بلدهم يُعدُّ من العادات والممارسات الاعتياديَّة. تطرَّق القرآن الكريم إلى مفردة المشي؛ باعتبارها من أهمِّ مفردات لغة الجسد، قال الله تعالى:(فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) (القصص ـ 25)، والَّتي لها أهمِّية كبيرة في عِلْم الفراسة وانعكاس للشخصيَّة. وتُعدُّ هذه الآية الكريمة منبع نظريَّات ومراجع للُغة الجسد في إتيكيت المَشي لِمَا تعكسه من شخصيَّة المرأة من الخجل والهدوء والهَيبة بالمشي البطيء.
وتَعدُّ نظريَّات عِلْم النَّفْس الاجتماعي أنَّ هيئة المَشي لا تكشف أسرار شخصيَّة المرأة فقط، بل في الواقع تعكس حياتها اليوميَّة، أحيانًا ترتبط وضعيَّة المَشي بالمزاج. فقَدْ تكُونُ عادةً تسير برأس مرتفع، لكنَّها حين تشعر بالإحباط والاكتئاب تميل لانحناء الرأس والكتفين. هناك وسائل استدلال قَدْ لا تكُونُ 100% صحيحة، ولكن تُعطي انطباعًا معيَّنًا قَدْ يكُونُ له الأثَر الكبير في إظهار بعض معالم شخصيَّة المرأة. تركِّز المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة، وخصوصًا الغربية مِنْها، على تعليم أفراد الكادر الدبلوماسي، وكذلك كبار الشخصيَّات فيما يخصُّ إتيكيت وأنماط المَشي، وبالتَّالي فإنَّ الخطوات تكُونُ محسوبةً بكُلِّ دقَّة. وتستند خطوات إتيكيت ومهارة المَشي والَّتي لها معانٍ ودلالات بالأساس على ما يلي: (1) المَشي الملكي: أن تكُونَ الخطوات بطيئة جدًّا والمسافة بَيْنَ خطوة وأخرى متقاربة لا تزيد على 10سم بَيْنَ الأقدام، ويكُونُ منتصب القامة، ويكُونُ كعب القَدم هو المسند الرئيس للمَشي؛ لِمَا له دلالة على الاحترام والثبات والحزم وحُب المستقبل، وهو النّموذج الرَّاقي والمُستَحسن اتِّباعه. متوسِّط السُّرعة أو الاعتيادي: تسيرُ وصدرك مدفوع إلى الأمام وكتفُك إلى الخلف وترفع رأسك عاليًا، شخصيَّة محبوبة ومنفتحة تُحبُّ العلاقات العامَّة والاجتماعيَّة، (2) المَشي البطيء: يرافقه ارتخاء اليدَيْنَ وتحريك الكتفَيْنِ، وتدلُّ على إتمام العمل والإحساس بالرِّقة والرَّحمة وحُب التظاهر، تسيرُ بخطوات قصيرة وبطيئة بمسافة 25 سم، شخصيَّتها هادئة لا تُحبُّ الاستعجال أو التعدِّي على مساحة الآخرين الخاصَّة، (3) أمَّا إتيكيت وأنماط الجلوس في مختلف المناسبات والأوقات لجميع شرائح المُجتمع فهناك عدَّة أنماط عَلَيْنا الانتباه والاقتداء بما هو إيجابي، وخصوصًا بما يُمليه عَلَيْنا دِينُنا الحنيف. فلَيْسَ من المعقول وآداب مُجتمعنا الإسلامي أن تجلسَ البنتُ أمام والدها وتضعَ الرِّجل الواحدة فوق الأخرى، فكيف الحال في الأنشطة والفعاليَّات الرَّسميَّة؟ لذلك يفضَّل الجلوس بأن تكُونَ الأرجُل متلاصقة مع بعضها البعض، الجلوس على حافَّة الكرسي عِند المقابلات الرَّسميَّة مع المرؤوسين، الجلوس والظهر مستقيم والأرجل والأقدام متقاربة وعدم الاتِّكاء على ظهر الكرسي أو الانحناء يمينًا أو يسارًا أثناء الجلوس، ويبقى الظهر مستقيمًا مع ثبات القدمَيْنِ، وهو دليل استقلال الشخصيَّة وحُبُّ الإصغاء والاستماع للآخرين والتفاعل بالأفكار المطروحة. وفي الختام.. عَلَيْكِ الاقتداء بأُختنا الكبيرة السَّيدة الجليلة حرم مولانا جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ حفظهما الله ورعاهما ـ وجعلها المثال الأمثل لها بالجلوس والمَشي، فهي مثاليَّة في إتيكيت الجلوس والمَشي، حيث جلوسها على نصف مقعد الكرسي تقريبًا حين استقبالها لكبار الشخصيَّات.. ومِثال ذلك؛ استقبالها لملكة بلجيكا.. وغيرها من المناسبات الرَّسميَّة والاجتماعيَّة، وهذا ما نشاهده خلال ظهورها على شاشات التلفاز العُماني الرَّسمي.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة المرأة ات الر الم شی

إقرأ أيضاً:

القومي للمرأة يعقد اجتماعه الدوري لمناقشة خطة عمله المستقبلية

عقد المجلس القومي للمرأة اجتماعه الدوري برئاسة الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس، وبحضور عضواته وأعضائه، هدف الاجتماع إلى مناقشة جهود وأنشطة المجلس خلال الفترة الماضية، وخطته المستقبلية.
  

وبدأت الدكتورة مايا مرسي الاجتماع بتقديم خالص التهاني إلى الدكتور ماجد عثمان عضو المجلس والرئيس التنفيذي لمركز بصيرة، لحصوله علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2024، وإلى السفيرة وفاء نسيم عضوة لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس لفوزها فى انتخابات عضوية لجنة حقوق الإنسان المُنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عن الفترة 2025 – 2028.
  

 و استعرضت الدكتورة مايا مرسي الخطة المستقبلية للمجلس والتي تتضمن انشاء متحف المرأة المصرية تنفيذًا لتكليف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية خلال احتفالية تكريم المراة المصرية مارس 2024، لافتة أن متحفة المرأة المصرية سوف يتم انشائه داخل متحف الحضارة وعلى مساحة ٣٠٠٠ متر. 
 

و أضافت رئيسة المجلس أنه جارى العمل على تخصيص مقر لبيع منتجات معرض "المصرية" بالمتحف المصري الكبير، والخاصة بالسيدات اللاتى يتم تدريبهن فى إطار المشروع القومي لتنمية الأسرة ومشروع معالجة الدوافع الإقتصادية للهجرة غير الشرعية، كما أشارت إلى ان المجلس بصدد انشاء وحدة لمساندة السيدات عند تسجيل العلامات التجارية الخاصة بهن، بالإضافة إلى توسع المجلس في تكوين مجموعات الإدخار والإقراض الرقمي بكافة محافظات الجمهورية وتعزيز الشمول المالي للمرأة.
   وأشادت رئيسة المجلس بالدور المحوري الذي يقوم به المرصد الإعلامى بالمجلس برئاسة الدكتورة سوزان القلينى في رصد صورة المرأة بالدراما والبرامج والاعلانات.

IMG-20240609-WA0035 IMG-20240609-WA0036 IMG-20240609-WA0037

مقالات مشابهة

  • وزارة العمل تنظم اجتماعا لـ"وحدة المساواة بين الجنسين" لمناقشة خطط العمل بالمنيا
  • د فاديا كيوان: نشيد المرأة العربية يساهم في بناء ذاكرة لها
  • فاديه كيوان: أهدي نشيد المرأة العربية إلى كل فتاة من المحيط للخليج
  • “لملح الأرض أنا”.. أول نشيد  للمرأة العربية
  • مايا مرسي تشارك في إطلاق أول أغنية للمرأة العربية
  • غدًا.. منظمة المرأة العربية تطلق أول أغنية للمرأة العربية
  • مايا مرسي تشارك في اطلاق برنامج "تمكين" المرأة المصرية
  • القومي للمرأة يعقد اجتماعه الدوري لمناقشة خطة عمله المستقبلية
  • انشاء متحف للمرأة المصريه  داخل متحف الحضارة
  • مايا مرسي: إنشاء متحف المرأة المصرية داخل متحف الحضارة