بعد مرور شهر على "الهجوم المفاجئ" لعناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي أدى إلى شن حرب إسرائيلية على غزة، كشفت جولة على وكلاء السفر والمرشدين السياحيين وأصحاب شركات الطيران والعاملين في المطار عن خسائر فادحة تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، في حين بات الموظفون العاملون في هذه المطارات يخشون إغلاق أعمالهم، ويوجهون الانتقادات للدولة على عدم مساعدتهم.

هذا ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في تقرير مطول رصدت فيه تراجع الأعمال في هذه القطاعات، مشيرة إلى حدوث انخفاض حاد في عدد الرحلات من وإلى مطار بن غوريون بلغ نسبته 80% قياسا إلى العام الماضي، في حين ألغت شركات طيران دولية عديدة خطوط رحلاتها حتى إشعار آخر.

وقالت الصحيفة إن شركات الطيران الإسرائيلية لم تعد تخفي قلقها حيال مستقبل وصفته بالمظلم، مضيفة أن هذه الشركات وجهت انتقادات للمسؤولين بسبب عدم تعويضهم عن الأضرار التي تكبدوها.

وأكدت الصحيفة أن صورة الوضع الآن على الأرض قاتمة، وأن الدولة ستضطر لدفع التعويضات إذا كانت ترغب في تواصل جوي بين إسرائيل والعالم.

وأشارت إلى أن الأزمة في القطاع السياحي لم تقتصر على الجو، بل ألقت بظلالها على السياحة البحرية أيضا، موضحة أن رحلات الكروز من ميناء حيفا توقفت تماما.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأزمة في مطار بن غوريون لا تهدد شركات الطيران فحسب، بل تضرب القطاع السياحي في إسرائيل بشكل عام، في وقت بات العاملون في هذا القطاع قلقين حيال إجراءات وزارة المالية التي لا تستجيب لاحتياجاتهم ومطالبهم، وفق تعبير الصحيفة.


أزمة حادة

ونقلت الصحيفة عن رئيس اتحادات مكاتب السفر في إسرائيل كوبي كارني أن قطاع السياحة في إسرائيل يعاني أزمة حادة من المتوقع أن تستمر خاصة أنها تلت أزمة كورونا "كوفيد-19″، مضيفا أن كل العاملين "سيواجهون ضائقة اقتصادية تضاف إلى تحديات عظيمة نعاني منها في المرحلة الحالية"

ودعا كوبي كل وزارات الدولة المعنية للعمل من أجل مستقبل القطاع السياحي من خلال منح التعويضات اللازمة "لنتمكن من النهوض مجددا والمساهمة في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي".

كما تناولت الصحيفة قطاعا آخر تضرر بشكل مباشر من الأزمة السياحية، ويتعلق الأمر بموفري الخدمات الأرضية في مطار بن غوريون، إضافة إلى منظمي الرحلات السياحية والمرشدين السياحيين الذين تلقوا ضربة قاسية، ولم يتعافوا بعد من أزمة كورونا "كوفيد-19″، وفق قولها.

وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن أصحاب الفنادق وقطاع الضيافة يائسون ومحبطون من تداعيات الحرب، ونقلت عن أحدهم قوله إن الأزمة الاقتصادية التي يعانون منها تتعاظم يوما بعد يوم.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لمكتب منظمي السياحة الداخلية، يوسي فاتال، أن "التحذير من السفر إلى الخارج أمر مخز، وكان يفضل عدم إعلانه، فهو يبدو وكأنه سياسة أكثر من كونه اهتماما بالمواطنين. والأخطر من ذلك هو أن هذا الإعلان يعتبر استسلاما لحماس وتصوير صورة النصر لها".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

سوريا.. هل يتبخّر حلم انتعاش السياحة أمام الفوضى الأمنية والقيود على الحريات؟

بعد سقوط الأسد، تواجه السياحة في سوريا أزمة مزدوجة: فوضى أمنية وقيودا على الحريات تهدد بانهيار كامل للقطاع، رغم آمال الانتعاش الاقتصادي ورفع العقوبات. اعلان

مع مرور أشهر على سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة "هيئة تحرير الشام" سيطرتها على مفاصل الدولة تحت قيادة أحمد الشرع الذي عُين رئيسًا للمرحلة الانتقالية، تواجه سوريا تحديات جسيمة، أبرزها تعافي قطاع السياحة ، الذي كان يومًا ما من أهم روافد الاقتصاد الوطني.

لكن الواقع الحالي كشف عن فجوة عميقة بين الآمال الكبيرة وبين المعوقات التي تعصف بالقطاع من الداخل والخارج، وتهدد بتحوله إلى رافعة اقتصادية ضائعة، إن لم يتم التصدي لها بشكل سريع وفعّال.

خسائر مضاعفة عبر سنوات الحرب

تكبد قطاع السياحة في سوريا خسائر فادحة خلال سنوات الحرب، حيث توقف نحو 544 مشروعًا سياحيًا عن التنفيذ بين عامي 2011 و2014 ، وهو مؤشر أولي على حجم الدمار الذي لحق بهذا القطاع الحيوي حتى قبل أن تمتد الحرب بشكل كامل لتطال معظم أنحاء البلاد.

وفي عام 2019، كشف وزير السياحة في حكومة نظام بشار الأسد، رامي مرتيني، عن خروج 1468 منشأة سياحية من الخدمة ، بينها 365 فندقًا و1103 مطاعم ، إضافة إلى تضرر 403 منشآت سياحية بشكل كلي أو جزئي ، مما يعكس حجم الدمار الذي تعرض له هذا القطاع الاستراتيجي.

ومنذ ذلك الحين، حاولت الحكومة إعادة تنشيط القطاع ضمن المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وفي عام 2024، واصل النمو زخمه نسبيًّا، إذ بلغ عدد الزوار القادمين إلى سوريا حتى بداية شهر تموز/يوليو الماضي نحو 1.002 مليون زائر ، بزيادة قدرها 5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق ، ما يُعد مؤشرًا إيجابيًّا رغم استمرار التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والأوضاع الأمنية الهشة.

العامل الأمني: فوضى لا ترحم المنشآت ولا الزوار

لكن كل هذه المؤشرات الإيجابية انقلبت رأسًا على عقب مع سقوط النظام وبدء المرحلة الانتقالية، حيث أصبحت المنشآت السياحية هدفًا مباشرًا للفصائل المتطرفة التي تسعى إلى فرض نمط حياتي صارم، يتنافى مع طبيعة الحياة التي اعتاد عليها السوريون والسياح.

خلال الأشهر الماضية، رصدت يورونيوز بشكل دقيق تصاعد أعمال العنف ضد المنشآت السياحية، خصوصًا في العاصمة دمشق وطرطوس وحمص. حيث تعرضت مطاعم ومقاهٍ ومواقع سياحية لهجمات متكررة من فصائل متشددة تتبع لجماعات متطرفة، تتهم أصحاب هذه المنشآت بمخالفة "الأعراف الإسلامية"، مثل تقديم الكحول أو السماح بالموسيقى أو الرقص.

في إحدى الحالات، تم تدمير محلات تبيع المشروبات الكحولية في منطقتي دمشق وطرطوس، كما تم تهديد أصحاب المطاعم الذين يسمحون لزبائنهم بشرب الكحول، ما أدى إلى حالة من الرعب والتخوف من استمرار العمل في مجال السياحة.

Relatedدُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةمطاعم دمشق القديمة في قبضة الأمن العام: لا غناء ولا حرية ولا أمان!سرقة ورعب في أحد ملاهي دمشق: اعتداءات على الحريات وفصائل مسلحة غير منضبطة

وقال أحد أصحاب المطاعم في دمشق ليورونيوز: "بعد سقوط النظام، تخيلنا أن يكون هذا الصيف بداية نهضة جديدة، وأن تعود المنشآت السياحية إلى سابق عهدها، لكن المفاجأة كانت صادمة. لم تتجاوز نسبة الإشغال العشرات، والمطاعم شبه خالية، والحفلات النادرة التي أُقيمت لم تستمر أكثر من ليلة واحدة بسبب الضغوط الأمنية."

أما صاحب منتجع سياحي في اللاذقية، فقد أكد أن غياب الأمن هو أكبر عائق أمام استعادة القطاع لدوره الاقتصادي: "الدولة تفقد اليوم مصدرًا رئيسيًا للدخل، وتفوت فرصة تحريك العجلة الاقتصادية، فقط لأنها لم تستطع ضبط الأمن في الساحل السوري، حيث تكثر حالات القتل والخطف كل يوم. إذا أردت الاستثمار، عليك أولًا باستعادة الأمان."

قيود على الحريات: قرارات غريبة تقيد النشاطات السياحية

إلى جانب الجانب الأمني، برزت تحديات ثقافية وإدارية داخلية ، كان أبرزها القرارات الصادرة عن وزارة السياحة السورية مؤخرًا، والتي أثارت جدلًا واسعًا داخليًا وخارجيًا.

من بين تلك القرارات، التوجيهات الجديدة حول حرية اللباس في الشواطئ العامة، حيث تم تقسيم الشواطئ بناءً على نوع الملابس المسموح بها، مع ترك حرية أكبر للفنادق الفاخرة (4 و5 نجوم) في حين فُرضت قيود صارمة على الشواطئ الشعبية.

وقال خبير اقتصادي ليورونيوز، طلب عدم ذكر اسمه: "السياحة ليست فقط أماكن تراثية وبحر وجبل، بل هي أيضًا ثقافة الحريات التي تدرّ المال. التجربة واضحة في تركيا ولبنان، حيث لا يتم تقييد الزائر، بل تُقدَّم له الخيارات. أما عندنا، فإن مثل هذه القرارات العشوائية تقتل أي أمل في استعادة الثقة لدى السائح المحلي أو الأجنبي."

وأضاف: "اليوم الدولة تخسر ملايين الدولارات بهذه القرارات وتساهم في انتشار البطالة بما توفره السياحة من توظيف أيدي عاملة في كل سوريا، كان من الأجدى على وزارة السياحة أن تدعم القطاع لا أن تصدر قرارات تُقيد الحريات. المجتمع السوري متنوع، وثقافته قادرة على الموازنة بين القيم والحرية، دون الحاجة إلى تدخل تعسفي."

هل هناك بصيص أمل؟

رغم حالة التشاؤم التي تسود المشهد السياحي، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي قد تكون مبشّرة، لو توفرت لها الإرادة السياسية والأمنية:

الاهتمام الدولي المتزايد بالمواقع الأثرية مثل تدمر وحلب القديمة.الطلب الداخلي على السياحة الداخلية رغم انخفاض مستوى الدخل.إمكانية عودة السياح العرب والأوروبيين لو استقرت الأوضاع الأمنية وانتظمت الخدمات.

لكن لتحقيق ذلك، يرى الخبراء أنه على الحكومة الانتقالية أولًا استعادة الأمن والاستقرار، وثانيًا إعادة النظر في القرارات التي تقيّد الحريات ، حتى ولو كانت تدعي الحفاظ على الأخلاقيات.

فالسياحة، كما يقول أحد أصحاب المطاعم: "ليست فقط مبنى أو شاطئ، بل هي تجربة إنسانية تبدأ من الحرية وتنتهي بالراحة. مضيفاً، بدون خطوات عملية لإصلاح البيئة الأمنية والثقافية والسياحية، فإن سوريا ستظل بعيدة عن استعادة دورها كوجهة سياحية مهمة في المنطقة".

اليوم، يتوقع الكثيرون خسائر جمّة ما لم يتم تداركها ، خصوصًا أن الناس تنتظر المستثمرين في هذا القطاع الحيوي والأساسي، وبعيدًا عن العقوبات الاقتصادية التي رُفعت مؤخرًا، فإن التحدي الحقيقي يبقى في إعادة الثقة وبناء بيئة آمنة وحرّة تُحفِّز السياح على العودة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • تفاصيل أزمة أحمد حمدي مع الزمالك: غموض حول مستقبل اللاعب
  • تحليل لـCNN: ترامب يواجه أزمة كبيرة بعد سلسلة من إخفاقات سياسته الخارجية أبرزها ضرب إسرائيل لإيران
  • منصات التواصل الاجتماعي تلحق مخاطر كبيرة بنفسية الأطفال والمراهقين
  • القطاع السياحي يواصل تحقيق نتائج إيجابية في الأردن حتى أيار 2025
  • سوريا.. هل يتبخّر حلم انتعاش السياحة أمام الفوضى الأمنية والقيود على الحريات؟
  • رئيس نقابة الطيارين في كيان العدو : أزمة الطيران لم تنتهِ بعد وقد تتفاقم أكثر
  • «الأونروا»: الأزمة في غزة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس
  • عدن تُنهكها الأزمات.. أزمة غاز منزلي تدخل يومها السادس وسط سخط شعبي وتحذيرات اقتصادية
  • يديعوت أحرونوت: إصابة ضابط إسرائيلي بنيران صديقة في رفح
  • شركات السياحة: نجاح كبير لموسم الحج.. وإعداد تقرير شامل بالتفاصيل