طهران- "منذ فوزها بالانتخابات الرئاسية الماضية عملت الحكومة (الإيرانية) المحافظة على استكشاف شتى المجالات لفرض مزيد من الضرائب، بينما لا يلمس المواطن تحسنا في وضعه المعيشي"، يقول غلام علي (62 عاما) متذمرا وهو يغادر كشك التحويلات المالية في مصرف "ملت" جنوبي العاصمة طهران، بعد أن عرف أن رسوم التحويلات المالية قد تضاعفت وفق قوانين الضرائب الجديدة في البلاد.

وعبّر غلام، في حديثه للجزيرة نت، عن امتعاضه من قرارات الحكومة وسن قوانين جديدة تفرض مزيدا من الضرائب على جميع نشاطات المواطن العادي في ظل التهرب الضريبي للجهات المتنفذة، على حد قوله.

غير أن موظف المصرف محمد علي (44 عاما) يبدي رأيا مختلفا، ويعتقد أن تلك القرارات ضرورية لرفع حصة الضرائب في الميزانية التي لطالما عانت من العجز خلال السنوات الماضية.

ويظهر مشروع قانون الموازنة العامة للعام الإيراني الجاري (بدأ في 21 مارس/آذار الماضي) زيادة بنسبة نحو 50% في الإيرادات الضريبية مقارنة مع العام الماضي؛ إذ تبلغ الإيرادات الضريبية في السنة الجديدة أكثر من 838 تريليون تومان من أصل 1157 تريليون تومان (الدولار يساوي 50 ألف تومان) قيمة الموازنة السنوية.

ردود متباينة

وأثار إعلان الحكومة الإيرانية فرض ضرائب على البيوت الفارغة والشقق الفاخرة والسيارات الفارهة والتحويلات المالية والمشاهير وصانعي المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي والودائع بالعملات الأجنبية وغيرها من المجالات المستحدثة مثل بيع وشراء الذهب والمسكوكات والعملات الصعبة والعقارات والسيارات، ردود فعل متباينة لدى الأوساط الإيرانية بين موافق ومعارض.

ويبرر الفريق الاقتصادي للحكومة الإيرانية، سن القوانين الجديدة بأنه یهدف لقطع الطريق على السماسرة الذين لطالما لعبوا دورا سلبيا في رفع أسعار السكن والسيارات والعملة الصعبة من خلال احتكار البضاعة بانتظار ارتفاع سعرها.

وأعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي -مطلع الأسبوع الجاري- أن حكومته ستوظف عوائد الضرائب لدعم عجلة الإنتاج، مؤكدا عزم الحكومة على عدم تحويل الضرائب إلى عامل ضغط على قطاع الإنتاج.

وتحظى قرارات الحكومة بشأن زيادة الضرائب بدعم شريحة وازنة في إيران انطلاقا من إبطال مفعول العقوبات الأميركية التي تستهدف الاقتصاد الوطني في ظل تقلص دخل البلاد وزيادة النفقات، ما يقوض قدرة السلطة التنفيذية على تقديم الخدمات والوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها.

أسباب الزيادة

في غضون ذلك، يصف عالم الاقتصاد الإيراني آلبرت بغزيان النظام الضريبي بأنه إحدى الركائز الأساسية لتنمية الاقتصاد الوطني إلى جانب العوائد النفطية، موضحا أنه في ظل الانكماش الاقتصادي وتراجع عوائد الدولة واستفحال التضخم فإن الضرائب تبقى سبيلا صائبا لسد عجز الميزانية وتقديم الخدمات.

ويشكل تراجع صادرات البترول وصعوبة وصول عوائده إلى البلاد بسبب العقوبات الأميركية سببا رئيسيا لتوجه الحكومة الإيرانية إلى فرض ضرائب ورسوم على مجالات اقتصادية جديدة، وفق بغزيان الذي أكد للجزيرة نت أن نفقات البلاد ازدادت خلال الفترة الماضية جراء تفشي جائحة كورونا وتداعيات الاحتجاجات الشعبية والدعم الحكومي للطاقة.

ورأى أن الحكومة الحالية اضطرت إلى سن قوانين جديدة لجمع الضرائب، مؤكدا أن العديد من الحكومات السابقة ونواب البرلمان يتجنبون التشديد بشأن الضرائب لكسب الأصوات في الانتخابات المقبلة.

انتقادات واسعة

وأثارت التعديلات الجديدة على النظام الضريبي انتقادات واسعة لدى الأوساط الاقتصادية والسياسية؛ إذ وصفها  حشمت الله فلاحت بيشه السياسي الإصلاحي والرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان بأنها "ظالمة بحق الشعب الإيراني ومنقطعة النظير في أغلب دول العالم".

وفي تغريدته على تويتر، كتب فلاحت بيشه أن "الحكومة والبرلمان الحاليان فرضا أكثر من 20 ضريبة جديدة على المواطن، شملت الضرائب على العقارات والإيجار والسيارات وأجهزة نقاط البيع والفواتير ونقل النقود من حساب إلى آخر وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية".

من جانبه، استغرب محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، عزم الحكومة الحالية جمع الضرائب من صانعي المحتوى على مواقع التواصل، متسائلا "كيف يمكن للحكومة أن تطالب بأخذ الضرائب من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي رغم حجبها؟!". وكتب في قناته على تليغرام "كنت أتصور أن الحكومات تقدم خدمات وتسهيلات للفعاليات التي تجمع منها ضرائب بدلا من عرقلة نشاطها ومنعها".

سياسة متناقضة

وفي السياق، سخر الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يوسف آكندة، من "ازدواجية المعايير لدى الحكومة" بالقول إن "السلطة التي تحجب منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتويتر وتليغرام باعتبارها سيئة ومضرة للمجتمع والأسرة، ترى فيها نفعا اقتصاديا ولذلك تصبح جيدة ومفيدة عند الحديث عن كسب الضرائب".

واعتبر آكندة -في حديث للجزيرة نت- المساعي الرامية إلى رفع حصة الضرائب في الميزانية العامة أنها تتعارض وشعار الحكومة عن إفشال العقوبات ورفع حجم صادراتها من النفط والحصول على عوائده، مؤكدا أن زيادة الضرائب ستؤدي إلى رفع الأسعار وزيادة التضخم والضغط على الطبقات الفقيرة، لأن المستهلك هو الذي سيتحمل تداعيات زيادة الضرائب.

وأوضح أنه بسبب سيطرة المصانع الحكومية على سوق السيارات، فإن المواطن يدفع أموالا هائلة لشراء سيارات منخفضة الجودة مقارنة مع الطرازات الأجنبية، منتقدا توجه الحكومة لتحقيق أرباح عبر التدهور الاقتصادي التي هي مسؤولة عنه، على حد قوله.

ورأى الباحث الإيراني في الوضع المعيشي المتدهور سببا رئيسيا وراء الاحتجاجات التي تنطلق بين الفينة والأخرى في البلاد، محذرا من أن النظام الضريبي الجديد قد يفجر الوضع الاجتماعي من جديد، على حد قوله.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وزارة الاتصالات الإيرانية : رفع القيود على استخدام الإنترنت في البلاد

أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية عودة خدمات الإنترنت في إيران إلى وضعها الطبيعي كما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي.

وكانت  الحكومة الإيرانية في وقت سابق أعلنت  تقييد  الوصول إلى شبكة الإنترنت العالمية "لأسباب أمنية ، مشيرة الي انها تعرضت لهجمات إلكترونية تسببت بخلل في عمل المصارف.

وقالت الحكومة في طهران بحسب وسائل إعلام ايرانية أن فرض القيود على الإنترنت جاء كإجراء أمني لحماية المواطنين والبلاد.

واضافت الحكومة الإيرانية: سنلجأ إلى الإنترنت الوطني ونقيد الوصول إلى الإنترنت العالمي.

وفي سياق أخر ، أعلنت الحكومة الإيرانية تمديد إلغاء جميع الرحلات الجوية حتى الساعة الثانية من صباح السبت بالتوقيت المحلي.

فيما أ‌كد وزير الخارجية الإيراني عباس ‏عراقجي، أن طهران ليست مستعدة للتفاوض طالما الهجمات الإسرائيلية مستمرة، متوقعا عدم انخراط دول بالحرب "بسبب مقاومة إيران".

و‌قال “‏عراقجي” إن الولايات المتحدة شريكة في الاعتداء الإسرائيلي حتى لو لم تعلن المشاركة ، مضيفا “ برنامجنا الصاروخي وقدراتنا العسكرية غير قابلة للتفاوض”.

وأضاف: الدفاع عن بلادنا أمام العدوان لن يتوقف ولا حوار مع واشنطن لأنها شريكة في الجرائم ولم يكن لدينا أي تواصل مع واشنطن ولن نتواصل معها في الظرف الراهن.

وتابع وزير الخارجية الإيراني: واشنطن طلبت منا التفاوض ورفضنا ذلك ولكن لا مشكلة لدينا في الحوار مع باقي الدول.

وختم عراقجي تصريحاته بالقول: مفاوضاتنا مع الدول الأوروبية في جنيف تقتصر على الملف النووي والملفات الإقليمية.

وفي وقت لاحق، كشف محمد حسين رنجبران، مستشار وزير الخارجية الإيراني، عن إحباط مؤامرة خطيرة كانت تستهدف وزير الخارجية عباس عراقجي في العاصمة طهران، محملاً إسرائيل المسؤولية المباشرة عن التخطيط لها.

وأوضح رنجبران، في تدوينة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، أن الحديث عن توجه عراقجي إلى مدينة جنيف لإجراء مفاوضات مع الترويكا الأوروبية أثار مخاوف جدية من إمكانية تعرضه لمحاولة اغتيال إسرائيلية.

وأشار مستشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن التهديد باغتيال عراقجي كان "واقعيًا وجادًا"، مؤكدًا أن الوزير الإيراني لا يعتبر نفسه مجرد مسؤول سياسي، بل "جنديًا في خدمة الوطن، يسير على نهج الشهيد قاسم سليماني، ويسعى للشهادة"، بحسب تعبيره.

وأكد رنجبران أن الخطة التي كانت تستهدف عراقجي أُحبِطت بفضل "التدابير الأمنية الدقيقة التي نفذها الجنود المجهولون" في الأجهزة الأمنية الإيرانية، موضحًا أن "المؤامرة بفضل الله قد فشلت"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة المخطط أو الجهات التي تقف خلفه بشكل مباشر.

وفي ختام بيانه، دعا رنجبران الشعب الإيراني إلى الدعاء لعراقجي وفريقه الدبلوماسي في هذه المرحلة الحساسة، مشددًا على "ضرورة دعمهم في نضالهم لإحقاق حقوق الجمهورية الإسلامية في عالم بات بعيدًا عن القيم الإنسانية"، على حد وصفه.

تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لإيران، التي تعيش حالة من التوتر الأمني والسياسي في أعقاب تصاعد المواجهة العسكرية مع إسرائيل خلال الأيام الماضية. 
 

الكرملين يعلق على إلغاء إيران تعاونها مع الطاقة الذرية.. وويتكوف يتوعد الجاسوسبعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية.. من يملك السلاح الأقوى بين الدول التسع؟وزير الخارجية الأمريكي: إيران تراجعت كثيرًا عن حيازة السلاح النوويجروسي: إيران أبلغتني باتخاذ إجراءات وقائية بشأن مخزون اليورانيوم المخصب طباعة شارك إيران خدمات الإنترنت عودة خدمات الإنترنت وزارة الاتصالات الإيرانية إسرائيل

مقالات مشابهة

  • الحرب تثير مخاوف من ارتفاع الأسعار وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق في إيران
  • لجنة الإصلاح الضريبي: تبسيط الإجراءات وتخفيض الضرائب
  • صندوق النقد الدولي: الاقتصاد السعودي أثبت قدرته على الصمود في مواجهة الصدمات
  • وزارة الاتصالات الإيرانية : رفع القيود على استخدام الإنترنت في البلاد
  • بعد 12 يوما من الحرب.. من الخاسر الحقيقي في المواجهة بين إيران وإسرائيل؟|خبراء يجيبون
  • تركة ثقيلة من الفساد والحرب.. هل تستطيع الحكومة السورية الجديدة النهوض بالاقتصاد؟
  • الغرف السياحية: لجنة لحماية مستثمري القطاع من التهرب الضريبي
  • وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين خلال اليوم المفتوح
  • الضرائب والرسوم التي فرضها السوداني على المواطنين بلا خدمات
  • باحث في الشأن الإيراني: الهجمات على طهران استهدفت النظام وليس المواطنين