رأي اليوم:
2025-06-01@19:16:16 GMT

د. سنية الحسيني: جنين أَم الاحتلال!

تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT

د. سنية الحسيني: جنين أَم الاحتلال!

د. سنية الحسيني تتصاعد الأحداث الدموية المدوية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بوتيرة متسارعة، كانت جنين آخر معاقل الانفجار خلال اليومين الماضيين، ولن تكون آخرها في الزمان والمكان. ورغم أن جنين تمتلك مقومات خاصة، بالمقارنة بمدن الضفة الغربية، تجعلها تتصدر مشهد الأحداث في فلسطين اليوم، الا أن تطورات الصراع عموماً في الأراضي المحتلة هي المعضلة الحقيقية التي يجب إعادة النظر فيها، لفهم مجرى ومستقبل الأحداث القادمة.

ذكرى حدثين مهمين تمر علينا خلال هذه الأيام تضع باختصار حدود المعادلة القائمة اليوم في البلاد، توقيع اتفاق أوسلو قبل ثلاثة عقود، ومعركة جنين قبل ٢١ عاماً، الأول جاء بهدف تحقيق الاستقلال للفلسطينيين عبر طريق سلمي، والثاني جاء رداً على استمرار الاحتلال، وعدم التزامه بتعهداته وفق ذلك الاتفاق. كثير من التطورات حدثت في الأراضي المحتلة خلال تلك العقود السابقة، قد تفسرها دوامة الأحداث المتفجرة، إلا أن حدود المعادلة سابقة الذكر لم تتغير، فالشعب الفلسطيني لن يقبل باستمرار الاحتلال، ومقاومته مستمره، مهما تفنن الاحتلال في قمعها ومساعيه لتغيير واقع الأراضي المحتلة، وخاصة أنه لم ير نتائج تذكر من العملية السلمية. لم يكن اجتياح جنين خلال اليومين الماضيين مفاجئاً، فتواتر الأحداث منذ العام الماضي، وتصاعدها خلال الأيام القليلة السابقة كان يشير لحتمية المواجهة، ولكن السؤال المهم، هل حققت هذه المواجهة أهدافها؟ لقد غير الاحتلال من تكتيكاته لمواجهة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ورغم تطور المقاومة وقدرتها تبقى محدودة وبدائية في ظل سيطرة محكمة للاحتلال على جميع مظاهر الحياة في فلسطين. استخدم الاحتلال الطائرات المروحية والمسيّرة لاستهداف المقاتلين الفلسطينيين، والذين كان بالإمكان الوصول اليهم من خلال اجتياح المدينة في أية لحظة، كما هي الطريقة المتعارف عليها، اذ تغير قوات الاحتلال يومياً على أية بقعة في الضفة الغربية لاعتقال المطلوبين او لهدم منازلهم. ورغم هذا التكتيك المستحدث، الا أنه يعكس في نفس الوقت تطور أدوات وقدرات المقاومة الفلسطينية في جنين، التي استطاعت تطوير قدراتها في صد عدوان قوات الاحتلال باستخدام العبوات الناسفة شديدة الانفجار، وفي التحايل على قدراتها الاستخبارية، اذ تقر بعدم معرفتها بشخصيات جميع المقاتلين الفلسطينيين، وفي إطلاق صاروخين بدائيين، يشكل تطويرهما معضلة حقيقية للاحتلال، ناهيك عن عمليات المقاومة الفردية الأخرى. ويقر الاحتلال بإصاباته جراء تطور أدوات المقاومة الفلسطينية، ورغم عملية الاجتياح الأخيرة، وسقوط الشهداء والتدمير الكبير الذي لحق بالمدينة ومخيمها، يؤكد جيش الاحتلال نيته العودة في أية لحظة، لأنه باختصار لم يحقق هدفه بالقضاء على المقاومة في جنين، ولن يحققه، لأن إلغاء وجود وإرادة أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة أمر غير قابل للتحقيق. إن سياسات الاحتلال في الضفة الغربية، والتي اتضحت بجلاء بعد توقيع اتفاق أوسلو، وذلك بتسريع ضم معظم أراضيها، ونقل اليهود إليها، على حساب الفلسطينيين، وهو ما غيّر بالفعل الواقع الجغرافي والديمغرافي فيها، كان من الصعب أن يقابَل بصمت فلسطيني، وهو ما يفسر تصاعد المقاومة خلال تلك السنوات. وجاءت حكومة نتنياهو الجديدة بمكوناتها المتطرفة، التي لم تستطع إخفاء نواياها، لتفجر آخر معاقل الصبر في فلسطين. فالدعوة صراحة والعمل على تسليح المستوطنين، وتكرار جرائم اعتداءاتهم التخريبية على المدن والقرى الفلسطينية والسكان العزل، والعودة للبؤر الاستيطانية المخلاة في شمال البلاد، والبناء فيها، والإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، وتزايد عمليات إعدام الفلسطينيين، خارج نطاق القانون، وتصعيد سياسة الاعتقال الإداري، أي دون تهمة أو محاكمة، اذ تخطى عدد المعتقلين الإداريين فقط الألف معتقل، يعد محفزاً منطقياً لتأجيج أي بركان خامد. ويشير استطلاع للرأي أجري مؤخراً إلى أن ٧١ في المائة من الفلسطينيين لم يعد يؤمن بحل الدولتين، و٥٤ في المائة منهم يعتقدون أن المقاومة العسكرية هي طريقهم لتحقيق غاياتهم الوطنية. سعى الاحتلال طوال السنوات الماضية لمحاصرة الفلسطينيين، وتقليص خياراتهم، وركز بشكل أساسي على تقويض المقاومة المسلحة الفلسطينية، التي تشكل العائق الحقيقي لتحقيق طموحاته غير المشروعة في فلسطين. بدءاً من عهد الانتداب البريطاني، الذي طارد المقاومة الفلسطينية وقمعها بعنف من ناحية، ومكن العصابات الصهيونية عسكرياً، تدريباً وتسليحاً وتصنيعاً، فحسمت المعركة، بإضعاف مقاومة الفلسطينيين. استهدفت حكومات الاحتلال المختلفة الفلسطينيين ومقاومتهم العسكرية وغير العسكرية، فاغتالت الكاتب والرسام والمقاتل، وأنهت وجود المقاومة الفلسطينية المسلحة في خارج فلسطين، ثم وجهت طاقاتها بعد ذلك لحصارها وإضعافها في فلسطين. في جميع الأحوال، مقاومة الاحتلال طريقاً مشروعاً بحكم الشرع والدين والمنطق، وعلى الاحتلال أن يقرر الحدود الزمنية لاستدامة هذه الدوامة من الصراع. ولعل موقف الولايات المتحدة من معركة جنين الأخيرة، يثير السخرية من شدة تناقضه، فبينما تنتقد شفهياً الاستيطان، وتؤكد على أهمية حل الدولتين، تؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها، داخل الأراضي التي تحتلها، فأمن إسرائيل مُصان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من وجهة نظر أميركية. طالما اعتبر الاحتلال شمال فلسطين معقل المقاومة في الضفة الغربية، خصوصاً في مدينة نابلس وجنين ومحيطها، فأبرز الهجمات خلال العامين الأخيرين جاءت منها. تاريخياً، تصدت جنين للمحتل، فأحرق نابليون المدينة بعد احتلالها، وطوّق البريطانيون القائد عز الدين القسام وجماعته في محيطها، ودمّر الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين في العام ٢٠٠٢، الذي شهد أعنف هجوم إسرائيلي في تلك الفترة. وتشكل جنين اليوم التحدي الأمني الأكبر للاحتلال، لكنه ليس الوحيد، فالمقاومة المشتركة والموحدة في المدينة تشكل تحدياً أمنياً مهماً للاحتلال فيها، خصوصاً في ظل طبيعة المنطقة المعقدة والحاضنة السكانية المميزة. كما وحدت جنين فلسطين تحت مظلة واحدة، عندما انتفضت مدنها وقراها نصرة لها، مذكرة الاحتلال بأن الاعتداء على بقعة من فلسطين هو اعتداء على جميع الفلسطينيين. كاتبة فلسطينية

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

"الوعي" يدين قرار الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء 22 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة

يتابع "حزب الوعي" بقلق بالغ القرار الخطير الذي اتخذته سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة بدولة فلسطين، في خطوة تصعيدية تمثل انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والقرارات الدولية، واستفزازًا لمشاعر ملايين العرب والمسلمين والمسيحيين وشرفاء العالم، وللرأي العام العالمي المنادي بالعدل والحرية وإنهاء الاحتلال.

وإذ يدين الحزب بأشد العبارات هذا القرار الاستيطاني غير الشرعي، فإنه يؤكد أن السياسات الاستعمارية التي تنتهجها سلطات الاحتلال تمثل تهديدًا مباشرًا لما تبقى من فرص لتحقيق السلام العادل والشامل، وتكشف عن نوايا توسعية تسعى إلى تكريس واقع الفصل العنصري، ونهب الأراضي الفلسطينية، وتهجير سكانها الأصليين.

ويشدد "حزب الوعي" على أن هذا القرار يشكل خرقًا سافرًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، فضلًا عن مخالفته الفادحة لقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 2334 لسنة 2016، الذي يعتبر جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي المحتلة غير قانونية، بالإضافة إلى تجاهله الكامل للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن الجدار العازل وممارسات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة.

إن هذا القرار لا يمكن فصله عن مسلسل التصعيد المستمر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، بما في ذلك التمهيد لعمليات التهجير القسري أو الطوعي عبر إحالة سُبل العيش إلى المستحيل، والعدوان العسكري المتكرر، ومخططات تهويد القدس، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوقف هذه الممارسات الأحادية، وحماية الشعب الفلسطيني، والعمل الجاد على إنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ويؤكد "حزب الوعي" دعمه الكامل والثابت للموقف المصري الراسخ من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب المركزية، ويجدد دعوته إلى توحيد الجهود العربية والدولية للرد على هذا التصعيد، من خلال المسارات الدبلوماسية والقانونية والشعبية، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية تجاه سلطات الاحتلال.

تحيا فلسطين حرة عربية
كل التحية لصمود شعبها المقاوم

وليبقَ الشعب المصري والدولة المصرية صوتًا وطنيًا وعربيًا حُرًا، مدافعًا عن الحق والعدل، وعن القضية الفلسطينية حتى تتحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

مقالات مشابهة

  • حامد فارس: وقف الحرب في غزة قد يكون فاتورته سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات.. وتصدم حافلة حجّاج في الضفة الغربية
  • "الوعي" يدين قرار الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء 22 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة
  • آليات الاحتلال الإسرائيلي تصطدم حافلة تقل حجاج في جنين
  • قوات الاحتلال تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية
  • إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله
  • المزارع الاستيطانية تغزو الضفة الغربية للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الفلسطينيين
  • كاتس يرد على ماكرون بشأن الدعوة للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • 55 عملًا للمقاومة الفلسطينية في الضفة والقدس خلال أسبوع