ان ما تمر به بلادنا اليوم ، هو أصعب اختبارٍ يمرُ بها في تاريخها الحديث ، هذه المعركة المؤلمة التي تدور الان هي معركة اهل هذه الارض ، معركة وجود ، وحقٍ في الحياة والكرامة ،
البعض تقدّم فيها مبكراً بعد أن دخل عليه الهمجيون في بيته ، وبعد أن دمرّوا كل مظهر للحياة الكريمة التي عهدها الناس ..والبعض اخذ وقتاً لتقديرات مفهومة ، ولكنه اتخذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح ، إلى ابناء هذا البلد الفريد .
إن هذا الشعب ينحدرُ من حضارةٍ هي بين الأقدم في العالم ..معالمها حفظتها القبور والآثار وطبوغرافيا الارض ..عبر عشرات الآف السنين ..من ضفاف النيل والشرق حتى نهايات وادي هَوَر ، إلى جبل مرة ، وفي فازوغلي …والسهول الوسطى ، يفتخر الكثيرون حول العالم عندنا يفحصون DNA خاصتهم ويكتشفون انهم ينتمون إلى احد السلالات الاهم في العالم ..الكوشايت.. و انهم في جيناتهم ينتمون إلى كوش العظيمة..إلى ارض هذا الوادي الخصيب الذي تمثل بلادنا 68% من هذا الحوض الغني .. وهي المساحة الأعرض فيه حيث يمتد من أقصى الشرق إلى جبل مرة، بين هذه المساحة اكتشفنا ان ثقافتنا واحدة في الزواج وبداية الحياة وفي الموت ، تظهر في الجلباب والعمامة البيضاء..في الثوب في الاخلاق ..في غيرها من ملامح الثقافة والحضارة ..
هذه المحنة من أهم ما فيها من منحٍ انها اثبتت أننا امةٌ واحدة.. برغم ما اراد الغرب وازياله الكسالى اقناعنا به ، نحن نملك خصّائص الامة .. بلا شك ، وما لدينا أفضل واقوى مما لدى الكثيرين من حولنا وفي العالم ..
نحن نحتاج فقط لقيادة ملهمة وصاحبة رؤية ، قيادة قضيتها الاولى هذا الشعب العريق والفخور والقوي، نحتاج لمؤسسات قوية ، ونساء ورجال صادقين ومخلصين وأكفاء لهذا الوطن .
نحن امة .. نتداعى لبعضنا ..نسند بعضنا ..نتألم لمصاب بعضنا، نطرب لذات الأغاني ، ونفخر بالفرسان والأبطال ، نغني للعفيفات القويّات، تخفق قلوبنا مع وقع الطبول وأصوات الزغاريد ، وفي مؤاخاة الجار وإكرام النساء ، نحن متشابهون في صخبنا والفوضى الخاصة بنا ، في أصواتنا العالية ، حتى في حلقات حفظ القران ، فلا نحفظه إلا وسط أزيز القرّاء ..
ان الازمات المفصلية تجمع اصحاب الارض ..اهل الحق..
ففي ساعة الخطر يصحو البشر وتصفو العقول وتظهر معادن الناس ، في ساعة الخطر خاصة الوجوديّ يتجاوزون الاختلافات الصغيرة وحظوظ النفس ويركزون على معركة البقاء ..معركة الحياة ،.
اليوم وابناء السودان و حراس حدوده الغربية يقفون بقوة يعلنون مساندتهم للدولة ..وخروجهم للدفاع عن وجودهم وحق بلادهم واهلهم في الحياة بكرامة وامان .. في كل هذه الارض المباركة ، تأكدت ان هذه الارض تماسكت و( اتلايقت) ، وستلفظ الغرباء ..وترميهم بسهم واحد ..لن يتخلف عن هذه الملحمة الوطنية إلا الدخلاء ..
لن يقف متفرجاً على هذه المأساة إلا المغيبون والخائنون لهذه الارض واهلها ..
حفظ الله ابناء هذه البلد حيث كانوا ، رجالا ونساء ، شيباً وشباب ، الذين يحسون بوجعها ..ويؤلمهم حالها ، لقد تعلّم الجميع ، تعلمت انت .. معنى ان يكون لك وطن ، ان يكون لك جذور ، ان يكون لك تاريخ وذكريات ممتدة عبر الاجيال .
ايها السودانيون ، يا ابناء هذه الامة النبيلة ، دعوا الماضي ..خذوا منه العظة ..تعلموا منه ولا تغرقوا فيه ..صوِّبوا النظر نحو الغد ..
يداً بيد ..سننجح جميعاً في معركة الكرامة ..
يداً بيد ..سنداوي جراحنا …
يداً بيد ..بعون الله ، سنعيد عِمران بلادنا بأفضل مما كانت عليه قبل أن يغير عليها الهمج ..
سناء حمد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: هذه الارض
إقرأ أيضاً:
المتقاعد.. مواطن لم يُغادر الحياة
سعيد المالكي
مُمَثِّلينَ جمعًا كبيرًا من نظرائهم، ممن صقلتهم النهضةُ المباركة علمًا وتجربةً، تقدّمت مجموعة من أبناء الوطن منذ سنوات بطلب إشهار الجمعية العُمانية للمتقاعدين؛ جمعية إنسانية بسيطة، مهمتها الاهتمام بفئة خدمت الوطن عقودًا طويلة. جمعية لا علاقة لها بالسياسة، ولا تتدخل في شؤون الدولة، ولا تطمح لإدارة مجلس الأمن وليست لديها خطط خمسية موازية. فقط جمعية للمتقاعدين. ومع ذلك، لم تُشهر حتى اليوم!
وعندما نقول إن سنوات عدة مضت، فليس الهدف الشكوى من طول المدة فحسب؛ فربما إشهار جمعيات أخرى استغرق وقتًا طويلًا كذلك وقد تصاحب إجراءات إشهار كل جمعية عوامل مختلفة. لكننا نقولها لأن المتقاعد ليس حدثًا جديدًا ولا طارئًا على المجتمع؛ فهو مواطن خدم بلاده، وقد تقاعد كثيرون قبله، وهي سنة الحياة. فلماذا إذن يأخذ الأمر وقتًا لا يتناسب مع أهمية الموضوع ولا مع قدم الحاجة إليه؟
الغريب أن الطلب ظلّ وما يزال ينتظر في طابورٍ طويل من الأوراق، طابور لا ندري أين يبدأ وأين ينتهي، بينما نشهد بين حين وآخر إشهار جمعيات أخرى، بعضها مهم بلا شك، لكن بعضها لا يبدو أكثر أهمية من جمعية تهتم بآباء وأمهات هذا البلد.
متقاعد، أم مُعلَّق بين الحياة والموت الإداري؟
لماذا يُعامل المتقاعد وكأنَّه خرج من الحياة لا من العمل؟ فبمجرد تقاعده تتوقف عنه علاوة المعيشة، وتتوقف الزيادات السنوية، كأن الأسعار تُخاطب البائع وتقول له: لا تطلّب من المتقاعد، هو الآن خارج اللعبة!
أسعار السلع ترتفع، لكنها لا تسأل عند الدفع إن كان المشتري متقاعدًا لتُخفّض له السعر. المرض لا يقول: أنت متقاعد، سأخفف عليك. والحياة لا تعطيه خصمًا لأنه خدم الوطن عشرات السنين.
المتقاعد لم يتقاعد عن الحياة، فقط توقف عن عملٍ روتيني كان يؤدّيه بعقد. أمّا العمل الحقيقي، عمل الخبرة، الحكمة، المعرفة، التربية، فهم الحياة، فهذا لا يتوقف إلا بانقطاع الأنفاس. هؤلاء كنوز، لا أعباء. أليسوا آباءنا وأمهاتنا؟ أليسوا شباب الأمس؟ فهل يهمل الإنسان العاقل والديه إذا كبرا؟
لماذا يبدو طريق جمعية المتقاعدين غير معبّد؟
السؤال الأكثر إيلامًا: لماذا يتأخر إشهار جمعية إنسانية بحتة؟ هل لأن هدفها العناية بالمتقاعدين وعائلاتهم؟ هل تحسين حياة هذه الفئة يشكل خطرًا سياسيًا أو اجتماعيًا؟ لا نعلم. وربما ينقصنا الخيال لفهم الأسباب.
نشهد، بكل احترام، إشهار جمعيات مهمة، ومنها الجمعية العُمانية للرفق بالحيوان. ونحن هنا لا نقلّل من شأن الحيوان، فهو مخلوق من مخلوقات الله وله حقه علينا، لكن من باب السخرية المهذّبة نتساءل: هل أصبح المتقاعد أقل أولوية من القطط والكلاب؟ هل تحتاج معاملة البشر إلى جمعية أصدقاء الإنسان مثلًا؟
عشرات الآلاف أحيلوا للتقاعد، أين الملاذ؟
في عام 2020، تمّت إحالة أعداد هائلة إلى التقاعد في إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، لكن عشرات الآلاف خرجوا من وظائفهم فجأة. بعضهم لم يصل إلى السن القانونية، وبعضهم كانت لديه خطط مالية، أسرية، التزامات، أحلام مؤجّلة، ثم تلاشت تلك الخطط فجأة في لحظة واحدة.
وإذا لم يكن هذا سببًا كافيًا لإشهار جمعية للمتقاعدين، فماذا إذن؟ ألا تحتاج هذه الفئة إلى أمل؟ إلى جهة تدعمهم، تخفّف عنهم، تقدّم لهم ما يمكن تقديمه من خدمات، وتُمكّنهم من مواصلة حضورهم ودورهم في خدمة المجتمع كما اعتادوا؟
سؤالٌ مغلفٌ بالاحترام!
لماذا يُترَك المتقاعد معلّقًا بين ذاكرة العمل وواقع الحياة؟ ولماذا يتم تأجيل إشهار جمعية لا تطلب من الدولة مالًا ولا سلطة؛ بل فقط تصريحًا ليمسك المتقاعدون بزمام أمرهم ويدعم بعضهم بعضًا؟
نحن لا نسأل من باب النقد؛ بل من باب الوفاء. فمن خدم الوطن، يستحق أن يشعر أن الوطن لا يزال يراه. أليس هذا أقل حقوق الإنسان، قبل أي شيء آخر؟