بوابة الوفد:
2025-07-03@17:14:18 GMT

رحم الله إسماعيل صدقى فقد كان يرى

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

لفّ الزمن ودار، تبعثرت الخطوات، وانقلبت الأفكار، واتضحت الرؤى، وأثبت التاريخ أن العقل ليس زينة، وأن حسابات المنطق أفضل وأنجع من غضبة حماس طارئة.

ويقيناً فإن التهديد سهل، واللعن يسير، لكن الأبقى هو تحقيق المكاسب على أرض الواقع. وكما يقول صديقنا الصريح نزار قبانى كرم الله ذكره: «بالناى والمزمار. لا يحدث انتصار».

 

وهكذا، آن لنا أن نترحم على إسماعيل صدقى (1875ـ1950)، السياسى الشرير، خصيم الشوارع، والملعون من الجماهير، وعلى فكره وعقله ورأيه وقراءاته للمستقبل.

كانت خطيئة الرجل، كما قدمت فى بحثى المعنون «ضد التاريخ» أنه نموذج صريح لرجل لم يقتنع بموقف الشارع غير العقلانى، ولم يتقبل إرضاء أصحاب الحناجر على حساب قناعاته. عاند الرجل القطيع، ورفض الخضوع للناس، مقتنعاً بأن الجماهير ليست دائماً على صواب.

فى قضية فلسطين، سبق الرجل كل معاصريه سبقاً، وكان مثالاً واضحاً لقارئ مستنير للمستقبل السياسى. ففى 29 نوفمبر سنة 1947 صدر قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين بين العرب والصهاينة.

ونص القرار على إنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات جديدة، هى دولة عربية اسمها دولة فلسطين، وتقع على الجليل الغربى، وعكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبى الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبًا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودى مع مصر. والكيان الثانى يمثل دولة يهودية هى إسرائيل، وتقع على الساحل من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقى بما فى ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب وإيلات. أما الكيان الثالث فهو كيان دولى يضم القدس وبيت لحم.

وبمنتهى البساطة، أعطى هذا القرار 55 فى المائة من الأرض لإسرائيل، و45 فى المائة لفلسطين، على أن تبقى القدس تحت إدارة دولية لأسباب دينية. وقتها كان عدد أعضاء الأمم المتحدة 57 عضواً وأيدت القرار 33 دولة بينها أمريكا، والاتحاد السوفيتى، وفرنسا، وكندا، وعارضت القرار ثلاث عشرة دولة بينها مصر، والسعودية، والعراق، والهند، وامتنعت عشر دول عن التصويت فى مقدمتها بريطانيا.

وكان رأى إسماعيل صدقى وكان وقتها خارج السلطة، هو قبول التقسيم وعدم الانجراف وراء دعوات التحرير بالحرب والتى ستنهك العرب عقوداً وعقوداً. وقال بصراحة إن الحصول على نصف أراضى فلسطين، سلماً، أفضل من القتال سعياً للحصول على الأراضى كلها وهو أمر مستحيل فى وقت احتشد فيه الصهاينة من كل شتات الأرض لمكان اعتبروه أرض الميعاد. وكان تقدير «صدقي» هو أن الصهاينة سيحيلون الأراضى المحتلة إلى ترسانة أسلحة ويستقطبون خبرات عسكرية من كل مكان، وأن رفض التقسيم خسارة للعرب فى الحاضر والمستقبل.

أهدرنا رأى السياسى العجوز، واندفعنا لرفض التقسيم تماماً، واعتبر البعض الموافقين عليه خونة. ثم خاض العرب صراعاً شرساً ضد الصهاينةـ لكنه كان صراعًا غير مُخطط وغير مُنظم وغير واقعى، والمُحزن أنه كان سبباً فى ترسيخ الديكتاتوريات ومنع حرية الرأى، واستغل كحُجة لدى الحكام لتبرير تعطيل التنمية. ثم أنتج هذا الصراع خسائر أكبر للأرض، وتحول الهدف من استعادة فلسطين لاستعادة ما أخذ لاحقا فى يونيو 67. وهكذا تقلصت الحلول لتصل مساحة الأرض الممنوحة لدولة فلسطين لنحو 22 فى المئة فقط من الأرض طبقا لاتفاق أوسلو. ورغم ذلك، فإن إسرائيل تعرقل حتى تنفيذه، وتمنع ميلاد الدولة الفلسطينية الصغيرة بكل وسيلة، فتجمد كافة المفاوضات، وتواصل سياسات تصفية القضية تماماً.

وهنا تبقى فكرة إسماعيل صدقى المرفوضة وقتها بقبول قرار التقسيم واحدة من الفرص المهدرة فى أهم قضية عربية فى التاريخ المعاصر، فرحمة الله على الرجل، وليتنا نتعلم.

والله أعلم

 

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

حزب الله يرفض الضغوط: لا تسليم للسلاح ولا مساومة على الأرض

أكد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، نعيم قاسم، رفض الحزب القاطع لأي محاولة لفرض تسليم سلاحه للاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على أن السلاح "هو حق مشروع لمقاومة الاحتلال والدفاع عن الأرض".

وقال قاسم في كلمة له، إن "الحديث عن تسليم السلاح أو وضعه تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلي مرفوض بشكل كامل"، مضيفًا: "لا نقبل أن نساق إلى المذلة، ولا نقبل أن نسلّم أرضنا، ولا أن نسلّم سلاحنا للعدو الإسرائيلي".

وأوضح أن القضايا الداخلية، بما فيها ملف السلاح، "تُناقش داخل لبنان، ونتفق عليها فيما بيننا كلبنانيين، ولا علاقة للاحتلال الإسرائيلي أو أي جهة خارجية بها"، مؤكدًا أن "لا أحد يحق له مراقبة اتفاقاتنا الداخلية أو التدخل فيها".

وشدد على أن الحزب "لا يقبل بأي تهديد أو ضغوط"، وقال: "نحن جماعة لا نُساوِم على الكرامة ولا نتأثر بالضغوط، لأننا أصحاب حق، وسلاحنا موجّه فقط لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف قاسم أن "التنازل عن هذا السلاح أو المسّ بحق المقاومة أمر غير وارد"، لافتًا إلى أن "المقاومة مستمرة، ولن نرضخ لأي إملاءات خارجية تسعى لتجريدنا من حقنا في الدفاع عن أرضنا وشعبنا".

 

كلمات دالة:حزب اللهلبناننعيم قاسم

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند حزب الله يرفض الضغوط: لا تسليم للسلاح ولا مساومة على الأرض البيت الأبيض: ترامب يعمل جاهدا لإنهاء الحرب الوحشية بغزة أنباء صادمة تهز عالم كرة القدم: تقارير تُعلن وفاة نجم ليفربول ومنتخب البرتغال ديوغو جوتا زلزال "كارثي" يهدد اليابان: خطة حكومية لإنقاذ 300 ألف شخص مفاجأة: دومفريس يفتح الباب أمام برشلونة ويكشف بند الرحيل من إنتر Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • قطر تؤكد أن ممارسات الحكومة الإسرائيلية لدعم الأنشطة الاستيطانية التوسعية في فلسطين تزيد من تقويض حل الدولتين
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الحدود الشمالية
  • حزب الله يرفض الضغوط: لا تسليم للسلاح ولا مساومة على الأرض
  • الكويت وقطر تدينان دعوات الاحتلال لفرض السيادة على الضفة وتؤكدان دعم فلسطين
  • دعاء للقيام لصلاة الفجر.. احرص عليه يوميا قبل النوم
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء
  • مقتل داعية يمني يثير الانتقادات والاستياء على المنصات
  • رجال غزة.. حُماة الثغور عبر التاريخ
  • هل تقضى الأذكار لمن فاتته بسبب خروج وقتها.. لجنة الفتوى تجيب
  • مركز فلسطين يؤكد استمرار العدو الصهيوني في القتل الممنهج والتعذيب بحق الأسرى