لماذا ينبغي أن يخاف الحكام العرب إذا انتصرت غزة؟!
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
عندما أعلن المدير السابق لمكتب الرئيس مبارك للمعلومات مصطفى الفقي، أن رئيس مصر القادم لا بد أن توافق عليه إسرائيل، كان ينبغي لأهل الحكم أن يقوموا بتوبيخه، لاعتباره شرط الخيانة فيمن يتولى حكم مصر ضمن مسوغات التعيين، لكن مر الإعلان مرور الكرام، لأن الفقي كان يؤدي دورا في مهمة "توريث الحكم"، فلا يعتقد المصريون أن خلافة مبارك من اختصاصهم، فالاختصاص الأصيل منعقد للخارج، وعقدة النكاح بيد إسرائيل، ليكون الإعلان، بطريقة الصدمة، دافعا لمن يقودون الحراك ضد التمديد والتوريث للانصراف بعيدا.
الأمر نفسه يسري على إعلان توفيق عكاشة أنه صاحب اقتراح طرق أبواب إسرائيل ليحصل الانقلاب العسكري على الشرعية الدولية، والحصول على موافقة البيت الأبيض على ما قام به؛ وذلك عندما وجدهم مجتمعين ويجلسون في "حيص بيص" كناية عن الحيرة، فكشف لهم المذكور "سر الخلطة السحرية"، فالطريق إلى قصر الاتحادية لا بد أن يمر عبر تل أبيب!
ولا يخفى على لبيب تهافت هذه السردية؛ ذلك بأن العلاقات المصرية الإسرائيلية انتقلت في عهد الرئيس محمد مرسي من الرئاسة الى قائد الجيش، وأن ملف سيناء كله والتنسيق الأمني بين البلدين كان من اختصاصه، وقد رشحت أنباء عن لقاءات جمعت بين الجنرال عبد الفتاح السيسي وقيادات أمنية إسرائيلية في هذه الفترة، فلم تكن إسرائيل بعيدة عن القوم، ولم يكونوا بحاجة إلى أن يقدح عكاشة زناد رأيه وينخل مخزون فكره ليصل الى هذا الاقتراح العبقري، لفك الحصار الدولي على الانقلاب العسكري، فيقول لهم: "الطريق من هنا"، وهنا هو الطريق المؤدي إلى الدولة الإسرائيلية!
ومع أن ما قاله عكاشة كان ينبغي أن يعاقب عليه، لأن المجالس أمانات، ولأن جلسة على هذا المستوى لا ينبغي أن يتم تسريب ما دار فيها، وليس له أن يرتب أنه فلتة العصر، بينما القوم بمن فيهم "كليم الله" ينتظرون اقتراحه بشغف بالغ، فيكون عكاشة هو "ألفة الجلسة"، و"المفكر الضرورة" الذي تفتق ذهنه عن المقترح، وهو يهتف: وجدتها.. وجدتها!
عندما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع "سي إن إن": إذا لم تنتصر في حرب غزة فإن التهديد سيطال المنطقة بأكملها"، فهو يعني ما يقول، وتسري عليه مقولة "صدقك وهو كذوب"!
ولم يُعنف مصطفى الفقي، كما لم يُعنف توفيق عكاشة، لأن ما قالاه مطلوبا، للإيعاز بأن هناك قوة قاهرة هي من تصطفي وتختار، ومن بيده عقدة الأمر في اختيار من يحكم مصر، وربما من يحكم العواصم العربية الأخرى، هي إسرائيل، عندئذ يترك الشعب الملك لأصحاب القسمة والنصيب!
فلا يخفى على لبيب أننا ومنذ سنوات بعيدة يستقوي أهل الحكم علينا بإسرائيل، فمن يملك جواز المرور إليها؟ وفي لحظة تماهي عكاشة مع رسالته، دعا السفير الإسرائيلي في القاهرة إلى منزله؛ يستقوي به في مواجهة أهل الحكم في معركته لرئاسة البرلمان، فكان لا بد من التحرك سريعا لتصل الرسالة بأن هذا "الاستقواء" ليس على المشاع، وأن الحاكم وحده هو صاحب "التوكيل" في المنطقة، ولهذا كان الرد عليه قويا فتم فصله من البرلمان، وإغلاق قناته، ومنعه من التقديم التلفزيوني، ولم يُبقوا له من قيمة، فحتى ادعاؤه بأنه حصل على الدكتوراة نسفوه، فلم تأخذهم به رحمة!
صدقك وهو كذوب:
وعندما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع "سي إن إن": إذا لم تنتصر في حرب غزة فإن التهديد سيطال المنطقة بأكملها"، فهو يعني ما يقول، وتسري عليه مقولة "صدقك وهو كذوب"!
فإسرائيل ليست مجرد مستوطنة غربية، أنشئت بالأساس في منطقتنا بالذات لتؤدي خدمات لوجستية للاستعمار القديم، وإن صارت بالنسبة للغرب مثل إله العجوة الذي صنعه صاحبه بيده ثم عبده قبل أن يتولى ويأكله، فهي مستوطنة تؤدي مهمة، وفي المقابل تبدو أنها صاحبة نفوذ على قصور الحكم في أمريكا والعواصم الغربية، نظرا للنفوذ الصهيوني الموالي لها في هذه العواصم!
وقد شقينا بإسرائيل في الشدة شقاءنا بها في الرخاء، وفي الحرب والسلام، فعندما كان "الحاكم الضرورة" يناصبها العداء، ويخوض ضدها حربا كلامية، والحال كذلك، فقد تنازل الشعب عن كثير من حقوقه من أجل بناء جيش قوي يواجه إسرائيل، وكُممت الأفواه تحت عنوان "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، فلا أحد يتحدث عن صفقات التسليح، والبطون الجائعة أولى بما ينفق فيها، ولا أحد يمكنه أن يطالب بحريته لأن الحاكم في معركة مع إسرائيل، وعندما يهزم هزيمة نكراء، يكون الخروج الجماعي للشوارع يطالبونه بعدم التنحي، فهم لا يعرفون أحدا غيره، وبالتالي فليس هناك من سيأخذ لهم بالثأر في المرة القادمة إلا هو!
وهكذا تخلى الشعب عن كرامته مرتين؛ الأولى بالهزيمة، والثانية عندما جدد ثقته في القيادة المهزومة. والمجتمعات الحرة هي من تحاكم المهزوم لا أن تكرمه، لأن الإمساك فيه كان لتصور أنه قادر على أن يستجمع قواه وينتصر على هذا العدو الغاشم، فأي ضرر ألحقه وجود إسرائيل بالكرامة الوطنية؟!
ومنذ أن هرول الرئيس السادات إلى الكنيست، ووقع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، والأمر أخذ منحى آخر، فالحاكم هنا يستقوي بإسرائيل، وإن لم تظهر نظرية إن عزل النظام القائم واختيار الحاكم الجديد من اختصاص الكيان الصهيوني إلا في وقت لاحق!
ولم يخطئ نتنياهو -على كثرة أخطائه- وهو يؤكد أن هزيمة إسرائيل في غزة سيترتب عليها خطر يلحق بالمنطقة بأكملها، لأنه بهزيمة إسرائيل سيخسر كثير من حكام المنطقة جبهة للاستقواء بها على الشعوب المغلوب على أمرها، ولأنها ستكون هزيمة للجيش الذي لا يقهر (بحسب الدعاية الصهيونية والرسمية العربية)، على يد مقاومة ليست جيشا نظاميا، فسيترتب عليها الاستخفاف بالقدرة غير المحدودة للجيوش النظامية، وهي مصدر آخر من مصادر استقواء السلطة في كثير من العواصم العربية!
لم يخطئ نتنياهو -على كثرة أخطائه- وهو يؤكد أن هزيمة إسرائيل في غزة سيترتب عليها خطر يلحق بالمنطقة بأكملها، لأنه بهزيمة إسرائيل سيخسر كثير من حكام المنطقة جبهة للاستقواء بها على الشعوب المغلوب على أمرها، ولأنها ستكون هزيمة للجيش الذي لا يقهر (بحسب الدعاية الصهيونية والرسمية العربية)، على يد مقاومة ليست جيشا نظاميا، فسيترتب عليها الاستخفاف بالقدرة غير المحدودة للجيوش النظامية
إن المنطقة لم تتوقف عن التسليح المبالغ فيه للجيوش بعد السلام، وجانب من هذه الصفقات هي "عربون محبة"، وشراء لذمم مسؤولين في بلاد الفرنجة، ويوجد بين ظهرانينا من لا يزالون يعتقدون أن السلام ليس حقيقيا وأن على الجيوش أن تتسلح لمعركة قادمة، فدائما وجود إسرائيل يبرر هذا الإنفاق المبالغ فيه. وهذه التصورات هي حالة نفسية لعدم القدرة على استيعاب الواقع الأليم، فيكون التحليق في خيال مصنوع بيد "الحالم"؛ صناعة الكافر القديم لإلهه بيده ليعبده في الضراء ويأكله حين البائس!
هيبة الجيوش النظامية:
إن الهزيمة لجيش نظامي على يد مسلحين ستهز هيبة الجيوش النظامية في عيون الناشئة، وهذا مما يلحق الضرر بمكانة أنظمة تحكم باعتبارها جاءت بإرادة إسرائيلية، وبحماية من الجيوش، فمن يقدر على المواجهة؟!
ويدرك نتنياهو هذه الحقيقة، فجيشه لم يهزمه جيش نظامي من جيوش المنطقة هذه المرة، وإسرائيل ستفقد نفوذها الافتراضي الذي هو من صناعة المروجين للوهم، فماذا بقي لأنظمة الاستبداد في المنطقة من سبل حماية إذا أرادت الشعوب الحياة؟!
إن العسكر استولوا على الحكم بسبب النكبة في 1948، ويقول أحد المؤرخين في وصف ما جرى إنه بعد خيانة السلطة للجيوش بالأسلحة الفاسدة أيقن عبد الناصر أن الحرب ليست هنا "في الفالوجة"، ولكن هناك في "القاهرة". ليتم الانقلاب على الحكم لمواجهة إسرائيل، ويعلم الكافة كيف كانت المواجهة عندما وسد الأمر اليه!
إن حرب غزة لها ما بعدها، فقد صدق نتنياهو وهو كذوب!
twitter.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة الاستبداد إسرائيل غزة المقاومة العالم العربي الاستبداد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المنطقة بأکملها هزیمة إسرائیل ما یقول کثیر من
إقرأ أيضاً:
لماذا سوريا من أكثر البلدان تضررًا من حرب إسرائيل وإيران؟
تختلف الحرب التي اندلعت مؤخرًا بين إسرائيل وإيران عن كل الحروب السابقة في المنطقة، فهي ليست مثل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، أو الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" في لبنان، ولا تشبه حرب الخليج الأولى، ولا الغزو الأميركي للعراق، أو حرب العراق وإيران في ثمانينيات القرن الماضي.
كما أنها خرجت عن الطابع التقليدي للمواجهة بالوكالة، لتأخذ شكل مواجهة مباشرة. ولا تفسر من جهة الردع والرد فقط، فهي حرب مختلفة وغير تقليدية، وستكون لها تداعياتها على دول وشعوب المنطقة؛ كونها تمثل صراعًا على مستقبل الدور الإقليمي فيها، حيث تسعى إسرائيل إلى تكريس دورها كقوة مهيمنة لا تُردع، خاصة أنه في حال نجاحها في هزيمة إيران ستكون القوة الأولى، وصاحبة اليد الطولى في المنطقة.
الموقف السوريكان طبيعيًا أن يتفاعل السوريون مع مجريات هذه الحرب، وأن تختلف مواقفهم حيالها، حيث اتخذ بعضهم موقف اللامبالي منها، فيما يترقب آخرون ما ستسفر عنه هذه المواجهة التصعيدية. ويساور كثيرًا منهم القلقُ من تداعيات الحرب على بلادهم، التي تحررت حديثًا من قبضة نظام الأسد البائد.
وكان المفاجئ لدى السوريين، وسواهم، هو حجم الهشاشة التي ظهر بها النظام الإيراني أمام الضربات الموجعة المتتالية وغير المسبوقة التي تلقاها، وطالت ليس مواقع نووية وعسكرية فحسب، بل قادة من كبار العسكريين في الجيش الإيراني، والحرس الثوري واستخباراته، وفيلق القدس، وعلماء ذرة وسواهم.
اللافت هو عدم صدور أي موقف رسمي عن الحكومة السورية حيال هذه المواجهة الطاحنة بين إسرائيل وإيران، في موقف قد يبدو مفهومًا لدى الكثير من المراقبين، بالنظر إلى الوضع الكارثي في سوريا، الذي ورثته الإدارة الجديدة من النظام السابق، ويستلزم القيام بجهود كبيرة من أجل التعافي، وإعادة إعمار ما خرّبه هذا النظام.
إعلانلذلك تحاول دمشق أن تنأى بنفسها بشكل كامل عن الحرب وتداعياتها؛ لأنه لا مصلحة لسوريا بالدخول في أي من تفاصيلها، كي تركز على محاولتها إطلاق عجلة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، التي باتت تمثل شغلها الشاغل، وبالتالي فإن حربها الأساسية هي في الداخل من أجل بناء سوريا، ويتعين عليها تجنب تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران.
الآثار والتداعياتتشير وقائع المواجهة العسكرية الدائرة بين إسرائيل وإيران إلى أنه على الرغم من أن سوريا ليست طرفًا فيها، فإنها ربما تكون من بين أكثر الدول تأثرًا بها، ليس فقط على المستوى السياسي، بل على المستوى الاقتصادي أيضًا، حيث بات مطلوبًا من الحكومة السورية اتخاذ إجراءات لمنع ارتفاع مستوى التضخم، وأسعار السلع، والخدمات في الأسواق السورية.
إضافة إلى الآثار التي تطال مجمل النشاط الاقتصادي والتجاري في سوريا، والمتمثلة في تأجيل زيارات الوفود الاقتصادية والاستثمارية العربية، وإغلاق المجال الجوي في عدة دول في الإقليم، وخاصة المجاورة لسوريا، ما أفضى إلى توقف الحراك الدولي والإقليمي تجاه سوريا.
ولا شك في أن كل ذلك سيترك آثارًا على عملية نهوض الاقتصاد السوري المتهالك أساسًا نتيجة ممارسات النظام السابق.
الأخطرُ من الآثار الاقتصادية، الآثارُ المتصلة بموقع سوريا الجغرافي، مما جعلها تعيش بعض حيثيات المواجهة الإسرائيلية الإيرانية وإرهاصاتها، وذلك في ظل انتشار ادعاءات بأن سوريا فتحت مجالها الجوي لاعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية، الأمر الذي نفته الحكومة السورية بشكل قاطع، حيث تعتبر أن ما يجري في الأجواء السورية يمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة الدولة السورية من الطرفين؛ الإسرائيلي والإيراني، ويتجسد في قيام كل منهما بعمليات عسكرية في الأجواء السورية دون أي تفويض رسمي من السلطات السورية، وهو أمر مرفوض تمامًا، ويتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
الواقع هو أن السماء السورية الممتدة فوق المنطقة من محافظة درعا إلى القنيطرة وصولًا إلى محافظة طرطوس، تشهد تصعيدًا غير مسبوق منذ بداية المواجهة، إذ تحولت سماء المنطقة إلى مسار لعبور عشرات المسيرات والصواريخ، وسقط بعضها في مناطق سكنية، وأخرى في مناطق زراعية.
إضافة إلى سقوط خزانات وقود الطائرات، وبقايا صواريخ إيرانية تم اعتراضها من قبل الجانب الإسرائيلي وخلفت ضحايا ومصابين سوريين.
واستدعى ذلك توجيه وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح نداء للسوريين في المناطق الجنوبية بـ "عدم التجمهر أو الصعود للأسطح لمراقبة ما يحدث، وذلك حفاظًا على سلامتهم"، مع تحذيرهم من "الاقتراب من أي جسم غريب أو حطام قد يسقط نتيجة الأحداث، وعدم لمسه، وترك التعامل معه لفرق الهندسة أو فرق إزالة مخلفات الحرب، والإبلاغ فورًا عن أي بقايا أو مخلفات حرب".
الإجراءاتلم تعد سوريا ساحة للمواجهة بين إسرائيل وإيران مثلما كانت في عهد النظام السابق، فقد خرجت إيران ومليشياتها من سوريا بشكل نهائي مع سقوط النظام الأسدي، وتغيرت بعده وجهة سوريا بشكل جذري، وبالتالي تغير شكل المواجهة بين طهران وتل أبيب.
إعلانظهر تغير الموقف السوري فور وصول الإدارة الجديدة إلى دمشق، حيث أعلنت أنها لن تدخل في سياسة المحاور الإقليمية؛ لأن تركيزها سيتمحور على إعادة بناء دولة جديدة قادرة على استعادة السيادة الوطنية، وبناء مؤسسات عسكرية وأمنية مهنية، بعيدًا عن أيدي المليشيات، أو المجموعات الخارجة عن القانون.
كان متوقعًا أن تحاول بعض المجموعات المسلحة إعادة خلق أرضية اشتباك مع إسرائيل في الجنوب السوري، كي تخلط الأوراق بالنظر إلى أن إسرائيل تعتبر ذلك أحد خطوطها الحمر الرئيسة، وتتخذ ذلك ذريعة لقيامها باعتداءات جديدة على سوريا.
وقد سبق لمجموعة تدعى "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" (أولي البأس) أن تبنّت إطلاق مقذوفات صاروخية على منطقة الجولان المحتل من الجنوب السوري في بداية مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري، اتخذته إسرائيل ذريعة لقيامها بقصف مواقع في الجنوب السوري.
ومنعًا لتكرار مثل هذه المحاولات، اتخذت الحكومة السورية جملة إجراءات أمنية واحتياطات عسكرية؛ بغية الحفاظ على الساحة السورية ساكنة، وخارج لهيب النار المتبادلة عبر سمائها بين إيران وإسرائيل. ومع ذلك تخشى الحكومة السورية من أن تستغل خلايا نائمة تابعة لإيران الوضع الجديد لإشعال مواجهة مع إسرائيل.
لم تقتصر الإجراءات التي قامت بها الحكومة السورية على المنطقة الجنوبية في سوريا فقط، بل أرسلت تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع كل من العراق ولبنان منذ بدء الحرب الإسرائيلية الإيرانية؛ تحسبًا لما قد تقوم به خلايا ومجموعات تابعة لإيران، حيث كشفت التطورات الأخيرة أن بقاياها ما تزال موجودة، ولم تكفّ عن محاولاتها تهريب الأسلحة والمخدرات، ونفذت بعض العمليات في الآونة الأخيرة في محافظة دير الزور، والمناطق الحدودية مع العراق ولبنان.
وبالتالي فإن الحكومة السورية مضطرة إلى صرف جزء من قدراتها من أجل ضبط الحدود، ومنع امتداد تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية إلى الداخل السوري؛ لأن ذلك قد يفضي إلى حدوث اختلالات بالوضع الأمني، ويمكن لقوى عديدة استغلالها من أجل ضرب الاستقرار في سوريا.
المستوى السياسيما يسجل على المستوى السياسي، هو الاتصال الذي أجراه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس السوري أحمد الشرع بعد اندلاع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، وركز فيه على نقطتين جوهريتين؛ أولاهما ضرورة تحييد سوريا عن هذا الصراع الإقليمي، والثانية توخي المزيد من الحذر في ظل الظروف الحالية، كي لا تستغل التنظيمات المتطرفة أو "العناصر الإرهابية" حالة الفوضى لتوسيع نشاطها في سوريا والمنطقة.
تكمن أهمية اتصال أردوغان بالشرع في أنه جاء بعد عدة اتصالات قام بها مع قادة في دول العالم، وخاصة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يعني حصول توافق أميركي تركي حول ضرورة إبعاد سوريا عن الصراع الدائر في المنطقة.
ويلتقي ذلك مع توجه الحكومة السورية للنأي بنفسها عن الصراع، والعمل على منع ارتداداته على الداخل السوري، الأمر الذي وفّر لها التنسيق مع تركيا من أجل إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع كل من العراق ولبنان، وبما يتسق مع ما ترغب به الولايات المتحدة، مما يصبّ في صالح التقارب السوري الأميركي، خاصة بعد رفع العقوبات الأميركية عنها وتطبيع العلاقات.
ولا يبتعد كل ذلك عن المتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة اصطفاف القوى فيه وفق المعطيات الجيوسياسية الجديدة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline