نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا سلطت فيه الضوء على الوضع الصعب في إقليم دارفور الغربي في السودان؛ حيث أشارت إلى وجود أزمة إنسانية خطيرة، مضيفة أن هناك إبادة جماعية مستمرة في دارفور الغربي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن القوات شبه العسكرية، التي كانت تركب الخيول والجمال والدراجات النارية، قد وصلت إلى ضواحي أرداماتا في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر.



وأخذ مقاتلو قوات الدعم السريع السودانية الرجال من منازلهم ثم أحرقوها، وقد قُتل ما لا يقل عن 800 شخص وأُمر الناجون بدفن الموتى.

وذكرت الصحيفة أن قوات الدعم السريع تنقلت من بيت إلى بيت في أرداماتا، في غرب دارفور، وفقًا للمركز العالمي لمسؤولية الحماية؛ حيث قامت باعتقال وقتل أشخاص من جماعة المساليت العرقية.

وأوضحت الصحيفة أن المحققين في مركز مرونة المعلومات غير الربحي قاموا بجمع صور من أرداماتا يبدو أنها تؤكد الهجمات على المدنيين، ويقوم مشروع "السودان شاهد" التابع للمركز برصد انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، وهي مغلقة أمام الأجانب والصحفيين، وذلك باستخدام معلومات مفتوحة المصدر وصور الأقمار الصناعية والبيانات المقدمة من وكالة ناسا، بالإضافة إلى جمع الصور من وسائل التواصل الاجتماعي التي تم تحديد موقعها الجغرافي.

وأضافت الصحيفة أنه تم استهداف المساليت باعتبارهم من أنصار القوات المسلحة السودانية في ظل التوترات واندلاع أعمال العنف المحيطة بالجنينة، عاصمة غرب دارفور.

وقالت الصحيفة إن قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، تقاتل القوات المسلحة السودانية الموالية للجنرال عبد الفتاح البرهان منذ 15 نيسان/ أبريل، عندما اشتعل الصراع بين الزعيمين على السلطة والذي أدخل بالسودان مرة أخرى في حرب أهلية، وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 9000 شخص قتلوا ونزح 5.6 ملايين آخرين خلال الأشهر السبعة الماضية.

وبينت الصحيفة أن قوات الدعم السريع تسيطر الآن على أربع من قواعد الجيش السوداني الخمس في منطقة دارفور، وسيطرت على نيالا وزالنجي في تشرين الأول/ أكتوبر. واتهم المقاتلون بارتكاب مذبحة عرقية في الجنينة؛ حيث تم التعرف على مقابر جماعية في تموز/ يوليو. وتمثل مدينة أردماتا زيادة أخرى في سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة.

وأضافت الصحيفة أن باحثي المركز تحققوا من مقاطع فيديو لرجال الميليشيات وهم يقومون بتجميع وجلد رجال يرتدون ملابس مدنية في أرداماتا. ويُظهر أحد مقاطع الفيديو رجالًا يتعرضون للضرب بالبنادق على أيدي رجال يرتدون الزي الرسمي، وكان بعضهم يرتدي شارات قوات الدعم السريع، ويطلقون على الرجال اسم "أبناء الكلاب".

ونقلت الصحيفة تصريحات إبراهيم أبكر (اسم مستعار)، وهو أحد سكان أرداماتا يبلغ من العمر 40 عامًا، والتي قال فيها: "لقد قتلوا كل رجل التقوا به في الحي الذي أعيش فيه. كنت أصلي عندما سمعت صوت انفجار. لقد قتلت قذيفة أصدقائي وكادت أن تقطع قدمي".

وبحسب الصحيفة؛ فإن الأمم المتحدة قالت إن ما لا يقل عن 8000 شخص فروا من أرداماتا وعبروا إلى تشاد. ويحاول أبكر الوصول إلى تشاد، لكن قيل له إنه سيتعين عليه دفع 100 ألف جنيه سوداني (133 جنيهًا إسترلينيًا) للميليشيات القريبة من الحدود من أجل العبور. وقد عبر ما يقرب من 450,000 سوداني الحدود إلى تشاد منذ حزيران/ يونيو.

ونقلت الصحيفة تصريحات مبارك عثمان، وهو أحد سكان أردماتا؛ حيث قال إن المسلحين وصلوا وحاصروا البلدة قبل الهجوم، وأُمر هو وستة رجال آخرين بدفن عشرات الجثث في مقابر جماعية.
واستعرضت الصحيفة تصريحات مركز العلاقات الدولية؛ حيث أكد أن صور الأقمار الصناعية تظهر حرائق في المناطق السكنية في جميع أنحاء أراداماتا في الفترة ما بين 2 و10 تشرين الثاني/ نوفمبر، بما في ذلك مخيم للنازحين.


ونقلت الصحيفة تصريح آدم موسى أوباما، من مجموعة دعم ضحايا دارفور، التي تنشر مقاطع فيديو لانتهاكات قوات الدعم السريع؛ حيث قال إن المجموعة تستهدف الرجال على وجه الخصوص، للاستيلاء على أراضيهم والقضاء عليهم باعتبارهم مجموعة من السكان الأصليين في دارفور. ونشأت قوات الدعم السريع من ميليشيات الجنجويد التي قاتلت نيابة عن الحكومة السودانية خلال الحرب في دارفور، وتتكون بشكل كبير منها، وكانت مسؤولة عن الفظائع التي تعتبر جرائم ضد الإنسانية، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

وقال أوباما: "عندما أخذوا أرداماتا أصدروا إعلانًا بضرورة خروج جميع الأولاد. وعندما فعلوا ذلك، بدأوا في إطلاق النار عليهم جميعًا. إنهم يريدون إبادة كل السكان الأصليين. الشباب لديهم القوة والقدرة على القتال. ولا يريدون لهم أن يبقوا على قيد الحياة".

وأضاف أوباما: "الوقت قد حان لزعماء العالم لوقف المذبحة… إنه لعار على الإنسانية أن يستمر هذا الأمر. هناك إبادة جماعية تحدث في غرب دارفور".

ووفق الصحيفة؛ فقد حذر فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأسبوع الماضي من احتمال تكرار ما حدث في دارفور في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وحذرت خبيرة الأمم المتحدة المعنية بالإبادة الجماعية، أليس وايريمو نديريتو، من "دوامة العنف التي لا نهاية لها".

ونقلت الصحيفة عن نديريتو قوله: "إن أحدث التقارير الواردة من منطقة دارفور تصور صورة مزعجة للغاية لاستمرار الهجمات المنهجية والعشوائية ضد المدنيين، بما في ذلك على أسس عرقية. إن الديناميكيات الحالية في المنطقة يمكن أن تؤدي إلى المزيد من عمليات القتل الجماعي في بيئة من الفوضى الكاملة والإفلات من العقاب. ولا تزال مخاطر الإبادة الجماعية والجرائم الفظيعة ذات الصلة في المنطقة مرتفعة للغاية".

وأشارت الصحيفة إلى أن قوات الدعم السريع قد نفت مسؤوليتها عن أعمال العنف في أراداماتا، وألقت باللوم فيها على الجيش السوداني.

وقال محمد سليمان، أحد كبار الباحثين في مجال التضليل في مختبر الذكاء الاصطناعي المدني بجامعة نورث إيسترن في بوسطن، إن قوات الدعم السريع استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لبناء صورة للشرعية، من خلال إصدار إنكار للجرائم المزعومة وتقديم وعود بالتحقيق، لكنها لم تفعل ذلك. وتابعت الادعاءات بأنها ستحقق في أعمال العنف.

وأوضحت الصحيفة أن الناشطين يحذرون من أن قوات الدعم السريع أفضل تسليحًا من الجنجويد التي كانت منتشرة قبل أكثر من عقد من الزمن.

وتابعت الصحيفة مبينة أن اللقطات التي تم التحقق منها من قبل مركز مرونة المعلومات والتي تم نشرها على حساب مؤيد لقوات الدعم السريع على موقع "إكس"، المعروف سابقًا باسم "تويتر"، تُظهر جنودًا يستخدمون نظام إطلاق صواريخ متعدد. وتُظهر اللقطات، التي تم تصويرها بالهواتف المحمولة، نظام الصواريخ المثبت على شاحنة مسطحة. كما تُسمع الهتافات عند إطلاقها.

ونقلت الصحيفة تصريحات أنوك ثيونيسن، قائدة فريق مشروع "السودان شاهد" التابع للمركز؛ حيث قالت : "إن أنظمة الأسلحة هذه لديها القدرة على التسبب في أضرار جسيمة واستخدامها يشكل خطرًا على السكان المدنيين". كما تحقق المركز من مقطع فيديو يُظهر اختطاف عاملين طبيين من أحد المستشفيات في نيالا.

وبحسب الصحيفة؛ فقد قالت ناشطة من المدينة إنها اضطرت إلى الهروب من دارفور عن طريق ركوب سلسلة من السيارات عبر المناطق النائية بعد أن حاصرت قوات الدعم السريع منازل السكان واحتجزت والديها كرهائن في منزلهم.


الأزمة الإنسانية
واستعرضت الصحيفة تصريحات الدكتور محمد شطا، الذي ينسق العمليات الميدانية لمنظمة الإغاثة الدولية الخيرية، حيث قال إن الصراع يخلق أزمة إنسانية في الفاشر في شمال دارفور.
وتابع شطا أن الناس يكافحون من أجل الحصول على المياه، والأدوية تنفد، وأن نقاط التفتيش في جميع أنحاء المدينة تجعل من الصعب على المرضى والطاقم الطبي السفر إلى المرافق الصحية. "لقد أصبحت الفاشر مثل مدينة الأشباح؛ حيث ترى أجزاء من المدينة خالية فلا يشاهد فيها أحدًا. إنها هادئة للغاية بحيث يمكنك سماع أنفاسك".

وأشارت الصحيفة إلى تصريحات كاشف شفيق، المدير القُطري لمنظمة الإغاثة الدولية في السودان؛ حيث قال إنه يشعر بالقلق إزاء استخدام المدفعية الثقيلة والغارات الجوية، مضيفًا: "لم نشهد بعد أعمال عنف مثل هذه... لقد نزح آلاف الأشخاص الذين يعيشون في الفاشر بالفعل نتيجة للصراعات السابقة. ويدفع هذا التصعيد الأسر، وخاصة النساء والأطفال، إلى النزوح مرة أخرى والفرار إلى الدول والبلدان المجاورة، مثل تشاد. هذه المواقع غير قادرة بالفعل على استيعاب عدد اللاجئين الذين يصلون بحثًا عن الأمان".

واختتمت الصحيفة تقريرها بتصريحات آدم موسى أوباما، من منظمة دعم الضحايا في دارفور، حيث أفاد أن الفاشر استقبلت بالفعل العديد من النازحين من أجزاء أخرى من دارفور. وقالت اثنتين من الجماعات المتمردة في دارفور – التي ظلت حتى الآن خارج القتال – في نهاية الأسبوع إنهما ستنضمان إلى القوات المسلحة السودانية ضد قوات الدعم السريع، واستطرد: "إذا اندلع قتال كامل في الفاشر، فلا أعتقد أن أي مدني سينجو".


للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة دارفور السودان البرهان السودان دارفور حميدتي البرهان سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن قوات الدعم السریع الصحیفة تصریحات ونقلت الصحیفة الصحیفة أن غرب دارفور حیث قال إن فی دارفور التی تم

إقرأ أيضاً:

انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان

البلاد (الخرطوم)
تواصل الأزمة السودانية تصاعدها مع اتساع رقعة العمليات العسكرية في جنوب كردفان، حيث كثّفت قوات الدعم السريع تحشيدها العسكري خلال الأيام الأخيرة، في خطوة وصفت بأنها محاولة لإعادة تموضع ميداني، وتعزيز نفوذها في الإقليم الذي يشهد واحداً من أعقد فصول الصراع الدائر في البلاد منذ أبريل 2023.
وبحسب مصادر ميدانية وشهود، رُصدت تحركات مكثفة لقوات الدعم السريع في عدة مناطق من ولاية جنوب كردفان، خصوصاً من الجهة الشمالية، حيث نقلت أرتال عسكرية وقطعاً حربية من ولاية غرب كردفان باتجاه الولاية. وترمي هذه التعزيزات إلى إسناد قوات الحركة الشعبية – جناح عبد العزيز الحلو – التي تتعرض لضغط عسكري متزايد إثر الهجمات التي شنّها الجيش السوداني في الجبال الشرقية خلال الأيام الماضية.
وتشير المعلومات إلى سعي الدعم السريع، عبر هذه التعزيزات، لشنّ هجمات جديدة على مدينتي الدلنج وكادوقلي المحاصرتين منذ عامين، بهدف إسقاط كادوقلي عاصمة الولاية والسيطرة على الدلنج ثاني أكبر مدنها، مما يمنحها موقعاً استراتيجياً حاسماً في الإقليم المضطرب.
وتخضع كادوقلي والدلنج لحصار مشترك من الحركة الشعبية والدعم السريع منذ قرابة عامين، ما تسبب في نقص حاد بالمواد الغذائية والدواء، رغم عمليات الإسقاط الجوي التي نفذتها بعض المنظمات الإنسانية. وتتعرض المدينتان لقصف مدفعي وجوي متكرر، كان أعنفه مؤخراً القصف الذي طال منشآت مدنية في كادوقلي وأدى إلى مقتل نحو مئة شخص، بينهم عشرات الأطفال.
وفي السياق، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلق بالغ من احتمال تكرار الانتهاكات الواسعة التي شهدتها مدينة الفاشر، بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها في أكتوبر الماضي، في أعقاب حصار دام 18 شهراً وانتهى بعمليات قتل جماعي وتعذيب وعنف جنسي واسع النطاق.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023، اتُّهمت قوات الدعم السريع وميليشياتها المتحالفة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، شملت القتل المنهجي للرجال والأطفال إلى جانب الاغتصاب والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات، إضافة إلى منع السكان من الوصول إلى المساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من محاولاتها تقليل حدة الاتهامات، واصلت الدعم السريع بحسب منظمات دولية ارتكاب انتهاكات واسعة، كان آخرها في الفاشر بعد سيطرتها على المدينة في أكتوبر 2025.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في يناير 2025، أنها خلصت إلى أن أفراداً من قوات الدعم السريع ارتكبوا جريمة الإبادة الجماعية، في واحدة من أقوى الإدانات الدولية التي طالت هذه القوات منذ بدء الصراع.

مقالات مشابهة

  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • قتلى بقصف لقوات الدعم السريع وتحرك جديد للجنائية الدولية بشأن دارفور
  • بريطانيا تفرض عقوبات على قيادات قوات «الدعم السريع» في السودان
  • عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي: الإمارات أكبر ممول لحملة الإبادة الجماعية في السودان
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان
  • هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
  • WP: الفاشر تعيش كارثة إنسانية وصمت العالم يفتح الباب لأسوأ مأساة في السودان
  • انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور