غزة – يترقب أهالي قطاع غزة دخول اتفاق الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ، وبموجبه سيفتح معبر رفح التجاري مع مصر، لتدفق مساعدات إغاثية وطبية، بما فيها الوقود، حيث يتطلع إليها الغزيون بأمل أن تحد من مخاطر الكارثة الإنسانية المحدقة بهم منذ شهرين.

ومن المرتقب أن تفتح السلطات المصرية معبر رفح التجاري مع قطاع غزة -صباح يوم غد الجمعة- للسماح بمرور شاحنات من المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، بما فيها الوقود، تطبيقا لاتفاق الهدنة المؤقتة الذي أعلنته دولة قطر بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، ويستمر 4 أيام قابلة للتمديد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن الهدنة في قطاع غزة ستبدأ غدا الجمعة الساعة 7 صباحا بالتوقيت المحلي.

واستكمالا لدورها في الإشراف على شاحنات المساعدات التي وردت عبر معبر رفح، خلال الأسابيع الماضية، ستتولى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، الإشراف على المساعدات خلال أيام الهدنة المقررة.

وكانت إسرائيل اشترطت بموجب اتفاق ثلاثي مع مصر والولايات المتحدة، أن لا يكون لحركة حماس دور وأن لا تصل إليها هذه المساعدات.


شاحنات المساعدات

وقالت مصادر رسمية للجزيرة نت إنه من غير المعلوم عدد شاحنات المساعدات التي سترد القطاع عبر معبر رفح في اليوم الأول للهدنة، غير أنها أكدت في الوقت نفسه أنها تتضمن أنواعا عدة من المواد والسلع، بما فيها الوقود.

وقال المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور محمد أبو مصبح -للجزيرة نت- إن لجنة تشكلت للإشراف على المساعدات الإنسانية الواردة عبر معبر رفح، وتشرف عليها الجمعة بالتنسيق مع أونروا.

وبحسب المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، لا يعرف ما تحمله الشاحنات على وجه الدقة من أصناف مواد وسلع، مؤكدا أنها ستتضمن مواد غذائية ومستلزمات طبية ووقود.

من جانبها، قالت كتائب الشهيد عز الدين القسام إن الهدنة تشمل إدخال 200 شاحنة يوميا من المواد الإغاثية والطبية لكافة مناطق قطاع غزة، بالإضافة إلى إدخال 4 شاحنات وقود يوميا وكذلك غاز الطهي، بحسب بيان وصل للجزيرة نت.

وعن المناطق التي تستفيد من هذه المساعدات، أوضح مصبح أن مباحثات تجري حاليا بين الهلال وأونروا، لتسيير قافلة إنسانية تحمل كميات من هذه المساعدات، بما فيها الوقود، إلى مدينة غزة وشمال القطاع، وهي المناطق التي يعزلها الاحتلال الإسرائيلي، وتحاول عبر القصف المتواصل والإنذارات إلى دفع سكانها نحو جنوب القطاع.

وبسبب هذه العزلة، والاستهداف العنيف لكل سبل الحياة، خرجت جميع مستشفيات شمال القطاع عن الخدمة، ووفقا للمتحدث باسم جمعية الهلال، فإن مشاورات تدور حاليا للبحث في إمكانية تأسيس "نقطة طبية" في المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، تصل إليها المساعدات الطبية والوقود، لتقديم الرعاية والخدمة الطبية لمن تبقى من سكان مدينة غزة وشمالها.


معبر رفح مهيأ

يأمل أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع أن تترك مساعدات الهدنة أثرها على واقعهم الإنساني المتدهور، جراء الحصار المطبق الذي فرضته دولة الاحتلال، تزامنا مع حربها الضارية التي تشنها على هذا الشريط الساحلي الصغير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال الناطق باسم معبر رفح وائل أبو محسن للجزيرة نت إن معبر رفح التجاري كان يعمل 3 أيام أسبوعيا قبل اندلاع الحرب الحالية، لمرور شاحنات بغرض التجارة، تحمل مواد متنوعة من مختلف الاحتياجات الإنسانية، بما فيها الوقود.

ووفقا لأبو محسن، فإن المعبر مهيأ تماما لاستقبال شاحنات المساعدات، ولا ينقصه شيء لاستمرار تدفق هذه الشاحنات بشكل يومي ومستمر.

وتوقفت الحركة التجارية عبر هذا المعبر عقب العدوان، ولم يفتح أبوابه سوى أمام شاحنات تحمل مساعدات من الأغذية المعلبة وعبوات مياه الشرب والمستلزمات الطبية، وصفتها منظمات وهيئات محلية ودولية بأنها "شحيحة" ولا تمنع وقوع الكارثة.

وتحيط بقطاع غزة 8 معابر، 6 منها تصل القطاع بإسرائيل، التي تغلق 4 منها بشكل تام، وتفتح معبرين بشكل متقطع هما: بيت حانون (إيرز) المخصص للأفراد في شمال القطاع، وكرم أبو سالم التجاري في جنوب شرقي القطاع، ويخضعان للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، في حين تسيطر مصر على معبر رفح البري بشقيه التجاري والمخصص للأفراد.

وتفرض سلطات الاحتلال شروطا صارمة على حركة المعابر، ويخضع الاستيراد والتصدير فيها بين غزة وأسواق الضفة الغربية والخارج لقيود ترتبط بموافقات إسرائيلية مزاجية، وتخضع لقرارات مفاجئة بمبررات واهية.

ومع اندلاع الحرب، أغلقت إسرائيل بشكل كلي معبر كرم أبو سالم التجاري، ومنعت توريد كل الإمدادات الإنسانية عبره إلى القطاع، الذي تلوح فيه أزمة مجاعة، مع نفاد الأسواق والمحال التجارية من السلع والبضائع.


المجاعة تطرق أبواب غزة

بدوره، قال مدير عام "المكتب الإعلامي الحكومي" إسماعيل الثوابتة "لقد أطلقنا 100 مناشدة لمصر ودول العالم بضرورة فتح معبر رفح بشكل دائم، ليكون ممراً آمنا لتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، لمنع وقوع الكارثة".

وفي حديثه للجزيرة نت، وصف الثوابتة كل المساعدات التي دخلت القطاع عبر معبر رفح حتى الآن، بأنها "نقطة في بحر ولا تغطي 1% من حاجة السكان، الذين كانت ترد لهم يوميا 500 شاحنة محملة بكل احتياجاتهم الحياتية، وبأنواع مختلفة من المواد والسلع، بما فيها الوقود، عبر معبر كرم أبو سالم".

ويأمل الثوابتة أن يستمر معبر رفح بالعمل، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والطبية والوقود، لوضع حد لتدهور الأوضاع الكارثية في القطاع، وإنقاذ ما تبقى من سبل الحياة، خاصة في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع، التي تترنح على أبواب مجاعة، جراء رفض الاحتلال وصول المساعدات إليها منذ 7 أسابيع.

وبحسب بيانات رسمية، خرجت 26 مستشفى و58 مركزا صحيا عن الخدمة، وتوقفت آبار المياه ومحطات معالجة الصرف الصحي عن العمل، وتردت خدمات الاتصالات والإنترنت، جراء انقطاع الكهرباء منذ اندلاع الحرب، ونفاد الوقود.

وقال الثوابتة إن أكثر من مليون ونصف المليون يتكدسون حاليا في مراكز الإيواء ومرافق ومنازل في جنوب القطاع، جراء جريمة التهجير القسري لسكان شمال القطاع، وهؤلاء بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية والإغاثية التي سترد عبر معبر رفح، بعدما شحت السلع والبضائع من الأسواق والمحال التجارية، واضطر كثير من أصحابها إلى إغلاقها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة شاحنات المساعدات عبر معبر رفح للجزیرة نت قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تلفت حمولتها.. شاحنات المساعدات تتكدس قرب غزة دون إذن بالعبور

شمال سيناء- تصطف مئات الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية والغذائية ومياه الشرب على الطريق الممتد من شرق مدينة العريش (شمال شرق مصر)، تحت أشعة الشمس الحارقة ولهيب الحرارة المرتفعة، في مشهد يُجسّد حجم المعاناة ويعكس عمق المأساة الإنسانية في قطاع غزة.

تتكدس الشاحنات، وقد أضناها الانتظار الطويل منذ نحو 5 أشهر، بلا حراك، مكبلة بقيود التصاريح والإجراءات في انتظار إذن السماح لها بالعبور إلى الفلسطينيين في القطاع، بينما تواجه حمولتها التي يفترض أن تكون طوق نجاة، خطر التلف والضياع.

وعلى بُعد نحو 50 كيلومترًا غربًا من معبر رفح البري، تقف عربات المساعدات في المنطقة اللوجستية بمدينة رفح، ويقول سائقوها إنه مرّ على بعضهم نحو شهرين وهم ينتظرون إذن العبور إلى قطاع غزة المحاصر والمكلوم، حيث يتلهف أهله إلى حفنة من الدقيق أو ما يسد رمقهم ويعينهم على مقاومة العطش، في وقت باتت فيه الحاجة إلى تلك المساعدات مسألة حياة أو موت.

المنع أتلفها

ويفاقم هذه الأزمة آلة الحرب الإسرائيلية الضارية الدائرة في قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين ثاني 2023، تخللها إعلانات هدن مؤقتة، بينما تحذر منظمات إغاثية من شبح المجاعة.

يقول أحمد أبو حمدة، متطوع بجمعية الهلال الأحمر المصري، فرع شمال سيناء، للجزيرة نت، إن الشاحنات تصطف منذ شهور، حيث تعرقل الإجراءات الأمنية، التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، دخولها، ويضيف أن بقاءها تحت أشعة الشمس المرتفعة خاصة في الوقت الحالي، حيث صيف مصر الساخن، يعرض الحمولات للتلف.

إعلان

بل إن معظمها تلف فعلا بسبب عوامل الجو -حسب أبو حمدة-، خاصة وأن المواد تتنوع بين الغذاء المعلب ومياه الشرب والدقيق والمواد الطبية، بينما يضطر السائقون إلى العودة من حيث أتوا، سواء بتبرع من مصريين أو جمعيات أهلية. و يُلقى بالحمولة التالفة في مناطق صحراوية.

الشاحنات تصطف في الجانب المصري تحت أشعة الشمس حيث تلفت حمولتها من المساعدات (مواقع التواصل) مس بالعمل الإنساني

وفي اتصال بمدير فرع جمعية الهلال الأحمر المصري بشمال سيناء، الدكتور خالد زايد، أبدى قلقا بالغا إزاء الوضع المأساوي الذي تشهده قوافل المساعدات الإنسانية المصطفة بالجانب المصري، في انتظار الضوء الأخضر لعبورها لقطاع غزة، حيث الجوع يفتك والعطش لا يرحم.

وقال زايد، بصوت يختلط فيه الإحباط بالإصرار "إن المشهد لا يليق بنداء الإنسانية، فالمئات من الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية والمستلزمات الطبية تقف منذ شهور تحت وطأة شمس لافحة وظروف مناخية قاسية، في انتظار أن تتحرك إلى حيث يفترض أن تكون".

وأوضح أن هناك أكثر من 50 شاحنة إغاثية محملة بآلاف الأطنان من مواد الإغاثة والأغذية؛ ويضيف "للأسف، مع طول مدة الانتظار فإن نسبة لا يستهان بها من هذه المساعدات تلفت، خاصة سريعة الفساد منها كالحليب والمعلبات ومياه الشرب".

وتشير التقديرات الأولية -حسب زايد- إلى تضرر نحو 30% من هذه المواد كليًا أو جزئيًا، وهي نسبة ترتفع مع كل يوم يتأخر فيه عبورها، ويقول بشيء من الأسى "هذا الهدر لا يمس فقط المواد، بل يمس جوهر العمل الإنساني، ويفاقم معاناة من نذرنا أنفسنا لمساعدتهم".

وناشد زايد كل الأطراف، أن تضع الإنسانية فوق كل اعتبار، وتسرّع في تسهيل إجراءات دخول تلك المساعدات، "لأن ما نواجهه اليوم ليس أزمة لوجستية فحسب، بل فشل أخلاقي وإنساني كبير".

لم تعد صالحة

من ناحيته، كشف مدير إدارة الإمدادات بمحافظة شمال سيناء، عن تخلص الإدارة والجهات المعنية من شحنات كبيرة من المساعدات الغذائية التي تجاوزت صلاحيتها، بعد أن ظلت حبيسة المستودعات أشهرا، دون أن تجد طريقها إلى من ينتظرونها بفارغ الصبر خلف الأسلاك.

إعلان

وأوضح أن هذه المساعدات، التي كان يفترض أن تصل إلى المحاصرين في غزة خلال الشهرين الماضيين، بقيت داخل المخازن القريبة من معبر رفح البري منذ أن استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع في مارس/آذار الماضي.

وأشار إلى أن الإجراءات المطولة والتأخير المتكرر في السماح بمرور المساعدات أفسدت كميات كبيرة من الأغذية، ما اضطر السلطات إلى إتلافها حرصاً على الصحة العامة، حيث لم تعد صالحة للاستهلاك.

شاحنات الإغاثة تصطف في مدينة العريش المصرية (الجزيرة)

 

وقال أحد أعضاء اللجنة الفنية المكلفة فحصَ المساعدات وصلاحيتها بمحافظة شمال سيناء "لم يكشف هويته"، إن اللجنة تقوم بإعداد تقارير دقيقة عقب كل عملية فحص دورية (كل 15 يوما تقريبًا) تشمل جميع أنواع المواد الإغاثية والأغذية، سواء كانت دقيقا أم أرزا أم معلبات.

وفي الفترة الأخيرة تكدست المواد الغذائية في المخازن وعلى متن الشاحنات ما أفقدها صلاحيتها بشكل كامل أو جزئي، مشيراً إلى أن ما تم رصده في الفترة الماضية (من فبراير/شباط 2025 حتى الآن) بلغ نحو 2000 شاحنة تحمل مواد غذائية فاسدة جزئيا أو كلياً، تم تخزينها في أحد المستودعات الكبرى، ولم تُنقل بسبب تعثر دخولها إلى غزة.

وأضاف أن الأزمة لا تتعلق فقط بكميات الأغذية منتهية الصلاحية، بل بتكدس الشاحنات وتجمد حركتها، ما يسرع من عملية تلف المواد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وانعدام ظروف التخزين المناسبة لبعض الأغذية كالمعلبات والألبان.

وأوضح أن بعض أصحاب المساعدات يبادرون بتقديم طلبات رسمية لإعادة فحص شحناتهم، بعد الاشتباه بانتهاء صلاحية جزء منها؛ وأشار إلى أن معظم هذه البضائع، خاصة تلك التي ظلت منذ أكثر من 4 أشهر دون تحريك، أصبحت في حكم التالفة.

مقالات مشابهة

  • مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.. «مصائد قاتلة» للمدنيين بغزة
  • تلفت حمولتها.. شاحنات المساعدات تتكدس قرب غزة دون إذن بالعبور
  • إسرائيل تقصف خياما للنازحين بغزة وتحظر دخول مناطق المساعدات
  • الشركة التي تدير مؤسسة غزة الإنسانية تنهي تعاقدها وتنسحب من العملية
  • الدفاع المدني بغزة: مركباتنا لا تصلح والاحتلال يدعم سرقة المساعدات
  • مصادر طبية بغزة: مقتل 24 شخصا قرب مركز المساعدات الأميركي
  • 75 شهيدا بغزة في استهداف الاحتلال مواقع توزيع المساعدات
  • أطباء بلا حدود: استشهاد العشرات في المواقع الأمريكية لتوزيع مساعدات بغزة
  • "أطباء بلا حدود" تصف نظام توزيع المساعدات الحالي بغزة بأنه "خطير"
  • مدير الإسعاف بغزة : مراكز المساعدات في القطاع أصبحت مصائد موت