دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- فيما تبحث صناعة الطيران بشكل يائس عن طرق لتقليل انبعاثات الكربون، تواجه تحديًا أصعب نوعًا ما من القطاعات الأخرى، لأنّ تقنياتها الأساسية أثبتت صعوبة الابتعاد عنها.

ربما حان الوقت لتجربة شيء جديد. أحد الاقتراحات يتمثّل بـ"جسم الجناح المخلوط". يبدو الشكل الكلي للطائرة الجديدة  مشابهًا لتصميم "الجناح الطائر" الذي تستخدمه الطائرات العسكرية مثل القاذفة الشهيرة B-2، لكن الجناح المخلوط يتمتع بحجم أكبر في القسم الأوسط.

وتعمل كل من شركتي بوينغ وإيرباص على تعديل هذه الفكرة، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة ثالثة، JetZero التي تتخذ من كاليفورنيا مقرًا لها، ووضعت هدفًا طموحًا يتمثل بوضع طائرة ذات أجنحة مخلوطة في الخدمة بحلول عام 2030.

وقال توم أوليري، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة JetZero: "نولي اهتمامًا كبيرًا لتحقيق صفر انبعاثات في الطائرات الكبيرة، ويمكن لهيكل الطائرة ذات الجناح المخلوط أن توفر حرقًا وانبعاثات أقل للوقود بنسبة 50٪".

وأضاف: يُعد ذلك بمثابة "قفزة مذهلة إلى الأمام مقارنة بما اعتادت عليه الصناعة".

تصور لطائرة Jet Zero ذات الجناح المخلوط. Credit: JetZero تحت الضغط

إن مفهوم الأجنحة المخلوطة ليس بجديد، وتعود المحاولات الأولى لبناء طائرات وفق هذا التصميم إلى أواخر عشرينيات القرن الماضي في ألمانيا. ابتكر مصمّم الطائرات والصناعي الأمريكي جاك نورثروب تصميم جناح طائر يعمل بالطاقة النفاثة في عام 1947، والذي ألهم الطائرة B-2 في تسعينيات القرن المنصرم.

كنوع هجين بين الجناح الطائر و"الأنبوب والجناح" التقليديين، يسمح الجناح المدمج للطائرة بأكملها بتوليد الرفع، ما يقلّل من السحب. وقالت وكالة ناسا إنّ هذا الشكل "يساعد على زيادة الاقتصاد في استهلاك الوقود ويخلق مناطق حمولة أكبر (البضائع أو الركاب) في الجزء الأوسط من جسم الطائرة." واختبرته الوكالة من خلال إحدى طائراتها التجريبية، X-48. ومن خلال حوالي 120 رحلة تجريبية بين عامي 2007 و2012، أثبتت طائرتان بدون طيار من طراز X-48 يتم التحكم فيهما عن بعد مدى جدوى هذا المفهوم.

طائرة ناسا التجريبية X-48.Credit: NASA

وقالت الوكالة: "إن طائرة من هذا النوع سيكون جناحاها أكبر قليلاً من طائرة بوينغ 747، ويمكن أن تعمل من محطات المطار الحالية"، مضيفة أنّ الطائرة أيضًا "ستزن أقل، وتولد ضوضاء وانبعاثات أقل، وتكلفة تشغيل أقل" من طائرات النقل التقليدية المتقدمة بالقدر عينه. 

في عام 2020، قامت شركة إيرباص ببناء نموذج صغير من الأجنحة المخلوطة، يبلغ طوله حوالي ستة أقدام، ما يشير إلى الاهتمام بمتابعة طائرة كاملة الحجم في المستقبل. لكن إذا كان الشكل فعالاً إلى هذا الحد، فلماذا لم ننتقل بعد إلى بناء الطائرات انطلاقًا منه؟

بحسب أوليري، هناك تحدٍ تقني رئيسي يعيق الشركات المصنّعة. يقول: "إنه ضغط جسم الطائرة غير الأسطواني"، مشيرًا إلى حقيقة أن الطائرة ذات الشكل الأنبوبي تكون أكثر قدرة على التعامل مع دورات التمدد والانكماش المستمرة التي تترافق مع كل رحلة.

مثل هذا الشكل الجذري الجديد من شأنه أن يجعل الجزء الداخلي من الطائرة يبدو مختلفًا تمامًا عن الطائرات ذات الهيكل العريض اليوم. وأشار  أوليري إلى أنه "مجرّد جسم أوسع بكثير". وتابع: "تحتوي طائرتك النموذجية ذات الممر الواحد على ثلاثة مقاعد بثلاثة، لكن هذا النوع من الأنبوب أقصر وأعرض. يمكنك الحصول على نفس العدد من الأشخاص، لكن قد يكون لديك 15 أو 20 صفًا عبر المقصورة، اعتمادًا على كيفية تكوينها لكل شركة طيران بذاتها.

الإمكانات الثورية تأمل شركة JetZero أن تدخل طائرتها الخدمة بحلول عام 2030.Credit: JetZero

ورأى أوليري إن أقرب طائرة مكافئة من حيث الحجم ستكون طائرة بوينغ 767، وهي طائرة عريضة ذات محركين تم طرحها في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تحمل عادة حوالي 210 ركاب. ولا تزال تُنتج كطائرة شحن، لكنها استبدلت بطائرة بوينغ 787 كطائرة ركاب. كما أن لديها نسخة عسكرية حديثة، وهي KC-46، التي تستخدمها القوات الجوية الأمريكية للتزود بالوقود في الجو.

على نحو مماثل، تريد شركة JetZero تطوير ثلاثة أنواع مختلفة في وقت واحد: طائرة ركاب، وطائرة شحن، وناقلة وقود. يتناسب شكل الجناح المخلوط بشكل جيد مع هذا الأخير لدرجة أن القوات الجوية الأمريكية قد منحت شركة JetZero للتو مبلغ 235 مليون دولار لتطوير نموذج عرضي واسع النطاق، والتحقق من صحة أداء مفهوم الجناح المخلوط. ويتوقع أن تكون الرحلة الأولى بحلول عام 2027، ما يعني أنها ستكون النسخة العسكرية من الطائرة الريادية لهذا النوع من الطائرات، وربما تدعم تطوير النماذج التجارية.

غير أنّ بناء طائرة جديدة تمامًا من الصفر يعد مهمة هائلة، وتبدو أهداف JetZero طموحة، نظرًا لأنّ العملية الكاملة لإصدار الشهادات حتى لنوع مختلف من الطائرة الحالية يمكن أن تستغرق سنوات. إحدى المزايا التي تتمتع بها JetZero في هذا المجال أنها ستستعير بداية محركات من الطائرات ذات الهيكل الضيق الحالية، مثل طائرة Boeing 737، رغم أن الخطة تهدف في النهاية للانتقال إلى نظام دفع خالٍ تمامًا من الانبعاثات مدعوم بالهيدروجين، الأمر الذي سيتطلب محركات جديدة لم يتم تطويرها بعد.

ولفت ريتشارد أبو العافية، محلل الطيران لدى شركة الاستشارات Aerodynamic Advisory، إلى أنه لا يمكن التحقق من جميع ادعاءات JetZero، فإن "فكرة جسم الجناح المخلوط كانت جذابة للغاية لسنوات، ويبدو أنهم قاموا ببعض الأبحاث المثيرة جدًا للاهتمام. أنا وزملائي نعتبر أنّ ذلك أمراً واعداً للغاية".

وما يشعره بالقلق أنّ الشركة في الغالب عبارة عن "متجر تصميم" راهنًا، لكنه يعتقد أن المشروع قد ينطلق بمساعدة المقاولين. ويقول: "هناك بالتأكيد مجال لمن يرغب بالفعل إضافة قيمة إلى هذه الصناعة".

الطيرانتصاميمطائراتنشر السبت، 25 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الطيران تصاميم طائرات

إقرأ أيضاً:

طائرة تقل 200 راكب تحلق بدون طيار لمدة 10 دقائق

وكالات

كشفت تحقيقات أجرتها السلطات الإسبانية على حادث طيران وقع في في فبراير من العام الماضي، عن واقعة خطيرة كادت تهدد سلامة نحو 200 راكب على متن رحلة تابعة لشركة لوفتهانزا، بعدما تُركت قمرة القيادة دون طيار فعلي لمدة عشر دقائق.

ووفقاً لـ “نيويورك بوست”، كشف تقرير حديث صادر عن محققي الطيران في إسبانيا، أن طائرة من طراز إيرباص A321، كانت في طريقها من فرانكفورت الألمانية إلى مدينة إشبيلية، وعلى متنها 199 راكباً و6 من أفراد الطاقم، حلقت بدون طيار فعلي لمدة عشر دقائق.

وبحسب الصحيفة، بدأت الواقعة عندما غادر القبطان الذي يبلغ من العمر 43 عاماً، قمرة القيادة لاستخدام دورة المياه، تاركاً مساعده البالغ من العمر 38 عاماً بمفرده، بعد أن بدا له بحالة جيدة.

وفقد مساعد الطيار وعيه بشكل مفاجئ، خلال غياب القبطان ولم يستجب لنداءات القبطان عبر الاتصال الداخلي، ما اضطر الأخير إلى محاولة دخول القمرة باستخدام رمز الدخول الأمني، لكن دون جدوى.

اضطر القبطان إلى تفعيل رمز الطوارئ للدخول إلى القمرة، وقبل انتهاء المؤقت الأمني، استعاد مساعد الطيار وعيه وفتح الباب يدوياً، لكنه بدا في حالة صحية متدهورة، شاحب الوجه، متعرقاً، ويتصرف بشكل غير طبيعي.

رجّح طبيب تصادف وجوده بين الركاب أن تكون الحالة ناتجة عن مشكلة قلبية محتملة، بعد أن سارع إلى تقديم الإسعافات الأولية مع طاقم الطائرة.

وقال مساعد الطيار لاحقاً إنه لا يتذكر شيئاً من تلك الفترة، سوى أنه كان يُحلّق فوق مدينة سرقسطة، ثم وجد نفسه يتلقى العلاج، ورغم غياب الطيارَين المؤقت، واصل نظام الطيار الآلي الحفاظ على مسار الرحلة بثبات، قبل أن يقرر القبطان تحويل وجهة الطائرة إلى مدريد، باعتبارها أقرب مطار آمن للهبوط.

أُدخل مساعد الطيار إلى المستشفى، فور الهبوط، حيث تبيّن أنه يعاني من اضطراب عصبي، أدى إلى نوبة مرضية مفاجئة، ما دفع السلطات إلى تعليق شهادته الطبية كإجراء احترازي.

وأكدت شركة لوفتهانزا علمها بالتقرير، مشيرة إلى أن قسم سلامة الطيران أجرى تحقيقاً داخلياً، لكنها لم تفصح عن نتائجه حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • أول تعليق من رئيس الوزراء القطري على الطائرة الهدية لترامب
  • القوات المسلحة الأردنية: تم اعتراض الطائرة وإسقاطها
  • طائرة تقل 200 راكب تحلق بدون طيار لمدة 10 دقائق
  • جدل في واشنطن حول قبول ترامب طائرة فاخرة من قطر لتكون “إير فورس وان” الجديدة
  • إغماء مساعد طيار يترك طائرة في الجو من دون ربّان لـ10 دقائق
  • مسيرات أرعبت نيوجيرسي ونيويورك.. معلومات رسمية تكشف الحقيقة
  • طائرة شحن روسية تهبط في مطار بورتسودان لأول مرة بعد استهدافه بالمسيرات
  • الكشف عن "لغز الطائرات المجهولة" فوق نيويورك ونيوجيرسي.. ما حقيقة الأمر؟
  • الجيش الروسي يدمر 22 طائرة مسيرة أوكرانية فوق مقاطعة بيلغورود
  • الكشف عن "سر الطائرات الغامضة" في سماء أميركا