ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الحج لمن أحرم ثم مات قبل أداء المناسك؟ فقد أحرَم شخصٌ بفريضة الحج، ثم توفي قبل أداء شيءٍ مِن المناسك، فما حكم حَجِّهِ شرعًا؟ وهل على ورثته أن يُكمِلوا الحجَّ عنه.

حكم استخدام الصابون المعطر أثناء الإحرام.. دار الإفتاء تجيب حكم الطواف وملابس الإحرام متسخة.

. تعرف على آراء الفقهاء

وقالت دار الإفتاء، إن الحج ركنٌ مِن أركان الإسلام، وهو فرضٌ على كلِّ مكلَّفٍ مستطيعٍ في العُمر مرةً واحدةً؛ قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

ثواب من أحرم ثم مات

وأشارت إلى أن مَن وَجَبَ عليه الحجُّ، فخَرَج مِن بيته قاصدًا أداءَ ما فَرَضه الله عليه مِن عبادةٍ، ثُم مات في الحج، كَتب الله له أَجْرَ الحج كاملًا دون أنْ يَنقص مِن أجره شيءٌ، سواءٌ كان الموت قَبل الإحرام أو بَعده؛ لأنَّ الشُّروع في الطاعة طاعةٌ.

وقد بيَّنت السُّنَّة النبوية المطهَّرة أنَّ المسلم إذا همَّ بعَمَلِ طاعةٍ كَتب الله له أجرَها، فإنْ عَمِلَها ضاعف الله له الأجر فيها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".

وفي خصوص ثُبوت أَجْرِ الحج لِمَن خَرج قاصدًا حجَّ بيت الله الحرام وأداء فَرْضِهِ، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ خَرَجَ حَاجًّا فَمَاتَ كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ الْحَاجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أخرجه الأئمة: البيهقي في "شعب الإيمان"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وأبو يعلى الموصلي في "المسند" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ -أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ-، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» متفق عليه.

حكم الحج لمن مات محرما

أما بالنسبة للفرض المتعلق بذمة المكلَّف إذا أحرَم بالحج ثم مات قَبل أداء المناسك، فالمختار للفتوى: أنَّ إحرامَه يَنقطع بموته؛ لزوال مَحَلِّ التكليف وهو الحياة، وهو مذهب الحنفية والمالكية.

وقد استدلُّوا بعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي وأبو داود في "السنن" مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والإحرام ليس مِن هذه الثلاثة، كما أنَّ الإحرامَ "عبادةٌ لها إحرامٌ وإحلالٌ، وأُبيحَ له التحلُّلُ فيها، فوَجَب أن يَخرُجَ منها بالموت كالصلاة، ولأنها عبادةٌ يَخْتَصُّ حُكمُها به دون غيره، فوَجَب أن يَبْطُل حُكمها بالموت كالصوم، ولأنَّ حُكم الإحرام لو كان باقيًا لكان يَجِبُ أن يُطاف به، ويُوقَفَ بعرفة، ويُرمَى عنه كما يُفعَل بالمُغْمَى عليه والمريض، وأن يَلزمَ مَن يُطَيِّبُهُ فديةٌ، ولأنَّ الموتَ سببٌ لسُقُوط كفَّارات الإحرام، فأَوْجَبَ الخروجَ منه كالتحلُّل، ولأنه معنًى يَمنع بقاءَ أفعال الإحرام عليه مِن غير مراعاةٍ كالتحليل، ولأنها عبادةٌ يتعلَّق بها تحريمُ الطِّيب، فوَجَب أن يَخرج منها بالموت كالعِدَّة"؛ كما قال القاضي عبد الوهاب في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 353-354، ط. دار ابن حزم).

ويقتضي عدم جواز البناء على حجه؛ لانقطاع إحرامه بالموت، وسقوط الحج عنه بعد السعي في أدائه؛ لأنه "مَتَى سَعَى فيه سَعَى في واجبه، وإن مات قبل فَوْتِ وَقْتِهِ سَقَط عنه"؛ كما قال شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 474، ط. دار الفكر).

كما أنه لا يطالَب بالوصية بالحج عنه ولا إثم عليه في ذلك؛ لأن الوصية بالحج إنما هي في حقِّ مَن وَجَب عليه الحج فلم يخرج لأدائه حتى مات، فإن خَرَج للحج سَقَط عنه وجوب الوصية به.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إحرام الرجل المذكور بالحج قد انقَطَع بموته، وسَقَطَ عنه وُجوب الحج بعد أن أَحرَم به ولم يُؤَدِّ مناسكه، وثَبَتَ له أجرُه بشروعه في أدائه، ولا يَلزم ورثَتَه أن يَحُجُّوا عنه أو يُكملوا حَجَّهُ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المناسك الحج صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء ى الله ع

إقرأ أيضاً:

حكم اجتماع صلاتا العيد والجمعة .. الإفتاء تجيب

قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه إذا جاء العيد يوم الجمعة فالأصل أن تقام الجمعة في المساجد، ومن كان يَصعب عليه حضورها أو أراد الأخذ بالرخصة في تركها إذا صلى العيد فله ذلك.

واستشهدت “ الإفتاء ” عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- في ذلك: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمِّعون» رواه أبو داود وغيره، بشرط أن يصلي الظهر بدلًا عنها، وأما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فلا يُعَوَّل عليه ولا يجوز الأخذ به.

موعد صلاة العيد .. في القاهرة والاسكندرية وجميع المحافظات بالساعة والدقيقةتكبيرات العيد .. مكتوبة وأفضل صيغة لها

وأوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الواجب على إمام الجمعة وخطيبها أن يقيم الجُمعة وأن يحضر في المسجد ويصلي بمن حضر، حتى لو صادفت الجُمعة أول أيام العيد.

وأضاف «وسام» خلال إجابته عن سؤال: «ما حكم صلاة الجمعة إذا جاءت يوم العيد؟»، أنه يجوز لمن أدى صلاة العيد أن يترك الجمعة، ووجب عليه أن يصلى أربع ركعات ظهرًا وهذا عند بعض الفقهاء، مستشهدًا بما روي عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ، قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ»، مضيفًا «وأما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فلا يُعَوَّل عليه ولا يجوز الأخذ به».

هل تسقط خطبة الجمعة يوم العيد ؟

يقول مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية إن صلاتى العيد والجُمُعة من الشعائر التي وجب إقامتها على جموع الأمة الإسلامية، ولا يسع الأمة جمعيها ترك واحدة منها وإن اجتمعتا فى يوم واحد.

أما على مستوى الأفراد، فقد اختلاف الفقهاء في إجزاء صلاة العيد لمن صلاها فى جماعة عن أداء صلاة الجمعة جماعة فى المسجد إذا اجتمعتا في يوم واحد. فذهب الحنفية والمالكية إلى أن كلا الصلاتين مستقلتين عن بعضهما لا تغنى واحدةٌ عن الأخرى.

بينما ذهب الشافعية إلى أن صلاة الجمعة لا تسقط عمن صلى العيد جماعة؛ باستثناء إذا ما كان في الذهاب لصلاة الجمعة مشقة عليه.

ورأى الحنابلة أن صلاة الجمعة تَسقُط عمّن شَهِد صلاة العيد، مع وجوب صلاة الظهر عليه أربع ركعات؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ». [أخرجه أبو داود].

وشدد: عليه؛ فمن وجد مشقة في الخروج لأداء صلاة الجمعة بعد أن صلاة العيد جماعة؛ بسبب سفر أو مرض، أو بُعد مكان، أو فوات مصلحة مُعتبرة، فله أن يُقلِّد من أجاز ترك الجمعة لمن صلى العيد في جماعة، مع صلاتها ظهرًا أربع ركعات.

ومن لم يكن في أدائه الصلاتين مشقة عليه، ولا تفوته بأدائهما مصلحة معتبرة؛ فالأولى أن يؤديهما؛ إذ إن هدي سيدنا رسول الله ﷺ هو الجمع بين أدائهما.

طباعة شارك حكم اجتماع صلاتا العيد والجمعة هل تسقط خطبة الجمعة يوم العيد صلاة العيد

مقالات مشابهة

  • كيف يتطهَّر رائد الفضاء ليتمكن من أداء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حجاج بيت الله الحرام يواصلون أداء المناسك
  • حكم اجتماع صلاتا العيد والجمعة .. الإفتاء تجيب
  • ما حكم زيارة المقابر في يوم العيد؟ دار الإفتاء تجيب
  • صلاة الضحى.. تصدق عن جسمك وكن من الأوابين يوم عرفة
  • هل يجب صعود جبل عرفات في الحج؟.. «الإفتاء» تحذر
  • هل يجب صعود جبل عرفات في الحج؟.. الإفتاء تحذر بحديث النبي
  • لماذا يجب علينا الصيام في يوم عرفة؟.. تعرف على فضله العظيم
  • هل يقبل صوم يوم عرفة لمن لم يصم أيام ذي الحجة؟ .. الإفتاء تجيب
  • "يلملم" و "الجحفة".. مفاتيح الدخول إلى الإحرام في "محافظة جدة"