رأي اليوم:
2025-07-01@18:45:05 GMT

إبراهيم مشارة: القراءة تحرر         

تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT

إبراهيم مشارة: القراءة تحرر         

 

إبراهيم مشارة

 

 

“علم فريدريك دوغلاس أن معرفة القراءة والكتابة هي الطريق من العبودية إلى الحرية ،هناك أنواع عديدة من العبودية وأنواع كثيرة من الحرية ، لكن القراءة لا تزال هي الطريق “ كارل ساجان القراءة متعة وللنص لذته كما ارتأى بارت في مؤلفه المشهور،فهي تحررنا من آصار الواقع وقيود الضرورة وبقدر ما يمارسها المرء بقدر ما يمارس إنسانيته ويستشعر مضمونها.

يحررنا العلم من هيمنة الطبيعة ويمنحنا حرية ، فهو ييسر حياتنا ويحفنا بالرفاه ولكنه لا ينطلق بنا إلى آفاق عليا في دنيا التأمل وسماوات الروح حيث المعنى الحقيقي للإنسان وذاك ما يتيحه الكتاب، اللوحة، اللحن ،الشكل، نتحرر بكل هذا الإبداع  من جاذبية المادة وكثافتها إلى رهافة الوجدان ودقة الشعور ونبالة الحس. وبقدر ما يقرأ الواحد منا ويقبل على  مختلف أشكال الإبداع  ويرهف السمع لمقطع موسيقي يراكم خبرات، يختزن أفكارا  أخرى ومشاعر وكل ذلك يبني ذاته ليكون متفتحا قابلا للآخر المختلف لا المؤتلف فقط، إنه يصنع هويته فالهوية صناعة وليست شيئا ناجزا وكما كتب أمين معلوف فالهويات الناجزة المغلقة قاتلة.  فهي تبنى  ومواد بنائها الاختلاف،التعدد ، التناغم التسامح، قبول الرأي المضاد، روح السؤال والتحري، التواضع العلمي،  لا التنميط والواحدية  والجاهزية والقولبة والرتابة والسكون فكل ذلك موات في موات. فالرحلة في الكتاب وفي اللوحة وفي الشكل وفي اللحن ترينا صورتنا في مرآة الآخر فالآخر ليس إلا ما كنا سنكونه مثلما يرى هو  صورته في مرآتنا، فتغدو المعارف والأحكام تتسم بطابع النسبية والتواضع المعرفي  والاحترام لا منطق الإلغاء والإقصاء والتعالي ، ومن زمن كتب باشلار أن العلم ليس إلا سلسلة من الأخطاء والتقويمات ومن الندم بالمعنى الإبستمولوجي لا الأخلاقي ، وصدق كيليطو حين عنون أحد كتبه  وهو يتناول سيرته الفكرية بــ”في جو من الندم الفكري”  فبفعل القراءة ينحو المرء نحو التحول والسيرورة والصيرورة معا وتغدو المطلقات والأحكام الجاهزة والقبلية بتأثير المحيط والتربية والمناهج الدراسية والمواعظ الدينية أشياء قابلة للصرف والتحويل أمام منطق العصرنة والحداثة والنزعة الإنسانية، فمن لا يتجدد يتبدد وتلك سنة الطبيعة وناموس الكون المطرد. فالمطلقات ولى زمانها حتى في العلم الطبيعي فمنذ  طلع على العالم أينشتين بنظرية النسبية وهايزنبرغ بمبدأ الارتياب انسحب ذلك على العلوم جميعها ، فإذا  كان قدر العلوم الطبيعية هو النسبية لا الحتمية فلا جرم أن يشمل كذلك  الدراسات الحديثة في علم الإناسة أو الأنثروبولوجيا فما كنا ندعوه ثقافة متوحشة وحضارة همجية لم يعد له في علم اليوم الحديث وجود فقد نص كلود ليفي ستروس على أن الحضارات  بنيات مغلقة لا تتفاضل بينها، إنها معطى جغرافي وتاريخي وإناسي تغني وجود الإنسان على هذه الأرض، وإن كان هناك  تفاضل فلن يكون إلا  في الفكر العلمي وفعالية الحياة السياسية أما الثقافة فهي غير خاضعة لمنطق التفاضل. وفي مقدمة كتابه الرائع” ساعات بين الكتب” نص العقاد على أن الكتب تتفاضل فيما بينها فهي كالناس منها الوقور ومنها الخائن والجاهل، ولا ينبغي أن يقول الموجهون لمن يرغب في  القراءة “اقرأ ما ينفعك بل انتفع مما تقرأ ” ، وحدها القراءة التي  تزيد معارفنا وتثري تجاربنا وتعزز إنسانيتنا وتوصلنا بالآخر المختلف وفق جدلية الأخذ والعطاء وبذلك تتوسع حريتنا خارج المحلية ومنطق اللغة الواحدة والأفكار المكررة والمعرفة الجاهزة ومنطق التبجيل والتقديس وتستعيض عن ذلك كله  بمنطق السؤال والشك والبحث . وبقدر ما تمتنع المجتمعات عن فعل  القراءة مهما كانت الأسباب-  موضوعية أو مختلقة –  بقدر ما ينمو لديها ورم التعصب ومنطق الجزم واليقين والتعالي والإلغاء فيتسطح الوجود وتشح الخبرات ، وليست العبرة بالرفاه ولا بالكماليات وعالم الأشياء كما يدعوه الأستاذ مالك بن نبي فتلك حضارة “نصف إنسان” لا حضارة الإنسان . تبقى الرحلة بين الصفحات من أمتع الرحلات فبفضلها ينسلخ المرء مؤقتا عن محيطه ويتحرر من قيود الواقع وآصار الحس وقيود المحلية والعرف والتقاليد ليندغم في تجربة فريدة ،إنه يبتعد عن محيطه وناسه ليزداد معرفة صحيحة بهم  أقرب إلى  الموضوعية والصحة حين يرى الصورة في مرآة  الآخر ويرى ما عند الآخر المختلف  من خبرة ومعرفة وثراء ومن زمن كتب صلاح عبد الصبور لناس وطنه: وحين يغور نجم الشرق في بيت السما الأزرق إلى بتي لأرقد في سماواتي وحيدا ..في سماواتي وأحلم بالرجوع إليكم طلقا وممتلئا بأنغامي وأبياتي أجافيكم  لأعرفكم فهذا البعد بالمعنى المجازي وليس شرطا أن يكون غربة مكانية بل هو ترحال بين المعارف والشعوب والثقافات يتيح مزيدا من المعرفة الصحيحة والنسبية والموضوعية ومشاعر الاحتفاء بالآخر باعتبار ذاك المنجز إنسانيا.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

تألق وتميز تعليم الفيوم في تطبيق البرنامج العلاجي خلال الإجازة الصيفية

تابع الدكتور خالد خلف قبيصي، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الفيوم، سير تنفيذ البرنامج العلاجي في تنمية مهارات القراءة والكتابة للتلاميذ الضعاف بجميع الإدارات التعليمية والمدارس الابتدائية على مستوى المحافظة.

 

أكد وكيل الوزارة أن البرنامج يهدف إلى تحسين مستوى تلاميذ المرحلة الابتدائية في القراءة والكتابة من خلال خطط علاجية محددة، وتوفير الدعم التربوي اللازم لهم خلال الإجازة الصيفية، بمشاركة موجهي اللغة العربية والمعلمين بجميع المدارس الابتدائية على مستوى المحافظة.

 

وأشار إلى أهمية المتابعة الميدانية المستمرة، والتقييم المرحلي للتلاميذ المستفيدين، لضمان تحقيق أهداف البرنامج وتحقيق نتائج إيجابية ملموسة.

 

كما أكد وكيل الوزارة على ضرورة تحسين مهارات القراءة والكتابة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية، والذي يُعد من الركائز الأساسية لنجاحهم في جميع المواد الدراسية، ويتم ذلك من خلال البرامج العلاجية المكثفة، من خلال استهداف التلاميذ الضعاف بخطط علاجية فردية تتضمن أنشطة قراءة وكتابة مبسطة ومتدرجة، واستخدام قصص مشوقة تساعد في الربط بين الكلمات والمعنى، وتشجع الطفل على متابعة النص، وتعزيز القراءة الجهرية، وتدريب الطلاب على القراءة بصوت عالٍ لتحسين النطق والسرعة والفهم، والمتابعة المنزلية من خلال مشاركة ولي الأمر في قراءة القصص مع الطفل أو مراجعة المهارات المكتسبة.

 

أهمية تطبيق البرنامج العلاجي للتلاميذ الضعاف بالمرحلة الابتدائية في القراءة والكتابة

 

ـ تحسين مستوى التحصيل الدراسي: يساعد البرنامج في معالجة صعوبات التعلم، مما يؤدي إلى رفع المستوى الأكاديمي للتلاميذ.

ـ بناء الثقة بالنفس: عندما يشعر التلميذ بتحسن مستواه، ينعكس ذلك إيجابيًا على ثقته بنفسه وحماسه للتعلم.

ـ الحد من التسرب الدراسي: تقوية التلاميذ الضعاف يساعد على بقائهم في المدرسة ويمنع شعورهم بالفشل أو الإحباط.

ـ تهيئة التلاميذ للفصل الدراسي الجديد: الإجازة فرصة مثالية لإعداد التلاميذ الضعاف وتحسين مستواهم فى القراءة والكتابة للعودة للدراسة وهم في حالة أفضل في الفهم والاستيعاب.

 

 

تعليم الفيوم يناقش تعليمات التأمينات بشأن تحديث بيانات العاملين التأمينية 70bf4339-62af-493c-b589-e3e73341439a 92fff9a1-14f7-4689-b869-2615d4f2a7bf 701c45de-145b-4d03-a5f3-3294cb2a403f 2678ef6a-0b84-4056-a8cd-b674990f4624 4560d474-02a6-4755-a116-8092df56cea9 a581b8b8-897b-4bf2-a263-add5334400c4 aa5be49b-6fbe-4a8c-8bb7-d682741b9f04 cf405f78-1acd-4b55-bf92-c8556dd21a42 cfe11a1c-78bb-4958-b4de-f58370d38cf4 d0c8cecf-0eaa-4b7a-b0a3-9269f99be97a df47484d-2a82-45b7-9531-f82ed7fa82bd e69cec6b-d2ba-4785-b2b6-e26eeaf399e1 f1bac8fa-98b8-4fc2-aa68-f2c94a8164de ff859650-c5e5-46c3-bbc6-24aa41fe35b3 4c4cb67d-9d2f-4f86-9750-c25fc43719d4 5f1a991e-cd12-4c22-b089-7e0d38e185b6 19fe03cc-832b-4e67-9f76-79aac9ecd934 62d62f22-740b-4655-91a4-76eb3a8d7555

مقالات مشابهة

  • أبطال تحدي القراءة العربي في الإمارات.. نماذج تحتذى في الإبداع
  • محمد بن راشد: مطمئن على مستقبل بلادنا في أيدي جيل يحب التعلم ويعشق القراءة
  • تألق وتميز تعليم الفيوم في تطبيق البرنامج العلاجي خلال الإجازة الصيفية
  • محمد بن راشد: بلادنا في أيدي جيل يحب التعلم ويعشق القراءة
  • عبد الله بن زايد: شُكراً أبا راشد والضَّادُ تشكركم (فيديو)
  • ريم الزرعوني بطلة لتحدي القراءة العربي على مستوى الامارات (فيديو)
  • بدء تنفيذ البرنامج العلاجي لتلاميذ الإبتدائي الضعاف من اليوم حتى 31 أغسطس|صور
  • القراءة والكتابة في مخيمات النزوح
  • تحدي القراءة العربي يتوّج أبطال دورته التاسعة في الإمارات الثلاثاء
  • تحدي القراءة العربي يتوج أبطال دورته الـ 9 في الإمارات بعد غد