أثير- مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري

من منّا لا يعرف ” حنظلة ” ومبتكره وراسمه الفنان الشهيد ناجي العلي..، فكلّنا بطرق متفاوتة لنا فكرة عنهما ..، وها إنّ فلسطين تخرج من قمقمها وتشير إلى الزخم الذي راكمته منذ النكبة إلى الآن ..فنبصر تاريخا استثنائيا ومجدا يكلّله النصر الأخير في غزة..، لذا وجب نفض الغبار عن أيقوناتها الرائعة .

.وإطلاع الجيل الجديد على محتوى هذا الفيض الملوّن بالدم والمقاومة ..، نعم آن لنا أن نحتفي برموزنا التي استشهدت من أجل الإبداع الحقيقي والفنّ العالي ..، اليوم أذّكركم وأذّكر نفسي بناجي العلي الذي صنع مجده وخلّف مئات الصور والرسوم الكاريكاتيرية تخلّد رحلته في الحياة ..وتخلّد خاصة نكبة العرب في فلسطين ومرحلة هامة من الكفاح المرّ ..فاتحة للنصر المبين إن شاء الله …

ولد “ناجي العلي” عام 1937 في قرية ” الشجرة ” بمنطقة الجليل، وفي عام 1948 نزح مع أسرته إلى جنوب لبنان، وعاش في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين..، تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس لبنان، والتحق بالأكاديمية اللبنانية عام 1960 ودرس الرسم فيها لمدة عام، وعمل في الصحافة متنقلا بين لبنان والكويت ولندن…
انقلبت حياته حين زار الكاتب الفلسطيني”غسان كنفاني” مخيم عين الحلوة وتعرّف عليه وشاهد رسوماته ونشر أحدها في العدد 88 من مجلة “الحرية” في 25 سبتمبر/أيلول 1961؛ لتبدأ رحلة ناجي في الصحف وتكون البوابة التي قدمته للجمهور..، وتقول السيرة أنّه استقبل غسان كنفاني بوصفه مشرفاً على معرض الأطفال لأنه مدرّسهم، وتوقف كنفاني أمام لوحة تمثّل خيمة على شكل هرم ترتفع من رأسه قبضة تطالب بالثأر والتصميم والنصر..، سأل كنفاني العلي عن صاحب اللوحة، فقال الأخير إنه صاحبها، ما دفع كنفاني الى مصافحته والشد على يده..، و لم يخرج كنفاني من مخيم عين الحلوة في تلك الليلة إلا وقد انداح الجدولان (هو والعلي) على بعضهما، وشكّلا جدولاً جديداً يصب في شواطئ فلسطين، وأخذ كنفاني “خيمة” العلي لينشرها في مجلة “الحرية”، وطلب منه مزيداً من الرسومات لنشرها، إلى أن صار الأخير يتردّد على المجلة من وقت الى آخر، وتوطدت الصداقة، ومعرفة سوء الحال، فحاول كنفاني أن يجد عملاً للعلي في الكويت، ثم رتّب له أن يعمل محرراً صحافياً في” الطليعة “…

عبر عن قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فرسم ساخرا من جميع الأنظمة، كما وصف حال المخيم الذي نشأ به، ومجزرة صبرا وشاتيلا، واجتياح لبنان وقصف المخيمات دون أن ينطق بكلمة واحدة..، رسم نحو 40 ألف كاريكاتير خلال حياته، أشهرها “فاطمة” رمزا للمرأة الفلسطينية القوية التي لا تهادن، و”الرجل الطيب” رمزا للفلسطيني المشرد المقهور والمناضل والمكسور أحيانا، و”حنظلة” وهو طفل يعقد يديه خلف ظهره وبقي رمزا للقضية الفلسطينية حتى يومنا هذا….

ولدتْ شخصية “حنظلة” في 5 يونيو/حزيران 1969 في جريدة “السياسة” الكويتية كرمز للفلسطيني، وأصبح “حنظلة” بمثابة توقيع ناجي العلي على كل رسوماته، وقد قال عنه ناجي علي :
” ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظلّ دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السنّ غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء، وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973، لأنّ المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مُطبعا ”
وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب:
” عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته..”
وكتب عنه سميح القاسم :
” حنظلة
كم هو شرير وفاضح
هذا الولد حنظلة
كم هو قاس هذا الولد ”

وكتبت عنه سلوى النعيمي في حنظلة العصفور الجريح
“أعشق حنظلة
أحييه كل صباح
وأرسم على امتداد ذراعيه قبلة ”
وكتب رشاد أبو شاور يقول :
هذا هو حنظلة في قرى فلسطين، على حيطان الوطن العربي، يخرج من تحت الخراب، من الدخان من النسيان أكثر جسارة وأبهى..، لم يمت حنظلة من الجوع، صمد في المخيم على كسرة خبز وأكل مما تنبت الأرض..، لم يمت في المنافي، فمال المنافي لم يكن هاجسه، لذا أدار ظهره دائماً للترف، وولّى وجهه إلى فلسطين ،أصبح حنظلة المرآة، إذاً، ضميراً جماعياً في ذاكرة الناس، وملأ الدنيا وشغل الناس، كما أصبح تساؤلاً ملحاً ورمزاً فاعلاً، في صمته وكلامه، في سكونه وحركته، في غنائه ولعبه….

في 22 يوليو/تموز1987 أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن، فأصابه ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس/آب 1987
رحم الله ناجي العَلي فقد أثبت أنّه رسام كاريكاتير فلسطيني مائة في المائة، كما ارتبط اسمه بشخصية “حنظلة”، صور القضية الفلسطينية في رسوماته واخترع شخصيات ما زالت حاضرة في ذاكرة كل عربي، فكان فدائيا بطريقته الخاصة حتى تسببت رسوماته بمقتله..، جزاه الله خيرا فقد ترك لنا ولمن سيأتي بعدنا ..آلاف الرسومات المخلّدة لجرحنا النازف ..الجاري تعافيه وشفاؤه ..، نعم واثق من قولي : إنّنا بشهدائنا وأحيائنا ماضون نحن النصر ..إمّا آجلا أو عاجلا …….

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: ناجی العلی

إقرأ أيضاً:

مات وهو جعان.. صرخة جدّة فلسطينية تودّع حفيدها تشعل التواصل الاجتماعي (شاهد)

"والله شهرين ما داق الخبز، ولا آكل شي، ولا ذاق الأكل، والله مات وهو جوعان.." بهذه الكلمات الموجعة، بكت جدّة فلسطينية بحرقة، إثر توديعها الأخير لحفيدها الصغير، الذي استشهد إثر استهداف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على خان يونس، المتواجدة بجنوب قطاع غزة المحاصر.

أضافت الجدّة المكلومة، ومن حولها من الأهالي بالقطاع المحاصر، الذي يعيش على إيقاع مأساة إنسانية لم تعد الكلمات قادرة على وصفها، بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم".

"شهرين ما داق الأكل مات وهو جعان".. صرخة فلسطينية خلال وداع حفيدها جراء استهداف في خان يونس جنوب قطاع غزة pic.twitter.com/qXr8yoJr7Y — الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) May 20, 2025
مقطع الجدّة وهي تصرخ بعلوّ صوتها إثر استشهاد حفيدها بالقول: "والله مات وهو جوعان.." عرف تفاعلا واسعا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بين من أعاد نشره على حساباته، وبين من تفاعل معه بتعليقات متعاطفة مع الشعب الفلسطيني، وخاصّة الغزّيين، ومندّدين بعدوان الاحتلال الإسرائيلي الأهوج المتواصل.

وفي السياق نفسه، أفادت مصادر طبية فلسطينية، فإن 13 شخصا، أغلبهم من النساء والأطفال، قد استشهدوا صباح اليوم، جراء قصف الاحتلال، لمنزل عائلة أبو سمرة، شرق مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة. فيما أبرزت مصادر فلسطينية، مُتفرٍّقة، أن 15 شخصا قد استشهدوا، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وأصيب آخرون، في قصف الاحتلال، لنازحين داخل محطة راضي للبترول، غرب المخيم.

وداع بلا رجعة، الألم الذي يمزق القلوب????????
لا يوجد أصعب من وداع أخٍ للمرة الأخيرة. شقيقان يودعان أخاهما الثالث، والدموع تسيل كالنار على القلوب، ما ذنب هؤلاء الصغار أن يخسروا من يحبون؟
لا تتجاهل من أجل الإنسانية لا تتوقف عن النشر ???? والمشاركة.????????#في_غزة_قتلت_الطفولة#غزة_تُباد pic.twitter.com/KMhwKrmgUB — ????????✌????????Hanan Al fashg حنان الفاشق (@han_moh7) May 10, 2025 يا لها من لحظة مؤثرة! بعدما أصرّ الاحتلال على منعهم من المغادرة، جثت سيدة فلسطينية ساجدة شكرًا، إثر سماحهم أخيرًا بسفر أحفادها المرضى لتلقي العلاج خارج قطاع غزة pic.twitter.com/EqT8ryuApA — Tamer | تامر (@tamerqdh) February 5, 2025
أيضا، ارتكب الاحتلال مجزرة عبر قصفه لمدرسة موسى بن نصير، التي تؤوي نازحين في حي الدرج، المتواجد في شرق مدينة غزة، وذلك عقب سلسلة من الغارات العنيفة التي تسببت في دمار كبير في المنطقة، إذ سقط 13 شهيدا في قصف المدرسة، وأصيب 10 آخرون، بعد استهدافهم بطائرتين انتحاريتين.


وفي مخيم جباليا، قد ارتكب الاحتلال كذلك مجزرة، بحق عائلة المقيد، بعد قصف مباشر استهدف منزلها، ما أسفر عن استشهاد 9 من أفراد العائلة، ناهيك عن فقدان آخرين.

إلى ذلك، منذ فجر اليوم الثلاثاء، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي عدّة مجازر وحشية، مُتتالية، في كل من شمال ووسط قطاع غزة المحاصرين، بعد قصفه مراكز إيواء للنازحين، ومنازل مأهولة بالسكان، جلّها موثّق بالصوت والصورة، وأمام مرأى العالم، وصمته، إلّا من احتتاجات صارخة لا تزال تجوب عدد من الدول عبر العالم، بينها عربية، من قبيل: اليمن والمغرب.

مقالات مشابهة

  • “بكداش” توضح: منتجاتنا في فلسطين المحتلة لا تمثلنا
  • ناجي عيسى
  • عبدالعزيز النهاري.. سيرة أكاديمية مضيئة وحضور إعلامي ناجح
  • بريطانيا وفرنسا وكندا: ملتزمون بالاعتراف بدولة فلسطينية
  • قامات وقيادات فكرية في «قمة الإعلام العربي 2025»
  • فرنسا تؤكد أن التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية “لن يتوقف”
  • رئيس الوزراء الفرنسي: التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية لن يتوقف
  • إمام وخطيب مسجد العلي العظيم يوضح الخطوات التي يحتاجها الإنسان للتحصين من الحسد
  • مات وهو جعان.. صرخة جدّة فلسطينية تودّع حفيدها تشعل التواصل الاجتماعي (شاهد)
  • مصادر طبية فلسطينية: أكثر من 50 شهيدا ضحية للعدوان على غزة فجر اليوم