عندما بدأت روسيا هجومها على أوكرانيا في فبراير(شباط) 2022، دخلت السياسة التنافسية في كييف حالة سبات، إلا أنها عادت مع انخفاض التهديد الوجودي لأوكرانيا في وقت لاحق من ذلك العام، وهو ما تستغله موسكو بشكل فعال كما تقول مجلة "إيكونومست".

ونقلت المجلة البريطانية عن النائب الأوكراني المعارض ياروسلاف زيليجنياك، إنه لا يزال هناك "اتفاق واسع" بشأن المسائل الأساسية للأمن القومي للبلاد"، لكن نائباً بارزاً في حزب الرئيس نفسه يقول إن التدافع جعل أوكرانيا بالفعل "بلد غير مستقر"، مؤكداً أن "الأخطاء ترتكب من جميع الجهات، والمحاولات الرئاسية لمركزية صنع القرار وإيقاف المعارضة لها تأثير معاكس".

وبحسب التقرير، فقد ظهرت التصدعات في أوكرانيا ليس على أسس سياسية فحسب، بل على نحو أكثر إثارة للقلق، بين القيادتين العسكرية والسياسية، وهو ما يظهر جلياً في العلاقة بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي والقائد العام العسكري الجنرال فاليري زالوجني التي كما يبدو "ليست على ما يرام".

وتم الإبلاغ عن الاختلافات في الرأي لأول مرة في صيف العام الماضي. وقد أدت مقابلة صريحة أجرتها "إيكونوميست" حديثاً مع الجنرال، والتي أعلن فيها أن الحرب في أوكرانيا قد وصلت إلى طريق مسدود، إلى فتح هذا الصراع، إذ وبخ زيلينسكي علنا جنراله، وفي مقابلة لاحقة بدا أنه يحذر زالوجني من الخروج عن الشؤون العسكرية.

من المسؤول عن الفشل؟

ويشير مصدر حكومي كبير إلى أن الصراع المفتوح في القيادة كان "نتيجة متوقعة لعملية هجومية مضادة متوقفة لم يتم التخطيط لها بشكل فعال".

ويقول المسؤول إنه "ربما كان من غير الحكمة أن يتناقض زالوجني مع المواقف العامة الأكثر تفاؤلا لرئيسه، لكن قلة من داخل الحكومة يمكن أن يتجادل مع استنتاجاته الرصينة. لعبة اللوم جارية الآن حول من هو المسؤول عن الفشل. السياسيون يقولون جنرالاتهم هم الحمقى. والجنرالات يقولون إن السياسيين هم الحمقى".

وتقول المجلة إن ثمة عامل آخر في الأزمة وهو التحقيق الجنائي المبلغ عنه في الدفاع عن جنوب أوكرانيا. إذ كانت هذه هي المنطقة الوحيدة التي تمكنت فيها القوات الروسية من تحقيق نصر سريع ومهم للغاية في فبراير (شباط) ومارس (آذار) من عام 2022، مما أدى إلى إنشاء ممر بري جديد إلى شبه جزيرة القرم في غضون أسابيع قليلة.

Ukraine commander-in-chief of armed forces Gen. Zaluzhny with a tough dose of reality: “Just like in the first world war we have reached the level of technology that puts us into a stalemate… There will most likely be no deep and beautiful breakthrough.” https://t.co/wpCf6RmJf4

— Christopher Miller (@ChristopherJM) November 1, 2023

ولكن، لم يتم تفجير الجسور كما كان ينبغي، والجيش أيضا كان غير مستعد. وتقول بعض التقارير إن زالوجني يدعى حالياً فقط كشاهد على التحقيق، لكن هذا قد يتحول إلى شيء أكثر خطورة. ويقول الحلفاء إن احتمال توجيه تهمة جنائية له لإبقائه خارج المشهد، ويمكن النظر إلى مشاركته الإعلامية على أنها "بوليصة تأمين"، بحسب ما يقترح مصدر في هيئة الأركان العامة.

زيلينسكي في خطر

ولم يعلن زالوجني عن أي طموحات سياسية، رغم أن خطواته القليلة في الساحة السياسية كانت ماهرة.

وبحسب التقرير، فهذا لا يعني أنه لا يشكل أي تهديد لزيلينسكي. يعرف الرئيس الذي كان مؤد كوميدي مدى السرعة التي يمكن للمجتمع الأوكراني أن يصنع بها قادته ويدفنهم.

وتشير استطلاعات الرأي الداخلية التي اطلعت عليها "إيكونوميست" إلى أن الرئيس، الذي تم الإشادة به مرة واحدة لدوره في الدفاع عن البلاد، قد تشوهت سمعته بسبب فضائح الفساد في حكومته والقلق بشأن اتجاه البلاد. وتظهر الأرقام، التي تعود إلى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن الثقة في الرئيس انخفضت إلى صافي 32%، أي أقل من نصف ثقة الجنرال زالوجني (70%).

وتشير استطلاعات الرأي نفسها إلى أن زيلينسكي يخاطر بخسارة انتخابات رئاسية إذا ما ذهب وجها لوجه مع قائده العام.

وفي الوقت الحالي، يعارض 8 من أصل 10أوكرانيين فكرة إجراء الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها في الأصل في مارس (آذار) المقبل. كما استبعدهم الرئيس، مستشهداً بالأحكام العرفية. لكن الانجراف الهبوطي لتصنيفاته قد يقنعه بتغيير رأيه. 

روسيا تستغل الأزمة

وتقول مصادر استخباراتية أوكرانية إن روسيا تحاول بالفعل الاستفادة من الطموحات والتوترات.

وادعى المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية أندريه تشيرنياك، أن هناك أدلة أظهرت استراتيجيات روسية جديدة لمختلف الدوائر الانتخابية: واحدة للدعم في روسيا، وأخرى لتقويض الثقة في الغرب، وثالثة لتضخيم المظالم في أوكرانيا.

وهناك حملة تضليل منفصلة للجنود الأوكرانيين، بحسب تشيرنياك، حيث تظهر مقاطع فيديو مزيفة قادة من مختلف المستويات يشجعون مرؤوسيهم على الاستسلام.

وأضاف "لم تتمكن روسيا من القيام بما يتعين عليها القيام به في ساحة المعركة، لكنها تحقق نجاحا حقيقيا هنا".

ويشير المصدر الحكومي الكبير إلى أن الدعاية الروسية اكتسبت قوة جذب لأنها تمتلك مواداً للعب بها، مثل الفساد "بعض سياسيينا لا يقلقون بما فيه الكفاية بشأن التهديد الروسي، وهذا يجعلني غاضبا. يعتقدون أنهم يستطيعون تحدي السلطة، وتدمير زيلينسكي، لكن ذلك لن يأتي بأي نتيجة". وأضاف أن "الأجهزة الأمنية قضت فعليا على معظم أدوات النفوذ الروسي منذ بداية الحرب.. لكن العثرات الآن الأوكرانيين أنفسهم".

وعلى الخطوط الأمامية، تتمتع روسيا بفترة جيدة نسبياً من الحرب. إنهم يلبون الكثير من احتياجاتهم من القوى العاملة من خلال التجنيد من الفقراء والمساجين. في المقابل، تكافح أوكرانيا من أجل التعبئة من عامة السكان. ويتم تجنيد زعماء الجيش على مستوى يغطي الخسائر الطبيعية على خط المواجهة. ولكن إذا كانت غالبية أولئك الذين تم حشدهم في بداية الحرب يعرفون ما كانوا يقاتلون من أجله، فإن القليل من المجندين الجدد على استعداد لمعرفة ذلك. ومن غير المرجح أن تساعد التوترات السياسية تلك العملية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية روسيا أوكرانيا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الكرملين يعلق على انتقادات ترامب ورفض أوروبي لنزع سلاح أوكرانيا

أعلنت الرئاسة الروسية (الكرملين) اليوم الأربعاء أنه يتعامل بـ"هدوء" مع الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين واتهمه فيها بالتفوه "بكثير من الترهات" بشأن أوكرانيا، وأن موسكو تعتزم مواصلة حوارها مع واشنطن.

كما أكد أن لدى الولايات المتحدة رغبة في تسريع تسوية الصراع الأوكراني "لكن ذلك لا يمكن أن يتم فورا".

وقال إن روسيا تنتظر من أوكرانيا مقترحات بشأن الجولة الثالثة للمفاوضات، مشيرا إلى أن هذا الأمر يصب في مصلحتها لتغيير الوضع على الجبهة.

وشدد على أنه رغم قرار واشنطن استئناف إمدادات السلاح لكييف فإن موسكو تتوقع من الرئيس ترامب مواصلة الجهود لحل الصراع مع أوكرانيا، وتواصل الحوار مع واشنطن بشأن إصلاح العلاقات الثنائية "المتدهورة".

وقال ترامب أمس الثلاثاء إنه وافق على إرسال أسلحة دفاعية أميركية إلى أوكرانيا ويدرس فرض عقوبات إضافية على روسيا، في مؤشر واضح على إحباطه من سياسات بوتين.

وتعهد ترامب حينما كان مرشحا للرئاسة بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون يوم واحد، لكنه لم يتمكن من الوفاء بهذا الوعد، ولم تسفر جهود إدارته للتوسط في السلام عن شيء أيضا.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس اليوم عن مصدر -لم تسمه- قوله إن ترامب فوجئ بإعلان وزارة الدفاع (البنتاغون) وقف نقل الأسلحة إلى أوكرانيا، مؤكدا أن وزير الدفاع بيت هيغسيث قدّم للرئيس تقييما لشحنات المساعدات العسكرية والمخزونات الحالية.

خط أحمر

من ناحية أخرى، قال وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان لوكورنو اليوم إن نزع سلاح أوكرانيا -وهو من الشروط التي وضعتها روسيا لإنهاء الحرب- يمثل "خطا أحمر مطلقا" بالنسبة إلى الأوروبيين.

وأضاف لوكورنو -في مقابلة مع مجلة "فالور أكتويل" الفرنسية الأسبوعية- عشية اجتماع جديد يعقده "تحالف الراغبين" المؤلف من نحو 30 دولة متحالفة مع أوكرانيا "خطنا الأحمر المطلق هو نزع سلاح أوكرانيا".

إعلان

وقال "يجب أن تكون منسجمين مع أنفسنا، لا يمكننا رفض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفي الوقت نفسه القبول بأن تُحرم من جيشها".

وأضاف "يجب أن يكون بمقدور الأوكرانيين ضمان أمنهم، وهذه مسألة أساسية، لأنه في حال العكس فإنني لا أرى أي ضمان لأمن الدول المجاورة".

هجوم واسع

ميدانيا، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية اليوم أن روسيا أطلقت 728 طائرة مسيّرة -وهو عدد غير مسبوق- و13 صاروخا على أوكرانيا، مضيفة أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 718 طائرة مسيّرة و7 صواريخ.

كما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها سيطرت على قرية تولستوي في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.

وأضافت الوزارة أن القوات الروسية قصفت مطارات عسكرية أوكرانية في هجمات خلال الليل.

كما أشارت إلى أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 86 مسيّرة أوكرانية كانت تستهدف مناطق روسية، بينها مقاطعة موسكو، ودمرت 4 صواريخ هيمارس و226 مسيّرة أوكرانية خلال الـ24 ساعة الأخيرة.

وقال حاكم مقاطعة كورسك الروسية إن 3 مدنيين قتلوا وجُرح 6 آخرون -بينهم طفل- جراء هجوم بمسيّرة أوكرانية على متنزه في مدينة كورسك.

يشار إلى أن روسيا تشن منذ 24 فبراير/شباط 2022 هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، أبرزها حلف الناتو، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يؤكد استئناف إمدادات الأسلحة الأمريكية.. ومبعوث ترامب يزور كييف
  • زيلينسكي: استئناف تسليم أسلحة من أميركا إلى أوكرانيا
  • زيلينسكي: جميع الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا استؤنفت
  • زيلينسكي يعلن استئناف شحنات الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا
  • الكرملين ينتقد خطة ماكرون بشأن أوكرانيا.. وباريس تتهم روسيا بـ "توسيع أنشطتها العسكرية"
  • الكرملين يرفض مقترحات السلام التي تتضمن قوات حفظ سلام في أوكرانيا
  • الكرملين: وجود قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا غير مقبول
  • الكرملين ينفي تعثر عملية السلام في أوكرانيا
  • روسيا تكثف قصف كييف بالصواريخ والمسيرات
  • الكرملين يعلق على انتقادات ترامب ورفض أوروبي لنزع سلاح أوكرانيا