"النظام على حبل مشدود، وسيكون من الصعب الهبوط بسلام"، هكذا لخصت مجلة "فورين بوليسي" المأزق الذي يعيشه الأردن بسبب الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة وتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة.

والأردن، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، هو ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل، حيث يتلقى 1.45 مليار دولار سنويا، ويثير اعتماد المملكة الهاشمية على واشنطن بهذا الشكل تحديات داخلية متصاعدة،  وتفتح أسئلة محرجة حول ما يفعله الأردن كنظام ملكي موالي للغرب، كما تقول المجلة.

ومع نزوح 1.7 مليون فلسطيني – أكثر من نصف سكان غزة – داخل القطاع المحاصر، وتصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، تتزايد المخاوف من موجة أخرى من اللاجئين نحو الأردن.

وأمام ذلك قال ملك الأردن عبدالله الثاني إن طرد الفلسطينيين سيكون "خطا أحمر".

وحذر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة من أن النزوح سيكون بمثابة "إعلان حرب"، وأعلن أن الجيش الأردني يعزز وجوده على طول حدوده.

اقرأ أيضاً

في ثاني هجوم خلال ساعات.. إصابة جنديين إسرائيليين في غور الأردن

ضغط شعبي قوي

وما زاد من الضغط على النظام الأردني، بحسب المجلة، هو الموقف الشعبي القوي الذي تجلى في تظاهرات أسبوعية وشبه يومية منددة بالعلاقات الأدرنية الإسرائيلية، ومطالبة بقطعها.

وقد حاول المتظاهرون اقتحام السفارة الإسرائيلية واقتربوا من سفارات أوروبية والولايات المتحدة، لكن السلطات قمعتهم ونفذت حملات اعتقالات.

واستمرت المظاهرات في الأردن على مدى أكثر من شهر، لتجبر النظام على اتخاذ قرار قوي لتهدئة  الغضب الشعبي، مثل سحب سفير البلاد من تل أبيب والطلب من السفير الإسرائيلي عدم العودة لعمان.

كما ألغى الملك عبدالله لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد قصف المتشفى الأهلي المعمداني في غزة.

وبعد يوم من غارة جوية إسرائيلية أدت إلى إصابة سبعة موظفين في مستشفى ميداني أردني في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الصفدي أن الأردن لن يوقع صفقة لتوفير الطاقة الشمسية لإسرائيل مقابل المياه المحلاة.

اقرأ أيضاً

الأردن وقواعد الاشتباك الجديدة

المياه مقابل الطاقة

كان المتظاهرون الأردنيون يضغطون على حكومتهم لإلغاء صفقة المياه مقابل الطاقة منذ الإعلان عنها في عام 2021. وقد حثت حملة شعبية تسمى "أنا لا أدفع" الأردنيين على مقاطعة فواتير الكهرباء والماء احتجاجًا على الصفقات مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق عام 2016 الذي وافقت بموجبه الحكومة الأردنية - بعيداً عن التدقيق البرلماني أو العام - على دفع 10 مليارات دولار لإسرائيل مقابل إمدادات الغاز على مدى 15 عاماً.

ولكن مع قيام إسرائيل بقطع المياه والوقود والكهرباء عن غزة، زاد قلق العديد من الأردنيين بشأن مخاطر منح إسرائيل السيطرة على قطاع رئيسي. وظهر المثل العربي "الدم لا يصبح ماء" - على غرار عبارة "الدم أكثر سمكا من الماء" باللغة الإنجليزية - على اللافتات والملصقات في جميع أنحاء عمان للتنديد بالصفقة باعتبارها خيانة للقضية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً

مسيرات حاشدة في الأردن وإيران دعما للمقاومة وتنديدا بالاحتلال

العلاقات الأردنية الإسرائيلية

وتقول المجلة إن الأردن أقام علاقات مع دولة الاحتلال بعد اتفاق وادي عربة في عام 1994.

ومنذ ذلك الحين، وقع البلدان على العديد من اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي، بما في ذلك صفقة عام 2016 التي تقضي بأن يستورد الأردن الغاز الإسرائيلي.

وكانت العلاقات متوترة دائما، لكنها ساءت في السنوات الأخيرة وسط استمرار إسرائيل في انتهاك حقوق الفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى في القدس، والذي يديره الأردن.

ولا تحظى علاقة النظام الملكي بإسرائيل بشعبية كبيرة بين الأردنيين، حيث يشعر الكثير منهم أن الشراكة تخدم النخبة الأردنية في المقام الأول.

وتنقل المجلة عن طارق التل، خبير الاقتصاد السياسي الأردني الذي يدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت، قوله: "لم يستفد الأمر من السكان بشكل عام".

ويرى العديد من الأردنيين أن التطبيع مع إسرائيل وسياسة النظام الملكي المتحالفة مع الولايات المتحدة مرتبطان بالإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية وسياسات التقشف التي أضعفت الحماية الاجتماعية.

اقرأ أيضاً

هل سيدفع الأردن الثمن؟

التواجد الأمريكي في الأردن

وبينما ترسل واشنطن سفنا حربية وطائرات مقاتلة إلى الشرق الأوسط لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، يطالب العديد من المتظاهرين بإنهاء التعاون العسكري الأردني مع الولايات المتحدة.

وفي عام 2021، سمحت اتفاقية الدفاع الأمريكية الأردنية للقوات والطائرات والمركبات الأمريكية بالدخول المجاني إلى الأراضي الأردنية، ومنحت ما يقدر بنحو 3000 جندي أمريكي متمركزين في قواعد في البلاد حصانة من المحاكم الأردنية.

وترى جيليان شويدلر، عالمة السياسة في كلية هانتر بجامعة مدينة نيويورك، أن اعتماد الملكية الأردنية على الأموال الأمريكية يعني أنه من غير المرجح أن تخاطر بالعلاقات الثنائية.، وقالت: "سوف يعبرون عن غضبهم لكنهم لن يعرضوا العلاقة للخطر".

وتختم المجلة بالقول إن هناك خطاب قومي شعبي متماسك في الأردن حاليا إزاء ما يحدث في غزة قادر على التغلب على الانقسام الطائفي الذي يلعب عليه النظام عادة، ووفقا لذلك، فإن استمرار السلطات في العمل دون أخذ الرأي العام في الاعتبار "قد يشكل خطرا على النظام الحالي".

المصدر | مارتا فيدال / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة الأردن الجماهير الأردنية اقرأ أیضا فی الأردن العدید من

إقرأ أيضاً:

من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟

غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.

وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".

وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.

وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.

مسيرة قيادية

ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.

حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.

وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في  كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.

إعلان

وفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.

كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025

تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.

وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.

ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.

واقع أمني جديد

وأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.

ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".

ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.

وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.

إعلان

وفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.

ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".

مقالات مشابهة

  • الأردن يدين الهجوم الذي وقع في أستراليا
  • حاتم عقل: «الجوهري» سبب نجاح الكرة الأردنية ووصول المنتخب لكأس العالم
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • حاتم عقل: حظيت بتكريم رسمي كأكثر لاعب خاض مباريات في تاريخ الدوري الأردني
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • الاتحاد الأردني يعلن إصابة يزن النعيمات بقطع في الرباط الصليبي
  • رسميًا الاتحاد الأردني يعلن إصابة يزن النعيمات بقطع في الرباط الصليبي
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • المؤتمر الأردني-الروماني الطبي يعزز الشراكة الأكاديمية والتدريبية بين البلدين