جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-15@00:03:34 GMT

تحول رقمي أم "توطين" للبيروقراطية؟!

تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT

تحول رقمي أم 'توطين' للبيروقراطية؟!

 

د. عبدالعزيز بن محمد الصوافي **

في الوقت الذي تتسابق فيه شعارات "الحكومة الإلكترونية" و"التحول الرقمي" لتتصدر واجهاتنا الإعلامية، يصطدم المواطن عند أول احتكاك حكومي واقعي بحقيقة مؤلمة: التقنية حضرت كأجهزة، وغابت كثقافة مؤسساتية.

من المفارقات العجيبة في عصر البيانات السحابية والربط الإلكتروني، أن يُطلب من المراجع إرفاق "صورة من الهوية"، أو "شهادة الميلاد"، أو حتى "توقيع شيخ القبيلة"! هذه الطلبات ليست مجرد أعباء إدارية، بل هي دليل صارخ على غياب الربط الإلكتروني الحقيقي بين المؤسسات.

فكيف لحكومة تمتلك قاعدة بيانات مركزية أن تطلب من المواطن إثبات هويته أو تاريخ ميلاده بأوراق هي من أصدرتها في الأصل؟!

إن الخطر الحقيقي لهذه العقلية الورقية التقليدية لا يتوقف عند إهدار وقت المواطن واختبار صبره، بل يمتد ليضرب العصب الاقتصادي. فالمستثمر الأجنبي، ورائد الأعمال المحلي، لا يملكون ترف الانتظار في طوابير الموافقات العقيمة. رأس المال لا يبحث فقط عن الفرصة، بل يبحث عن السرعة والسهولة.

عندما تكون الإجراءات في الدول المجاورة تتم بـ "نقرة زر"، بينما لا تزال لدينا رهينة "الأختام" و"المستندات الورقية" و"مكاتب سند" و"إجازة المدير المخول بالتوقيع" ... إلخ، فإننا نصنع بيئة طاردة للاستثمار بامتياز. الاستفادة من التجارب الدولية في "هندسة الإجراءات" (Re-engineering) ليست ترفًا، بل ضرورة لبقائنا على خارطة التنافسية. نحن لا نحتاج إلى أتمتة البيروقراطية القديمة، بل نحتاج إلى نسفها لكي لا يهرب المستثمر إلى جهات أخرى منافسة حيث تُنجز معاملته قبل أن يُنهي قهوته.

وختامًا.. إن ما حققته شرطة عُمان السلطانية من نقلة نوعية في سرعة وسهولة إنجاز المعاملات يُعد دليلًا دامغًا على قدرتنا المحلية على صنع الفارق، وإثباتًا بأن التحول الإلكتروني لدينا يمكن أن يكون واقعًا ملموسًا لا مجرد شعارات، متى ما توافرت الإرادة الإدارية.

** باحث أكاديمي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نادي الصيادلة يدعو إلى مؤتمر عربي "صناعي _ علمي" لدعم توطين صناعة الدواء

تمثل صناعة الدواء أحد أعمدة الأمن القومي الشامل، ليس فقط باعتبارها ركيزة للصحة العامة، بل كقطاع استثماري استراتيجي قادر على تعميق التصنيع المحلي، ونقل التكنولوجيا، وتعزيز الميزان التجاري، وخلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني. 

نادي صيادلة مصر يطلق مبادرة "الصيدلي لأخيه الصيدلي" الصيادلة: تعزيز صادرات الأدوية والمكملات الغذائية طريق الدول نحو القوة الصناعية والاقتصادية

ومن هذا المنطلق، تأتي صناعة الدواء في صميم رؤية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مصر 2030، التي تستهدف بناء اقتصاد إنتاجي تنافسي قائم على المعرفة والتكنولوجيا لبناء دولة صناعية حديثة.

وانطلاقًا من هذه الرؤية الوطنية، يؤكد نادي صيادلة مصر أن المرحلة الراهنة تفرض الانتقال من نموذج الاكتفاء المحلي إلى قيادة إقليمية عربية في ملف الدواء، تجعل من مصر مركزًا محوريًا للتصنيع والتصدير والتكامل الصناعي الدوائي.

قال الدكتور محمد عصمت، رئيس نادي صيادلة مصر، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصيادلة العرب، إن مصر تمتلك مقومات فريدة تؤهلها لتكون قلب الصناعة الدوائية العربية، حيث يجتمع السوق الكبير، والكوادر البشرية المؤهلة، والبنية الصناعية القائمة، مع إرادة سياسية داعمة للتوطين والتصنيع. 

وأضاف الدكتور محمد عصمت، أن تنظيم مؤتمر عربي متخصص في صناعة الدواء يُعد خطوة عملية لتحويل هذه المقومات إلى فرص استثمارية مباشرة في عدة مسارات حيوية، لتعميق الاستثمار في التصنيع الدوائي، والمساهمة في جذب استثمارات عربية ودولية، وذلك  لإنشاء مصانع أدوية نهائية داخل مصر، وخطوط تصنيع مشترك (CMO / Toll Manufacturing)، والتوسعات الإنتاجية للشركات القائمة، بما يدعم زيادة الصادرات وتقليل الواردات، بالإضافة إلى توطين صناعة المواد الخام والمكونات الفعالة.

وأكد الدكتور محمد عصمت، أن الاعتماد على استيراد المواد الخام الدوائية (API) يعتبر من أبرز التحديات التي تواجه الصناعة، ويتيح المؤتمر فتح شراكات عربية لإنشاء مصانع لإنتاج المواد الخام الدوائية، وصناعات وسيطة لمكونات المنتج الدوائي، ومجمعات صناعية متكاملة تقلل الفجوة الاستيرادية وتدعم الأمن الدوائي.

أوضح الدكتور محمد عصمت، أن تطوير الصناعات المغذية والتكامل الصناعي، لا يقتصر على المنتج النهائي، بل يشمل منظومة واسعة من الصناعات الداعمة، من بينها التعبئة والتغليف الدوائي المتخصص، ومستلزمات الإنتاج والمواد المساعدة، والآلات والمعدات والتكنولوجيا الدوائية، ويمثل المؤتمر منصة لربط هذه الصناعات بسلاسل القيمة الإقليمية، بما يعزز القيمة المضافة المحلية.

وشدد على ضرورة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات الدوائية، مشيرًا إلى أن رؤية مصر 2030 تسعى إلى التحول الرقمي كأحد محركات النمو. وفي هذا الإطار، يفتح المؤتمر المجال للاستثمار في نظم التسجيل الدوائي الرقمية، وقواعد بيانات الجودة والتتبع الدوائي، والذكاء الاصطناعي في البحث والتطوير، ونظم إدارة سلاسل الإمداد الدوائي. بما يضع مصر في موقع الريادة في الصحة الرقمية الدوائية على المستوى العربي.

أكد أن احتضان مصر لمؤتمر عربي صناعي–علمي في مجال الدواء يحقق جملة من المكاسب الاستراتيجية، من أبرزها تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للتصنيع الدوائي، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وفتح أسواق تصديرية عربية جديدة أمام المنتج المصري، ودعم ميزان المدفوعات وتقليل الضغط على العملة الأجنبية، وخلق فرص عمل نوعية للشباب من الصيادلة والمهندسين والباحثين، والتكامل العلمي ودور كليات الصيدلة، مشيرًا إلى أن الصناعة لا تنفصل عن العلم، ومن هنا يؤكد نادي صيادلة مصر أهمية أن يكون المؤتمر صناعيًا علميًا في آن واحد، عبر تعزيز التعاون بين كليات الصيدلة في الوطن العربي، وربط البحث العلمي باحتياجات الصناعة، ودعم برامج التدريب والتبادل الأكاديمي، وتطوير مناهج تعليمية مواكبة لمتطلبات سوق العمل الدوائي.

وانطلاقًا من رؤية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبناء دولة صناعية حديثة، يدعو نادي صيادلة مصر إلى عقد مؤتمر عربي صناعي–علمي لدعم صناعة الدواء، يكون منصة جامعة للحكومات، والهيئات التنظيمية، والمستثمرين، والشركات، والمؤسسات الأكاديمية، لفتح آفاق جديدة للتعاون الدوائي العربي، ووضع أسس عملية لتوطين الصناعة وبناء مستقبل دوائي عربي مستدام.

 

مقالات مشابهة

  • المنصات العائمة تحول بنيوي لمصادر النفط والغاز بدأ عام 1897
  • أكثر من مجرد سعرات حرارية!.. كيف تحول الوجبات السريعة الجسم إلى بيئة ملتهبة؟
  • توطين 7 مشروعات في "نزوى الصناعية" باستثمارات 12 مليون ريال
  • التوسع في استخدام وسائل الدفع الإلكتروني داخل النيابات
  • نادي الصيادلة يدعو إلى مؤتمر عربي "صناعي _ علمي" لدعم توطين صناعة الدواء
  • منظمة الصحة تطلق مكتبة تضم 1.6 مليون كتاب رقمي في الطب التقليدي
  • توطين 7 مشروعات في مدينة نزوى الصناعية بقيمة 12 مليون ريال
  • إشادة أممية بتسارع جهود توطين الصناعة في سلطنة عُمان
  • الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة