انهيار مفاوضات جدة يضع السودان على شفا «البند السابع»
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
وجه طرفا النزاع في السودان، ضربة جديدة لأمال السودانيين في إنهاء الحرب المدمرة في بلادهم، بعدما أعلن الوسطاء تعليق مفاوضات الجيش والدعم السريع –غير المباشرة- في جدة السعودية.
الخرطوم _ التغيير
وسرت أنباء عن توصل الفرقاء في جدة لتوافقات بشأن إجراءات تعزيز الثقة، ما قاد إلى تسرب الأمل في نفوس الأهالي –هذه المرة- بإمكانية انتهاء الجولة الأخيرة بإعلان لوقف إطلاق النار بشكلٍ دائم، ما يقود لاستئناف بعضاً من مظاهر الحياة المتوقفة لزهاء التسعة أشهر.
وكشفت حصائل حديثة عن تبعات الحرب، عن ارتقاء ما يزيد عن 12 ألف مدني، وتشريد ما يربو على 6.5 مليون عن منازلهم، مع توسع رقعتها لتشمل مدناً وأقاليم جديدة، كل ذلك بالتزامن مع دمار غير مسبوق لمشروعات البنى التحتية.
وأعلن الوساطة العربية – الغربية، عن تعليق أعمال المنبر، بعد فشل الطرفين في إحراز أيّ تقدم، بل وسط أنباء عن حالات نكوص عن التوافقات السابقة.
ولتكتمل قتامة المشهد، جاء الانهيار بالتزامن مع الإعلان عن إنهاء تفويض البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، وهو أمراً وجد ترحيباً كبيراً في المعسكر الداعم للحرب.
وكالعادة، تبادل الطرفان الاتهامات بشأن المسؤولية عن انهيار المنبر، إذ يقول الجيش إن الدعم السريع تمنع عن الخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بجانب إصراره على إقامة نقاط ارتكاز عسكرية في العاصمة مع إبقاء عناصره المسلحة تجوب المدينة.
في المقابل، تعترض قوات الدعم السريع على تراجع الجيش عن تعهداته بتوقيف قادة النظام البائد الموقوفين على ذمة قضايا، وفي مقدمتهم نائب المخلوع، علي عثمان طه، والأمين العام للحركة الإسلامية المحلولة علي كرتي، وأحمد هارون المطلوب مع البشير وآخرين عند قضاة المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في الفترة من 2003 – 2008.
وتشمل لائحة اعتراضات الدعم السريع على الجيش، ما يصفه باستمرار التصعيد الإعلامي، بجانب إصراره على عدم إدخال المساعدات الإنسانية لدارفور وكردفان عبر مطارات الإقليمين.
سر التعنت
وتحسرت القوى المدنية الداعمة للديموقراطية، من انهيار منبر جدة، لكونه يعني بالضرورة تفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية وارتفاع كلفة فاتورة الحرب.
وفي الصدد، ألقى حزب الأمة القومي، في بيان باللائمة على من أسماه (الطرف المتشدد) بالوقوف وراء انهيار الجولة.
وقال الباحث في الشؤون العسكرية، المقدم (م) أحمد فضل المولى، إن الجيش يظهر موقفاً متشدداً في المفاوضات على الرغم من تقهقهره في الميدان.
واستدل بتقرير مجلة الإكونوميست القائل: “هناك عدم تطابق صارخ بين ضعف الموقف العسكري للقوات المسلحة السودانية وموقفها التفاوضي المثير للسخرية”.
وعزا في حديثه مع (التغيير الإلكترونية) موقف الجيش لما وصفه بوقوع قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، في براثن الإسلاميين، والإنابة عنهم في خوض معركتهم المؤجلة الوجودية ضد قوات الدعم السريع احتجاجاً على أدوار القوات في الإطاحة بالبشير في 2019.
وقال فضل المولى إنه من الغريب أن تظهر قوات الدعم السريع الموصوفة بشبه العسكرية مرونةً تفاوضية على الرغم من سيطرتها على معظم الخرطوم وغالبية إقليم دارفور، وأجزاء غير قليلة من كردفان.
وحثّ قادة الجيش من باب المسؤولية على وقف التصريحات المؤيدة للحرب، والاستجابة لصوت العقل والمنطق، مع تقديم التنازلات الكفيلة بإنهاء أزمة الأهالي التي وصلت حد وضعهم عند في خيام النزوح، وعلى تخوم المجاعة.
رأي مغاير
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي، مجاهد حسب الله، أنّ الدعم السريع وراء انهيار جولات المفاوضات السابقة من خلال استمراره في الانتهاكات، واحتلال بيوت المواطنين، علاوة على تمسكه بالاحتفاظ بقواته المنفلتة -على حد قوله- في قلب المدن.
وقال لـ(التغيير الإلكترونية) إن مليشيا الدعم السريع الممتعضة مما يصفه تصريحات قادة الجيش، تمارس العدائيات علانيةً بالتزامن مع جولات التفاوض بالانفتاح على المناطق الآمنة، وترويع أهلها، وسلب ممتلكاتهم بطرق غاية في الهمجية والبربرية.
ولفت إلى أن الجيش في الحرب الحالية وإن لم يكن يعبر عن جميع السودانيين، فإنه يعبر على الأقل عن السواد الأعظم منهم، خاصة سكان الخرطوم ودارفور الذين فر معظمهم هرباً من تفلت عناصره، ما يعني إن مواقفه في التفاوض تتأسس على رغبة المنكوبين بعودة آمنة إلى ديارهم.
وشدد على أن حرص المليشيا –حد تعبيره- على وضع نصوص تحفظ بقائها وسط المدنيين، يدفع الجيش للمضي قدماً في الخيار العسكري كونه الأمثل في هذه الحالة لحفظ أرواح المواطنين.
وختم حسب الله، ما يسميه زهد الدعم السريع في إنهاء الحرب عبر التفاوض، بإرسال مفاوضين ضعاف الخبرة والحيلة إلى جدة.
وتابع: يستمر الغياب المحير للجنرال محمد حمدان دقلو حميدتي، وأخوه غير الشقيق عبد الرحيم المشمول بعقوبات الخزانة الأمريكية، فيما يظهر (أولاد صغار) تعوزهم الإرادة والخبرة في المنبر، نزولاً عند توصيف المستشار توت قلواك.
النتائج
السؤال الأهم الذي يحتاج لإجابة حاسمة بعد الإعلان عن انهيار المفاوضات، هو الخاص بـ: إلى أين تمضي الأوضاع؟
نبتدر ذلك بالمحلل مجاهد حسب الله، الذي يقول إن خيار الحسم العسكري بات الأكثر رجاحةً وموضوعيةً، حيث سيلجأ الجيش مضطراً لاستخدام أقصى درجات العنف والقوة، مدعوماً بما وصفه بالرأي الشعبي الذي ملَّ من اتخاذ المليشيا للمفاوضات فرصة لإطالة أمد الأزمة، وكسب أراضٍ جديدة، مع زيادة تسليحها وعتادها الحربي.
في الضفة الموازية، يرى أحمد فضل المولى، إن الأمور ناحية إلى تدخل دولي سافر في الشأن السوداني، يعزز من ذلك تأكد الوسطاء بزهد الطرفين في الوصول إلى تسوية سياسية، وتفاقم الأزمة في السودان بدرجة تهدد الأمن والسلم الإقليميين، وليس نهاية باستمرار حكومة الأمر في إظهار عدائها للكيانات الدولية.
وعبر عن دهشته مما وصفه بحالة السعادة التي اجتاحت من نعتهم بنافخي كير الحرب من إنهاء تفويض بعثة (يونيتامس) والتصريح بأن ذلك انتصار صريح لسلطة الانقلاب.
وقال إن ذلك يعني أمراً واحداً هو قرب استخدام مجلس الأمن للبند السابع، لفرض الأمن في السودان، بالقوة.
الوسومأمريكا إنهيار البند السابع السعودية الوساطة جدة مفاوضاتالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا إنهيار البند السابع السعودية الوساطة جدة مفاوضات
إقرأ أيضاً:
السودان.. مطالبات بتحقيق دولي حول "الكيماوي"
دعا تحالف القوى المدنية السودانية "صمود" إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في الاتهامات الموجهة للجيش باستخدام أسلحة كيمائية، وكافة الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف ابريل 2023، وأكدت سعيها للحشد لمنبر تفاوضي لايقاف الحرب التي أدت الى مقتل نحو 150 الف شخص حتى الآن.
وسط قلق متزايد بشأن الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب الحالية والتي شملت اعتقالات وتصفيات وعمليات قتل واسعة خارج إطار القانون، دانت "صمود" هجمات قوات الدعم السريع على البني التحتية والانتهاكات الوحشية التي قامت القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها فى حق المدنيين فى مناطق متفرقة تدور فيها عمليات تبادل للسيطرة.
وبعد يومين من فرض الولايات المتحدة الاميركية عقوبات على السلطة القائمة في بوىتسودان، طالب التحالف المدني بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فى كافة الجرائم و الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب، بما في ذلك الاتهامات الموجهة للقوات المسلحة باستخدام أسلحة كيميائية.
الحل السياسي
أكدت "صمود" تبنيها رؤية لمبادئ حل سياسي شامل يقوم على وحدة السودان والمواطنة المتساوية القائمة على الفصل التام بين الانتماء الديني للمواطنين والدولة.
وشدد التحالف العريض على أنه يعطي أولوية قصوى لإيقاف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية المتصاعدة التي نجمت عنها.
وكشفت "صمود" عن جولة إقليمية ستقوم بها قيادة التحالف لحشد الجهد الإقليمي والدولي لتنشيط المنبر التفاوضي لأطراف الحرب من أجل التوصل لوقف إطلاق النار.
وأوضحت "إيقاف الحرب لم يعد مجرد مطلب سياسي بل أصبح النداء الأكثر الحاحا في وجدان السودانيين الذين أنهكتهم الحرب بالموت و الجوع و التشرد والنزوح".
وتعهدت "صمود" بالتواصل مع كافة الأطراف لإطلاق عملية سياسية عبر مائدة مستديرة تقود إلى توحيد المواقف لإيقاف الحرب و تضع لبنات انهائها بمخاطبة جذور الأزمة التاريخية كمدخل أوحد لتحقيق الاستقرار.
وفشلت حتى الآن 10 مبادرات دولية لإيقاف الحرب، في ظل اتهامات متزايدة لمجموعات متحالفة مع الجيش بعرقلة جهود الحل السلمي.
جدل الشرعية
انتقد التحالف المدني سعي السلطة القائمة في بوىتسودان لتحقيق الشرعية والتنافس عليها بتشكيل حكومات بواسطة الدعم السريع وحلفائه، وقالت إن ذلك لا يخاطب الأولويات ولا يستجيب إلى احتياجات السودانيين في الداخل والخارج من أمن و غذاء و استعادة مقومات الحياة المدنية.
وفي حين تقول قوات الدعم السريع ومجموعات متحالفة معها في تحالف "تاسيس" إنها تقترب من تشكيل حكومة، أعلن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الأسبوع الماضي تعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء، لكنه لم يتسلم مهامه حتى الآن.