من الترجي إلى الهجوم.. على ماذا ترتكز أوكرانيا في مسعاها للانضمام لحلف الناتو؟
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
كييف– يبدو أنه قدر لأوكرانيا أن تكون في فوّهة المدفع عند كل حرب وخطر، فهذا كان حالها سنوات الحرب العالمية الثانية، عندما كانت أراضيها ساحة رئيسية واسعة للقتال بين الجيش الأحمر وألمانيا النازية، الأمر الذي جعلها واحدة من أكثر الدول السوفياتية تأثرا بالحرب وتداعياتها آنذاك.
وتسوق أوكرانيا نفسها اليوم لنيل قبول وعضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو" مرتكزة إلى أنها سد أمام "الخطر والأطماع الروسية" بعد عام ونصف العام من الحرب الدائرة على أراضيها.
وإذا كانت مطالب أوكرانيا سابقا تحمل طابع الترجي لنيل عضوية الحلف، فإنها اليوم تطرح نفسها بقوة وجرأة ملحوظتين، لدرجة تدفع رئيسها فولوديمير زيلينسكي إلى نعت القرارات التي لا تصب في إطار الدعوة الصريحة لعضوية بلاده بـ "الضعيفة والعبثية".
فبالنسبة لزيلينسكي، أوكرانيا اليوم جزء من الحلف "بحكم الأمر الواقع" وهذا وفق نهج دستوري معتمد، وبناء على عمليات تدريب وتسليح الجيش الأوكراني، التي تقف خلفها وتشارك فيها دول الناتو.
وكان قادة حلف الناتو قد اتفقوا في قمتهم بعاصمة ليتوانيا على أن مستقبل أوكرانيا يقع داخل الحلف، كما تعهدوا بالعمل بشكل وثيق "للتصدي للتهديدات والتحديات" التي تشكلها روسيا.
نقطة ضعفوفي تفصيل هذا الموقف الأوكراني، تكاد تجمع الآراء على عوامل معينة، عززت موقف أوكرانيا، وغيرت موقف دول الحلف جذريا من قضية عضويتها.
ففي حديث مع الجزيرة نت، قال الخبير العسكري بالمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف إن ثمة تفاهما أوكرانيا أطلسيا على أن الجناح الشرقي لدول حلف الناتو مهدد من قبل روسيا أكثر من أي وقت مضى، ونقطة الضعف تكشفت من خلال بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتابع "هذا الأمر دفع دول الحلف إلى مسارعة ضم فنلندا والسويد، ودعم أوكرانيا بصورة غير مسبوقة وغير مشروطة، وأنا أعتقد أن ذلك سينتهي بها حتما إلى العضوية، بحكم الأمر الواقع فعلا".
وأضاف الخبير العسكري أنه قدر أوكرانيا ربما بحكم المساحة الكبيرة والموقع الجغرافي الهام أن تكون في الواجهة أمام التحديات "معتمدة على دعم الآخرين دون مشاركتهم المباشرة، ولكن أوكرانيا مضطرة لأداء هذا الدور بمفردها اليوم، وما من خيارات أخرى أمامها أصلا".
جيش كبيرومن العوامل الرئيسية أيضا -التي ترتكز عليها كييف، ويعيها الناتو- حقيقة أن جيش أوكرانيا بات من أكبر الجيوش، وأكثرها خبرة وتسليحا.
وحول هذا تحدث إيفان ستوباك الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل" والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري بالبرلمان الأوكراني أنه "قبل 2014، كان قوام جيشنا بجنوده وموظفيه الخدميين لا يتجاوز 115 ألفا، واليوم لدينا ما لا يقل عن 400 ألف شخص يرتدون الزي العسكري ويشاركون في مختلف أوجه الحرب".
وتابع ستوباك في حديثه مع الجزيرة نت "نحن بالنسبة للناتو جيش كبير يتمتع بخبرة حقيقية ويتدرب ويتطور باستمرار في دول الحلف وباستخدام أسلحته المتطورة، وبالتالي فإن نصر أوكرانيا هو نصر للحلف وجميع الشركاء".
ويرى أن عضوية أوكرانيا في الحلف، بغض النظر عن موعدها، ستسجل في التاريخ، على أنها عضوية بلد منتصر، يتمتع بجيش كبير، قادر على حماية دول الناتو ومصالحها بكفاءة.
استماتة روسيةلكن الأوكرانيين يتوقعون اليوم استماتة روسية للحيلولة دون عضوية بلادهم في الناتو، وأن يكون ذلك عنوانا جديدا لحرب الكرملين عليها.
يقول ستوباك "إذا كانت الحرب سببا لتوسعة الناتو وضم أوكرانيا، فإن موسكو اليوم ستصعد أكثر من أي وقت مضى، وأوجه التصعيد مفتوحة على كل الاحتمالات".
ورأى أن "خسارة الحرب، أو تراجع الكرملين، لن يغير من الأمر شيئا بعد اليوم، فهي في كل الحالات تعنى فشلا ذريعا له وانهيارا محتملا لنظام الحكم القائم في روسيا، ولهذا نتوقع أن يعمل قدر الإمكان على إطالة أمد الحرب، بكل ما أوتي من قوة ".
الواجبات المنزليةوبالإضافة إلى كل ما سبق، يدرك الأوكرانيون أيضا أن النصر لن يكون بطاقة الدخول الوحيدة والكافية إلى منظومة الناتو، وأن عليهم القيام بالكثير من "الواجبات المنزلية" كما قال أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف.
ويعود بيليسكوف ليوضح قائلا إن منظومة الحلف تعني تنفيذ إصلاحات كثيرة في مجالات السياسة والاقتصاد والحريات، وهذا يفتح أبواب حرب داخلية يجب أن تحسم أيضا، ضد "إرث الفساد المتجذر منذ نهاية الحقبة السوفياتية".
وتابع "هذه حرب صعبة أيضا ولابد منها، الإصلاح والتغيير لا يروق لبعض فئات الحكم القديم في الدولة، وعلى رأسها طبقة الأوليغارشية، وقد لا يروق للعامة، لأن الأوضاع الاقتصادية في أوكرانيا لا تقارن بنظيراتها في دول الحلف".
وختم بالقول "الناتو وباقي دول الغرب لم ولن يقدموا الأموال والأسلحة دون مقابل، بل لكي تُهزم روسيا المعتدية بنصر أوكرانيا ثم لتنهض الأخيرة بنفسها إلى مستويات تؤهلها فعلا للعضوية الأطلسية والأوروبية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دول الحلف
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تواجه عزلة دولية وضغوطا محلية متزايدة من أجل السلام
اتفقت صحيفتا واشنطن بوست ووول ستريت جورنال على أن حرب إسرائيل المستمرة على قطاع غزة، وقيودها الصارمة على المساعدات الإنسانية، آلتا إلى إدانة دولية غير مسبوقة، وتحول كبير في الرأي العام المحلي ضد الحرب، وشعور متزايد بالعزلة على الساحة العالمية بين الإسرائيليين.
وقالت واشنطن بوست -في عمود إيشان ثارور- إن صبر بعض حلفاء إسرائيل الغربيين بدأ ينفد بعد أكثر من 19 شهرا من الحرب الوحشية، وإن الهجوم المتجدد الأخير على قطاع غزة أثار غضبا واشمئزازا واسع النطاق، مما لفت أنظار الحكومات وانتقاد المنظمات الإنسانية إلى الظروف البائسة في القطاع المحاصر، حيث "يواجه أكثر من مليوني شخص خطر المجاعة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جراح بريطاني متطوع: لا سابق ولا مثيل للمعاناة في غزةlist 2 of 2صحف عالمية: الفلسطينيون بحاجة ماسة إلى أفعال لا أقوالend of listوردا على ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي بدء مراجعة رسمية لاتفاقيته التجارية مع إسرائيل، وهي خطوة أيدتها "أغلبية ساحقة" من وزراء خارجية الكتلة المكونة من 27 دولة، كما علقت بريطانيا محادثات التجارة الحرة الجارية مع إسرائيل وفرضت عقوبات على عدد من الشخصيات المرتبطة باليمين الإسرائيلي المتطرف المؤيد للمستوطنين.
وفي السياق نفسه، أصدر قادة بريطانيا وفرنسا وكندا بيانا مشتركا قالوا فيه إن "مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يطاق"، وهددوا إسرائيل بإجراءات عقابية إذا لم تتراجع عن حملتها في غزة.
إعلانوقال البيان "لن نقف مكتوفي الأيدي، بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأعمال الفظيعة. إذا لم توقف إسرائيل الهجوم العسكري المتجدد وترفع قيودها على المساعدات الإنسانية، فسنتخذ المزيد من الإجراءات الملموسة ردا على ذلك".
مساعدات ضئيلةوفي مواجهة الضغوط، أشارت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أنها ستسمح بدخول مساعدات "ضئيلة" إلى غزة، على الرغم من أن مسؤولي الأمم المتحدة أكدوا يوم الثلاثاء أن الحاجة الملحة أكبر بكثير مما يبدو أن إسرائيل مستعدة للسماح به، خاصة أن نتنياهو ربط هذا السماح، استرضاء لحلفائه في أقصى اليمين المتطرف، بضرورات الهجوم على غزة.
وقد صرح منتقدون من داخل إسرائيل، مثل رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، بأن ما تفعله إسرائيل حاليا في غزة "يشبه إلى حد كبير جريمة حرب"، وحذر يائير غولان، زعيم الحزب الديمقراطي ذي الميول اليسارية، من أن "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم، كجنوب أفريقيا القديمة، إذا لم تعد إلى التصرف كدولة عاقلة"، مضيفا أن "الدولة العاقلة لا تنخرط في قتال المدنيين، ولا تستغل قتل الأطفال كهواية، ولا تجعل من تهجير السكان هدفا لها".
ورغم كل ذلك يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن هذه المواقف تصب في مصلحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين إن "تجاهل الحقائق وانتقاد إسرائيل لا يؤدي إلا إلى تقوية موقف حماس وتشجيعها على التمسك بموقفها".
وأشارت واشنطن بوست إلى ورود تقارير تشير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الحليف المقرب لنتنياهو، يشعر هو الآخر بالإحباط من وتيرة الحرب، وقد كتب المعلق ناداف إيال في صحيفة يديعوت أحرونوت أنه "من المحزن والمؤلم أن هذه الحكومة قد دفعتنا إلى هذا المأزق".
إعلانوقال النائب الديمقراطي جيسون كرو إن الولايات المتحدة "فقدت الكثير من قدرتها" على الحديث عن القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان بسبب تناقضها في تطبيق هذه المبادئ على الجميع، وخاصة إسرائيل، وأوضح "لقد قوض هذا الأمر شرعيتنا ومكانتنا حتى يومنا هذا".
ونبه المقال في الختام إلى أن التعليقات في الصحيفة عبرت عن انتقادات لاذعة لأفعال إسرائيل في غزة، حيث وصفها كثيرون بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وأجمعت أن إسرائيل أصبحت منبوذة عالميا، مع مقارنات بالفظائع التاريخية ودعوات للمساءلة.
حان الوقت لوقف الحرب
ومن جانبها، ركزت وول ستريت جورنال على الحراك الداخلي الإسرائيلي، وقالت إن استطلاعات الرأي تظهر الآن أن حوالي 70% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح المحتجزين الباقين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم الذي قادته حماس وحد الإسرائيليين على مساندة الحرب، ولكن غياب أهداف واضحة للحرب، مع انعدام ثقة متزايد في تعامل نتنياهو مع الحرب، جعل الكثيرين يقولون إن الوقت قد حان لوقف الحرب.
ويعود هذا التحول -حسب مقال آنات بيليد بالصحيفة- إلى الجولات المتكررة لجنود الاحتياط الإسرائيليين التي أنهكتهم وأتعبت عائلاتهم، وزادت من صعوبة التجنيد، وجعلت آلاف جنود الاحتياط والمحاربين القدامى يوقعون رسائل تحث على إنهاء القتال من أجل إطلاق سراح المحتجزين.
وبينما كان ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين (أكثر من 53 ألفا) هو الدافع الرئيسي للمعارضة الدولية، فإن معارضة إنسانية للحرب تتزايد بين يسار الوسط في إسرائيل، حيث لاحظ ناشطون تغيرا في رد فعل الجمهور تجاه صور الأطفال الفلسطينيين القتلى.
ودعا هن مازيغ، وهو مناصر لإسرائيل على الإنترنت كان يدافع عن الحملة العسكرية، إلى إنهاء الحرب هذا الأسبوع، وقال إن ترامب محق في الضغط على إسرائيل لوقف القتال مقابل إطلاق سراح المحتجزين، وأضاف "أعتقد أننا فهمنا في الأشهر القليلة الأولى ضرورة هذه الحرب ومبرراتها، لكن في العام الماضي كان الدفاع عن إسرائيل وعن تصرفات الحكومة أمرا صعبا للغاية".
إعلان