هجمات الحوثي تهدد إمدادات النفط.. وأميركا تسعى لكبحها بتحالف دولي
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
استقرت أسعار النفط، اليوم، مع متابعة المستثمرين للتأثير الذي قد يلحق بإمدادات النفط نتيجة هجمات شنها الحوثيون في اليمن على سفن في البحر الأحمر، للضغط من أجل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل منذ 74 يوما خلف أكثر من 19 ألف شهيد فلسطيني وأكثر من 52 ألف جريح.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 6 سنتات إلى 78.
وأوقفت شركة بريتش بيتروليوم (بي بي) العملاقة، أمس مؤقتًا جميع عمليات النقل عبر البحر الأحمر. ومن جهتها قالت مجموعة ناقلات النفط "فرونت لاين" إن سفنها ستتجنب المرور عبر الممر المائي، في مؤشر على أن الأزمة تتسع لتشمل شحنات الطاقة.
تجدر الإشارة إلى أنه يمر نحو 15% من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس (التي تقع أقصى شمال البحر الأحمر)، مما يوفر أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا.
عملية بحرية
وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في وقت مبكر اليوم، تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر في أعقاب هجمات شنها الحوثيون على سفن متجهة إلى إسرائيل، بقيادة الولايات المتحدة ستشمل دوريات مشتركة في البحر الأحمر.
ودعا أوستن عشرات الدول إلى اتخاذ خطوات للتصدي لهجمات الحوثيين على السفن، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء الدفاع للترويج لعملية عسكرية جديدة لتأمين التجارة في الممر المائي.
وقال: "هذه الهجمات المتهورة للحوثيين تمثل مشكلة دولية خطيرة وتتطلب ردا دوليا حازما".
ونقلت رويترز عن إستراتيجي السوق في آي جي في سنغافورة، جون رونغ يب قوله: "بالنظر إلى الاستجابة الجماعية السريعة من عدة دول لتخفيف الهجمات، فقد لا يوفر ذلك قناعة كبيرة بأن الاضطرابات قد تكون طويلة الأمد، مما أدى إلى بعض التحفظات التي انعكست على أسعار النفط في جلسة اليوم".
وفي تطور جديد، قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم، إنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة للصعود على متن سفينة على بعد 17 ميلا إلى الغرب من مدينة عدن الساحلية باليمن، مضيفة أن الهجوم لم ينجح وأن جميع أفراد الطاقم بخير.
وأوضحت في مذكرة: "تلقت سفينة في المنطقة المجاورة اتصالا عالي التردد من سفينة تتعرض لهجوم قرصنة في الموقع، وبعد نصف ساعة، وصلت طائرة إلى مكان الواقعة لتمشيط المنطقة".
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، خلال اجتماعها مع نظيرها البريطاني ديفيد كاميرون في باريس إن فرنسا ستتخذ إجراءات مع شركائها لوضع حد لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وأضافت: "نعلم أن الحوثيين غالبا ما يحصلون على دعم من إيران".
"لا داعي لها"
لكن كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام قال إن الجماعة لن تغير موقفها من الصراع في غزة بسبب تشكيل تحالف بحري متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر، حسبما نقلت عنه رويترز اليوم.
وأضاف أن التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة "لا داعي له أساسا"، وأن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل، بسبب "الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار على قطاع غزة".
وقال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي للجزيرة أمس إن جماعته بوسعها مواجهة أي تحالف تشكله الولايات المتحدة بهدف نشره في البحر الأحمر. وأضاف: "الأميركيون عرضوا عدم إعاقة جهود التوصل للسلام في اليمن مقابل وقف عملياتنا العسكرية بالبحر الأحمر، ورفضنا ذلك بشكل قاطع ورفضنا أي تهديدات".
تعديل المسارفي سياق ذي صلة، قالت شركة ميرسك الدانماركية، اليوم، إنها ستغير مسار سفنها التي كان من المقرر مرورها عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح على خلفية هجمات المنطقة.
وبحسب بيان للشركة، علّقت ميرسك حتى أمس رحلات حوالي 20 سفينة، إذ ينتظر نصف هذه السفن شرقي خليج عدن في حين ينتظر النصف الآخر جنوبي قناة السويس في البحر الأحمر أو إلى الشمال منها في البحر المتوسط.
وقالت الشركة "توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيحقق نتائج أسرع وأكثر إمكانية للتنبؤ بها بالنسبة لعملائنا وسلاسل التوريد الخاصة بهم".
يأتي ذلك بعد أن قررت شركة شحن الحاويات التايوانية "إيفرغرين"، أمس، التوقف مؤقتًا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأصدرت تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
من جانبها، قالت شركة الشحن البحري التايوانية "يانغ مينغ" إنها ستحول مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين في ظل تصاعد الهجمات على السفن.
التأمين البحري
ووسع سوق التأمين البحري في لندن نطاق المنطقة التي يعتبرها عالية المخاطر في البحر الأحمر وسط تصاعد الهجمات على السفن التجارية، وفق بيان صدر أمس.
وتحظى توجيهات لجنة الحرب المشتركة، التي تضم أعضاء نقابيين من رابطة سوق لويدز وممثلين من سوق شركات التأمين في لندن، بمتابعة عن كثب وتؤثر على اعتبارات الشركات بشأن أقساط ورسوم التأمين.
وأضاف البيان أن لجنة الحرب المشتركة وسعت منطقة الخطورة العالية إلى 18 درجة شمالًا من 15 درجة شمالا سابقا.
وبدأت جماعة الحوثي ضغوطها على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بإعلانها في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي الاستيلاء على سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني.
وتوعدت الجماعة في أكثر من مناسبة باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية "تضامنا مع فلسطين"، وذلك على خلفية حرب إسرائيل على غزة، داعية الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
معادلة البحر الأحمر
أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون لليمن وجيشها العظيم الدور المفصلي والمحوري في ضبط إيقاع المستجدات التي طرأت في البحر الأحمر، على إثر وتداعيات معركة طوفان الأقصى التي تخوضها المقاومة الفلسطينية الباسلة والشعب الفلسطيني والتي غيرت المعادلات والمسميات واتجهت عقاربها نحو الانتصار للقضية والأمة .
فكل الأحلام والخطط الصهيونية، كُشفت للعالم أجمع، وطوفان الأقصى النقطة الفاصلة والمحورية في كبح المخططات الصهيونية والأمريكية والبريطانية؛ التي أرادت تمرير صفقة القرن اللعينة، بالعديد من الإجراءات والتحركات السياسية والإعلامية التي تقنع الشارع العربي بالاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين العربية، وأبرز تلك التحركات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لمحاولة تهويدها وطمس عروبتها والتوسع في التطويع أي (التطبيع ) للدول والشعوب وتبادل الزيارات وفتح السفارات والقنصليات في تلك الدول العربية التي تم تطويعها للكيان الصهيوني والقيام بالزيارات المماثلة من حكومات الدول العربية التي هرولت نحو الاعتراف بكيان العدو كدولة بديلة على أرض فلسطين المحتلة، وشن حملات إعلامية ممنهجة، وفق استراتيجيات نسيان القضية الفلسطينية وتغييبها من الذاكرة العربية الجامعة وحجب الأنظار عنها بعبارات ومسميات مختلفة وصولاً بها إلى الموت السريري.
بينما ظلت المقاومة وشعبها الجبار، ومن خلفهما حركات المقاومة في دول المحور وشعوبها، تراقب وترصد وتعد العدة وتجهز ليوم السابع من أكتوبر النقطة الفاصلة بين الأحرار والمطبعين، وبين الحق والباطل؛ لتعيد إنعاش القضية الفلسطينية في قلب الشارع العربي وتسحب البساط من تحت أقدام ملوك ورؤساء وزعامات وحكام التطبيع وتضعهم في دائرة الحرج أمام شعوبهم وأُمتهم إن استمروا في التطبيع فشعوبهم رافضة، وإن رفضوا السير في معاهدات التطبيع، فالصهيوأمريكية وبريطانيا تدفع بهم ليكونوا في عداد الموتى، فماتوا سياسياً وشعبياً -عربياً وعالمياً – في المقابل أنتعش نبض القضية في قلوب الأحرار من جديد، وبزخم مختلف عن أي مرحلة سابقة منذ 77عاماً، والمعطيات الميدانية برهنت ذلك، ثم أفشلت الحسابات والمخططات .
لذلك أصبحت معركة الطوفان معركة استراتيجية عربية امتدت من غزة وغلافها وفلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق، واليمن العظيم صاحب الموقع الجغرافي الاستراتيجي المطل على البحرين الأحمر والعربي، يمتلك سيادته في التحكم بتلك الحدود البحرية، التي مكنته من فرض استراتيجية أمن البحار والتحكم بالدخول والخروج إليها، والتعامل مع التهديدات التي تُحاك ضد الأمة العربية، وضد القضية الأساسية والمركزية للعرب والمسلمين فلسطين.
تدخل اليمن عسكريا، لمنع السفن الصهيونية من المرور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وكذلك السفن التي تنقل البضائع للكيان الصهيوني من أي دولة كانت، وبهذا فرض اليمن معادلة جديدة وفاعلة في معركة طوفان الأقصى تقول “حصار فلسطين مقابل حصار الصهاينة”؛ فنجحت تلك المعادلة في فرض استراتيجية أمن البحار، وظهور اليمن كلاعب دولي قوي في المنطقة له الحق الكامل في التحكم بمضيق باب المندب .
لقد فرض اليمن استراتيجية أمن البحار بموقفه الحاسم وجيشه العظيم، الذي شارك في معركة الطوفان بقوة وشجاعة غير مسبوقة منذ 1948م، وذلك بالقصف الصاروخي والطيران المسيّر الذي نفذته القوات الجوية اليمنية لاستهداف كيان الاحتلال وكذلك بالحصار والعمليات البحرية ضد السفن المتجهة إلى كيان العدو عبر البحر الأحمر، وإجبارها على اتخاذ طرق إبحار بعيدة، عبر الرجاء الصالح مكلفة اقتصادياً.
الإسناد اليمني لغزة أذل الأعداء وأحرج المتاجرين بالقضية الفلسطينية من المطبعين والجبناء والخانعين، وظهروا في موقف الضعف والوهن برغم ما يمتلكونه من قدرات وإمكانيات ومقومات (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) .
إن تمسك اليمن وفلسطين ودول المحور المقاوم الحر بقوله تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين) نتج عنه تحقق العلو نتيجة الإيمان بالله والعمل بكتابه.